fbpx

انتفاضات لبنان وبلدان أخرى… هل فشلت بسبب السياسات التعليمية القاصرة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إذا كانت الدولة تمتلك نظاماً تعليمياً ضعيفاً لا يساعد المواطنين على رؤية الروابط المهمة بين الناس وعلاقتهم تجاه الطبيعة الأم، فستصل في النهاية إلى مجتمعٍ لا يتفهم فيه الناس بعضهم بعضاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يتناول المقال الذي بين أيدينا معلومات أساسية حول ركيزة اجتماعية مهمة، ألا وهي السياسات التعليمية، التي سلطت الانتفاضات الشعبية الأخيرة في لبنان الضوء عليها، وغالباً ما يُوصف لبنان بأنه نموذج مصغر عن الشرق الأوسط بأكمله.

في البداية، دعونا ننتقل إلى شمال أوروبا وذلك للتمعن في الأعراف العلمية الحالية هناك. ربما تبدو هذه المقارنة غير متكافئة. لكن هذا أبعد ما يكون من الحقيقة. يشتهر النموذج الاسكندنافي بِرفاهيته الاجتماعية المُهندَسة. وتتمتع دول مثل السويد والدنمارك والنرويج وفنلندا بمستوى معيشي مرتفع وسياسات عدالة اجتماعية تقدمية ومساواة في الرعاية الصحية العامة ومعدلات عالية من السعادة الشخصية. لكن ما ساهم بحق في تقدم دول شمال أوروبا هو السياسات التعليمية المتعاقبة عبر الأجيال، والمعروفة عادةً باسم “التعليم الشعبي” (أي الحق في التعليم الحر للكبار).

نجحت النخب في بلدان شمال أوروبا خلال القرن التاسع عشر في تحقيق أمر لم يتمكن المواطنون اللبنانيون والعرب في الشرق الأوسط من تحقيقه في هذه المنطقة خلال السنوات الأخيرة. فقد أدركوا أنه حتى تزدهر بلدانهم، عليهم تطوير نظام تعليمي من شأنه المساهمة في تعزيز التنوع والمعرفة وتوسيع نطاق المشاركة في الحياة الثقافية والاهتمام بها. وكان الطموح لا يقل عن جعل التعليم المستمر مدى الحياة (التعليم المستدام) جزءاً من التكوين الطبيعي للمجتمع.

تأسست فكرة التعليم الحر للبالغين وفقاً لِفهم المجتمع في شمال أوروبا لذاته، باعتباره مجموعة وطنية متماسكة تتألف من مواطنين متساويين ومستقلين يتمتعون بالحياد الجنساني. إحدى الفلسفات التعليمية الأخرى المهمة التي تستحق الإشارة إليها هي “البيلدونغ” (وتعني باللغة الألمانية «تأديب» و«تنشئة»)، وهو مصطلح لا يوجد ما يوازيه في اللغة الإنجكيزية ويعني النضج الأخلاقي والعاطفي والفكري والمدني الكامل للفرد. يؤيد هذا الأسلوب سعة الاطلاع والتثقيف الذاتي الذي يميز الأدباء الألمان بداية من غوته إلى  توماس مان. وفي حين يسعى التعليم الشعبي إلى معالجة الفجوة التعليمية في المجتمع، تركز فلسفة “البيلدونغ” على تحقيق الكمال الفردي. لكن كلتا السياستين التعليميتين ترتكزان على المنطق القائل بأنه إذا كان في وسع الأفراد التعامل مع أيّ مجتمع معلوماتي ناشئ والمساهمة فيه فإنهم يحتاجون إلى حياة روحية ونفسية أكثر تعقيداً.

ما يهم ليس فقط توسيع نطاق المعرفة أو تعلم اتخاذ موقف نقدي أو القدرة التحليلية أو تحديد التوجه السياسي العالمي، وإنما تحقيق التحول الشخصي في نهاية المطاف.

