fbpx

أبنية متهالكة وأمطار غزيرة… هكذا أمضى أهل القامشلي ليلة الزلزال

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

خوفٌ وهلعٌ أصابا قاطني القامشلي وغيرها من المدن الكردية في سوريا نتيجة الزلزال، فمن حالفهم الحظّ في البقاء على قيد الحياة خلال الحرب، وجدوا أنفسهم مهددين بوقوع أسقف منازلهم فوق رؤوسهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“حملت حقيبة سفر صغيرة وضعت فيها أدويتي وأغراضي الضرورية، توجهت أنا وابنتي إلى الشارع، لكن لم نكن نعرف إلى أين سنذهب.  وقفنا مع الناس المتجمهرين على الطرق، ثم عدنا الى البيت مجدداً عندما عادوا.  فالساحات والشوارع لا تصلح أصلاً للمبيت، في ظل برد قارس وأمطار غزيرة”، هكذا تروي أم طلحت، (69 سنة)، ربة منزل تعيش مع ابنتها في حي البشيرية وسط القامشلي، كيف مرت عليها ليلة الزلزال التي ضربت سوريا وتركيا.

خوفٌ وهلعٌ أصابا قاطني القامشلي وغيرها من المدن الكردية في سوريا نتيجة الزلزال، فمن حالفهم الحظّ في البقاء على قيد الحياة خلال الحرب، وجدوا أنفسهم مهددين بوقوع أسقف منازلهم فوق رؤوسهم. 

ارتدادات الزلزال والاهتزازات التي تلته، دفعت النائمين إلى حمل فرشاتهم والتوجّه بها إلى الشوارع والساحات. الأهالي الذين عادوا مجدداً الى منازلهم، رووا لـ”درج” ما حصل معهم في ساعات الفجر الأولى التي تلت الزلزال. يقول المُدرس شيار حسن (41 سنة) من أهالي حيّ الأشورية، الذي استيقظ على صوت تكسّر الأواني وتخبط الأبواب واهتزاز الخزائن. “وصلت ارتدادات الزلزال العنيفة إلى مدينة القامشلي وما حولها، في البداية لم أستوعب ما يحصل، ظننته حُلماً، لكن قول زوجتي بأننا نوشك على الموت جعلني متأكداً من أننا سنموت فعلاً بعد قليل”. أما زوجته المُدرسة زينة مصلح (27 سنة)، فقالت “تزوجت في صيف 2017، وأنا الآن حامل بطفلي الأول، لم أرغب في أن يموت الجنين الذي لطالما انتظرناه، فقررتُ البقاء  في المنزل إلى جانبه نتقاسم مصيراً واحداً. كل ما فعلناه  أننا رمينا من الشرفة بعض الأغطية للعائلات المشردة في الشوارع”. 

إضافة إلى كل ما تعانيه منطقة القامشلي ومناطق الإدارة الذاتية من إهمال وتهميش وأزمات معيشية واقتصادية، أتى زلزال 6 شباط/ فبراير ليبث المزيد من الرعب ويفاقم الأزمات.

هرب ثم عودة

هربت شام محمد (33 سنة) وهي خريجة معهد الصحافة وموظفة في إحدى جمعيات القامشلي الخيرية مع زوجها من شقتهما في حيّ الكورنيش إلى منزل والده، لم تمضِ دقائق حتّى تداعى جدار المنزل الأمامي، “ما دفعنا الى العودة مجدداً إلى منزلنا، والمساهمة في إجلاء الأطفال من المبنى. لا أزال أشعر بالدوار حتى الآن، فيما يعاني زوجي من ارتفاع ضغط الدم وصداعٍ حاد”. تضيف شام، “والدتي المسنّة  والمقعدة عاشت لحظات صعبة، أخرجتها شقيقتي بمساعدة الجيران إلى إحدى الساحات العامة، أما جارنا في الطبقة الثالثة فهرب حافي القدمين من هول الصدمة”.

 تقول إخلاص إبراهيم (67 سنة)، “ما زلت أشعر بالدوار، وكأن المنزل يدور من حولي، جسمي لم يحملني على الهرب، بقينا أنا وزوجي المريض في المنزل، وربما كان هذا الخيار الأفضل لنا، فالشارع مخيف وبارد ومظلم”.

