fbpx

بانتظار “25 يناير” جديدة… لماذا لا يثور المصريون؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

البحث عن سبب واحد لعدم ثورة المصريين حتى الآن، برغم أوضاعهم التي تزداد تدهوراً بشكل شبه يومي، ليس مجدياً… الشكّ في جدوى الثورة يلازم المصريين دائماً، حتى قبل اندلاع 25 يناير.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يبلغ الفقر في مصر حداً كالذي بلغه الآن، بفضل سياسات اقتصادية سيئة، وأوضاع سياسية صعبة يعيشها المصريون، تفوق ما مرّوا به في عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك، الذي رحل بثورة شعبية عام 2011. يترحّم المصريون، الآن، على أيام مبارك، برغم الدمار الهائل الذي ألحقته بهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، لكنها تظلّ، بالمقارنة بما يحصل الآن في الشارع المصري، “أياماً أفضل”، وفق الآراء التي تتردد على أسماعك في المواصلات العامة، والشوارع، ومواقع التواصل الاجتماعي.

انتقلت مشاعر المصريين تجاه النظام السياسي القائم، من مربع الإعجاب والدعم الهائلين إلى مربع اللوم والسخط الشديدين، والقلق من السخرية في الأماكن العامة حتى لا يقع أحدهم فريسة في أيدي المخبرين.

ولم يعد استخدام ألفاظ كـ”البلد” و”الحكومة” و”الدولة” كافياً للإشارة إلى من يراه المصريون متورطاً في تدمير حياتهم واقتصادهم الشخصي الذي كان قائماً على المثل الشعبي، “لا أحد ينام دون عشاء” قبل أن يصبح العشاء رفاهية لا يصل إليها- بشكلٍ يومي- سوى “طبقة متوسطة أو عليا”… فاض الكيل، وأصبح رأس النظام السياسي هو المتهم في الأحاديث العامّة والجانبية، وبرغم ذلك، لا تبدو ثورة أو غضب جامح في الأفق، فلماذا لا يثور المصريون؟

لا مكاسب بعد الثورة ولا ثقة في المعارضة

يوضح الدكتور محمد إبراهيم الشافعي، أستاذ الاقتصاد السياسي بكلية الحقوق جامعة عيد شمس لـ”درج”، أنّ ما يمنع المصريين من الثورة، حتى الآن، هو القلق من تكرار سيناريو الثورة التي مرّوا بها مرتين ولم تحسّن حياتهم: “صنعوا 25 يناير و30 يونيو، وهما ثورتان في أقل من 10 سنوات، ولم تجلبا لهم سوى أوضاع اقتصادية واجتماعية أسوأ، حتى أصبحوا طرفاً في عراك سياسي بين الجيش وجماعة الإخوان، تضرروا منه للغاية. فحين تولى محمد مرسي الحكم، عمد إلى إفساد الطرق والكهرباء والمرافق العامة، إلا أن الجماعة لم تدفع ثمن ذلك، إنما الشعب هو من دفع الثمن من راحته وأمواله. وحتى بعد رحيل مرسي، بدأ تحميل الناس مسؤولية الإطاحة بالإخوان تحت شعارات بناء البلد من جديد ودفع ضريبة الإرهاب، فدفعوا الثمن مرة ثانية، والخوف الآن من أن يثوروا فيواجهوا أوضاعاً أسوأ، ويدفعوا الثمن مضاعفاً هذه المرة”.

ويؤكد أن الغالبية العظمى تعاني من “فقدان الأمل في مكاسب ما بعد الثورة، فالنخب دائماً تستخدم عامة الشعب وقوداً للثورات، لتجلس على مائدة تفاوض وتحصد مكاسب، وفي العموم، لا تثور الشعوب من تلقاءِ نفسها، لا بد لها ممّن يوجهها ويقودها، وحالياً، لا ثقة بين عموم الشعب وأي فصيل سياسي أو شخصية يرونها حقيقيةً أو نقية بما يكفي ليسيروا وراءها، وبالتأكيد، المعارضون من الخارج لا وزن لهم في مصر”.

