fbpx

هكذا يسيّس النظام السوري المساعدات الإنسانية!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من المتوقع إذاً، أن يُترك السوريون لمواجهة هول الفاجعة وحدهم وسط مخاوف من تقاعس الجهات الدولية عن التدخل السريع، وسعي النظام، كما جرت العادة، إلى توظيف الكارثة لتقويض العمل الإنساني في سوريا واسترجاع بعض من شرعيته التي فقدها إثر بطشه بالشعب السوري خلال سنوات الحرب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يكاد عدد ضحايا الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، يتجاوز الـ10 آلاف إضافة إلى 30 ألف مصاب حتى الآن، فيما لا تزال فرق الإنقاذ شمال سوريا تواصل عملياتها في ظل ضعف الإمكانات اللوجستية وغياب الدعم الدولي بشكل شبه كامل، وسوء الأحوال الجوية ووصول الحرارة إلى درجات متدنية، بلغت حد التجمد في بعض المناطق، حيث ما زال الآلاف من دون مأوى.

ومع إعلان بعض المناطق المتضررة، مناطق منكوبة بالكامل، تعتزم خمس دول إرسال مساعدات إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، فيما تتصاعد النداءات للجهات الدولية للتدخل واستخدام نفوذها للضغط على الدول الحليفة للنظام، للسماح بإيصال مساعدات إلى مناطق شمال سوريا الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية.

اتُّهم النظام السوري بالسعي إلى تسييس المساعدات الإنسانية التي قد تُرسل إلى المتضررين من الزلزال، وذلك بعدما قال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ، إن بلاده “يجب أن تكون وحدها المسؤولة عن إيصال جميع المساعدات إلى سوريا”، بما في ذلك تلك المرسلة إلى المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة السورية، وفق صحيفة “الغارديان” البريطانية.

يعرقل إصرار النظام على السيطرة على المساعدات الإنسانية والمعابر المغلقة والطرق المدمّرة، وصول المساعدات وفرق الإغاثة إلى مناطق شمال سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، خصوصاً أن الحكومة السورية تسمح بدخول المساعدات إلى المنطقة عبر معبر حدودي واحد، هو معبر باب الهوى المغلق حالياً، وترفض فتح باب المساعدات في المناطق الشمالية لأنها تعتبرها تقويضاً لسيادتها، وتقلّل من فرصها في استعادة السيطرة على المنطقة.

الحدود التركية – السورية لا تزال مغلقة أمام المدنيين، ولم يُسجَّل مرور أي قافلة مساعدات دولية حتى الآن عبر الحدود.

وعندما سُئل صباغ عما إذا كانت سوريا ستوافق على السماح للأمم المتحدة بإيصال المساعدات عبر نقاط عبور أخرى من تركيا، لم يستجب بشكل مباشر، لكنه قال إن الحكومة مستعدة للمساعدة وتنسيق تسليم المساعدات “لجميع السوريين في جميع الأراضي السورية”، الأمر الذي استبعده ناشطون، مستندين إلى النهج الذي اعتمده النظام السوري في التعامل مع المساعدات الدولية، والذي أدى إلى حرمان 4 ملايين شخص شمال سوريا من المساعدات طيلة سنوات الحرب. وأشاروا إلى أن النظام يتذرع بالعقوبات الدولية المفروضة عليه لتبرير عدم وصول المساعدات، علماً أن العقوبات لا تشمل المساعدات الإنسانية، في حين أنه يمتنع عن إعلان حالة الطوارئ الإنسانية التي تسمح بفتح الحدود أمام الدول لإرسال مساعداتها من دون التنسيق المباشر معه. وفي حال حصل ذلك، يفقد النظام سيطرته على حدوده من جهة، وعلى عملية توزيع المساعدات وتجييرها لمصلحته بهدف نهبها، من جهة ثانية.

