fbpx

حلف الأحزاب الأرثوذكسية المتطرّفة مع نتانياهو… صورة إسرائيل الجديدة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وعد نتانياهو زعماء الطائفة الأرثوذكسية المتطرفة بإنشاء مدينة جديدة منفصلة للحريديم تتماشى مع نمط حياتهم. ووافق على زيادة التمويل المقدّم لطلاب المدارس اللاهوتية من الحريديم وإمكان الحصول على وظائف حكومية من دون شهادات جامعية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

إيزابيل كيرشنر- القدس

في سبيل الحفاظ على حكومته الجديدة، يقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، تنازلات كبيرة للأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة حول قضايا تتعلق بالشأن الفلسطيني واستقلال القضاء وصلاحيات الشرطة، بل ويمضي قدماً أيضاً  في اتخاذ  خطوات أقل صخباً تعود بالنفع على عضو رئيس آخر في ائتلافه، أي الأحزاب التي تمثل الطائفة الأرثوذكسية المتطرفة الآخذة بالانتشار في إسرائيل بشكل سريع.

علماً أن أعضاء الطائفة الأرثوذكسية المتطرفة في إسرائيل يتمتعون منذ أمد بعيد، بامتيازات لا تتوافر لكثر من المواطنين الإسرائيليين الآخرين، مثل إعفاء الطلاب الذين يدرسون التوراة من الخدمة العسكرية، وتخصيص رواتب حكومية لمن يتفرغون كلياً للدراسة الدينية، والدراسة في مدارس منفصلة تتلقى تمويلاً من الدولة، على رغم أن مقرراتها الدراسية تكاد تخلو من المواد التي تفرضها الحكومة.

وقد أثارت هذه الامتيازات استياءَ فئات عريضة من المواطنين الأكثر علمانية، على رغم إعلان القادة الإسرائيليين على الدوام أنهم كانوا يرغبون في انخراط مزيد من الأرثوذكس المتشددين، المعروفين بِالحريديم، في صفوف القوى العاملة والمجتمع.

لكن سلسلة التعهدات التي قدمها نتانياهو خلال الأسابيع الأخيرة، عندما شكَّل الحكومة الأكثر يمينية وتديناً في تاريخ البلاد، تشير إلى قوة الضغط الذي يمارسه زعماء الحريديم لترسيخ الوضع الفريد الخاص بمجتمعهم، مع التداعيات الواسعة الناتجة من ذلك على المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي.

فقد وعد نتانياهو زعماء الطائفة الأرثوذكسية المتطرفة بإنشاء مدينة جديدة منفصلة للحريديم تتماشى مع نمط حياتهم. ووافق على زيادة التمويل المقدّم لطلاب المدارس اللاهوتية من الحريديم وإمكان الحصول على وظائف حكومية من دون شهادات جامعية. وقد تعهد بتقديم طائفة كبيرة من المعونات الحكومية للمنظومة التعليمية الحريدية.

وقال البروفيسور يديديا زد ستيرن، رئيس “معهد سياسات الشعب اليهودي”، وهو مركز أبحاث مستقل، إنه “من الواضح تماماً أن القيادة الحريدية التي صاغت هذه الاتفاقيات ستسعى إلى تعزيز استقلالية الحريديم وليس إدماجهم في المجتمع”.

وقال وزير المالية السابق أفيغدور ليبرمان، وهو من أشد المنتقدين للأحزابِ الحريدية، إن تكلفة الوعود الإضافية بتمويل النشاطات الحريدية تقدّر بنحو 20 مليار شيكل (أي 5.7 مليار دولار) سنوياً، وهو ما يمثل “محاولة لإحداث انهيار في الاقتصاد الإسرائيلي”. 

مزيد من التشدّد على الفلسطينيين

تأتي الوعود المقدمة للحريديم في إطار مجموعة من التغييرات التي يحاول التحالف الذي يتزعمه نتانياهو إحداثها، ويتضمن ذلك إجراء إصلاحات قضائية تسمح للبرلمان بنقض قرارات المحكمة العليا ومنح السياسيين نفوذاً أكبر في ما يتعلق بتعيين القضاة. يمتلك التحالف الغالبية في البرلمان تمكِّنه من فرض هذه الإجراءات- التي يُخطط لطرحها في الكنيست باعتبارها قوانين- ما دامت أحزاب التحالف المختلفة موحّدة، لكنهم قد يواجهون أيضاً تحديات في المحاكم.

