fbpx

تمديد المساعدات الإنسانية 6 أشهر…
ماذا يفعل السوريون بعدها؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يبدو اسم معبر “باب الهوى” رومانسياً لو سمعه شخص لا يدرك أهميته بالنسبة إلى السوريين، وكأنه رمز لمكان يسوده الحب والراحة، لكن للأسف، باب الهوى هو المعبر الوحيد المتبقي لإيصال المساعدات الإنسانية للعالقين في سوريا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“السوريون بحاجة إلى مساعدتنا أكثر من أي وقت مضى. يُرجى التبرع الآن”. العبارة التي ترد في نهاية صفحة برنامج الأغذية العالمي، أشبه بصرخة استغاثة أخيرة واختصار لمأساة الجوع التي تقف على أبواب السوريين، ويتأملها العالم عاجزاً أمام القوى السياسية المتصارعة.

معبر باب الهوى هو واحد من أربعة معابر حدودية إلى سوريا، لكنه الوحيد الذي تدخل عبره  المساعدات الإنسانيّة دون إذن النظام السوري، المعبر الذي كان محط اشتباكات لسنوات للسيطرة عليه، اتُفق على تحييده عن الصراع، ليخضع حالياً لسيطرة “المعارضة السورية”.

راهناً، قرر مجلس الأمن تمديد دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر باب الهوى دون إذن النظام السوري لستة أشهر إضافية، القرار أشبه بنجاة موقتة لملايين الناس في الشمال، لكن ماذا بعد الستة أشهر؟ هل ستبقى حياة السوريين معلقة “بنعم أو لا” يقولها السياسيون؟

يرى رئيس النظام السوري بشار الأسد أن المساعدات تعرقل جهود حكومته في استعادة الأجزاء الأخيرة الخاضعة لسيطرة المعارضة، أما روسيا فتصرّ على ضرورة مرور المساعدات الإنسانية عبر دمشق، ما يتيح للنظام التحكم بالمساعدات وحصرها بمؤيديه، ما يعني زيادة الضغط المعيشي على جزء كبير من السوريين، بخاصة في إدلب والشمال السوري.

رحبت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بقرار مجلس الأمن الدولي، وأشارت إلى أن مدة التجديد كان يجب أن تمتد لعام كامل، لا 6 أشهر فقط، موضحة أن الاحتياجات تعم جميع أنحاء سوريا، وهي الآن أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى،  فباب الهوى أشبه بشريان النجاة الأخير للسوريين، يستقبل شهرياً بين 600 إلى 800 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية متنوعة مقدمة من منظمات دولية تدخل عبر تركيا إلى إدلب.

“السوريون بحاجة إلى مساعدتنا أكثر من أي وقت مضى. يُرجى التبرع الآن”.

روسيا توافق على مضض

جاء مشروع القرار ضمن خطة الإحاطة بالملف الإنساني السوري لعام 2022 التي قدمها العضوان السابقان في مجلس الأمن، أيرلندا والنرويج، وبرغم حجم المأساة السورية، لا يناسب  تمديد المساعدات الجانب الروسي الذي وافق على مضض، إذ وصف المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا قرار التجديد بالصعب. وتدعي موسكو  أن الغرب يشيد بجهودها في إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، ويتجنب قضية أخرى مزعجة للغاية وهي العقوبات الأحادية التي تؤثر سلباً في السوريين العاديين. 

يرى نيبينزيا أن العقوبات هي العامل الرئيسي وراء تدهور الوضع الإنساني. وعلى رغم استغلال الجانب الروسي العقوبات، ورمي كل المصائب عليها، لكن يجدر بالذكر أنها تمسّ السوريين، بينما لا تهدد النظام السوري بشكل جذري.

لا “حياة” في سوريا

جوع، برد، حصار، وافتقار لأبسط وسائل الحياة، هذا ما يعانيه جميع السوريين ببساطة، لا وقود للتدفئة ولا غاز للطبخ ولا كهرباء للإنارة، الليرة تنهار، المعابر مغلقة قسراً، تضييق هو الأقسى منذ سنوات، ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى 14.6 مليون شخص خلال عام 2022، بزيادة 1.2 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 15.3 مليون شخص في عام 2023.

تعزى هذه الزيادة في أعداد المحتاجين لمساعدات إنسانيّة  إلى أسباب منها  وباء “كوفيد- 19” وانخفاض قيمة الليرة السورية ونقص الوقود، فضلاً عن تحديات الوضع السياسي والاقتصادي. وقال مارتن غريفيثس، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ: “لم نرَ مثل هذه الأرقام منذ بداية الأزمة في سوريا عام 2011″، مشيراً إلى أن أكثر من 12 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان يكافحون من أجل وضع الطعام على المائدة، وحذّر من إمكانية أن ينزلق ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص إلى حالة انعدام الأمن الغذائي.

برنامج الأغذية عاجز أمام احتياجات السوريين

يحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى 784.4 مليون دولار أميركي حتى أيار/ مايو 2023، هذا النقص في التمويل ينعكس على أرض الواقع، إذ ارتفعت قيمة سلة الغذاء التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي بنسبة 8.5 في المئة في نهاية عام 2022، مقارنة بشهر أيلول/ سبتمبر من العام ذاته، لتصل إلى 357593 ليرة سورية أي نحو 118 دولاراً وفق سعر الصرف الرسمي. وليس هذا وحسب، إذ إن السلة الغذائية نفسها خضعت لتخفيضات بمحتوياتها على مدار السنوات الثلاث الماضية، ويأتي هذا التخفيض نتيجة محدودية الموارد وزيادة انعدام الأمن الغذائي. يذكر أن السلة الغذائية تحتوي على البرغل والأرز والحمص والعدس الأحمر والسكر والطحين والزيت النباتي والملح وكان يبلغ وزنها عام 2020 حوالى 77 كلغ، بينما أصبحت في أيار من العام الفائت نحو 44 كلغ بعد أربع مرات من التخفيض.

يعتبر الشمال السوري من أكثر المناطق التي تعاني، إذ تشير تقديرات مختلفة إلى أن عدد سكان إدلب يبلغ قرابة أربعة ملايين شخص، بينهم أكثر من 1.7 مليون شخص يعيشون في مخيمات النازحين، فيما يعتمد معظم السكان على المساعدات الإنسانية التي يأتي معظمها عبر معبر “باب الهوى”. تفاقمت الأوضاع سوءً مع تفشي الكوليرا في سوريا وسط انعدام الخدمات التحتية ووسائل النظافة.

 لا يبدو المستقبل أقل قتامة، إذ قال وكيل الأمين العام إن توقعات التمويل العام لسوريا غير مشجعة، وقد تلقت خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022 تمويلاً بنسبة 43 في المئة فقط وهو أقل من نصف الاحتياجات.

طرحت منظمة “التحالف الأميركي للإغاثة من أجل سوريا” التي تضم منظمات الإغاثة السورية داخل الولايات المتحدة، ومجموعة المحامين البريطانيين المدافعين عن حقوق الإنسان التي يطلق عليها اسم “غيرنيكا 37″، مبادرة أشارت إلى أن حتمية الحصول على إذن من مجلس الأمن الدولي لإيصال مساعدات عبر الحدود، قضية قابلة للتأويل، إذ لا يوجد قانون إنساني دولي يمنع الوكالات الأممية من الانتقال عبر الحدود السورية إلى جزء غير خاضع لسيطرة الحكومة السورية.