fbpx

“الزمالك” و”الوراق”: الاحتجاج حقّ حصري
لمواطني الدرجة الأولى في مصر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تكشف السلطات المصرية عن سياساتها التمييزية حين تهجّر سكان جزيرة الوراق في النيل بحجة نزع الملكية الخاصة، وتحتفي بالمحتجين-الوزراء في جزيرة الزمالك

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“نحن أهل الجزيرة نعيش عليها منذ أجداد أجدادنا، فلماذا لا تريدنا الدولة في أرضنا، يُعتدى علينا كما يحدث للفلسطينيين على يد قوات الاحتلال” 

 تصريحات لمواطن من جزيرة الوراق لـ “درج”

استيقظ أهالي جزيرة الوراق نهاية شهر آب/أغسطس الماضي على ما اعتادوا عليه لسنوات عدة، قنابل غاز مسيّل للدموع تُزاحم هواء الجزيرة النقي، لتقتحم بعدها الشرطة المنازل لطرد سكانها، لماذا؟، “لأنها تقع -أي المنازل- في حرم النهر أو حرم الطريق الدائري”، الحجة الرسميّة هذه تتكرر عند تطبيق سياسة نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة، والتي يعلق عليها السكان بألم، هي حجج واهية لإخلاء الجزيرة وإنشاء مشروع “جزيرة حورس”. 

استيقظ سكان جزيرة “الزمالك” من دون غاز مسيل للدموع أو اقتحام من قوى الأمن، أنهوا قهوة الصباح  واجتمع عدد منهم احتجاجاً على “مذبحة” للأشجار ستنفذها الدولة، لإنشاء كاراج سيارات متعدد الطوابق على ضفاف النيل.

تختلف الوقفة الاحتجاجية في جزيرة الزمالك عن تلك التي حدثت في جزيرة الوراق، فالمشاركون فيها  وزراء سابقون، منير فخري عبد النور وليلي اسكندر وغيرهما من وزراء في حكومات ما بعد 30 حزيران/يونيو، إضافة إلى المرشح للرئاسة ووزير الخارجية السابق عمرو موسى، والعديد من سكان الحي الأرستقراطي في الزمالك.

لم تعد مهمة الشرطة في جزيرة الوراق، حماية المواطنين والسهر على مصالحهم، بل إخراجهم من منازلهم، فأصبح حضور عناصر الشرطة مرادفاً لانعدام الأمن، خصوصاً أن السكان ليسوا وزراء أو ذوي علاقات مع السلطة ، ما أطلق يد الشرطة، إذ باستطاعة الضابط، بقواته، اقتحام المنزل وإخراج أهله بالقوة، والقبض على من يريد بتهمة مقاومة السلطات، والاعتداء بالضرب على سكان البيت سواء كانوا نساءً أو رجالاً أو حتى أطفالاً، بينما قنابل الغاز المسيّل للدموع تنفجر كأنها  مجرد ألعاب نارية للاحتفال.

الأمر في الزمالك مختلف، تحضر قوات الأمن لهدف واحد فقط، تأمين الحضور وحمايته، لا يستطيع رجل الشرطة رفع صوته في حضرة الوزراء،  كما تحضر قيادات من وزارة الداخلية للتأكد من عدم مخالفة ضابط أو جندي للتعليمات.

“نحن أهل الجزيرة نعيش عليها منذ أجداد أجدادنا، فلماذا لا تريدنا الدولة في أرضنا، يُعتدى علينا كما يحدث للفلسطينيين على يد قوات الاحتلال” 

تاريخ طبقي للجزيرتين

تتشابه جزيرتا الوراق والزمالك من حيث وقوعهما في قلب نهر النيل، لكنْ لكل واحدة حكاية وتاريخ خاص بها، كانت جزيرة الزمالك غير مأهولة بالسكان ومأوى للثعالب والذئاب وفق موقع محافظة القاهرة، حتى جاء الخديوي اسماعيل في القرن التاسع عشر وأسس “سراي” لاستقبال الضيوف الأجانب شمال الجزيرة، وأصبح هذا البناء الماريوت حالياً، وأُنشأت العديد من أكواخ الخدم حوله.

ظل ما تبقى من الجزيرة غير مأهول حتى جاء مواطن قنائي اسمه عبد النعيم محمدين، واشترى أرض الجزيرة ليطهرها من الحيوانات المفترسة، ثم زرعها فأصبحت قرية هو عمدتها بعد أن استقدم أهله من الصعيد. مر الوقت وزحف العمران على أرضها، واهتمام “الأسرة العلوية” بها، لتتحول إثر ذلك إلى ملاذ الأغنياء الهاربين من القاهرة التاريخية.

 بدأت جزيرة الوراق تمتلئ عمراناً بالتزامن مع جزيرة الزمالك، لكنها حافظت على سمتها الزراعية، وأصبحت واحدة من أهم المناطق الزراعية في القاهرة الكبرى، بخاصة في إنتاج محصول البطاطا، كما اشتهرت بتربية الماشية، فأصبحت مصدراً للحوم والألبان للقاهرة.

تتفق الجزيرتان أيضاً في الاحتجاجات، ففي 2014 بدأت احتجاجات سكان جزيرة الزمالك اعتراضاً على إقامة الخط الثالث للمتر، الذي يخترق الجزيرة، وعلى رغم اتهامات الطبقية التي وُجهت الى السكان الذين لا يرغبون في المترو حتى لا يسهّل الوصول الى الحي الراقي، ويظل حكراً على سكانه، إلا أن السكان تحججوا آنذاك بأن المباني الموجودة في الجزيرة قد تنهار بسبب الحفر، بالإضافة إلى “مذبحة” الأشجار التي يتطلبها الحفر وإقامة محطات المترو. تجمد المشروع بعدها لمدة 3 سنوات، قبل أن يعود الى الواجهة عام 2017، وتعود الاحتجاجات من دون جدوى ومن دون خسائر للسكان، لكن المشروع استمر، وفتح خط المترو الثالث عام 2022.

