fbpx

العقوبات الجماعية الإسرائيلية وصفة لمزيد من الدم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عملية القدس جاءت بعد عام دموي من القتل في الضفة الغربية وسقوط أكثر من 175 فلسطينياً في ظل الحكومة الإسرائيلية السابقة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كالعادة، أتى رد إسرائيل على العملية التي نفذها فلسطينيون في القدس وسقط ضحيتها 7 إسرائيليين، بهدم منازل العائلات والأقارب ومحاصرة كل من يمت بصلة الى منفذي العمليات، بما يعني فرض عقاب جماعي، تعتقد السلطات الإسرائيلي أنه يكفي لردع أي عمليات مستقبلية.

بدأ الأمر في مخيم جنين، حيث نفذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية كبيرة، بحجة منع هجوم كان شبان فلسطينيون يحضّرون لتنفيذه في إسرائيل، فارتكبت القوات الإسرائيلية مجزرة سقط ضحيتها 9 فلسطينيين إلى جانب خسائر مادية منها تدمير منازل، فكانت النتيجة تنفيذ عملية فردية في القدس وقتل 7 إسرائيليين.

على رغم تحذيرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية المستمرة، من رد الفعل الفلسطيني بتنفيذ عمليات فردية، تعتبر تلك الأجهزة أنها تشكل الرعب الحقيقي، باعتبار المسؤولين عنها غير معروفين للأجهزة الأمنية، ما يصعّب تعقّبهم والقبض عليهم. كما أن هؤلاء لا ينتمون إلى الفصائل الفلسطينية، وتبدو عملياتهم ملهمة للآخرين، لا سيما لصغار السن الفلسطينيين الذين يحاولون تقليدهم. وتُرجمت مخاوف الأجهزة بالفعل في قلب القدس التي تعتبرها إسرائيل العاصمة ومحصّنة أمنياً.

قبل نحو عقدين ونصف العقد، وفي البحث عن هوية منفذ العملية في القدس خيري علقم، الذي تمكّن من قتل 7 إسرائيليين، تبين أن العملية قد تكون ناتجة من خلفية انتقامية أو عمل مقاوم أو بسبب ما عايشه علقم من قمع واعتداءات اليومية على حقوق الفلسطينيين في مدينة القدس.

تقول الرواية إن منفذ عملية القدس خيري علقم (21 سنة)، هو حفيد خيري علقم من سكان القدس الشرقية، والذي قتل قبل 25 سنة. في 13 أيار/ مايو 1998، كان عامل بناء يبلغ من العمر 51 سنة، أنهى صلاته في المسجد الأقصى وتوجه إلى العمل في القدس الغربية. تمت مهاجمته بسكين وتوفي. وفقاً لمراسل صحيفة “هآرتس” في القدس نير حسون، كانت عملية القتل جزءاً من سلسلة اغتيالات لفلسطينيين في القدس في حينه، كانت نجمة داود محفورة على جسد أحدهم. 

ويضيف حسون، كان تقييم الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك) أن هذه جريمة قتل ذات طابع قومي، وتم الاعتراف بالعائلة كضحية للأعمال العدائية. كانت هذه واحدة من المرات الأولى التي اعترفت فيها إسرائيل بفلسطيني مقتول بوصفه ضحية للإرهاب. بعد 4 سنوات، ولد حفيد خيري علقم وسُمي باسمه. وبعد 12 عاماً من القتل، ألقى الشاباك القبض على ناشط من تنظيم “كاخ” وشريك لإيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي) للاشتباه في تنفيذه سلسلة جرائم قتل، لكن أُطلق سراحه من دون تقديم لائحة اتهام ضده.

وسط هذه الحرب، لا تُسمع أصوات في إسرائيل للتهدئة والحديث عن أي أفق سياسي، فيما ينشغل نتانياهو في محاولة توسيع رقعة التطبيع مع الدول العربية.

العملية وصفها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، ومحللون إسرائيليون، بالقاسية والخطيرة، معتبرين أنها سابقة في السنوات الأخيرة، وكانت أول اختبار حقيقي للحكومة الجديدة. لذا شكلت ضربة للمنظومة السياسية والأمنية، والاستعدادات المستمرة الدائمة لإحباط أي فعل فلسطيني مقاوم. 

على إثر العملية في القدس، نفّذ ثلاثة فلسطينيين عمليات إطلاق نار، إحداها في القدس، وكان أحد المنفذين فتى يبلغ من العمر 13 سنة!

