fbpx

فولو التي نجت من الأزمة اللبنانية لتسطو المصارف البنغلادشية على وديعته

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تمتد الأزمة البنغلادشية إلى العمّال البنغلادشيين في لبنان، ليتكرر مشهد الانهيار اللبناني مرة أخرى في حياة هؤلاء.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“رح يحجزولي على مصريّاتي، خسرت تعب 11 سنة… ضروري روح على بنغلادش”، بصوتٍ مذعور، هرعت العاملة البنغلادشية فولو (35 سنة) إلى صاحب المنزل التي تعمل فيه منذ عام 2011. 

تلقّت فولو اتصالاً من ابنتها الوحيدة لتخبرها أنّ عليها العودة إلى بنغلادش بسرعة لأنّ هناك معلومات صحافية تتحدّث عن احتمال حجز أموال المودعين في البنوك. 

عايشت العاملة المنزلية الأزمة اللبنانية واحتجاز أموال الأسرة التي تعمل لديها في المصرف مع انهيار قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي. وهو ما أخافها حقيقةً من أن يتكرّر سيناريو لبنان في بنغلادش. 

بعدما توفّي زوج فولو، التي أنجبت منه ابنتها الوحيدة، لجأت للعمل في لبنان لتأمين حياة كريمة لها وابنتها. واظبت على إرسال الأموال طيلة 9 سنوات في مصرفين بنغلادشيين. جمعت في تلك السنوات نحو 27 ألف دولار أميركي، لكن القانون البنغلادشي يفرض تحويلها إلى عملة “التاكا” الرسمية في البلاد، وهو ما قلّص جزءاً كبيراً من قيمة راتبها. 

غلاء المعيشة

يواصل عشرات آلاف المتظاهرين من أنصار المعارضة البنغلادشية اعتصامهم في العاصمة داكا، مطالبين باستقالة حكومة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، وإجراء انتخابات جديدة. في الأشهر الستة الماضية، ارتفعت أسعار أكثر من 50 دواءً أساسياً. وفي أوائل آب/ أغسطس، أعلنت الحكومة زيادة بنسبة 40 في المئة في أسعار الوقود، وهي أعلى زيادة في تاريخ بنغلادش، ما أدى على الفور إلى احتجاجات على مستوى البلاد من العمال والفقراء. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر ارتفع سعر الطحين بنسبة 4 في المئة. ومن المتوقع أن يرتفع متوسط ​​سعر الكهرباء بالجملة بنسبة 20 في المئة. تستورد بنغلادش نحو 77 في المئة من إجمالي النفط والوقود المكرر. الغضب يتصاعد، لا سيما بين عمال الملابس في بنغلادش البالغ عددهم أربعة ملايين، والذين عان مئات الآلاف منهم من فقدان الوظائف، وتخفيضات في الأجور، وعدم دفع الرواتب بعد أزمة “كورونا”.

عايشت العاملة المنزلية الأزمة اللبنانية واحتجاز أموال الأسرة التي تعمل لديها في المصرف مع انهيار قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي. وهو ما أخافها حقيقةً من أن يتكرّر سيناريو لبنان في بنغلادش. 

المشهد البنغلادشي يذكر بالواقع اللبناني خلال السنوات الأخيرة، إذ تصاعدت الاحتجاجات على الطبقة الحاكمة في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 واستقال رئيس الحكومة حينها سعد الحريري. والفئة الأكثر تأثراً بمثل هذه الأزمات هي الطبقات العمّالية والفقراء، وبالطبع أولئك الذين وضعوا أموالهم في البنوك أملاً بالاستفادة منها. وهذا تحديداً ما حصل مع العاملة البنغلادشية فولو التي تعيش في قرية نائية، بيوتها من تنك، وتغيب فيها كل متطلبات العيش الكريم.  

وفقاً لتقرير التوقعات العالمية الصادر عن صندوق النقد الدولي لشهر تشرين الأول/ أكتوبر، ستنخفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي في بنغلادش للسنة المالية 2022/ 2023 إلى 6 في المئة، فيما هدفت الحكومة إلى تحقيق 7.5 في المئة. تحاول حكومة حسينة حالياً تأمين حزمة إنقاذ بقيمة 4.5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وهي ثالث دولة في جنوب آسيا بعد باكستان وسريلانكا تطلب المساعدة هذا العام. 