 في المجتمعات التقليدية كمجتمعات الشرق الأوسط، غالباً ما ينظر الناس إلى التعليم باعتباره عملية لِنقل مجموعة من المهارات التخصصية، كأن يستطيع الطالب فهم وحساب وتسميع الحقائق الفيزيائية؟ لكن التعليم لا يتمحور حول تعلّم الحقائق واكتساب المهارات، وحسب، إنما أيضاً مناقشة القيم وفهم الذات والآخرين والتفاعل مع العالم الخارجي. وهذه مجموعة من المؤهلات التي تتيح لكل إنسان إمكانية الحصول على المعرفة والخبرة والقيم وطرائق التفكير التي تمهد الطريق أمام تأسيس مجتمع مستدام. تمتلك المعرفة العلمية على سبيل المثال أهمية كبيرة في ما يتعلق بِأوضاعنا المادية وتصورنا عن أنفسنا والعالم الذي نعيش فيه. ومن المهم للغاية أن نكوِّن صورة صحيحة عن الواقع من خلال العلوم، حتى لا تضللنا الأيديولوجيات الخادعة. إذ يمكن أن تُستخدم نظرية علمية خاطئة لدعم أيديولوجية مقيتة، كما في حالة البحوث البيولوجية العرقية المثيرة للجدل التي روجت لها البروباغندا النازية في عهد هتلر. أو -إذا أردنا ضرب مثال حديث- عندما أعلنت روسيا أنها توصلت إلى لقاح يسمى “سبوتنيك V” للوقاية من فايروس “كورونا” (سارس-كوف-2). على رغم أن هذا أقل شيطانية بكثير من البحوث البيولوجية العرقية، فقد افتقر لقاح “سبوتنيك V” في البداية للتجارب العشوائية ومجموعة من البيانات المشتركة مع المجتمع العلمي. وأعرب الباحثون عن قلقهم حول جدوى اللقاح: لأنه إذا اتضح أن لقاح “سبوتنيك V” أقل فعالية خلال المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، وهو ما قد ينتج عنه نوع من الأضرار المفاجئة، فقد تؤثر هذه النتائج على التصور العام بشأن عملية تطوير اللقاح وبالتالي تفاقم الجائحة. لكن بيتر أوبنشاو، أستاذ الطب السريري في الكلية الإمبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب، أعلن ذات مرةٍ أن الموافقة على لقاح “سبوتنيك V” في روسيا أتت من مبادرة سياسية ولم تكن محاولة جدية للتحايل على عملية التصنيع القياسية للقاحات.

تكمن الفكرة الأساسية من السياسات التعليمية الشبيهة بنظام “التعليم الشعبي” وفلسفة “البيلدونغ” في طرح الطريقة التي ينظر بها المواطنون إلى العالم، للمناقشة. وقد صُممت لمساعدتهم في فهم الأنظمة المعقدة واستيضاح العلاقات بين الأشياء، مثل العلاقة بين الفرد والمجتمع، وبين التدهور البيئي وموجات الهجرة، وبين اللقاءات الثقافية والنزاعات الإثنية، وبين التنوع البيولوجي وتغيُّر المناخ، وبين الاستهلاك المستدام ومكافحة الفقر. وعلى حد قول لين راشيل أندرسن وتوماس بيوركمان في كتابهما “السر الشمالي: قصة أوروبية عن الجمال والحرية” فإن:

“البيلدونغ هي الطريقة التي ينضج من خلالها الفرد متحملاً مسؤوليات شخصية عظيمة تجاه العائلة والأصدقاء وباقي المواطنين والمجتمع والإنسانية جمعاء… بل والتراث العالمي لجنسنا البشري، مع التمتع في الوقت ذاته بحريات شخصية وأخلاقية ووجودية كبيرة”.