وتعليقاً على ذلك، قال قتيبة إدلبي، المسؤول عن الملف السوري في مركز أبحاث المجلس الأطلسي الأميركي لصحيفة “الغارديان”، إن إصرار الرئيس السوري بشار الأسد على “أن تمر المساعدات من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة قبل أن تصل إلى مناطق سيطرة المعارضة، لا يتعلق بحرصه على كيفية تقديم المساعدات للمناطق المتضررة، بل ما يهمه هو من يوزع تلك المساعدات، ويسيطر  على اقتصاد العمليات الإنسانية في الشمال الغربي”، مضيفاً: “لا تخطئوا، لا تملك حكومة الأسد القدرة على تقديم أي مساعدة في شمال غربي سوريا”.

ومن المرجح أن يرتفع عدد الضحايا بشكل كبير شمال سوريا، حيث بلدات لم تصل إليها فرق الإنقاذ بعد، فقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ماديفي سون- سوون، إن “تدفق المساعدات التي تنقلها المنظمة من تركيا إلى شمال غربي سوريا قد يتوقف موقتاً بسبب الأضرار التي لحقت بالطرق إضافة إلى مشكلات لوجستية أخرى تسبب بها الزلزال العنيف”.

وأشارت سوون لوكالة “رويترز”، إلى أن “الطرق معطلة وليست لدينا صورة واضحة عن موعد استئناف عملياتنا”.

مصادر داخل الشمال السوري أكدت لـ”درج”، أن الحدود التركية – السورية لا تزال مغلقة أمام المدنيين، ولم يُسجَّل مرور أي قافلة مساعدات دولية حتى الآن عبر الحدود.

وأشارت المصادر إلى أن فرق الإنقاذ والعاملين في المنظمات الدولية يعتمدون على المساعدات التي كانت متوافرة لديهم قبل وقوع الزلزال، ومن المتوقع أن توزَّع هذه المساعدات بسرعة نظراً الى الوضع الإنساني المتأزم بشكل كبير.

إضافة إلى ذلك، سُجل عدد كبير من ذوي عمال الإنقاذ في عداد الضحايا والمفقودين، ويقبع عدد منهم تحت الأنقاض، ما يصعب مهمة عمال الإنقاذ، ويضعهم تحت ضغط نفسي هائل ويعرقل عملهم.

بالتوازي، انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، تطلب عدم إرسال التبرعات المالية والمساعدات إلى “الخوذ البيض” وفريق “ملهم” التطوعي، وهي منظمة إنسانية تأسست عام 2012، بحجة أن نشاطاتهما الإغاثية تنحصر في الشمال السوري، وأن المساعدات المرسلة إليهما لن تصل إلى مدن حلب وجبلة واللاذقية وغيرها. 

وفي ردّها على تلك الدعوات، قالت منظمة “ملهم”، إن عملها “يقتصر على مناطق الشمال السوري، لأن النظام لا يسمح لها بالعمل ضمن المناطق الخاضعة لسيطرته”، وإنه لاحق واعتقل عدداً من متطوعيها والمستفيدين من تقديماتها خلال السنوات الماضية. 

وأكدت المنظمة أن النظام يمنع منظمات إنسانية دولية ومحلية من العمل خارج مناطق الشمال السوري، وفي المناطق التابعة لسيطرته.

تنسجم تلك الدعوات مع بروباغندا النظام، التي روّجت لسنوات أن المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري، وأبرزها الخوذ البيضاء، هي “إرهابية وتابعة للمجموعات المسلحة التي تسيطر على المنطقة”.

من المتوقع إذاً، أن يُترك السوريون لمواجهة هول الفاجعة وحدهم وسط مخاوف من تقاعس الجهات الدولية عن التدخل السريع، وسعي النظام، كما جرت العادة، إلى توظيف الكارثة لتقويض العمل الإنساني في سوريا واسترجاع بعض من شرعيته التي فقدها إثر بطشه بالشعب السوري خلال سنوات الحرب.