كثيراً ما ثار المصريون عبر تاريخهم، لكن- في السابق- كان هناك من يتصدّر المشهد دوماً، “رموز” وطنية كأحمد عرابي وسعد زغلول ومصطفى كامل وجمال عبد الناصر، مع الاختلاف في تصنيف الحركة السياسية ما بين ثورة وانقلاب عسكري وحركة ضد المحتلّ الأجنبي، لكن صيغة “البرادعي ورفاقه” التي تجرّعتها مصر منذ 25 يناير 2011 خلقت شقاقاً بين المصريين ورموزهم السياسية، فأغلب من استأثروا بموائد التفاوض، الذين قادوا ميدان التحرير في مراحل متنوعة، حققوا مكاسب هائلة، أو انتقلوا للعيش خارج مصر، لكونهم “معارضين أو قادة ثورة لم تحقق أهدافها”، وهو شكَّل عقلية المصريين حالياً تجاه فكرة الثورة، في ذاتها على النحو التالي: من يثور سيجد نفسه “مقتولاً أو مسجوناً”، ولن يصل إلى حالٍ أفضل، هكذا علمتنا التجارب السابقة.

انتقلت مشاعر المصريين تجاه النظام السياسي القائم، من مربع الإعجاب والدعم الهائلين إلى مربع اللوم والسخط الشديدين، والقلق من السخرية في الأماكن العامة حتى لا يقع أحدهم فريسة في أيدي المخبرين.

الشعب وحيداً بمواجهة جميع السلطات

كان القضاء طرفاً أصيلاً في صناعة ثورة 25 يناير، فإلى جانب رمزية انطلاق تظاهرات ذلك اليوم من أمام دار القضاء العالي في وسط القاهرة، باعتبارها رمزاً للعدالة وسيادة القانون، والإعلام كان هو الآخر يداً تحرّض وتشجّع على الثورة وتحديداً المدعوم من رجال أعمال كنجيب ساويرس وأحمد بهجت، بغضّ النظر عن إعلام “ماسبيرو” الذي ثبّت كاميراته على ضفة النيل الهادئ الذي كان على بعد خطوات من ميدان التحرير الغاضب، و”جماعة الإخوان” التي كانت تقيم اتفاقات مع نظام مبارك وتعاديه في الوقت نفسه.

جميع السلطات صارت متورّطة مع النظام المصري في مصالح وعلاقات وترضيات. الجيش يملك “إمبراطورية اقتصادية” يؤمّنها الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ولا يجرؤ أحد على المساس بها، مهما كشفت تقارير دولية مدى سوء أوضاع الاقتصاد المصري بسبب “سيطرة الاقتصاد العسكري”. يفهم الناس تماماً أنهم حال ثورتهم، لن يكون الجيش معهم كما كان في السابق، فالرجل الأول قريب للغاية من قادة الجيش، ويستطلع ولاءهم ويرعاه باستمرار كي يكونوا “جيشه” في الأيام الحاسمة.

الإعلام المصري تم تأميمه بالكامل وتأميم رموزه من رؤساء تحرير وإعلاميين يتقاضون أجوراً لقاء عملهم في قنوات وصحف ومنصات مملوكة للدولة مباشرة وبشكلٍ معلن، ولا قنوات أخرى يمكن أن يعملوا فيها أو ينتقلوا إليها إذا خالفوا التعليمات.

القضاء بكامل درجاته، بدءاً من أصغر أفراده حتى وزير العدل ورؤساء المحاكم، يحصل على مكافآت طائلة، تتزايد باستمرار، وتم تعديل رواتب ذلك القطاع لضمان “الولاء”، فلم يعد رموز النظام بحاجة لتوجيه تعليمات بـ”أحكام مشدّدة” أو بسجن متهم أو حبس آخر، الأمور تجري أوتوماتيكياً في اتجاه واحد.

