fbpx

دلال وأخريات في سجن الرجال المصري…
متى تنتهي معاناة العابرات جنسياً؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما زالت قصة دلال اللاجئة اليمنية التي اعتقلتها السلطات المصرية بتهمة الفجور، تتفاعل لتثبت مرة أخرى الإجحاف والظلم الواقعين على العابرين والعابرات جنسياً، فإضافة إلى وضعها في حبس الرجال، تتعرض دلال لمضايقات ولا يسمح لأحد بزيارتها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حتى الآن، ما زالت دلال في سجن الرجال المصري، وحتى الآن لم يعاقب المسؤولون عن الاعتداء عليها، ولا يسمح لأحد بزيارتها. منذ التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2022، تاريخ إلقاء القبض على اللاجئة اليمنية العابرة جنسياً، والقضية ما زالت عالقة، على رغم كل الضجيج الذي رافقها.

كانت ليلة التاسع من تشرين الأول مشؤومة بكل ما للكلمة من معنى، إذ اقتحم رجال الأمن منزل دلال دون أي تفسير، لتودع في السجن بتهمة “الفجور”. 

حلم دلال في إيجاد مكان يتقبلها ويتقبل ميولها انتهى سريعاً إذ قررت المحكمة حبسها لمدة ثلاث سنوات، وإذ كانت دلال في تلك الليلة في المنزل برفقة صديقتها غزل، العابرة الجنسية أيضاً، فقد وُجهت للأخيرة تهمة الفجور أيضاً.

يتكرر في مصر ما شهدته دلال وغزل، إذ تلقي السلطات القبض على العابرين والعابرات جنسياً بتهمة ممارسة “الفجور”. يزداد الأمر تعقيداً لحظة الاعتقال، كون السلطات لا تعترف سوى بالجنس المشار إليه في الأوراق الرسمية، وعلى رغم تأكيد دلال أنها أنثى، إلا أنها احتجزت مع الرجال بسبب “جنسها” على بطاقة الهوية.

يحيى الزنداني، المتطوع في “حملة عالم بالألوان” المعنية بالدفاع عن حقوق العابرين والعابرات جنسياً، يوضح لـ”درج”، أن دلال وغزل عرضتا بعد القبض عليهما أمام النيابة العامة في 12 تشرين الأول ولكنهما تعرضتا قبل ذلك للضرب، وفُتش المنزل الذي تقطنه دلال، وصادرت الدورية ممتلكاتهما الشخصية (هواتف محمولة، أجهزة كمبيوتر…)، ثم اقتيدَتا إلى حجز الرجال في قسم “الهرم” حيث ضربتا مرة أخرى.

حاول محامو دلال وغزل إثبات ما تعرضتا له أمام النيابة، إلا أنها لم تلتفت لذلك، وتمت إحالة القضية التي حملت رقم 44430- سنة 2022 إلى المحاكمة، وصدر الحكم بحبسهما 3 سنوات مع غرامة 5 آلاف جنيه، كما رفض القضاء استئناف الحكم.

حتى الآن، ما زالت دلال في سجن الرجال المصري، وحتى الآن لم يعاقب المسؤولون عن الاعتداء عليها، ولا يسمح لأحد بزيارتها.

لا أقارب ولا زوّار

يؤكد الزنداني أن دلال وغزل تعانيان في حبسِهما بسبب وضعهما مع 10 رجال في زنزانة واحدة، ويزداد الأمر رعباً بسبب منع الزيارات عن دلال كونها لاجئة، ولا أقارب لها من الدرجة الأولى في مصر. يضيف الزنداني: “المنع من الزيارة يعني حرمان دلال احتياجاتها من طعام وملابس وغيرها، أي أنها ترتدي الملابس ذاتها منذ إلقاء القبض عليها”.

ملك الكاشف، الناشطة العابرة جنسياً، كانت واجهت مأساة دلال وغزل نفسها، إذ ألقي القبض عليها وتعرضت للعنف أثناء اعتقالها وبعده ثم وضعت في سجن الرجال بعد الحكم عليها. وربما أشد ما واجهته ملك وقتها هو الحبس الانفرادي، بعيداً من الشمس والبشر. وجدت ملك نفسها في زنزانة تحوي سريراً حديدياً ومرحاضاً فقط، وعاشت وحدها هناك لأشهر حتى خروجها من السجن.

اتُهمت ملك بنشر أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها والترويج لها. وبعد إطلاق سراحها، قررت ملك تحريك الدعوى في 2019، وبعد أشهر من الآمال التي وضعتها لتخصيص أماكن للعابرين جنسياً، حتى لا تتكرر مأساتها مع أحد، رفضت المحكمة الدعوى.

يرى الزنداني أن سبب القبض على دلال هو هويتها الجنسية، إذ تحدثت مع أصدقاء ومقربين لها عن تهديدات تتعرض لها دوماً، مصدرها  رجال الأمن وآخرون، ما دفعها لطلب المساعدة من الأمم المتحدة لحمايتها كونها لاجئة، لكن دون جدوى، ليتم اعتقالها بالفعل.