وفي المجتمعات ذات النفعية والمجزأة بوضوحٍ، تُعبِّر “البيلدونغ” عن المضمون والفوارق الدقيقة والبعد الأعمق للمعنى. فقد أدرك المعلمون والتربويون في بلدان شمال أوروبا أن المعنى، وليس المصلحة، هو شريان الحياة لأيّ تعليم. وسعوا جاهدين إلى تعزيز شعور كافة المواطنين بالانتماء إلى الأمة. وقد تمثلت الفكرة في خلق إحساس باطني لدى المواطن بالتزامه تجاه دوائر أوسع نطاقاً، من الأسرة إلى المجتمع المحلي إلى الأمة إلى المجتمع العالمي، وتوليد نزعة طبيعية إلى تحمل المسؤولية المشتركة عن الكل. بالطبع قول هذا أسهل من فعله، خاصة في مجتمعات تسودها الانقسامات الإثنية والطائفية كما هو الحال في لبنان وسوريا والعراق وغيرها من الدول.

في حين أن معظم الأوروبيين قبل القرن التاسع عشر كانوا يُعرِّفون أنفسهم بمصطلحات محلية لا وطنية، فقد رسَّخ منهج بلدان شمال أوروبا اعتزازاً في نفوس الطلاب بتاريخهم وتراثهم وإرثهم السويديّ أو الدنماركيّ أو النرويجيّ. فعلى سبيل المثال، يعبر المصطلح السويدي “فولكيميت” (أو بيت الشعب) عن موقف أخلاقي يؤكد أهمية تحقيق الذات والتضامن.

لا يزال المعلمون والتربويون في شمال أوروبا وألمانيا يعملون بجد من أجل رفع الوعي الداخلي لدى الطلاب. ويحاولون تسليط الضوء على المشاعر والشهوات والآلام والمخاوف التي تصاحب الانفتاح على كل ما هو مجهول وغير متوقع. لأنه إذا استطاع أحد رؤية هذه القوى وتفاعلها مع بعضها كما لو كانت شأناً خارجياً وليس داخلياً، فيمكنه عندها السيطرة عليها بدلاً من أن تسيطر هي عليه. كلما تقدم الناس في العمر، زادت قدرتهم على الخروج من قوقعتهم الداخلية والاندماج في المجتمع مع الأشخاص الآخرين، وزادت أيضاً قدرتهم على رؤية أنفسهم والعالم من منظور أكثر تعقيداً. فمثلاً، قد يطيع الطفل الصغير سلطة أمه أو أبيه أو معلمه أو مدربه طاعة عمياء. ثم يبدأ في استيعاب معايير المجموعة التي ينتمي إليها ويمتثل لها. لكنه بعد فترة قصيرة، يتعلم الالتزام بِمعاييره الخاصة التي ترتكز إلى قيمه الخاصة. وفيما بعد، سيتعلم أن يرى نفسه على اعتبار أنه جزء من مجموعة من الذوات التي تشكل شبكة كبيرة، وهو ما سيجعله يتعلم مفاهيم الأخذ والعطاء والتفكير الكلي.

في المقابل، يتناول بنجامين بلوم،‏ عالم النفس التربوي الأميركي، أحد الأنماط المعرفية بشكل هرمي (هرم بلوم للأهداف التعليمية. يوجد في قاعدة الهرم الحقائق الملقنة (القدرة على التذكر) يليها الفهم ثم التطبيق ثم التحليل ثم التخليق أو التركيب. أما في الجزء العلوي من الهرم، فتوجد القدرة على التخطيط واستحداث شيء جديد (أو الابتكار).

ومع ذلك، لا أحد يستطيع منع أي شخص من التحليل أو ابتكار شيء جديد مما تعلمه حتى الآن لمجرد أن معرفته ضحلة. يستخلص الشباب والبالغون الاستنتاجات بناءً على ما لديهم من معلومات. وما نحن بصدده هنا هو الرغبة في طرح أسئلة نقدية مهمة حول الذات وحول ما يعمل عليه المرء من أجل إدراك العيوب المعرفية وامتلاك القدرة على معالجتها. في كتابه الجديد “دفاعاً عن التعليم”، يحاول المؤرخ سفيركر سورلين تأسيس مفهوم تعليمي جديد يتناول المعرفة والقيم، بإمكان المرء أن يشيد وسطاً اجتماعياً بالارتكاز عليه. ووفقاً لِسورلين، فإن التفكير النقدي متأصل في هذه العملية، ويعتبر المحفز لأي تعليم حقيقي.

