fbpx

لبنان: رياض سلامة وشركاؤه
لن يقسموا اليمين أمام القضاة الأوروبيين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وصل القضاة الأوروبيون إلى بيروت للنظر في شأن رياض سلامة وأسرته، وما زالت التساؤلات حول استدعائه إلى التحقيق قائمة ودور القضاء الأوروبي في إدانته في ظل تعطيل محاكمته في لبنان.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يبدو أن وصول القضاة الأوروبيين إلى لبنان استُبق بجهد “سياسي” لإجهاض مهمّتهم، جهد لم يقتصر على المنظومة الحاكمة في لبنان، إنما امتدّ ليشمل أوساطاً سياسية أوروبية، وهو ما كشف حقيقة أن النظامين القضائي والسياسي الأوروبيين يعملان في شكل منفصل، فأجواء الخارجية الفرنسية قلّلت من أهمية الزيارة، وقالت مصادر على اطلاع بما يجري في الأروقة الديبلوماسية الفرنسية حيال لبنان لـ”درج”: “إن مهمة الوفد القضائي الأوروبي هي إجراء لا يعوّل عليه، ومن غير المتوقع أن يؤدي إلى نتيجة، جاءت المهمة لأن مواطنين أوروبيين من أصل لبناني رفعوا دعاوى أمام القضاء الأوروبي، ما اضطر السلطات الأوروبية الى التحرك، لكن لا أثر لهذا في من يتم استجوابهم ولا في الموضوع المالي والودائع”.

وصل القضاة الأوروبيون من فرنسا، ألمانيا، ولوكسمبورغ إلى لبنان، بعد تضارب في المعلومات حول تاريخ وصولهم. تشمل مهمّتهم الأساسيّة التحقيق في الجرائم المالية كغسيل الأموال، يأتي عملهم وفقاً لمعاهدة “مكافحة الفساد” التي وقّع عليها لبنان مع الأمم المتحدة عام 2009، والتي تجيز التعاون القضائي الدولي  في حال تعذّر على الدولة اللبنانية القيام بالإجراءات المطلوبة.

يبدو أن وصول القضاة الأوروبيين إلى لبنان استُبق بجهد “سياسي” لإجهاض مهمّتهم

التحقيق مع سلامة؟ 

أكّد المحامي والناشط الحقوقي علي عباس، وصول القضاة مساء الاثنين، أي 9 كانون الثاني/ يناير، إلّا أنهم تأخروا في مباشرة عملهم لأسباب لوجيستية. يتألف الوفد من حوالى 20 قاضياً، وستُجرى التحقيقات وجلسات الاستماع داخل قصر العدل في بيروت. 

حامت التساؤلات حول التحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأشار عباس إلى أنه من غير المؤكد حتى الآن ما إذا كان سيتم اللقاء مع سلامة، لكن في حال استُدعي الى التحقيق، فسيكون ذلك للاستماع إليه كشاهد، لا كمشتبه به، بسبب عدم وجود أدلّة كافية لاتهامه. 

يختلف الأمر عند الحديث عن أفراد عائلة سلامة، الذين لم يعفوا من المساءلة، إذ أكد الناشط ومؤسس رابطة المودعين نزار غانم وكذلك المحامي عباس، طلب الوفد الأوروبي التحقيق مع شقيق رياض سلامة، رجا، مالك شركة “فوري أسوشيتس” والمتهم بتحويل ما لا يقل عن 300 مليون دولار عبرها إلى سويسرا. 

أوقِفَ رجا سلامة في 17 آذار/مارس 2022 بتهمة الفساد المالي، وأُخلي سبيله في 12 أيار/مايو بكفالة مالية مقدارها 100 مليار ليرة لبنانية، وتعتبر أعلى كفالة مادية تُدفع لمشتبه به في لبنان، مع استمرار الحجز على 40 عقاراً يملكها إلى جانب منعه من السفر. 

يُحقّق مع رجا سلامة على أنه مشتبه به وفق معلومات “درج”، وقد تتّسع رقعة الشهود حسب متطلبات التحقيق ومجرياته، يركز المحققون الأوروبيون حالياً على 15 شاهداً، من بينهم وزيرة الداخلية السابقة وعضو مجلس إدارة بنك البحر المتوسط ريا الحسن، والمصرفي ورئيس مجلس إدارة بنك الموارد مروان خير الدين، ورئيس مجلس إدارة بنك عودة سمير حنا، ومستشار رئيس مجلس إدارة بنك لبنان والمهجر فهيم معضاد. من المحتمل أيضاً الاستماع أيضاً الى الممثلة المقربة من رياض سلامة، ستيفاني صليبا، وفقاً لمؤسس رابطة المودعين. 

تشير معلومات “درج” الى أن محامي جمعية المصارف يضغط على القضاة لعدم إلزام المستمع إليهم بحلف اليمين، بحجّة أن قانون مكافحة الفساد الموقّع مع الأمم المتحدة لا يجبر الشهود بذلك. في الإطار القانوني، عدم إدلاء اليمين أمام القاضي يعفي الشهود من المسؤولية الجزائية والمدنية التي قد يليها سجن، ويمكن التراجع عن الإفادة المدلاة بلا حجّة قانونية. 

