fbpx

كتب ممنوعة في معرض القاهرة 54!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“فرحة لم تكتمل”… هكذا علّق الكاتب السياسي أنور الهواري، على ما حصل لكتابيه الأخيرين “ترويض الاستبداد” و”الديكتاتورية الجديدة”. فبعدما كانا موجودين في معرض القاهرة للكتاب بنسخته الـ54، صدر قرار بمنعهما.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عبر الهواري في منشور على “فيسبوك”، عن فرحته بعرض الكتابين في البداية، معتبراً ذلك “مؤشراً طيباً على قدر من التسامح تبديه السلطة الحاكمة تجاه الرأي المختلف”، كون الكتابين يحملان نقداً صريحاً للسلطة، إلا أن فرحته لم تكتمل.

“تم إنزال الكتابين عن الأرفف بقرار غير معلومة جهته ولا سند له من القانون، فانتقلت الكتب من الأرفف المفتوحة إلى الكراتين المغلقة… ما ورد في الكتابين من نقد للسلطة هو قليل جداً من كثير جداً، يتهامس به وفيه وعنه وحوله المصريون…”.

تداول كثيرون في أوساط الأدب السياسي، خبر رفع كتابي الهواري من معرض القاهرة، أبرز المناسبات الثقافية العربية، والتي تحوّلت إلى فرصة لتشديد الوصاية على حرية التعبير والنشر.

الهواري ليس وحده من يشكو من ضبط المحتوى الثقافي، فقد تكرر الأمر مع الدكتور خالد عبدالرحمن الذي يروي كيف أمضى أشهراً من البحث والكتابة لإنتاج كتابه “42 شارع القصر العيني”، الذي انتهى به المطاف على لائحة الكتب الممنوعة من المشاركة في معرض القاهرة. 

يوضح عبدالرحمن، الذي كان عضواً سابقاً في “حركة أطباء بلا حقوق”، والمهتم بأمور نقابة الأطباء، لـ”درج”، أنه لم يتمكن من عرض كتابه على رغم أنه بات جاهزاً، وكان مقرراً دخوله المطبعة والحصول على رقم إيداع للنشر، إلا أن دار النشر لم تتمكن من الحصول على رقم الإيداع، من دون أسباب واضحة.

ومعرض الكتاب ليس حدثاً عابراً، فهو نشاط ثقافي بارز يُقدر عدد زواره سنوياً بحوالى المليونين، وفقاً لوزارة الثقافة المصرية التي تشرف على تنظيمه.

يضم المعرض هذا العام حوالى 1047 ناشراً مصرياً وعربياً وأجنبياً، وتشارك فيه وزارات ومؤسسات مصرية، إضافة الى 53 دولة وعدد من المؤسسات العربية، فيما هناك قائمة ممنوعة من المشاركة، تتضمن كتّاباً ودوراً، من دون توضيح الأسباب.

يقول عبدالرحمن، إن رفض طبع كتابه جاء من دون سبب معلن، لكنه يؤكد أن الرقابة هي السبب في منعه، اعتراضاً على اسم الكتاب أو الكاتب نفسه، وهو الأمر الذي يتكرر سنوياً في المعرض، إذ تُمنع كتب ودور نشر من المشاركة من دون أسباب، حتى لو كانت مواضيع الكتب بعيدة من السياسية.

يضيف عبدالرحمن أن كتابه يتحدث عن أحوال نقابة الأطباء، منذ تأسيسها بالتزامن مع ثورة 1919، مروراً بموقفها من حكومة الوفد، وأوضاعها في حقبة الرئيس جمال عبد الناصر، ثم صعود جماعة الإخوان المسلمين أثناء فترة حكم أنور السادات، ثم حكم حسني مبارك وصولاً الي الثورة. الكتاب يوجز تاريخ نقابة الأطباء في تلك الحقبات، سياسياً ونقابياً ومهنياً، إضافة إلى العمل النضالي داخلها، مع التركيز على تجميد عمل النقابات عموماً. وينتهي الكتاب بالحديث عن يوم الكرامة في 2016، ثم تراجع دور الأطباء بعد تلك الفترة.

يقول عبدالرحمن، إن رفض طبع كتابه جاء من دون سبب معلن، لكنه يؤكد أن الرقابة هي السبب في منعه.

ما  حدث مع عبدالرحمن، تكرر مع محمد مدحت مصطفى، الذي أُبلغ منذ اليوم الأول للمعرض بسحب كتابه “تاريخ الحركة الصهيونية وتنظيماتها”، من دون أسباب واضحة، على رغم حصوله على رقم إيداع، ووفق مصطفى فإن الكتاب ليس الأول من نوعه، بل صدرت سابقاً كُتب مشابهة.