المسؤولون عن النقابات والائتلافات العُماليّة صاروا مُسيّسين بالكامل، ويتم انتخابهم “بالأمر المباشر” وإبعاد المستقلين، كما حصل بـ”نقابة الصحافيين” من إنجاح رؤساء تحرير ومجالس إدارات صحف حكومية في معظم الدورات السابقة، وتجميد الناجحين بجهودهم الذاتية.

وهكذا أفسدت جميع السلطات… حتى إن الرغبة في اندلاع ثورة أو احتجاجات شعبية لا تكتملَ لعدم توفّر ظهير سياسي أو إعلامي لها.

تنويم المعارضين والأحزاب

امتدّت مهادنة الجميع إلى إفساد المشهد السياسي بالكامل، وبرغم وجود أحزاب سياسية تمارس عملها من ندوات ولقاءات وخطب حماسية تحت قبة مجلس النواب، إلا أنها لا تؤدي دوراً معارضاً حقيقياً، أو تقود الرأي العام في اتجاه الحوار السياسي الحقيقي أو الثورة.

بعضها نشأ من داخل الدولة العميقة، وصار مدافعاً عنها ومنفذاً لسياستها، والبعض الآخر ذي الإرث التاريخي كأحزاب الوفد والتجمع والكرامة، صارت تحافظ على وجودِها وبقاءها في المواءمات السياسية، فلا تعارض، ولا تكون طرفاً في نقد، إنما تعتبر دعوتها إلى الحوار الوطني القائم في مصر مكسباً لا تريد أن تفقده، وذلك المكسب يمكّنها من الإفراج عن بعض سجنائها، أو التواصل مع السلطة للدفاع عن مصالح أخرى.

ويضرب الدكتور علي أحمد الصاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مثلاً بـ”حمدين صباحي، وصيف رئيس الجمهورية في أول انتخابات بعد عزل الإخوان”. يرى أنه كان “لا بد أن يؤدي دوراً أكبر من دوره الحالي، كان يجب أن يقومَ بدور الرقيب والمحاسب ويؤسس تياراً سياسياً يرعاه روحياً، ويحرز مكاناً دولياً مرموقاً وينافس الانتخابات الرئاسية اللاحقة، لأن الدول تحتاج إلى أقطاب متناحرة تعمل بالتوازي، كي تتحقّق مصلحة الوطن في النهاية، وكي لا يتفرد أحد بالسلطة، لكن المعارض الذي يعدّ معارضاً تاريخياً في عدة عصور آثر السلامة وابتعد، ولا نستطيع أن نلومه بشكل شخصي، لكن نلومه سياسياً كما لُمنا البرادعي في السابق”.

ويذكر أحمد حضور صباحي إحدى المناسبات بدعوة من الرئاسة، في ذروة الأزمة سابقاً: “وجه الشكر للرئيس وصافحه بحرارة دون أن يتكلّم في السياسة أو عن معاناة الناس حتى، كي يشهر موقفاً ولا يؤخذ اللقاء عليه في ما بعد، وفي اليوم التالي، تم الإفراج عن أحد أعضاء حزبه المقرّبين. هنا تمكن الإشارة إلى مصلحة شخصية تنمو وتمنع الرجل من المعارضة أو الكلام، أمّا الأحزاب كالكرامة والوفد والتجمع فقد تمّ العبث بها وتفكيكها من الداخل، وامتلأت بوجوه طامحة للنفوذ والمكانة، وتلعب دور الوسيط السياسي أو الطرف المحايد، الذي لا ينتقد السلطة، ولا يمشي في ركابها، إنما يؤدي دور المعارضة الشكلية، ويكتفي بمكاسب بسيطة كالمشاركة في الحوار الوطني والظهور في الإعلام”.