وعد التحالف الحكومي الجديد أيضاً بتبني نهج متشدد تجاه الفلسطينيين، مع تأييد بعضٍ من المسؤولين البارزين في نهاية المطاف ضمّ إسرائيل الى الضفة الغربية المحتلة، وهي أراضٍ يرى الفلسطينيون أنها تمثل جزءاً من دولتهم المستقبلية، إضافةً إلى زيادة وتيرة تشييد المستوطنات اليهودية فيها.

فقد زار وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير، في أولى مهماته بعد توليه منصبه،  مجمع المسجد الأقصى في القدس الشرقية الذي يعد موقعاً مقدساً مضطرباً بالنسبة إلى اليهود والمسلمين، متحدياً التهديدات باندلاع أحداث عنيفة وإثارة رد فعل غاضب من الزعماء العرب وإدانات دولية.

وقد أُطيح بنتانياهو، صاحب أطول فترة في منصب رئيس الوزراء في إسرائيل، من منصبه قبل 18 شهراً ليحل محله ائتلاف ضعيف من قوى يمينية ويسارية مناهضة لنتانياهو، لكن مع استبعاد الأحزاب الحريدية واليمينية المتطرفة. وبعد انهيار هذا الائتلاف، أعادت خامس انتخابات تُجرى في إسرائيل خلال أقل من أربع سنوات نتانياهو وتحالفه الذي يتشكل من الأحزاب اليمينية المتطرفة والأحزاب الأرثوذكسية المتشددة إلى السلطة، وحققوا معاً غالبية برلمانية بلغت 64 مقعداً من أصل 120 مقعداً.

وفي انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، نجحت الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة في الفوز بعدد من المقاعد البرلمانية يعد الأكبر منذ سنوات، وهو ما يعكس النمو السريع لهذه الطائفة الانعزالية إلى حد كبير، ويجعلها  واحدة من الركائز الأساسية في حكومة نتانياهو.

وعد التحالف الحكومي الجديد بتبني نهج متشدد تجاه الفلسطينيين، مع تأييد بعضٍ من المسؤولين البارزين في نهاية المطاف ضمّ إسرائيل الى الضفة الغربية المحتلة، وهي أراضٍ يرى الفلسطينيون أنها تمثل جزءاً من دولتهم المستقبلية.

وللتأكد من ولاء الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة، وافق نتانياهو على تخصيص ميزانيات لوسائل النقل العام في مناطق الحريديم وتمرير قانون يرسخ دراسة التوراة باعتبارها قيمة وطنية، شأنها شأن الخدمة العسكرية الإلزامية. ومن المقرر طرح قانون آخر مثير للجدل يهدف إلى شرعنة الاتفاق القديم الذي يعفي طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية، وبالتالي زيادة تقويض مبدأ التجنيد العام الإجباري الذي كان لا يقبل المساس سابقاً. 

تجدر الإشارة إلى أن مجتمع الحريديم ليس متجانساً، ويلتحق بعض الحريديم الأكثر حداثة بالجيش، ويسعون الى الحصول على تعليم جامعي علماني للاستعداد لسوق العمل، بل ويعملون حتى في القطاعات التكنولوجية المتقدمة.

وتعمل نساء الحريديم، في غالبيتهن، وإن كانت وظائفهن  في معظم الأحيان منخفضة الأجر. مع ذلك، فإن ما يقرب من نصف الرجال الأرثوذكس المتشددين تقريباً لا يعملون. ويقول المنتقدون إن الوعد بزيادة رواتب طلاب المدارس الدينية سيثنيهم عن الانضمام إلى القوى العاملة.