مما لا شك فيه أن تعلم الحقائق أمر مهم وضروري، لكن ذلك لا يعني أنه يجب تدريس الحقائق أولاً. من الجيد البدء بأعلى جزء في هرم بلوم، من خلال طرح سؤال يتطلب منك البحث في القاعدة ثم المرور بالأجزاء الأخرى، حتى الرجوع إلى أعلى الهرم مجدداً، أيّ اختبار معلوماتك ثم استنتاج معلومة جديدة، ثم إجراء مراجعة وتحليل قبل استخلاص النتائج، ثم العودة مجدداً إلى القاعدة. 

وفقاً لِتراسي بويل وغاري كيمب، يتميز التفكير النقدي بدرجة عالية من الاتساق وهدف واضح للمعرفة (الفهم/التفسير، والمعرفة/الشرح)، والتحقيق المنهجي في أسباب وجهة نظر ما أو حُجّة معينة (نابعة من المرء نفسه أو تخص شخص آخر) والنتائج المترتبة عليها. بعبارة موجزة، يُعرف التفكير النقدي بأنه فن تحديد ما إذا كانت الحجج قوية وسليمة وإلى أيّ مدى تدعم الافتراضات الاستنتاج النهائي.

التخطيط للتوعية

بعد ثلاثة عقود من الحرب الأهلية، يشهد المجال العام في لبنان تطوراً غير مسبوق في مجال النشر العام مع السعي إلى تكوين وعي وطني، وهو ما بلغ ذروته في انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر 2019 وموجة الاحتجاج اللاحقة لها (التي يشار إليها عادةً باسم “الثورة 2”). وبدأ الفنانون والكتاب والنشطاء والمنظمات غير الحكومية يثيرون أسئلة حول الهوية والمساواة بين الجنسين والوعي الوطني والتضامن والشفافية والمساءلة. لا تختلف محاولاتهم تلك لإنهاء عقود طويلة من إساءة استخدام السلطة والحكم الطائفي في لبنان عن السعي إلى تعزيز الرغبة في الوضوح وفهم السياق. وعلى رغم محاولات إخماد هذه الرغبة الشديدة في تكوين مجتمع تعددي حديث، لا تزال روح الثورة تلقي بظلالها على آراء الناس بشأن المنظومة الأخلاقية والسياسة والاقتصاد والتعليم. ربما أكثر ما يجسد هذه المعركة من أجل تأسيس مجتمع مدني جديد هو بزوغ منصات إعلامية بديلة مثل “درج” و”ميغافون” و”بوليتيكال بين|Political Pen” و”سردة”، على سبيل المثال لا الحصر.

إضافة إلى المهارات التواصلية، تؤكد الثورة أهمية ممارسة القدرة على التفكير السياسي، أي محاولة وضع تفسير لهذا العالم غير العادل وغير المتكافئ من منظور نقدي. نأمل دائماً بأن يكون لهذا التدقيق الأخلاقي والفني تأثير ثقافي دائم. يتوق اللبنانيون وغيرهم من الشعوب العربية إلى حرية التعبير والعدالة الاجتماعية.

يعلم الجميع أن الشرق الأوسط يفتقد إلى السيولة الاجتماعية الآخذة في التناقص منذ عقود. غالباً ما يكون السبب في اختلال المجتمع هو عدم وجود نظام مدرسي حديث، لأنه إذا تسنى للأطفال المتميزين الذهاب إلى أفضل المدارس، فلن يحدث الكثير من التبادل الاجتماعي. وإذا لم تغرس هذه المدارس إحساساً بالتضامن أيضاً في نفوس طلابها وإذا لم تفرض ثقافة النقد الذاتي والتعاطف، فلن يتولد لديهم الكثير من المسؤولية المشتركة. وهنا يأتي دور التعليم المستدام. مثلاً، يشكل طلاب المدارس الرسمية في لبنان فقط ثلث طلاب البلاد، ونادراً ما لا تلقى مادة مهمة مثل التربية المدنية الاهتمام الذي تستحقه. ولهذا، لا عجب أن الدولة تفتقر إلى إحساس مترسخ بفهم الذات الوطنية.

