fbpx

عائلات روسية تطالب الكرملين بالاعتراف بمقتل المرتزقة الروس في سوريا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

لم يكن إيغور كوسوتوروف أحد أعضاء الجيش الروسي. لكن أقارب صاحب محل البقالة البالغ من العمر 45 عاماً يعتقدون أنه كان من بين كثير من المواطنين الروس الذين لقوا حتفهم في غارة جوية شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية بالقرب من دير الزور، تلك المنطقة الغنية بالنفط في شرق سوريا…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يكن إيغور كوسوتوروف أحد أعضاء الجيش الروسي. لكن أقارب صاحب محل البقالة البالغ من العمر 45 عاماً يعتقدون أنه كان من بين كثير من المواطنين الروس الذين لقوا حتفهم في غارة جوية شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية بالقرب من دير الزور، تلك المنطقة الغنية بالنفط في شرق سوريا.
وبعد الإنكار المبدئي، اعترفت وزارة الخارجية الروسية باحتمال مقتل خمسة مواطنين في قصف أثناء القتال إلى جانب القوات الداعمة للنظام السوري في السابع من فبراير/شباط الجاري. إلا أن التقارير تشير إلى احتمال وصول عدد القتلى من المواطنين الروس إلى ما يناهز المئتين، وهو ان تأكدت صحته، سيصبح أكثر الاشتباكات دمويةً بين الولايات المتحدة الأميركية والروس منذ انتهاء الحرب الباردة.
وبينما لاتزال الأرقام ملتبسة، تبرز صور بعض من يُعتقد أنهم قتلوا هناك، فبعضهم من قدامى المحاربين الأشداء الذين أُرسلوا إلى ساحات معارك موسكو في الشرق، مستلهمين من خلال سفرهم إلى سوريا روح الوطنية، أو استدعاءً لمشاعر القومية الروسية. بينما ذهب البعض الآخر طمعاً في الحصول على عائد مربح. إلا أن جميع هؤلاء وفقاً لمصادر عدة، عُينوا بواسطة شركة “فاغنر جروب” الخاصة للتعاقدات العسكرية التي تربطها علاقات سرية بالكرملين. ويقول المراقبون إن موسكو تستخدم المرتزقة الذين توردهم شركة فاغنر للإبقاء على الخسائر العسكرية الرسمية في أدنى مستوياتها. فقد بلغ عدد القتلى من الجيش الروسي الرسمي في سوريا العام الماضي ستة عشر جندياً تقريباً، بينما يُعتقد أن عشرات المرتزقة الروس قد لقوا حتفهم.
وقد صرحت نادزدا كوسوتوروفا، زوجة إيغور السابقة، لصحيفة “الغارديان” عبر مقابلة هاتفية من منزلها بمدينة أسبست، بمنطقة الأورال، “إن إيغور كان قناصاً في الجيش. وقد ذهب إلى سوريا لأنه كان وطنياً. وكان يعتقد أننا إن لم نستطع إيقاف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، فإنهم سوف يأتون إلينا في روسيا”. وأضافت “لقد أخبرني أنه إن لم يذهب، فإن السلطات سوف ترسل فتية صغار، لا يمتلكون خبرة عسكرية تقريباً”.وذكرت أيضاً أنها بقيت على صلة بكوسوتوروف بعد طلاقهما، لكنه لم يخبرها عمن نظم رحلته إلى سوريا. وقد علمت بخبر وفاته عن طريق القنوات غير الرسمية. وأضافت “إنني أجمع معلومة تلو الأخرى من مصادر مختلفة في محاولة لمعرفة أماكن جثامين القتلى”. وعندما سُئلت عن سبب عدم تواصل السلطات الروسية معها، تنهدت، وقالت بحسرة “إن هذه لعبة سياسية لا أفهمها”.
كانت تلك هي أولى الغارات الجوية التي يسقط فيها قتلى روس على يد القوات الأميركية في سوريا منذ دخول الكرملين على خط الصراع إلى جانب الرئيس بشار الأسد عام 2015، ما ساعد النظام على تبدل الأحداث لصالحه في الحرب متعددة الجبهات. كتب ميخائيل بولينكوف، وهو مدون قومي، عبر منشور على الإنترنت أنه زار عدد من المصابين جراء هذا الهجوم في مستشفى في روسيا لم يذكر اسمه، وقال “لقد أخبرتني مصادري بوجود 200 قتيل في صفوف وحدة واحدة فقط”. ولكن على الرغم من التقارير الأولية التي انتشرت الأسبوع الماضي عن القتلى على صفحات التواصل الاجتماعي، لم يبدِ الكرملين أي رد فعل.
وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة، إنه من المحتمل وجود بعض المواطنين الروس في سوريا، لكن الكرملين لا يملك سوى معلومات عن الجنود الروس هناك. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن التقارير التي تتحدث عن مقتل أكثر من خمسة أشخاص ما هي إلا “معلومات مضللة واضحة”. وقالت زاخاروفا “يوجد في مناطق الصراعات العديد من المواطنين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك روسيا، ومن الصعب جداً مراقبتهم والتحقق مما يفعلونه”.
بالإضافة إلى كوسوتوروف، يُعتقد أن هناك تسعة رجال آخرين على الأقل سافروا إلى سوريا من مدينة أسبست والمناطق المحيطة بها، للقتال مع فاغنر خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك حسب عدد من التقارير.
تقول يلينا ماتفييفا، أرملة ستانسلاف ماتفييف، المرتزق الذي يبلغ من العمر 38 عاماً، من مدينة أسبست، والذي يُعتقد أنه قد لقي حتفه أيضاً “لقد أُلقوا في وسط المعركة مثل الخنازير”. تقول ماتفييفا “أينما أرسلوهم، لم يكن لديهم أي حماية”. وأكدت أنه يجب على السلطات الروسية أن تعترف بالمواطنين الذين يموتون في المعارك في سوريا، والعمل على إعادة الجثث إلى أرض الوطن متى كان ذلك ممكناً. وقالت “يجب أن يكون هناك تكريم  لهم، بما لا يجعل الزوجات يشعرن بالعار تجاه أزواجهن، وليتسنى للأطفال أن يفتخروا بآبائهم”.
تقع مدينة أسبست على بعد 1100 ميل شرق موسكو، ويبلغ عدد سكانها 70 ألف نسمة، كما أن بها أكبر منجم مفتوح للأسبست (الحرير الصخري) في العالم. يبلغ متوسط الأجور الرسمية فيها 25 ألف روبل شهرياً، أي قرابة 440  دولار أميركي، أما السكان فيعانون من اعتلال الصحة. وفي المقابل، يتراوح الراتب الشهري للموظف العامل لدى شركة فاغنر في سوريا بين 90 ألف روبل -أي 1587 دولار أميركي ، للمحاربين العاديين، و250 ألف روبل، أي 4 412 دولار أميركي، للمتخصصين العسكريين، وذلك وفقاً لما ذكره روسلان ليفييف، مؤسس فريق استخبارات النزاعات، وهو فريق استقصائي يبحث ملابسات الخسائر الروسية في سوريا.
وقال مراقبون إن عدم اعتراف الكرملين، ناهيك عن عدم تكريم المواطنين الروس الذين لقوا حتفهم في مواجهة القوات التي تقودها الولايات المتحدة يتناقض بشكل صارخ مع مراسم تشييع البطل رومان فيليبوف الشهر الماضي، وهو طيار مقاتل أُسقطت طائرته فوق سوريا.
جاءت تصريحات ناديزدا، وهي امرأة أخرى تدعي مقتل زوجها في أكتوبر/تشرين الأول، والذي كان ضمن صفوف المرتزقة الذين يقاتلون في سوريا، لصحيفة الغارديان في محادثة عبر الإنترنت قائلة “يُكرم أحدهم ويحصل على الأوسمة، بينما يُدفن الآخرون بهدوء، ويذهبون طي النسيان”.ومن بين المواطنين الروس الآخرين الذين لقوا مصرعهم في الاشتباكات التي وقعت في فبراير/شباط، كيريل أنانييف، عضو حزب روسيا الأخرى اليساري المتطرف.
يقول ألكسندر أفيرين، المتحدث الرسمي باسم الحركة “لقد ذهب إلى سوريا لأنه يحب القتال، الروس مؤهلون جداً لذلك”. وعلى الرغم من الغضب الذي ألم بذوي الضحايا، إلا أن البعض يدافع عن عدم إعلان بوتين عن هؤلاء القتلى.
قال ألكسندر بروخانوف، وهو كاتب قومي يُعرف بعلاقاته الوثيقة بأعضاء بارزين داخل أجهزة الأمن الروسية “إن السلطات لها كل الحق في إخفاء المعلومات لصالح البلاد”. وأضاف إن “هؤلاء الأشخاص الذين ماتوا، حُذروا قبل الذهاب إلى سوريا أنهم لن يُكرموا عسكرياً إذا ما قُتلوا هناك”.

هذا الموضوع تم اعداده وترجمته عن موقع The Guardian لمراجعة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي.

[video_player link=””][/video_player]