fbpx

طنين الذُبابة الذي أزعج نبية برّي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

قد لا يوصل الاعتصام داخل مجلس النواب إلى نتيجة، لكنه بالتأكيد أزعج رئيس المجلس وأعوانه، كطنين ذُبابة قرب أذن فيل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تمكنت مجموعة متظاهرين من إجبار النائبة حليمة قعقور على الانسحاب من أمام مجلس النواب اللبناني، بعدما أخفقت الجلسة الحادية عشر بانتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد، حينها سُمعتُ أصواتاً غاضبة تصرخ خلف حليمة: “لوين ضاهرة؟ ناموا جوّا لنتنخبوا رئيس”. عبارة يستخدمها “الثُوّار” لتحميل نواب القوى التغييرية وزر الفشل السياسي.  واليوم  فعلها بعض “التغييرين” واعتصموا داخل المجلس النيابي استناداً إلى المادتين 74 و75 من القانون اللبناني، اللتان تنصّان على إبقاء الجلسات مفتوحة وبقاء النواب داخل البرلمان حتى انتخاب رئيس. 

قام بهذه الخطوة المفاجئة النائبان ملحم خلف ونجاة عون، ليشاركهما لاحقاً مجموعة أخرى من “نواب التغيير” وآخرون، خطوةٌ بدت بالنسبة إلى البعض شعبوية ولاقت انتقاداً واسعاً، لا سيما من “الثُوار” الذين طالبوا بتلك الخطوة باعتبارها “أقصى درجات التضحية” من أجل وصول الرئيس إلى كرسيه.

تعتبر هذه الخطوة -بعيداً عن المزاج الشعبي- الخيار الوحيد المُتبقي أمام النواب في ظلّ الإنسداد الراهن، وعلى الرغم من أنها لن توصل إلى نتيجة، إلا أنها على الأقل خلقت ديناميكية من نوع ما في البرلمان، وكسرت الجمود السياسي، وأعادت توجيه البوصلة إلى جلسات انتخاب الرئيس التي باتت مملّةً ومكررة وفيها من الابتذال ما دفع أحدهم إلى انتخاب ميلاد أبو ملهب رئيساً للجمهورية في الجلسة الأخيرة، وهو شخص ساخر يظهر في أغلب التظاهرات بشعره الطويل مرتدياً ثوب بألوان علم لبنان، والأرزة تعتلي صدره.  

يُحاول نواب القوى التغييرية، بمشاركة نوّاب آخرين منهم الياس حنكش وأسامة سعد وعبد الرحمن البزري وغيرهم، تغيير الصورة المُتعارف عليها للمعارضة التي اعتادت المقاطعة أو الرفض. تخطّى هؤلاء “المعارضة السلبية” ولجأوا إلى الاحتجاج في برلمان أقفل رئيسه أبوابه عليهم وأطفأ الأنوار، قد تكون تلك الحركة الاحتجاجية محاولة خلق أمر واقع جديد، يُعيد الإهتمام إلى الانتخابات الرئاسية، بوصفها ضرورة لا تخضع للتوازنات السياسية، لا سيما أن الفراغ الرئاسي مستمر منذ أكثر من 3 أشهر، ولا مانع من استمراره لأكثر من عامين ونصف العام كما حصل في الدورة السابقة.

يعلم النوّاب المُعتصمون “على العتم” كما نعلم نحن، أن لا بوادر لإحراز أي تغيير مع السلطة الحاكمة، ولكنها مُحاولة لكسر الجمود.

يعلم النوّاب المُعتصمون “على العتم” كما نعلم نحن، أن لا بوادر لإحراز أي تغيير مع السلطة الحاكمة، ولكنها مُحاولة لكسر الجمود. ردات فعل السلطة، وعلى رأسها رئيس مجلس النواب نبيه برّي تشي بالتصعيد. إذ اعتذر نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب عن دعوة برّي إلى عقد جلسة اللجان المشتركة الخميس المقبل، ما يعني أن رئيس المجلس يُصعّد، ويصرّ على الاستخفاف بفعل الاحتجاج هذا، علماً أنه يعقد جلسة انتخابية كل خميس تقريباً. ترافق ما سبق مع تهديدات مُبطنة لبعض النواب، إذ تلقّى النائب ملحم خلف، الذي أطلق مبادرة الاعتصام، تهديدات من أحد ضباط الأمن بذريعة الحفاظ على سلامته الشخصيّة، بحجة مفادها أن محيط مجلس النواب بات مكاناً خطراً على حياة النواب جرّاء التحركات الشعبية.  

قد لا يوصل الاعتصام داخل مجلس النواب إلى نتيجة، لكنه بالتأكيد أزعج رئيس المجلس وأعوانه، كطنين ذُبابة قرب أذن فيل.