والآن، يشكل أطفال الحريديم ربع الأطفال اليهود في المنظومة المدرسية وخمس مجموع التلاميذ اليهود والعرب في كل البلاد. يركز معظم الأولاد في الطائفة على العلوم اللاهوتية، ولا يعرفون سوى القليل عن الرياضيات واللغة الإنكليزية والعلوم، إن كانوا يعرفون شيئاً من الأساس.

ويقول البروفيسور ستيرن إنه “عندما كان الحريديم مجرد طائفة صغيرة، كان لا بأس بذلك، لكن هذا بات أمراً مستحيلاً الآن. إن السماح باستمرار هذا النهج، على رغم زيادة عدد اليهود الحريديم، يعني أن البلاد لن تكون قادرة على مواصلة العمل”.

“تسهيلات” في سوق العمل

ولزيادة ولو مجال عمل واحد للحريديم- تمثيلهم في السلطات العامة والشركات – لن تكون الشهادة الجامعية شرطاً لنيل بعض الوظائف، التي لم يُحدد معظمها. (كان أحد المجالات القليلة الواردة هو العلاج بالفنون، وهو مجال مطلوب بشدة، لكن عدد العاملين فيه في المجتمع الأرثوذكسي المتطرف قليل للغاية).

وستُعد مثل هذه الشهادات التي تمنح للنساء من خريجات المعاهد الدينية بعد إتمام المرحلة الثانوية، معادِلة للشهادة الجامعية، وكذلك خمس سنوات من الخبرة المهنية. بيد أنه في الوقت الحاضر، الغالبية العظمى من خريجي المدارس الثانوية الأرثوذكسية المتطرفة لا يستوفون الحد الأدنى من متطلبات الالتحاق بالجامعات.

وسيُعترف رسمياً بدراسة التوراة على أنها تعليم عالي، وسيحصل طلاب المدارس الدينية اليهودية على الحسم نفسه بنسبة 50 في المئة على وسائل النقل العام مثل طلاب الجامعات.

لطالما روَّج السياسيون الحريديون لأجندة اجتماعية محافظة ترفض فكرة الزواج المدني أو زواج المثليين وتعارض حقوقهم، فضلاً عن العمل وإتاحة وسائل النقل العام يوم السبت. وقد أدت مشاركتهم السياسية إلى نفور كثر من اليهود في الخارج الذين يمارسون أشكالاً أقل تشدداً من اليهودية.

فقد أدت الامتيازات الجديدة التي وافق عليها نتانياهو، بما في ذلك مقترحات لتقييد قانون العودة، الذي يمنح حالياً حق اللجوء والحصول على الجنسية بصورة تلقائية لليهود الأجانب وأزواجهم وأحفادهم الذين لديهم جد يهودي واحد على الأقل، إلى زيادة حدة التوترات بالفعل في علاقة إسرائيل مع كثر من اليهود في الشتات.

يعيش أكثر من نصف الحريديم في البلاد في مدينة القدس أو مدينة بني بِرَاق، شرق تل أبيب، أو في الضواحي الأرثوذكسية المتطرفة في تلك المدن، وفقاً للمسح الإحصائي السنوي الذي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مجموعة بحثية غير حزبية، ومعدلات الفقر بينهم أعلى مقارنة بالسكان عموماً.

يُشكل الحريديم حوالى 13 في المئة من السكان، لكن العائلات الحريدية لديها سبعة أطفال في المتوسط، أي أكثر من ضعف عدد أفراد الأسرة الإسرائيلية المتوسطة. وإذا استمرت المعدلات الحالية، فمن المتوقع أن يكون واحد من كل أربعة إسرائيليين، وتقريباً واحد من كل ثلاثة يهود إسرائيليين، من الحريديم بحلول عام 2050.

ثمة تعهد مهم آخر تقدم به نتانياهو للأحزاب الحريدية من شأنه أن يسمح للمحاكم الحاخامية بالفصل في المسائل المدنية إذا وافق طرفا النزاع على ذلك، ما يعني أن بعض الخلافات المتعلقة بالعمل، على سبيل المثال، تمكن تسويتها وفقاً للقوانين الدينية القديمة.