بيروقراطيّة العبور الجنسي

تسمح مصر للعابرين باختيار هويتهم الجنسية، وتغيير النوع الاجتماعي، إلا أن الأمر يخضع لشروط عدة، كالحصول على موافقة طبية ودينية مسبقة، والخضوع لتقييم نفسي. تبدأ بعدها رحلة تقديم الأوراق في نقابة الأطباء، التي تستدعي تحاليل وفحوصات، ثم تعرض “الحالة” على دكتور مسالك وأمراض تناسلية، ثم على طبيب نفسي، ويستمر العلاج النفسي مدة لا تقل عن سنتين بدون انقطاع، في محاولة يصفها الأطباء بالتعايش والتصالح مع الجسد. يخضع الفرد نهايةً إلى علاج هرموني، كي تتغير طبيعة جسمه وتتفق مع هويته. يتم بعدها تأهيله لإجراء عملية جراحية لتغيير أعضائه التناسلية، لكن هذه الرحلة لا تمضِ  بسلام، إذ تبدأ برفض المجتمع والأطباء، وقد تنتهي أحياناً بالسجن.

لم تتوقف الانتهاكات ضد العابرين جنسياً، ولم يساعد في تقبلهم وجود لجنة يمكن التقدم لها من أجل الحصول على موافقة دينية قبل إجراء العملية، إذ تعلو أحياناً مطالب القبض عليهم، يتجلى ذلك في رد الفعل على أخبار القبض على عابر أو عابرة جنسياً، التي يهلل لها كثيرون، دفاعاً عن قيم المجتمع والأسرة.

طريق التحول المليء بالأفخاخ

بدأت رحلة دلال في مصر في آب/ أغسطس 2018،  وصلت من اليمن هرباً من أسرتها التي كانت أول الرافضين لعبورها، بعدما أعلنت أنها أنثى محبوسة في جسد ذكر. تعرفت دلال، بحسب أقوالها في محضر النيابة، إلى شاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن تقبله لها ودعمها، وطلب مقابلتها، لكنها اكتشفت أنه ضابط في شرطة الآداب، وضع اسمها في واحدة من القضايا مُتهماً إياها بممارسة الدعارة والفجور، ليُحكم عليها حينها بالحبس 3 أشهر.

لم تكن مصر المحطة الأولى التي تعرضت فيها دلال للملاحقات الأمنية، إذ لوحقت قبلها في السعودية والإمارات بتهم شبيهة، لتقرر وفقاً للزنداني البحث عن مكان جديد يحتويها، وبالفعل كانت تستعد للسفر إلى فرنسا بعد أسبوعين من تاريخ القبض عليها.

يرى الزنداني أن السبب الرئيسي وراء القبض على دلال هو سفرها، إذ كانت سعيدة بما ستقدم عليه، وأبلغت الكثير من الأصدقاء والمقربين بذلك، لكن الأمر وصل للأمن الذي قرر التصرف. ويشير الزنداني إلى أن الانتهاكات والاعتداءات التي تعرضت لها دلال أثناء القبض عليها وأثناء التحقيق، تهدف إلى إجبارها على الاعتراف بمعلومات عن مجتمع الميم في مصر.

الأزهر المُحرج

توقفتْ لجنة تصحيح الجنس في نقابة الأطباء المصرية عن العمل في تشرين الثاني/ نوفمبر  2014. أهمية هذه اللجنة التي تخضع للإشراف المباشر من لجنة آداب المهنة في نقابة الاطباء، تكمن في مسؤوليتها عن إصدار تصاريح لإجراء عمليات العبور الجنسي في مصر.

عطلت اللجنة مهماتها بسبب امتناع العضو المنتدب من دار الإفتاء عن حضور اجتماعاتها، واعتراضه على إيراد اسمه على التصاريح التي تصدرها. وفي 28 آب 2017، قال الدكتور أسامة عبد الحي، رئيس اللجنة حينها، إنه تم التوصل إلى اتفاق ينص  على عدم حضور ممثل دار الإفتاء اجتماعات اللجنة، على أن تقوم الأخيرة بإرسال كل ملف على حدة لأخذ الموافقة عليه بعد مراجعة التقارير وحالة الشخص. مشيراً إلى أن اللجنة منحت منذ شهر أيار/ مايو 2013 وحتى تشرين الثاني 2014 أكثر من 76 موافقة.

عادت اللجنة إلى العمل عام 2021، وحولت 14 حالة تطالب بإجراء جراحات لتغيير الجنس إلى لجنة الفتوى في الأزهر الشريف، لإصدار الفتوى الخاصة بكل حالة، يقابل ذلك ارتفاع عدد المقبوض عليهم، فمنذ الربع الأخير لسنة 2013 وحتى آذار/ مارس 2017 تم القبض على 232 شخصاً، أي حوالى 66 شخصاً سنوياً وفقاً لتقرير صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بينما تشير الإحصاءات إلى أن متوسط المقبوض عليهم بين عامي 2000 و2013 بلغ 14 شخصاً في السنة الواحدة تقريباً.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.