عملية القدس جاءت بعد عام دموي من القتل في الضفة الغربية وسقوط أكثر من 175 فلسطينياً في ظل الحكومة الإسرائيلية السابقة، التي قادها نفتالي بينت ويائير لبيد، إضافة إلى 35 قتيلاً منذ بداية العام 2023.

والخطوط العريضة للحكومة الجديدة بقيادة نتانياهو، محكومة بسياسات عنصرية وباستمرار حربها ضد الفلسطينيين، وكانت البداية باقتحام وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الحرم القدسي الشريف، والتصريحات التحريضية والعنصرية حول استمرار الاقتحامات، ومشاهد استعراض القوة وممارسة القمع، واقتحام نحو 300 شرطي وجندي مخيم شعفاط في القدس لهدم منزل عدي التميمي، منفذ عملية حاجز شعفاط.

هذا إلى جانب اقتحام جنين وارتكاب مجزرة بشعة بشكل متعمد وسقوط 9 فلسطينيين وتدمير منازل وإحراقها، وغير ذلك من عمليات الاقتحام والاعتقالات اليومية، وهدم البيوت واعتداءات المستوطنين ومصادرة الأراضي والبناء الاستيطاني وتهجير الفلسطينيين في قرية مسافر يطا شرق الخليل.

الأحزاب المكوِّنة للائتلاف الجديد تمكنت من الحصول على القوة السياسية من خلال مهاجمة الحكومة السابقة، ووصفها بعدم الكفاءة في مواجهة “الإرهاب”. ومع استمرار المقاومة الفلسطينية، من الواضح أن لا حل بيد الحكومة الإسرائيلية سوى مواصلة القتل والسياسات ذاتها. اعتاد نتانياهو أن يكون أكثر حذراً، ويقدم وعوداً حازمة بشأن الحرب على “الإرهاب”، وعادة ما يقبل بإجراءات أكثر تقييداً، وهذه الترتيبات غير مقبولة لشركائه، سواء بالنسبة الى زعيم حزب “الصهيونية الدينية”، وزير المالية والوزير في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، صاحب خطة “الحسم” الاستيطانية وضم الضفة الغربية، وإقامة دولة الشريعة، أو رئيس “حزب قوة يهودية” ووزير الأمن الوطني، إيتمار بن غفير، الذي واجه أول اختبار حقيقي بصفته وزيراً لا في صفوف المعارضة.

خلال جلسة المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر، تبنى المجلس سلسلة من القرارات، من العقوبات الجماعية، وهي قرارات قديمة جديدة تُستخدم في قمع الفلسطينيين، وتعتبر ثوابت في السياسات الإسرائيلية لكل الحكومات المتعاقبة، وهي أدوات للسيطرة على الفلسطينيين وإخضاعهم وردعهم. وتمت مناقشة ترحيل عائلات المنفذين من القدس الشرقية إلى أراضي السلطة الفلسطينية، وفصل العمال العرب من وظائفهم إذا أعربوا عن دعمهم العمليات.

يواجه الفلسطينيون واقعاً يزداد مرارة، في ظل الغضب الإسرائيلي المتمثّل في الحكومة المتطرفة، والتي لا تتوانى عن إصدار قرارات انتقامية، كالتهديد بتشريع قانون لإعدام الأسرى الفلسطينيين، وقانون سحب الجنسية والهوية الإسرائيلية من الأسرى المقدسيين وفلسطينيي الداخل، وغيرها من القوانين العنصرية الهادفة إلى تهويد النقب والجليل. يضاف إلى ذلك، توسيع المستوطنات وإضعاف السلطة الفلسطينية وفرض العقوبات عليها من خلال حسم أموال الضرائب التي تجنيها إسرائيل وتحوّلها الى السلطة، يحدث ذلك في ظل قلق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الحقيقي، من أن انهيار السلطة الفلسطينية قد يؤدي إلى انتفاضة ثالثة وتجديد مسؤولية إسرائيل عن مدن الضفة الغربية.

وسط هذه الحرب، لا تُسمع أصوات في إسرائيل للتهدئة والحديث عن أي أفق سياسي، فيما ينشغل نتانياهو في محاولة توسيع رقعة التطبيع مع الدول العربية. وزيارة نتانياهو الأخيرة إلى الأردن، كانت لتخفيف حدة التوتر بين البلدين، بعد اقتحام بن غفير المسجد الأقصى، وما نسمعه هو محاولة لتجنيد الدول العربية المعتدلة مثل مصر والمغرب، للضغط على الفلسطينيين ومحاولة التهدئة قبل شهر رمضان، فيما من المتوقع ألا تتوقف أعمال المقاومة الفلسطينية.