الجلسات مؤجلة 

كان من المفترض أن يباشر القضاة بالتحقيقات في قصر العدل، لكن التقصير من الجانب اللبناني أجّل جلسات الاجتماع إلى أجل غير مسمى. طلب القضاة من القضاء اللبناني تصوير المستندات المتعلقة بالملف، إلّا أنّ الجانب اللبناني طلب منهم تصويرها عبر هواتفهم والاطلاع عليها في “القلم”، أي مكان تخزين الملفات خارج مكتب القاضي، فرفض القضاة ذلك، وفضّلوا الاطلاع على الملفات في مكتب القاضي وتصوير النسخ ورقياً، وفقاً للمحامي علي عباس. 

كان من المفترض للنائب العام التمييزي غسان عويدات، استقبال الوفد في قصر العدل، كون الكتاب الرسمي وصل إليه، لكن عويدات فضّل مغادرة مكتبه قبل وصولهم، وفق عباس. حتى أن النائب العام الاستئنافي زياد أبو حيدر لم يكن موجوداً لاستقبالهم أمس، فاجتمعوا مع المدعي العام الاستئنافي رجا حموش لتنسيق مواعيد الجلسات وتأمين غرفة للاستماع الى الشهود، وفق المصدر نفسه.

كلّف عويدات القاضي حموش بمواكبة القضاة والإشراف على الجلسات، لأنه يجب إجراء الجلسات بإشراف القضاء اللبناني، على أن تمتد فترة بقائهم في لبنان حتى العشرين من الشهر الجاري. 

“أوروبا تريد حلاً”!

اقتربت نهاية ولاية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، المفترض أن يغادر منصبه في الخامس من تموز/ يوليو 2023 بعد ولاية دامت 30 عاماً. الصراع حالياً حول التمديد له أو إنهاء ولايته تبعاً للمحاكمات الصادرة عنه في أوروبا، وسويسرا تحديداً، أمّا مصادر “درج” فتشير إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، يميلان إلى التمديد له عاماً ونصف العام بحجة الشغور الرئاسي والوضع الاقتصادي الكارثي. 

وأشارت المصادر المتابعة للقضية في أوروبا لـ “درج” الى قوى سياسية ترغب في إغلاق الملف بهدف تسهيل حلول سياسيّة واقتصادية، إلاّ أن القضاء الأوروبي لا يتفّق مع هذا المسار ويصرّ على استمرار التحقيقات. 

بدأت تصدر -ولو بخجل- في لبنان تحفظات على مهمة القضاة الأوروبيين، لا سيما من حزب الله، إذ رفض وزير الأشغال والنقل المقرب من حزب الله في حديث تلفزيوني التعليق على مهمتهم، مشدداً على ضرورة تبيان ما إذا كانت مهمتهم خرقاً لسيادة لبنان.  

بدأت التحقيقات في قضية سلامة أوائل العام 2020 بعد تحقيقات “درج” و “مشروع تتبّع الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود” OCCRP، التي أثبتت ملكية سلامة عدداً من المنازل والشركات في أوروبا، بالإضافة الى تحويل مبالغ ضخمة إلى الخارج. وفي 28 آذار/مارس 2022، جمّدت ثلاث دول أوروبية فرنسا، ألمانيا ولوكسمبورغ، أصولاً عائدة إلى سلامة بقيمة نحو 130 مليون دولار، وطاولت التحقيقات نجل سلامه نادي وشقيقه رجا في إدارة شركات منسوبة الى سلامة أيضاً. 

أطلقت السلطات في سويسرا وفرنسا ولوكسمبورغ وليختنشتاين تحقيقات في غسيل أموال أو اختلاس مرتبطة بسلامة، الذي اتهمته النائبة العامة الاستئنافية القاضية غادة عون بالإثراء غير المشروع. كما جمدت السلطات الأوروبية 46 مليون يورو (50.9 مليون دولار) في حسابات مصرفية في موناكو، و 11 مليون يورو (12 مليون دولار) في حسابات في لوكسمبورغ، و 2.2 مليون يورو (2.4 مليون دولار) في حسابات فرنسية.

قبلت محكمة الاستئناف من الجانب اللبناني برئاسة القاضي نسيب إيليا، طلب رد القاضي زياد أبي حيدر الذي قدّمه سلامة بسبب إبدائه رأياً مسبقاً في الملف، إذ اعتبر أنّ الادعاء على سلامة ورفاقه من صلاحية النيابة العامة المالية، ما علّق التحقيق في قضية سلامة من الجانب اللبناني، أما من الجانب الأوروبي، فالوفود بانتظار تسهيل الأمور من القضاء اللبناني لتحديد موعد الجلسات الذي يجب أن تُبت قبل نهاية مهمتهم، أي في 20 الشهر الجاري.