fbpx

 مستشارو رئيس الوزراء العراقي: “أدوات الأحزاب لضمان حضور إضافي في السلطة!”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يتهم البعض السوداني بتجاوز القانون وتعيين 18 مستشاراً، فيما رفع آخرون العدد إلى 70، فيما تنفي مصادر مقربة منه أمر التعيين فوق السقف المحدد بموجب القانون.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

طوال نحو 6 سنوات وثلاث حكومات متعاقبة، تم اخفاء قانون تنظيم عمل المستشارين، وظلت الرئاسات الثلاث التي كان قادتها يكررون بيانات الإصلاح، تماطل لمنع تطبيق القانون وتكلف سراً عشرات المستشارين في إطار ترضيات سياسية أو توزيع امتيازات لحسابات شخصية.

أقطاب في “ائتلاف الإطار الشيعي” والحكومة الحالية التي يرأسها محمد شياع السوداني، كانت تصف طوال عامين حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، بحكومة المستشارين، لكثرة المستشارين فيها ولعبهم أدواراً مهمة في قيادتها، اليوم تلاحق حكومة الائتلاف الانتقادات ذاتها مع تأكيدات نواب بتكليفها حوالى 20 مستشاراً جديداً خلفاً لسابقين، تم إبعادهم.

القانون الذي خرج عام 2017 من أروقة مجلس النواب، أخفاه عمداً رئيس الجمهورية حينها فؤاد معصوم، بحسب النائب باسم خشان، لكي لا يتم العمل به “وتحتفظ ابنتاه بمنصبيهما”، قبل أن ترفع دعوى ضده أمام المحكمة الاتحادية التي قررت في 20 كانون الأول/ ديسمبر 2022 إلزام رئاسة الجمهورية بإصدار القانون ونشره.

سبق قرار المحكمة، طلب قدمه الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي الى رئاسة الجمهورية لارسال القانون المصوت عليه قبل أكثر من خمس سنوات الى صحيفة الوقائع ليجد طريقه للتنفيذ.

C:\Users\Ster\Downloads\جيش المستشارين.png

قبل نشر القرار، أكدت تقارير صحفية وتصريحات لنواب، قيام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتعيين او تكليف عدد كبير من المستشارين، سيراً على نهج سابقيه الذين عينوا مستشارين غالباً ما لا تتم استشارتهم في شيء، ويتم تعيينهم أحياناً في مناصب لا تتطابق مع مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم الإدارية والسياسية.  

مستشارون يثقلون كاهل الميزانية العامة للدولة ويعطلون خطط الاصلاح والترشيق الحكومي المعلنة، كما يقول المحامي صلاح عبدالله “يصبحون موظفين مثبتين خلال فترة وجيزة من قرارات التعيين، ويستمرون بتقاضي معظم رواتبهم الاسمية حتى لو تم الاستغناء عن خدماتهم بعد أشهر، فضلاً عن الحقوق التقاعدية لاحقاً”.

يضيف المحامي بكثير من الأسف، “إنها كارثة تفرضها الولاءات الحزبية والشخصية، حقيقةً بات لدينا جيش من المستشارين، نعم بعضهم يكلفون بعقود وليس بتعيين دائم، لكنهم في النهاية يكلفون الدولة ملايين الدولارات سنوياً، بلا أي خدمة فعلية”. 

الانتقادات الموجهة لتعيينات المستشارين، لا تجد آذاناً صاغية من قادة السلطات الثلاث (رئاسات الوزراء والجمهورية والبرلمان) المحكومين بقواعد المحاصصة الطائفية والحزبية. يؤكد النائب المستقل باسم خشان، الذي رفع دعاوى عدة أمام المحكمة الاتحادية بحق مسؤولين كبار لمخالفتهم القوانين، أن رئيس الوزراء الحالي- الذي كان يرفع لواء الإصلاح طوال سنوات- بدوره “عين جيشاً من المستشارين يكفي لغزو الصين”.

خشان ذكر في تدوينة له قبل أيام من نشر قانون “تنظيم عمل المستشارين” في صحيفة “الوقائع العراقية”، أن السوداني لم يترك شأناً إلا وعين مستشاراً له فيه. وأضاف أن عدد مستشاريه قد يزيد قبل نهاية الدورة “مئة ضعف العدد الذي حدده قانون تنظيم عمل المستشارين الذي نشر في الجريدة الرسمية في صفحة الوفيات!”.

ولأن مستشاري رئيس مجلس الوزراء يتم استبدالهم بآخرين بمجرد وصول رئيس وزراء جديد، فهذا يعني تراكم أعداد المستشارين الذي يحصلون على رواتب عالية، مقارنة حتى بكبار موظفي الدولة، وفقاً لمعترضين يرون في ذلك باباً من أبواب الفساد والمحاصصة السياسية القائمة في البلاد، خصوصاً أن معظم المستشارين المعلن عنهم مرتبطون بأحزاب مشتركة بالسلطة. 