وأوضح سيد صابر، مدير النشر في دار المنتدى، التي صدر عنها الكتاب، أن جهات أمنية طلبت رفع الكتاب من المعرض، لكنه لم يتلقّ إخطاراً رسمياً بذلك، الأمر الذي وصفه بمضايقات أمنية دفعت الدار إلى تحييد الكتاب من المعرض، لكنه رفض مصادرته بخاصة أنه يتحدث عن جانب أكاديمي، كما يوجز بحيادية تامة تاريخ الجمعيات الصهيونية في مصر، وبدايتها وأدوارها في فترة ما قبل ثورة تموز/ يوليو.

إضافة الى الكتب، مُنعت دور نشر من المشاركة في معرض القاهرة، منها دار “عصير الكتب”. وقالت مصادر في الدار لـ”درج”، إنها راسلت إدارة المعرض للمشاركة، ولم تحصل على رد، الأمر الذي يتكرر للعام الثاني على التوالي.

وترجح المصادر سبب عدم إتاحة الفرصة أمام الدار للمشاركة في المعرض، باقتناع مسؤولي الهيئة المصرية للكتاب بعدد من الاتهامات التي وُجهت الى الدار سابقاً، والتي تتعلق بنشرها كتباً ومطبوعات لكتّاب ذوي توجّه إسلامي، على رغم تقديم الدار توضيحاً لمسؤولي الهيئة حول هذا الأمر، وإتاحة الاطلاع على كتبها وتفحّصها.

 ولم تتمكن دار “تنمية” من المشاركة في المعرض منذ عام 2018، تاريخ إلقاء القبض على مؤسسها خالد لطفي، على خلفية طباعته نسخة مصرية من كتاب “الملاك”، الذي يتحدث عن أن أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كان عميلاً إسرائيلياً. وعلى رغم الإفراج عن لطفي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إلا أن الدار مُنعت من المشاركة في الدورة الحالية لمعرض القاهرة.

تواصل “درج” مع لطفي، الذي فضّل عدم التعليق على منع الدار من المشاركة في المعرض، والتحدث فقط عن فعاليات تقيمها الدار بعنوان “مهرجان تنمية الثقافي”، خلال شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير من كل عام، واللذين يمثلان “ذروة الموسم الثقافي”، الذي ينتظره الجميع.

لم تتمكن دار “تنمية” من المشاركة في المعرض منذ عام 2018، تاريخ إلقاء القبض على مؤسسها خالد لطفي، على خلفية طباعته نسخة مصرية من كتاب “الملاك”، الذي يتحدث عن أن أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

دار “ميريت” أيضاً لم تتمكن من المشاركة في المعرض، للمرة الأولى منذ تاريخ تأسيسها عام 1998، ويقول مؤسسها وصاحبها محمد هاشم، إن الدار تعاني من ديون متراكمة لمعرض الكتاب سببتها أزمات مالية متعاقبة منذ عام 2011، فكانت تسدّد نصف قيمة بدل إيجار مساحة العرض قبل بدء المعرض، من دون التمكن من سداد المبلغ المتبقي في نهايته، مشيراً إلى أن وزير الثقافة الأسبق حلمي النمنم تبنى مبادرة عام  2015، لتسوية تلك الديون التي تقدر بـ100 ألف جنيه، لكن الوزارة لم تلتزم بها لاحقاً.

ليست الجهات الأمنية أو الأزمات المالية وحدها السبب في منع كتاب ودور نشر من المشاركة، بل الخلافات السياسية أيضاً، إذ وصلت أجواء النزاع على الشرعية بين الحكومتين المتنافستين في ليبيا، إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب، ووفق علي عوين، رئيس “اتحاد الناشرين الليبيين”، فقد أصدرت وزارة الخارجية المصرية قراراً بمنع مشاركة حكومة عبد الحميد الدبيبة التي تمارس عملها من العاصمة طرابلس، وحكومة الاستقرار الموازية برئاسة فتحي باشاغا، والتي تعمل من وسط البلاد وشرقها، بعدما تعذّر عليها دخول العاصمة طرابلس منذ العام الماضي.

وقال عوين إن اتحاد الناشرين الليبيين وكل دور النشر الليبية الخاصة، مرحّب بها في فعاليات المعرض، نافياً تطرّقه إلى أي شأن سياسي ودبلوماسي، وانتقدت وسائل إعلام ليبية محلية غياب ليبيا رسمياً عن المعرض، وأرجعته إلى ما وصفته بتنافس الحكومتين العقيم على السلطة. لكن مصادر الخارجية المصرية أكدت أن هذا الغياب ليس سياسياً، إنما يعود الى مشكلة إجرائية، من دون الخوض في مزيد من التفاصيل.

وعلى الجانب الآخر، يشهد معرض القاهرة الدولي للكتاب مشاركة كثيفة من الجمهور، ولكن هذه المشاركة لا تعكس حجم المبيعات، وفقاً لثلاثة ناشرين مشاركين في المعرض تحدث إليهم “درج”، أوضحوا أن نسبة شراء الكتب متدنية بسبب ارتفاع أسعارها في الأعوام السابقة، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الورق والطباعة، فلجأ كثيرون إلى الكتاب الإلكتروني.