ويشير إلى نوع ثالث من الأحزاب، التي تسمّى “أحزاب الثورة” كالعدل والمصريين الأحرار والمصري الديمقراطي الاجتماعي، وكانت تقود الاحتجاجات في مراحل لاحقة من ثورة 25 يناير: “كان يمكن أن تمثّل ثقلاً في مواجهة النظام الحالي وحشد الناس للاحتجاجات أو حمايتهم من الاعتقال، ولا أعرف ما الذي تفعله الآن، وهل تراجعت عن ثوريتها، أم أصبحت أحزاباً إصلاحية؟ لكن أرى أنّ تلك الأحزاب سُرقت حتى لا تقود ثورة في المستقبل، ففي المصريين الأحرار مثلاً، وكان تجربة حزبية وسياسية واعدة، تم فصل نجيب ساويرس من رئاسته وإلغاء مجلس الأمناء لتغيير قِبلته، وبالفعل جاء رجل مؤيد للنظام ليصبح رئيساً للحزب، وتم تقليم أظافره تماماً”.

ما بعد احتجاجات المحامين… هل يستمر الغضب؟

مثّلت الاحتجاجات الفئوية شرارة لاندلاع ثورة 25 يناير، وإدارة الثورة بعد اندلاعها كي تصبح ضغطاً على الأنظمة السياسية المتعاقبة في اتجاه الانحياز للناس، لكن اختفاء وقمع تلك الاحتجاجات والمظاهرات الفئوية لم يظهر كثيراً في عهد “السيسي” وذلك لإحكام السيطرة على جميع القطاعات، واعتقال المحرّضين على أي احتجاج، مهما كان بسيطاً، قبل أن تتحوّل دعوته إلى ثورة جارفة، فالثورة، بالنسبة إلى النظام المصري القائم، “وسواس قهري” يحاول إبعاد سيرته حتى يتناساه الناس، فيما يبدو في عدّة لقاءات.

احتجاجات المحامين الأخيرة لأجل زملائهم الستة، الذين حُكم عليهم بالسجن عامين بتهمة الاعتداء على موظفين، يتم احتواؤها حالياً بحل القضية، وإدخال وجوه معروفة بولائها للدولة كسامح عاشور كوسيط، بعد ترافعه عن المحامين، لتفادي أي احتجاجات فئوية أو غضب من فئة كثيرة العدد والقدرات كالمحامين، الذين يزيد عددهم على 160 ألفاً.

لماذا يخاف الناس من الاحتجاجات والتظاهرات؟ ليس لأنها ممنوعة قانوناً وحسب، وهو القانون الذي أعدّه النظام القائم خوفاً من شبح التظاهرات التي تنقلب إلى احتجاجات عارمة ثم ثورة في النهاية، لكن الأمر يتجاوز ذلك.

في التظاهرات التي دعا إليها المقاول المصري محمد علي، بدا أن التعامل الأمني “غاشم” ويتمتّع بالقوة المفرطة دون أي حسابات. وفسّر بعض المتابعين ذلك بأن “الشرطة معها موافقة كاملة في القمع والاعتقال بأكبر الأعداد حال اندلاع تظاهرات”، ففي يومٍ واحد، وخلال أكثر التظاهرات زخماً منذ تولي السيسي، يوم 20 أيلول/ سبتمبر 2019، تم اعتقال ما يزيد على 1400 متظاهر من الشوارع، معظمهم لم يكونوا مشاركين من الأساس، لكن السير في شوارع القاهرة، وتحديداً القريبة من الميادين الرئيسية، في ذلك اليوم، كان يعني أن يتم اعتقالك وإدخال اسمك في قضية كالانتماء إلى تنظيم إرهابي والتعدّي على سلطات الأمن.

