fbpx

فيكتور بوت: تاجر السلاح الروسي الذي لم يشِ بأحد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تتصارع السرديات في قضية تاجر السلاح الروسي فيكتور بوت، فهو مجرم حرب وتاجر سلاح بحسب الاتهام الأميركي، وبطل قومي ورجل أعمال ناجح من وجهة نظر روسيا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تفنّنت روسيا طيلة 12 عاماً في ابتداع تهم ومؤامرات، وإلصاقها بأي أميركي قد يشكل صيداً ثمنياً بإمكانها سجنه واستبداله بفيكتور بوت، الذي حكم عليه القضاء الأميركي بالسجن 25 عاماً، لتجارته بالسلاح في مختلف أنحاء العالم ومسؤوليته عن قتل مدنيين وعسكريين أميركيين.

وجد الكرملين كبش الفداء في شباط/ فبراير هذا العام، إذ اعتُقلت نجمة كرة السلة الأميركية بريتني غرينير (1990- الآن) أثناء مغادرتها موسكو من مطار الكسندر بوشكين، وألصقت بها تهمة حيازة مخدرات، إذ كانت تحمل معها أقل من غرام من زيت الماريوانا الذي تمتلك وصفة طبيّة لاستخدامه، لكن  القضاء الروسي تجاهل ذلك، وحكم عليها  بـ9 سنوات في السجن.

اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والقنوات الديبلوماسية التي تطالب بإطلاق سراح غرينير، ووافقت الولايات المتحدة على إتمام صفقة تبادل سجناء مع روسيا، تلخص بـ”غرينير مقابل بوت”. وهذا ما حصل، حط بوت على الأراضي الروسية، بينما تبختر سيرغي لافروف، وزير الخارجية روسيا، فخراً وشماتةً بـ”العدو” الأميركي اللدود.

“رجل روسي شرير يبيع أسلحة بصورة غير شرعية ويحاول إلحاق الأذى بأميركا، لكن الأمريكيين الطيّبين وضعوا حدّاً له”.

تاجر سلاح تطارده أميركا

استحق بوت لقب “تاجر الموت”، إذ أسس شبكة دولية للاتجار بالسلاح بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وأدارها دون حسيب أو رقيب إلى حين اعتقاله عام 2008 في العاصمة التايلاندية بانكوك، ليتم بعدها تسليمه إلى واشنطن التي كانت تطارده بجريمة تسليح حركة “فارك” الكولومبية اليسارية المسلحة المُدرجة في لائحة المنظمات الإرهابية الدولية.

اشتهر بوت بقدرته على تفادي عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على الكثير من الدول الممنوعة من استيراد السلاح، وبلغت شهرته حد تحول أجزاء من سيرته إلى فيلم هوليوودي (Lord Of War-2005)، لعب بطولته نيكولاس كايج.

تكشف سيرة بوت عن تشابهه مع الأوليغارش الروس، إذ استفاد من منصبه ورتبته العسكرية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، لنهب ما يقع تحت يده من سلاح وطائرات ومعدات ثقيلة، وبقي يمارس نشاطه قرابة 20 عاماً إلى حين اعتقاله. تدرج قبلها بوت في هرمية العاملين في شبكات الاتجار الدولي بالسلاح ليصبح أشهرهم، إذ بدأ مطلع التسعينات بإدارة أعماله عبر شركات وهميّة مركزها “المنطقة الحرة” في مطار الشارقة الدولي، بحسب ستيفن براون وفرح دوغلاس في كتابها “تاجر الموت: المال، السلاح، الطائرات والرجل الذي يجعل الحرب ممكنةً-2008”.

انتقل مركز نشاطه بعد أحداث الـ11 من أيلول وأصبحت تحركاته أكثر دقةً، وأصبح من الصعب تحديد مكانه، إذ يُقال إنه التقى مع ممثلين من “حزب الله” عام 2006، ونشط في ليبيا 2003، كما ساهم بتمويل الكثير من الجماعات في أفريقيا، خصوصاً في كينيا والكونغو الديمقراطيّة. ارتبط بوت أيضاً بعلاقات جيدة مع الرئيس الليبيري تشارلز تايلور الذي عينه مستشاراً له، قبل أن  يدان تايلور عام 2012 بالتواطؤ لارتكاب جرائم حرب أثناء الحرب الأهلية في سيراليون. ينكر بوت كل الاتهامات الموجهة إليه، خصوصاً تلك التي تشير إلى مسؤوليته عن تسليح حركة “طالبان” الأفغانية وتزويد تنظيم “القاعدة” بالسلاح.