7 قتلى وآلاف المعتقلين

يشهد نظام حسينة، التي تداولت السلطة لثلاث فترات متتالية منذ عام 2009، احتجاجات، وقد ألقي القبض على اثنين من كبار قادة حزب المعارضة الرئيسي في بنغلادش وسط حملة قمع عنيفة ضد معارضي الحكومة، قتل خلالها ما لا يقل عن سبعة أشخاص بالرصاص واعتقل الآلاف. واتهم “الحزب الوطني البنغلادشي” BNP حسينة بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان وفرض زيادات كبيرة على أسعار الوقود. 

في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، ناشد رئيس “حزب العمال” راشد خان مينون الأحزاب السياسية لاتخاذ إجراءات مشتركة ضد الحكومة. “حزب العمال”، وهو تكتّل “ستاليني” وعضو في تحالف حسينة الحاكم، يحاول من خلال هذه التحركات إبعاد نفسه عن الإجراءات القمعية للحكومة. تعكس المناورات السياسية التي يقوم بها “الحزب الوطني” و”العمال” والأحزاب الأخرى المخاوف بشأن الغضب الجماهيري العميق للعمال من ارتفاع التضخم وزيادة البطالة. 

بينما لا يزال الوضع القائم مثيراً للقلق وغامضاً بما خص مسار البلاد اقتصادياً. تميل التجارب السابقة للدول التاريخية إلى التحذير من أن الدين الخارجي المفرط يمكن أن ينحرف عن نمو الدولة. لذلك، تميل الشعوب أحيانًا إلى الخوف من انهيار الاقتصاد. ومع ذلك، في التقرير الأخير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لم تكن بنغلادش مدرجة ضمن 54 من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل الأكثر عرضة للديون. بينما مصطلحات مثل “أزمة العملة” و”أزمة الدولار” وغيرها قد أصبحت تقريباً كلمات طنانة في برامج المناقشة في بنغلادش. 

لذلك، اتّجهت فولو إلى البلاد قبل أيامٍ قليلة، حيث المصرفين التي تودع لديهما الأموال. المصرف الأول، أعطاها المبلغ بعملة “التاكا” الرسمية، وهي بذلك خسرت نسبةً كبيرةً من وديعتها خصوصاً وأنّها تقاضتها بالدولار الأميركي في لبنان. أمّا المصرف الثاني، فقال إنّ “عليها العودة في الشهر الثالث من عام 2023 على أمل إعطائها الأموال”، وهو مؤشّر أقلق فولو. شاهدت الأخيرة العائلة التي تعمل لديها، وقد فقدت ودائعها في أحد البنوك، وهو ما كان يهدد وديعتها في بنغلادش.

على رغم القلق بشأن تقلص الاحتياطيات الأجنبية لبنغلادش، لا تزال لديها احتياطيات أجنبية أكثر من سريلانكا وباكستان وميانمار مجتمعة. إلى جانب امتلاكها احتياطياً أكبر من العملات الأجنبية. إذ تحتل بنغلادش أيضاً المرتبة الثالثة من حيث حيازتها على الذهب، بـ13.97 طن، ما يفوق 7.27 طن في ميانمار و6.7 طن من سريلانكا.

بنغلادش تتهيأ لهشاشة اقتصادها

وفي دول آسيا أيضاً، تمر سريلانكا بمنتصف أزمة اقتصادية عميقة وغير مسبوقة، نتجت عنها احتجاجات عنيفة واستقالة رئيسها بعد هروبه من البلاد، وذكرت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستينا غورغيفا أنّ “دولاً أخرى قد تكون عرضة لمشكلات شبيهة”. تعاني سريلانكا من الدفع مقابل واردات حيوية مثل الغذاء والوقود والأدوية، بينما تكافح أزمة سعر الصرف الأجنبي. وارتفع التضخم بنسبة 50 في المئة وزاد سعر الطعام بنسبة 80 في المئة، مقارنة بأسعار العام الماضي. وانخفضت العملة السريلانكية “الروبية” أمام الدولار الأميركي والعملات الأجنبية الرئيسة هذا العام. 

تمتد الأزمة البنغلادشية إلى العمّال البنغلادشيين في لبنان، ليتكرر مشهد الانهيار اللبناني مرة أخرى في حياة هؤلاء. فولو وخلفها كثيرون يعيشون قلقاً كبيراً للبحث عن بديل يعيلهم، بين صعوبات العمل وتحصيل الرواتب بالدولار ونظام الكفالة اللبناني الظالم، مقابل أزمة اقتصادية تهدد بإحراق جنى أعمارهم في بلدهم الفقير.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.