إذا كانت الدولة تمتلك نظاماً تعليمياً ضعيفاً لا يساعد المواطنين على رؤية الروابط المهمة بين الناس وعلاقتهم تجاه الطبيعة الأم، فستصل في النهاية إلى مجتمعٍ لا يتفهم فيه الناس بعضهم بعضاً. يشرح الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي فريدريك لونوار هذه الفلسفة المنطقية قائلاً، “من البدهي أن تعليم الأطفال القراءة والكتابة والحساب أمر ضروري. ولكن يجب تعليمهم أيضاً كيفية العيش، وكيفية فهم بعضهم البعض، وكيفية اكتساب الذكاء العاطفي، وكيفية العيش سوياً في المجتمع”. [ترجمة المؤلف]

عند تأمل نموذج “البيلدونغ” أو نموذج “التعليم الشعبي”، ندرك أن مشكلة التربويين اللبنانيين الحاليين (وكذلك العرب) لا تقتصر فقط على عدم تدريبهم الطلاب على تطوير مهارات التعلم الصحيحة، بل في افتقارهم أيضاً إلى نموذج تنمية صحيح يستمر مدى الحياة لنشر نمط الوعي الذي يحتاجه الناس من أجل الازدهار في مجتمع تعددي معقد. إذ لا يزال التعليم مدفوعاً بمنطق تقني يركز على نتائج التعليم! كلمة السر هنا هي: “التعليم من أجل التنمية المستدامة”. وفقاً لليونسكو، فإن التعليم المستدام “يسمح للدارسين على اختلاف أعمارهم باكتساب المعارف والمهارات والقيم والسلوكيات اللازمة لبناء مستقبل مستدام”.

تخلق بعض الأنماط، مثل العولمة والهجرة الدولية والثورة التكنولوجية، حالة من الفوضى في ما يتعلق بالصورة الذاتية للدولة الوطنية. وتساهم في انتشار الرأي الذي يرى أن دور المدارس يجب ألا يقتصر على إعداد الطلاب للوظائف فحسب. ولهذا يجب وضع تصور جديد بشأن التربية الوطنية وإعادة ترسيخها باعتبارها محور التعليم العام. يتضح مدى صواب هذا الرأي في المناطق التي تفتقر بشدة إلى الشعور الدفين بالانتماء الوطني.

مع ذلك لا يمكن تطبيق نموذج “البيلدونغ” أو أيّ نظام تربية مدنية واعد دون تبني ثقافة للمساءلة والشفافية في الدائرة السياسية. وتعد المشاركة النشطة للمواطنين في المناقشات المفتوحة عاملاً بالغ الأهمية في هذا السياق. من المفترض أن يتخذ التفكير العقلاني الأساسي موقفاً نقدياً مسبقاً ضد المعتقدات المتعصبة والتحيزات، مع الميل إلى الفضول والمرح والمرونة والتواصل.

رغم الانفجار المفجع الذي وقع في 4 آب/ أغسطس 2020، لا تزال روح الثورة تزعزع المفاهيم الرجعية والعقيمة لتقاسم السلطة على أساس طائفي والمحسوبية. وما يبعث على الارتياح هو أن عدداً متزايداً من الأشخاص باتوا يدركون، وإن كان بشكل غير مباشر، أهمية التعليم المستدام. مع ذلك، تُعد هذه خطوة صغيرة تجاه هدفٍ بعيد دائم. ما يهم من كل ذلك ليس فقط توسيع نطاق المعرفة أو تعلم اتخاذ موقف نقدي أو القدرة التحليلية أو تحديد التوجه السياسي العالمي، وإنما تحقيق التحول الشخصي في نهاية المطاف.

بول كاتسفليس

كاتب هذا المقال هو بول كاتسفليس، وهو مستعرب ومغترب لبناني تخرَّج من جامعة “ستوكهولم” في السويد وحصل على درجة الدكتوراه. وتتضمن أبحاثه وجهات نظر شاملة من تخصصات عدة للكشف عن الهويات الثقافية والدينية والسياسية والوطنية في الشرق الأوسط.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.