fbpx

عاملات المنازل المهاجرات في لبنان… معركة من أجل البقاء

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى بقاء نظام الكفالة المتحكم بحياة كثيرات. يعود أولها إلى استثناء العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية من قانون العمل اللبناني، ما يحرمهن الحماية أسوةً بالعاملين الآخرين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ينشر هذا المقال بالتعاون مع Legal Action Worldwide.

تعاني العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية في لبنان، منذ عشرات السنوات، للحصول على حقوقهن الأساسية والحفاظ على كرامتهن وحتى البقاء على قيد الحياة في ظل نظام قائم على الاستغلال، وما هو إلا نظام الكفالة الذي يتشكل من قوانين وسياسات وممارسات كثيرة تضع العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية تحت رحمة صاحبـ(ـة) العمل من اللحظة التي تطأ قدماها الأراضي اللبنانية. ويظهر بذلك اختلال بالغ في ميزان القوى في المعركة بين صاحبـ(ـة) العمل والعاملة، على أرض مهيأة لممارسة العنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي قد يصل إلى حدّ التعذيب والعمل القسري والاستعباد. 

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى بقاء نظام الكفالة المتحكم بحياة كثيرات. يعود أولها إلى استثناء العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية من قانون العمل اللبناني، ما يحرمهن الحماية أسوةً بالعاملين الآخرين، وثانيها إلى أنه يُنتظر من هؤلاء العاملات توقيع عقد عملهن من دون منحهن الحق في مناقشة بنوده أو مراجعتها، سواء قبل مغادرة بلادهن أو حتى بعد الوصول إلى لبنان. والجدير بالذكر هنا، أن كثيرات منهن يوقعن عقد العمل حتى من دون معرفة مضمونه، نظراً الى أن العقود تُصاغ عادةً باللغة العربية وحدها التي يعجزن عن قراءتها أو فهمها. لذلك يبدو ملحاً أن يصار إلى إصدار عقد عمل موحّد بلغة العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية يضمن حقوقهن الأساسية ويمنع تعرضهن لسوء المعاملة. وأخيراً، يتمثل ثالث الأسباب في إخضاع العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية بموجب القانون لسلطة صاحبـ(ـة) العمل طيلة فترة بقائهن في لبنان، بينما لا يسعهنّ إنهاء العقد قانوناً إلا في ظروف معينة، منها: 

إذا أخلّ الكفيل بدفع أجور العاملة لمدّة ثلاثة أشهر متعاقبة.

إذا تعرضت لأي شكل من أشكال العنف من أفراد المنزل.

إذا تم تشغيلها بغير الصفة التي استقدمت على أساسها ومن دون أخذ موافقتها.

ومع أن حالات الإنهاء أعلاه تبدو منطقية من الناحية النظرية، إلا أنها قلّما تُطبق على أرض الواقع. فإذا أرادت العاملة الأجنبية في الخدمة المنزلية تغيير صاحبـ(ـة) العمل، عليها أولًا إيجاد صاحبـ(ـة) عمل جديد ومن ثم الحصول على موافقة صاحبـ(ـة) العمل الأول الذي يتعين عليه التنازل عن كفالته لصاحبـ(ـة) العمل الجديد. إنما، وللأسف، معظم العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية يجهلن حقوقهن، ولكن حتى إن كن على دراية بها فإنهن يحجمن عن اتخاذ هذه الخطوة وإنهاء عقدهن خشيةً من العواقب والانتقام والترحيل. تفتقر العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية إلى الثقة وأيضاً إلى الدعم اللازم من المؤسسات للوقوف في وجه أصحاب العمل والمطالبة بتحسين ظروف عملهن، نظراً الى أن وضع إقامتهن مرهون باستمرار عقد عملهن خلال فترة بقائهن في لبنان. وفي حال اتخذن تدابير ضد أصحاب العمل، فيُحتمل أن يُرمى بعضهن في الشارع من دون مأوى أو غذاء أو أي من سبل العيش الأخرى، لا سيما أن جواز سفرهن يكون غالباً مصادراً وفي حوزة صاحبـ(ـة) العمل، كما قد يتعرض البعض للاحتجاز بواسطة الأمن العام. وبالتالي، نادرة هي الحالات التي تمكنت فيها العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية من طلب المساعدة القانونية، وبالتالي اتخاذ إجراءات لإنهاء عقودهن ووضع حدّ للانتهاكات المرتكبة بحقهن. 

وقد تسوء ظروف عمل العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية، وتصل إلى حدّ العمل القسري والاستعباد على النحو المحدّد في القانونين الدولي واللبناني. تنص المادة 586 من قانون العقوبات اللبناني، على أن العمل القسري والاستعباد يُعتبران من أشكال الاستغلال الذي يصل إلى الإتجار بالبشرـ ويحدد القانون الدولي العمل القسري بأنه جميع الأعمال أو الخدمات التي يُجبر عليها أي شخص تحت التهديد بأي عقوبة، والتي لم يعرض من أجلها الشخص المذكور بنفسه القيام بها طوعاً، بينما يُعرّف الاستعباد على أنه ممارسة السلطات المرتبطة بحق الملكية على شخص ما. 

ومع ذلك، يتغاضى أصحاب العمل باستمرار عن الوفاء بالتزاماتهم بموجب العقد لناحية التسديد في الموعد المحدد في نهاية كل شهر، فيتخلّفون عن دفع الأجور لأشهر وحتى لسنوات. وفي هذا الإطار، بلغت نسبة العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية اللواتي أفدن بأن أصحاب عملهن يحجبون عنهن أجورهن بنسبة 73 في المئة. فأصحاب العمل يحجزون غالباً أجور العاملات ويبقونها في حوزتهم ولا يسددون كامل المبلغ، إلا مع انتهاء العقد، وهي ممارسة انتشرت بين أصحاب العمل اللبنانيين على مدى عشرات السنوات، حتى إن بعضهم لا ينوون إطلاقاً دفع الأجور بأكملها. يمكن أن تشكل هذه الممارسات عملاً قسرياً، وقد تعتبر بمثابة استعباد في بعض الحالات. ولا بدّ من الإشارة إلى أنه مع بداية الأزمة الاقتصادية، تدهور الوضع المالي لكثر من أصحاب العمل، الأمر الذي عرّض العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية للمزيد من الأخطار. 

تشكل النساء نسبة 99 في المئة من العمّال الأجانب في الخدمة المنزلية، وتبيّن من خلال بحث أجرته الجامعة الأميركية- اللبنانية، أن ثلثي العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية قد تعرضن للتحرش الجنسي في لبنان، وغالباً من الأفراد الذكور في الأسرة التي يعملون لديها. ومع ذلك، تستثنى العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية من القانون 205 الذي يجرم التحرش الجنسي في مكان العمل ومن القانون 293 في شأن حماية النساء وأفراد الأسرة الآخرين من العنف الأسري، علماً أن العاملات الأجنبيّات في الخدمة المنزليّة يتعرضن في بعض الحالات للاغتصاب ومحاولة الاغتصاب.

وفي الختام، لا بدّ من التنويه بأن لبنان تعهّد بحماية النساء والفتيات بمصادقته على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) عام 1997، وهذا لا ينطبق على النساء والفتيات اللبنانيات فحسب، بل على جميع المقيمات في لبنان. والآن، في العام 2023، حان الوقت لدعم الحقوق الأساسية للعاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية وحمايتهن من العنف الجسدي والجنسي والنفسي.

للمزيد من المعلومات، يرجى زيارة موقعنا على الرابط التاليhttps://www.legalactionworldwide.org/