يشير حمدان الحاتم (61 سنة)، لاجئ يعمل في التجارة انتقل من مدينة حمص إلى القامشلي في نهاية 2012، “كل شيء من حولنا أشعرنا بأننا على وشك الموت، تذكرت الحرب التي هجّرتنا من منازلنا، وأفقدتني خمسة من أفراد عائلتي، إبني البكر وشقيقاي واثنان من أبناء عمومتي، ناهيك بالعشرات من المعتقلين”. يضيف حمدان،”أعادني مشهد بكاء الأمهات والأطفال وصراخهم، بالذاكرة، إلى مشاهد الحرب والموت والدماء التي أريقت حينها، نظرت إلى أغراض غرفتي وهي تهتز فتذكرت مشهد هدم المباني وانهيارها نتيجة القصف”، دموع حمدان تخونه وتمنعه من متابعة حديثه.

هلع شديد وإرباك

بعد وقوع الزلزال، دفعت الترددات الكثيرة الناتجة منه أهالي القامشلي، إلى الخروج مجدداً من منازلهم. تصف شهلا كاجي (38 سنة) لـ”درج” المشهد قائلة، “لشدة الإرباك الحاصل، وخوفاً من حصول الحرائق، حملت معي علبة المازوت من على المدفأة وأنزلتها معي إلى الأسفل”، فيما نصبت شام خيمة في فناء منزلها في حي العنترية، لتكون ملاذاً لأمها المقعدة، سرعان ما تجمهرت حولها بعض الأسر الخائفة من انهيار منازلها نتيجة هزات أخرى متوقّعة. 

وأثناء تجوُّل فريق خاص بالعمل الميداني تابع لأحد المراكز المخصصة لدعم اللاجئين والمحتاجين، حصلت هزت ارتدادية ثانية. تقول مريم حجة (48 سنة)، المسؤولة عن الفريق، “أثناء عملنا في الريف، اهتزت الأرض تحت أقدامنا، سارعنا إلى الفان المخصص لنقلنا، لنجده مغروساً في الطين، تعاون أهالي القرية على سحبه وإخراجه، كانت لحظات عصيبة جداً، ففي طريق العودة، شعرت بأننا نعيش لحظاتنا الأخيرة”. وفي مركز العمل، تلقت ليلى درويش(40 سنة)، اتصالاً من أبنائها “الذين كانوا خائفين ويبكون بشدة، ولشدة إرباكي نسيت محفظتي حيث هويتي ومفاتيح منزلي وبعض الأموال، تذكرتها وأنا على باب المنزل، لكني فضّلت تهدئة أبنائي على العودة من أجل المحفظة”. 

شوارع مظلمة وشديدة البرودة

تجمهر كثيرون، في شوارع تفتقد إلى الإضاءة وتغرق بالمطر، ولم يكن أمامهم سوى الاستقرار على الأرصفة التي لم تتسع لهم جميعاً، ما دفع بكثر منهم إلى التجوّل في سياراتهم الخاصة. سأل “درج” الشاب مصطفى علو (30 سنة)، عن سبب تجوّله بسيارته في هذه الظروف، فقال “الشوارع مظلمة وباردة جداً، والبقاء في المنازل يشكل خطراً علينا، لذلك فضّلت التجوّل مع عائلتي  بالسيارة حتى تنجلي الأمور”. 

أبنية قديمة وأخرى عشوائية

يختلف المشهد الحالي لأحياء المنطقة الكردية في سوريا وبلداتها كلياً عما كان عليه قبل عام 2011، ففيما كانت المباني شاهقة وكبيرة ومبنية على أسس متينة، هاهي تعاني الآن من غياب التخطيط العمراني والبناء العشزائي، وفق ما يقول أحد الأهالي لــ”درج”، فضل عدم ذكر اسمه، “الرقابة شبه غائبة، ونخاف أن تؤثر نوعية البناء والمواد المستخدمة في سلامة الأبينة”.

في هذا الإطار يوضح الخبير الجيولوجي عماد السيد، أن “أي زلزال قوي يضرب المنطقة الكردية ستكون عواقبه كارثية، فلا مراكز إيواء ولا بنية تحتية مؤهلة ولا يملك الأهالي إمكانات مادية، ناهيك بموجة البرد والأمطار والثلوج التي اجتاحت المنطقة، والتي من المتوقع، وفقاً للأرصاد، أن تستمر لأيامٍ أخرى، كما أن التشققات الحاصلة في بعض المباني حديثة التشييد تُنذر بكارثة حقيقية، أما البعض الآخر  الذي يعود الى عقود عدة وأصبح قديماً جداً فمعرّض أيضاً للخطر والتشققات”. 

إضافة إلى كل ما تعانيه منطقة القامشلي ومناطق الإدارة الذاتية من إهمال وتهميش وأزمات معيشية واقتصادية، أتى زلزال 6 شباط/ فبراير ليبث المزيد من الرعب ويفاقم الأزمات.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.