fbpx

البهائيون في تونس شاركوا في صياغة الدستور وينتظرون اعتراف الدولة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ظلت رسالة البهائيين في تونس إلى رئيس الجمهورية المطالبة ب”رفع الظلم والتمييز”، من دون ردّ، رغم مرور ستة أشهر على إرسالها. ورغم تلك الجملة المهمة في الدستور، الذي شاركوا في كتابته بعد الثورة، والتي تنصّ ّعلى أن،”الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير، وممارسة الشعائر الدينية”، إلا أنهم يعيشون اليوم، وبعد مرور قرن على دخول معتقدهم تونس، بين صمت السلطة، وجهل الخرافة الشعبية التي تُنسج بشأنهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ظلت رسالة البهائيين في تونس إلى رئيس الجمهورية المطالبة ب”رفع الظلم والتمييز”، من دون ردّ، رغم مرور ستة أشهر على إرسالها. ورغم تلك الجملة المهمة في الدستور، الذي شاركوا في كتابته بعد الثورة، والتي تنصّ ّعلى أن،”الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير، وممارسة الشعائر الدينية”، إلا أنهم يعيشون اليوم، وبعد مرور قرن على دخول معتقدهم تونس، بين صمت السلطة، وجهل الخرافة الشعبية التي تُنسج بشأنهم.
فلقد بقيت حادثة استدعاء طالب بهائي، في مدينة المنستير الساحلية شرقي تونس في شهر سبتمبر/ أيلول 2017، للتحقيق معه في قسم الشرطة بشأن دينه ،(دون توجيه تهمة، ودون تحرير محضر ودون تمكينه من محامٍ)، قضية عالقة بلا تفسير، رغم أنها حادثة انتهك فيها الحق الدستوري في حرية المعتقد.  تلك الواقعة، شكّلت سبباً مباشراً لحمل المحفل الروحاني المركزي للبهائيين في تونس، على توجيه رسالة للرئيس الباجي قائد السبسي، للفت نظره إلى ما يتعرض له البهائيون في تونس من مظالم وتجاوزات متكررة، وهذا ما جاء حرفياً في الرسالة. لكن الرسالة تلك، لم تلقَ أيّ جواب من رئاسة الجمهورية، فهل يعني هذا الصمت تجاهلاً من الرئاسة لانفلات الداخلية التي تخرق الدستور بالتحقيق مع مواطن بشأن معتقده؟
يحاول عضو المكتب الإعلامي للجامعة البهائية في تونس، محمد بن موسى، عدم التهويل من تلك الحادثة، فأجابني حين التقيتُه وسألته، “نحن لا نمتهن البكاء في تونس، مشاكل شعبنا نعيشها مثله تماماً، ورغم تلك الحادثة نشعر بتحسن في وضع الحريات منذ الثورة وهذا لا يمكننا إنكاره”.  ولا يعرف محدثي عدد من يعتنقون البهائية في تونس، أو هذا ما يخبرنا به على الأقل، لكنه يتحدث بالكثير من الاعتزاز عن الاحتفال في الآونة الأخيرة، بمرور مئتي عام على مولد “حضرة بهاء الله”، وهي مناسبة حضرها سياسيون وصحافيون وأكاديميون، لكن حين أسأله عن أسماء السياسيين التونسيين الذين حضروا تلك المناسبة، يعتذر محدثي عن ذكرها ويكتفي بالابتسام.
دخل المعتقد البهائي تونس عام 1921، على يد شيخٍ من شيوخ الأزهر، يدعى محي الدين الكردي، وهو اعتنق البهائية وأرسله، حضرة بهاء الله إلى تونس ليعرّف بالدين الجديد. لقد مرّ قرنٌ على دخول البهائية إلى تونس، لكن التونسيين يجهلون الكثير عن هذا المعتقد، وككل ما يُجهل، تُنسج حوله الأساطير.
نشأت البهائية على يد حضرة بهاء الله، المولود في طهران عام1817، واسمه الحقيقي الميرزا حسين علي النوري المازندراني، وهو أخ غير شقيق لصبح أزل مؤسس البابية الأزلية. وتؤمن البهائية بوحدة الجنس البشري وبجميع الأنبياء والرسل، وبأن حضرة بهاء الله كان نبياً أرسله الله ليحقق وحدة البشرية. للبهائية كتب مقدسة عدة يقول أتباع الدين إن الله أوحى بها لحضرة بهاء الله وهي الكتاب الأقدس، الكلمات المكنونة، الإيقان، الوديان السبع…
وللبهائيين ثلاث صلوات يناجي فيها العبد خالقه في خلوة لا موعد محدد لها وتسمى: الصلاة الصغرى والصلاة الوسطى والصلاة الكبرى.
