fbpx

إدلب المنكوبة… لا أجهزة طبية ولا مساعدات كافية!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تعتمد إدلب حتى الآن على المبادرات الفردية والمدنية، إذ تبدو منسية ومهمشة في حسابات النظام السوري، وهو ما أعلن عنه صراحة رئيسه بشار الأسد في خطابه الأخير.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أنهتْ منار امتحاناتها في جامعة حلب، كلية العلوم، وعادت فرحةً إلى أهلها بعد غياب شهر ونصف الشهر. بدا كل شيء حالماً وهانئاً، فالصورة التي رسمتها عن مستقبلها شبه مكتملة، لكن لم يخطر في بالها أن الكارثة ستكون بانتظارها. 

“ذهبت الأحلام الوردية التي كنت أتطلع إليها بهزة أرضية أخذت أغلى ما أملك، بعد 3 سنوات من الدراسة والتفوق والشغف الذي لم  ينطفئ، جاء زلزال في  6 شباط/ فبراير، وبدد كل شيء. ذهب بقدمي اليسرى بعد 3 أيام فقط من عودتي إلى منزل أسرتي في مدينة حارم شمال غربي سوريا”.

تقول منار:  “قبل لحظة الزلزال بنحو 7 ساعات، اجتمع أقاربي في منزلنا بدعوة من أبي لتناول الكنافة التي أعددتها..كنا بالفعل سعداء”.

انصرف الجميع عند الساعة 12 ليلاً، ودخل أفراد الأسرة إلى النوم، كل إلى غرفته، تصف منار ما حصل قائلةً: “استيقظت بسبب ضربة شديدة على قدمي، لم أستطع حتى النظر إلى ما حدث، كنت مستلقية على بطني وشيء ثقيل جاثم على ساقي، ودخان أبيض يملأ المكان وأصوات أهلي تتعالى، ليهرع أبي  وأشخاص آخرون إلى غرفتي وسط ظلام شديد، رفعوا الركام عن قدمي، لكن أن الألم لم يتوقف. دخلت في غيبوبة، صحوت منها في مستشفى حيث كان العشرات أيضاً ممدين على الأرض والدماء تسيل من أجسادهم”، سألت منار أحد المصابين عما حصل، فأخبرها أن زلزالاً وقع وخلف الكثير من الضحايا.

تجاوز عدد المصابين في محافظة إدلب شمال سوريا الـ11  ألفاً، جراء الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا،  وتجاوز عدد الوفيات الـ2400، إضافة إلى الكثير من المفقودين، حسب ما أوضح مدير صحة إدلب الدكتور زهير قراط.

يؤكد قرّاط أن مستشفيات محافظة ادلب استهلكت معظم ما تمتلكه من الأدوية والمعدات والأجهزة الطبية والمخبرية، جراء عدد المصابين الكبير في المستشفيات التي أنشئت في بقعة تعاني من الحرب لأكثر من 11 عاماً، إذ كانت الحرب كفيلة بإنهاك مخزون الأدوية في ظل الدعم الدولي الشحيح على مر السنوات والتهديد المستمر بإغلاق المعابر الإنسانية.

استنُزفت مستشفيات إدلب وغيرها من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام مخزونها الطبي، ولم تصل إليها أي مساعدات. على سبيل المثال، فتحت “منظمة أطباء بلا حدود” مستودعاتها الطبية بشكل كامل، دون معرفة الوقت الذي قد تصل فيه المساعدات الأممية لتغطية العجز الكبير، ما يعني تهديد لحياة المصابين الذين يقبع كثر منهم بين الحياة والموت.

أدى الزلزال إلى تساقط المباني على رؤوس ساكنيها وهم نيام، فكانت نسبة الكسور العظمية والبتر عالية بين المصابين، كحال منار التي بقيت في المستشفى بمفردها نحو 6 ساعات حتى وصلت عائلتها بدون شقيقها الأصغر مروان، وحين سألت: “هل مات؟”، أخبرتها والدتها أنه كسر يده لكنه بخير.

حاولت منار النهوض لتعانق والدتها على وقع الخبر، لكنها شعرت بأمر غريب في جسدها، تقول، “سألت نفسي لماذا لم أتمكن من الوقوف على قدمي؟ أين ساقي بالأساس؟ وبدون تردد سحبت الغطاء من فوق جسدي لأرى أنني أصبحت بدون ساق”.

منار واحدة من آلاف السوريين الذين فقدوا أحد أطرافهم منذ بداية الحرب السورية عام 2011، وفي حين كانت الأمراض الاعتيادية كمرض السكري وغيره تتسبب في قطع الأطراف بما فيها الأقدام بعد الحرب، أتى الزلزال اليوم على أقدام كثيرة لن تسير بعد الآن، وأيدٍ لن تُرفع للتحية. المأساة تزداد في ظل الفقر وشح الأطراف الصناعية في جميع أنحاء سوريا وارتفاع أسعارها.

تعتمد إدلب حتى الآن على المبادرات الفردية والمدنية، إذ تبدو منسية ومهمشة في حسابات النظام السوري، وهو ما أعلن عنه صراحة رئيسه بشار الأسد في خطابه الأخير، حين ذكر المناطق المتضررة من الزلزال، من دون أن يشير إلى إدلب. والأخيرة تحتاج في هذه الظروف إلى كل شيء، وتحديداً المساعدات الغذائية والطبية وتسهيل وصولها إلى المتضررين وأهاليهم.