حذّر السيسي مراراً من رد الفعل العنيف حال اندلاع تظاهرات في ما سماه “تداعيات عدم الاستقرار“، بخاصة أن الشرطة والجيش والأجهزة الأمنية بالكامل تدين له بالولاء، ليس لكونه رئيس الدولة وحسب، إنما أيضاً لكونهم يشعرون في عهده بأنهم “الطبقة العليا” التي تملك كل شيء، يعرف الجميع ذلك ويخشى رد الفعل الغاشم حال الترتيب لاحتجاج أو ثورة.

التحول في خطاب السلطة من “أنتم نور عينينا” إلى “تداعيات عدم الاستقرار” كان موحياً للجميع بأن الرد سيكون غاشماً، بينما لا يشعر الناس بأن مكوّنات ثورة وغضب قد اكتملت، وبالتالي، يدرك الغاضبون أنّ الاحتجاج هو إلقاء بالذات إلى التهلكة دون جدوى.

 يعرف الغاضبون، الذين كانوا شهوداً على ثورة يناير تحديداً، أن الثورة مسار تراكمي يستغرق سنوات، وهو ما لم يبدأ في مصر حتى الآن، وذلك لأن الحرية ممنوعة، فالقبضة الدامية لا تسمح بمرور صوت واحد مختلف يًشعِر الناس ببعض الأمل، الذي قد يشعل فتيلاً لثورة ما.

ليست كل الثورات “25 يناير”

الخوف الشديد- والمبرَّر- من قَدح شرارة الثورة، أو التورّط في حدث قد يتحوّل إلى احتجاج، هو العامل الأساسي الذي يبعد الجموع من الثورات، التي يجب أن تكون حدثاً مفاجئاً، بلا موعد محدد، بما يتجاوز توقعات النظام وأجندته. هكذا كانت 25 يناير، قلّل النظام ورجاله من شأنها فانطلقت وجرفت كل ما أمامها، وكذلك كانت الثورة التونسية، حين قدح التونسي محمد بوعزيزي الشرارة، فاشتعلت الثورة ضد زين العابدين بن علي.

التجارب السابقة لإطلاق ثورة كانت محدَّدة الموعد، بلا تراكم ولا تخطيط، وكأنها فقط “شو إعلامي” أو إزعاج متعمّد، قد يساهم في شيء على المدى البعيد، لكنه لن يجدي الآن، المزيد من المعتقلين سيدخلون السجون فقط، كما تعتقد الجموع الغاضبة.

تتأثّر تلك المحاولات والتجارب السابقة، مباشرةً، بـ25 يناير: دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجات، خريطة تظاهرات، امتلاك أرض ثم اعتصام حتى النصر، وكأنها نسخة طبق الأصل من ثورة مضت، لا يزال الكثير من النشطاء والمصريين أسرى لها باعتبارها نموذجاً “جميلاً” يصيبهم بالحنين، لكن الثورات ليست شكلاً واحداً، كما أن النموذج السابق قد استعدّت له أجهزة الأمن واختبرته تماماً لأنها كانت طرفاً أصيلاً في لعبة الكر والفر طوال سنوات ما بعد الثورة، كما أن هذا التخطيط يليق بزمن آخر وظروف وسياق مختلفين، ونجاحه لا يمكن أن يتكرر الآن، لأن السياسة غائبة، وليست حاضرة ومؤثرة كما كانت في الماضي. لا يثور المصريون، لأن النموذج الذي نجح مرة، لن ينجح كل مرة.

البحث عن سبب واحد لعدم ثورة المصريين حتى الآن، برغم أوضاعهم التي تزداد تدهوراً بشكل شبه يومي، ليس مجدياً. الخوف ليس السبب الوحيد الذي يجبرهم على الوضع الراهن، فقد ملأوا الشوارع واعتقل بعضهم، غياب النخبة السياسية أحد الأسباب لكنه ليس العامل الذي سيقلب الموازين، الشكّ في جدوى الثورة يلازم المصريين دائماً، حتى قبل اندلاع 25 يناير، لكن الثورة حدث مفاجئ وغير متوقع، لكن تراكم الغضب هو الذي يشعلها رغماً عن الجميع.  

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!