“الدين عند البهائيين لا يوّرث “، يقول السيد محمد بن موسى لـ “درج”، الذي ولد في عائلة مسلمة، “أبي وأمي أديا فريضة الحج، لكني لم أكن مسلماً، وحين بحثت عن الإسلام الجميل، وجدته في كتابات مولانا جلال الدين الرومي. اعتنقتُ البهائية وأنا في سن الخامسة والعشرين في باريس، والرسالة البهائية جعلتني أتسامح مع الإسلام، فلقد كانت لدي رهبة من آيات النار وجهنم والعذاب”. وبكثير من الهدوء وبابتسامة عريضة، يتحدث السيد محمد بن موسى عن البهائية، ويهمّ بين حين وآخر بالنهوض ليلقي السلام على شباب يعرفهم من مختلف المذاهب والأديان.
في مدينة المرسى إحدى ضواحي العاصمة تونس، حيث التقيتُ بن موسى، يتعايش المسلم سني وشيعي والمسيحي واليهودي والبهائي واللاديني. فهذه المدينة عرفت منذ عقود بأنها تأوي الجميع تونسيين وأجانب (فرنسيين وإيطاليين ومالطيين). ربما قدر المدن الواقعة على البحر أن تكون أكثر انفتاحاً من سواها، كمن يتعود على قدوم الزوارق الغريبة من بحار أخرى، فيهبها اليابسة دون أسئلة ملحّة.
يصر السيد محمد بن موسى على توضيح نقطة مهمة كما يسميها، تتعلق بعدم التبشير، “نحن لا ندعو أحداً لاعتناق ديننا، كل ما نطلبه هو أن يحترم المواطن التونسي ديننا”. والمواطنة مفهوم مهم جدًا بالنسبة لبن موسى، فالمواطنة هي الراعي لحرية المعتقد وحرية التعبير، حين يُحترم المواطن يصبح احترام دينه أمراً بديهياً. “التمييز والتعصب ينتهكان المواطنة، والمواطنة أهم وأكبر من المعتقد لأنها الحاضنة لجميع المكونات الأخرى التي تشكل شخصية الإنسان”. وبكثير من الفخر يتحدث السيد محمد بن موسى، عن مميزات المحفل الروحاني المركزي للبهائية ويشرح لي كيف يتم انتخاب أعضائه التسعة نساء ورجالًا، تلك العملية الانتخابية تجعل من الانتماء إلى هذا الدين قرين العملية الديمقراطية “ليس لدينا رئيس طائفة في البهائية بل لدينا مؤسسات منتخبة”.
استحضار العملية الديمقراطية عند السيد محمد بن موسى لا يخلو من التذكير بمشاركة البهائيين في كتابة دستور تونس بعد الثورة، وهذا ربما ما يجعل من الشعور بالمواطنة أكثر ترسيخاً عنده.
يذكرني بأن المجلس التأسيسي (الذي انتخب مباشرة بعد الثورة بهدف كتابة دستور جديد للبلاد)، “دعانا كبهائيين للمشاركة في نقاش لجنة الحريات والمساواة حين شرعت بصياغة الفصول المتعلقة بحماية الحريات”.
“المشاركة بكتابة الدستور الراعي لحرية المعتقد والضمير ثم خرق الدستور ذاته باستدعاء طالب بهائي للتحقيق معه بشأن معتقده، كم يبدو التناقض شديداً. لكن الحقيقة، هي أن الدولة في تونس ترعى الدين (هذا ما يقوله الدستور الذي ينص على مدنية الدولة وعلى أنها الضامن للحرية الدينية)، لكنها في الآن ذاته لا تعترف بالطائفة البهائية.”
“راسلنا الرؤساء الثلاثة: رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة نطلب منهم الاعتراف بالمحفل الروحاني البهائي لكن لم نحصل على أي إجابة”.
ويتابع السيد محمد، “نحن ناشطون في المجتمع المدني، نحن فاعلون نساعد مواطنينا، ولا نحب الفوقية في التعامل معنا ولا نحب الاضطهاد، اعتراف الدولة بنا يفسح لنا المجال للمشاركة في المجتمع، أنا أستاذ جامعي ومسؤوليتي رعاية أجيال، فكرة الاضطهاد  تزعجني، ومفاهيم المواطنة والمساواة والعدالة لا معنى لها دون الاعتراف بالأقليات”.
يؤكد السيد محمد بن موسى أن البهائيين في تونس ليسوا في صراع مع الإسلاميين، بل ويذكر بأنه قابل زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي ويقول “الإسلاميون لم يزعجونا على الإطلاق”. ومثلما الصلاة مهمة للروح، الاعتراف بالمحفل الروحاني مهم للمواطن البهائي، وكل ما يطلبه ذلك المواطن هو أن تكون تونس وفية للمعاهدات الدولية التي وقعتها وللدستور الذي صاغته وتفتخر به.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!