امتلك بوت أسطولاً كبيراً من طائرات النقل (انطونوف) والمروحيات العسكرية، ما مكنه من بيع آلاف الأطنان من السلاح والذخائر الروسية، ونقل الدبابات والمدرعات إلى المشترين في أبعد نقطة في العالم، يقول عام 2003 في لقاء معه: “لم يعمل معي مستثمرون مطلقاً، لكن لم يكن من الصعب العثور على المال في أي وقت”، ما يعني بحسب الفرضية الأميركية أنه إما يتعامل مع المخابرات الروسيّة، أو شبكات الجريمة الروسية المنظمة، أو مع الاثنين معاً.

سجين مظلوم ذو عزم وشدة

تناولت وسائل إعلام معلومات عن علاقة بوت الوثيقة مع إيغور ستيشن، حليف بوتين، ونائب رئيس الوزراء الروسي السابق، إذ توطدت علاقة الاثنين خلال خدمتهما معاً في قوات الجيش السوفياتي في أفريقيا في الثمانينات، حيث عملا ضمن وحدات الجيش في موزمبيق.

ينفي بوت أي روابط بينه وبين المخابرات الروسيّة، وقد التزم الصمت أثناء التحقيقات التي أجرتها معه السلطات الأميركية، ونفى بشكل دائم أي صلات مع أي مسؤول روسي، كما رفض عرضاً قدمه له القضاء الاميركي بتخفيف مدة سجنه، وتحسين أوضاعه في السجن مقابل تقديمه قائمة بأسماء من يتعامل معهم في موسكو وبلدان أخرى.

أمضى بوت أكثر من عقد من الزمن في زنزانة انفرادية، ونُقل عن الصحافي الروسي أندريه سولداتوف قوله “على حد علمي، احتفظ بوت بهدوئه في السجن، ولم يكشف عن أي معلومات للأميركيين”، هذا ما أكدته النائبة في مجلس الدوما ماريا بوتينا، التي أعربت عن سعادتها بعودة بوت مؤكدةً أن “روسيا لا تتخلى عن أبناء شعبها”، خصوصاً أنها أمضت 18 شهراً في السجن في أميركا بعد إدانتها بالتجسس لمصلحة روسيا.

أصدر الصحافي الروسي الكسندر غاسيوك عام 2021 كتاباً بعنوان “القصة الحقيقة لسيد الحرب”، يتناول لقاءه مع بوت في سجنه، ولقاءه مع زوجة بوت وبحثه في تاريخ الاتهامات الموجهة إليه، ويصل نهاية إلى نتيجة مفادها أن البروباغاندا الأميركيّة مشينة، إذ خلقت أسطورة عن: “رجل روسي شرير يبيع أسلحة بصورة غير شرعية ويحاول إلحاق الأذى بأميركا، لكن الأمريكيين الطيّبين وضعوا حدّاً له”. 

بطل قومي خَدَم وطنه

أنكرت موسكو ما ارتكبه بوت من جرائم، وحاولت تكذيب الاتهامات التي وجهتها إليه المخابرات الأميركية، لكن تمسكها به والرغبة باستعادته ما زالا غامضين، وإن طُرح السؤال “ما الذي يريد بوتين تحقيقه من استعادة بوت؟” فالإجابات غير دقيقة، وهي إما إحالات إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه في الحرب الأوكرانية، أو خوف الكرملين مما يعرفه بوت وما يمكنه فضحه في حال قرر الاعتراف.تجيب عن السؤال السابق، تاتيانا ستاتونوفايا، رئيسة مؤسسة “آر بوليتيك (R. Politik) للتحليل السياسي في واشنطن، والباحثة غير المقيمة في معهد “كارنيغي”، وتقول: “يهدف بوتين من خلال هذه الصفقة إلى مكاسب أعمق من الحسابات السياسية… لدينا كلمة خاصة في اللغة الروسية تصف أشخاصاً مثل بوت وهي (svoi) وتعني (إنه منا)، هو شخص عمل للوطن الأم من وجهة  نظر الحكومة”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.