الفصل بين الجنسين

شعر العلمانيون الإسرائيليون بالانزعاج من مطالب الحريديين الأخرى التي ينظرون إليها على أنها مزيد من التعدي على المجال العام، بما في ذلك المطالبة بمزيد من الشواطئ التي تفصل بين الجنسين للامتثال لقواعد الاحتشام.

وسعى يتسحاق بندروس، عضو الكنيست البارز عن تحالف “يهدوت هتوراة الموحد”، المكون من حزبين حريديين، إلى التقليل من شأن المخاوف، قائلاً إنه لم يتغير شيء في عقلية الحريديين.

وصرح في مقابلة أجريت معه، “مطالبنا هي نفسها منذ عام 1977”. مضيفاً “نحن حقاً من الطراز القديم – منذ 2500 عام. ونحن لا نغير مطالبنا تبعاً لنتيجة الانتخابات”.

وأردف قائلاً، “إذا كانت ثلاثة في المئة من الشواطئ كافية سابقاً، فنحن الآن بحاجة إلى المزيد، إذ أصبحنا نُمثل 20 في المئة من السكان”، في إشارة إلى تخصيص مناطق تفصل بين الجنسين على الشواطئ.

وقد أصبح النهج الانفصالي للسياسيين الحريديين موضع نقاش داخل المجتمع الحريدي نفسه.

سيُعترف رسمياً بدراسة التوراة على أنها تعليم عالي، وسيحصل طلاب المدارس الدينية اليهودية على الحسم نفسه بنسبة 50 في المئة على وسائل النقل العام مثل طلاب الجامعات.

في مقال نشر أخيراً، كتب إلياهو بيركوفيتش، وهو باحث مساعد حريدي في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، أن اتفاقيات التحالف مع الحكومة الجديدة “تضع أسس حل الدولتين: دولة إسرائيل ودولة الشتتل”. مستخدماً الكلمة اليديشية التي تُشير إلى القرى اليهودية التقليدية في أوروبا الشرقية قبل الهولوكوست.

وكتب أن “منطقة الحريديم المعزولة” قد ازدادت اتساعاً، “ومن المتوقع أن تمضي قدماً لما هو أبعد من ذلك، لتصبح دولة مستقلة”.

وقال بيركوفيتش خلال مقابلة، إن السياسيين الحريديين ما زالوا يتصرفون وكأنهم يمثلون أقلية صغيرة تحتاج إلى حماية مصالحها الخاصة. مضيفاً، “على المجتمع الحريدي أن يدرك أننا أصبحنا أكبر، ونحن مسؤولون عن مستقبل إسرائيل”.

وأكد أنه فخور بمجتمعه وأشاد “بقيمه المذهلة”. لكنه أضاف، “من الأسهل أن تفعل ما اعتدت فعله على مدار العشرين عاماً الماضية بدلاً من إعادة التفكير في الأمر برمته”.

بينما تتزايد أعداد الحريديم المعاصرين الذين يساهمون في سوق العمل، تتزايد أيضاً أعداد الفصائل المتشددة والمتطرفة. ففي الأسابيع الأخيرة، خرّب متطرفون في القدس متجراً للبصريات، لأنه استخدم صوراً لنساء يرتدين نظارات في إعلاناته، وأثاروا أعمال شغب بسبب اعتقال حريدي يُشتبه في أنه أضرم النار في متجر للهواتف المحمولة، ما أدى إلى إصابة أم لـ11 طفلاً بحاوية قمامة محترقة.

وقال إزرائيل كوهن، المعلق السياسي في إذاعة “كول بيراما” الحريدية، إن نهج الحريديم على مر السنين كان مثل “عقلية المنفى”، وكان يقوم على البقاء منفصلاً بدلاً من محاولة التأثير في المجتمع العام.

وأعرب عن أن “الثقافة الحريدية الإسرائيلية” قد نمت الآن، وأن “المجتمع الحريدي يريد أن تكون إسرائيل أكثر يهودية”. وأضاف، “لعلك تعتقد أنه عندما يصبح الحريديم إسرائيليين أكثر، سيصيرون أكثر ليبرالية. لكن لا، بل العكس. إنهم يريدون أن تصبح إسرائيل أكثر حريدية”.

هذا المقال مترجم عن الرابط التالي.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.