مشوار جزيرة الورّاق في الاحتجاجات أقدم بسنوات من نظيرتها، إذ بدأت الاحتجاجات للمرة الأولى في 2010، في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، الذي حاول إقامة مشروع تطوير الجزيرة تحت اسم “جزيرة حورس”، إلا أن أهالي الجزيرة تصدوا لهذا المخطط، وساعدهم اندلاع ثورة يناير على تجميد المشروع.

عاد مشروع “جزيرة حورس” إلى الواجهة عام 2017، بعد قرار استبعاد 17 جزيرة من تصنيف محمية طبيعية، منهم جزيرة الوراق، وأعقب القرار اقتحام قوات الأمن الجزيرة، بحجة تنفيذ قرار إزالة 700 منزل مبني على أراضي الدولة. احتجّ الأهالي على هذا القرار، لكنهم تكبّدوا خسائر جسيمة، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل أحد شباب الجزيرة، وهدم منازل عدة، إضافة إلى إلقاء القبض على عدد من سكان الجزيرة، حكم على 35 منهم بالسجن لمدد تتراوح بين السجن المؤبد والسجن لخمس سنوات، وتُستأنف هذه الأحكام حالياً.

أيهما أهم الأشجار أم البشر؟

“هذه الطريقة غير لائقة للتعامل مع الأشجار، وتشير إلى أن أجهزة المحليات لا تأخذ الأمور والعناصر الجمالية على محمل الجد، وأن المشرفين على الأحياء ليست لديهم هذه الثقافة”،  قال عمرو موسى واصفاً وقفة الزمالك الاحتجاجية لموقع مصراوي.

المطالب في الجزيرتين أيضاً مختلفة، ففي جزيرة الوراق يدافع السكان عن وجودهم في جزيرتهم، عن حياتهم ومصادر رزقهم ومنازلهم، بينما يدافع سكان الزمالك عن الشكل الجمالي للحي الراقي، والأشجار النادرة في الجزيرة هي مطلب عادل ومهم، لكن بمقارنته بحياة البشر لا يمكن أن يكونا على قدم المساواة.

تحججت الدولة في الاقتحام الأخير لجزيرة الوراق، بأنها تزيل المباني الواقعة في حرم النيل، المسافة يحددها القانون بـ 30 متراً، فيما تحاول إزالة الأشجار من جزيرة الزمالك لإقامة كاراج متعدد الطوابق لا يبعد من النيل المسافة القانونية المطلوبة.

عقب الوقفة الاحتجاجية لسكان الزمالك، استطاعوا التواصل مع محافظ القاهرة خالد عبد العال، فيما لم يتسنَّ لسكان جزيرة الوراق التواصل مع أي مسؤول حكومي، سمعوا فقط وزير الإسكان وهو يتحدث عن أن الجزيرة لا تشهد تهجير قسرياً، وأن مشروع التطوير يعتمد سياسة الشراء الرضائي.

يقول مواطن مصري من جزيرة الوراق  لـ درج “، حين ننشر فيديوهات ما يحدث، يخرج وزير الإسكان بمعلومات كاذبة عن أن الدولة تنفذ سياسة الشراء الرضائي، أي شراء رضائي تتحدث عنه الدولة وسط الغاز المسيل للدموع والاعتداء على السكان وإجبار الأهالي على البيع أو التنازل مقابل الإفراج عن أبنائهم الذين أُلقي القبض عليهم أثناء الدفاع عن الجزيرة؟”.

تعرضت جزيرة الوراق على مدار أسبوع كامل نهاية آب/أغسطس، لاعتداءات من قوات الشرطة، لم تنشر وسيلة إعلامية مصرية واحدة أي خبر عن هذا الاقتحام، الأمر الذي استمر منذ بداية الأزمة، ودفع السكان الى إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتداول الأخبار، إذ هناك صفحة “مجلس عائلات جزيرة الوراق“، الذي كُلف من السكان بالتفاوض مع الدولة، وصفحة “ادعم جزيرة الوراق” لنشر الأخبار والفيديوهات الاشتباكات، فيما تسابقت كل وسائل الإعلام المصرية على نشر تصريحات وزير الاسكان عاصم الجزار، الذي تحدث عن جزيرة الوراق ومشروع تطويرها، نافياً أي محاولات لتهجير سكان الجزيرة قسرياً. في الوقت ذاته، حضرت وسائل الإعلام بكثرة في الزمالك ونشرت مقالات عدة عن الوقفة الاحتجاجيّة، يرجع الأمر ربما الى وجود وزراء سابقين كثر.

لن تتراجع الدولة في مشاريعها ضمن كلا الجزيرتين، لكن الاختلاف يكمن في التعامل مع سكان جزيرة الوراق كزوار يجب طردهم و هدم بيوتهم، في حين يتم التعامل مع سكان الزمالك كمواطنين محترمين يجب حمايتهم، وفي حال احتج سكان الورّاق، يواجَهون بالعنف، أما سكان الزمالك، فلهم الحظوة، تغطي الصحافة وقفتهم، وتحميهم الشرطة وتنظّم وجودهم.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.