ومع نشر القانون (رقم 3 لسنة 2022) في جريدة “الوقائع” في العدد 4702 الصادرة في 2 كانون الثاني/ يناير 2023، بات لزاماً تطبيقه، إذ تنص مادته الأولى على جواز تعيين الرئاسات الثلاث، مجالس (النواب والوزراء والرئاسة) 6 مستشارين كحد أقصى يرتبطون مباشرة برئاسة الجهة المعنية. على أن يتم التعيين وفقاً لمرسوم جمهوري.

والهدف من هذا القانون كما ورد في الأسباب الموجبة هو “رفع الاداء بالعمل وتلافي التداخل بين العمل الاستشاري والعمل التنفيذي، وحسم ملفات المستشارين المعينين وكالة”.

وكان رئيس الوزراء قد أنهى في 14/11/2022 عقود 12 مستشاراً في مجلس الوزراء، أحدهم بناء على طلبه، بموجب الأمر الديواني المرقم 22141 .

me_ga.php?id=43719

مخالفة قانونية

يتهم البعض السوداني بتجاوز القانون وتعيين 18 مستشاراً، فيما رفع آخرون العدد إلى 70، فيما تنفي مصادر مقربة منه أمر التعيين فوق السقف المحدد بموجب القانون، لكنها لا تنفي اعتماده مستشارين بصفة عقود موقتة لأداء مهمات محددة دون أن يكونوا مشمولين بسلم الرواتب. 

ويدور الحديث في وسائل الإعلام عن تعيين السوداني خلال أسبوعٍ واحدٍ فقط أربعة مستشارين ينتمون لدولة القانون و”عصائب أهل الحق”، وهم كل من فادي الشمري وسامي العسكري، مستشارين سياسيين، وهشام الركابي مستشاراً إعلامياً، وحسن نعمة الياسري مستشاراً للشؤون السياسية. والأخير هو الوحيد الذي صدر تأكيد من المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء بتعيينه.  

وبشأن الياسري أيضاً، اتهم النائب باسم خشان، السوداني بمخالفة الدستور في مسألة تعيينه، وقال في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على تويتر نهاية كانون الثاني/ يناير 2023 “السيد السوداني يعين السيد حسن الياسري مستشاراً له في الشؤون الدستورية خلافا للمادة 94 من الدستور التي تنص على أن قرارات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة للسلطات كافة، ناهيك عن عدم تخصصه في هذه الشؤون. نصوص الدستور والقانون في العراق صارت مثل قصائد الغزل، لا تصلح لغير الغناء”.

النائب خشان، كان كشف في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2022، أن رئيس الجمهورية لم يصادق عام 2017 على قانون “تنظيم عمل المستشارين” بعد إحالته من مجلس النواب “امتنع عن ذلك وأخفى القانون الذي حدد عدد المستشارين بستة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، وحدد شروطاً تمنع تعيين الاصدقاء والاقارب وغيرهم ممن لا يمتلكون الخبرة الكافية لهذا المنصب وتعفي المعينين منهم، ومن هؤلاء بنات الرئيس وأصدقائه”.

ومن شأن القانون إلغاء وظائف استحدثت لتعيين أشخاص “ليس لديهم أدنى كفاءة ويوفر للدولة اموالاً طائلة ويقطع الكثير من أساليب الفساد وهدر الأموال العامة”. وتابع خشان، بأنه رفع دعوى أمام المحكمة الاتحادية، طلب فيها نشر القانون في الجريدة الرسمية (الوقائع العراقي)، وبعد إقامتها، طلب مجلس النواب والأمانة العامة لمجلس الوزراء من رئيس الجمهورية نشره.

النائب سجاد سالم حسين، وجه كتاب استفسار لمكتب رئيس مجلس الوزراء في 30 كانون الثاني 2023، بشأن الحديث عن تعيين مستشارين خلافاً للعدد المسموح به بموجب القانون وطالبه بتقديم ما يؤكد أهلية المستشارين لمتابعة التطورات في مجالات اختصاصاتهم، وقدرتهم على استحداث أساليب جديدة لتطوير العمل، وخبراتهم في تخصصاتهم. 

شكوك حيال ردود الفعل

ويبدو أن هذا التحرك البرلماني سيكون الأبرز لحين ورود إجابة من مجلس الوزراء خلال مدة 15 يوماً التي حددها النائب سجاد، وحتى هذا التحرك هو موضع شك، إذ يعده البعض محاولة لتشتيت الاعتراضات الشعبية أو على الأقل إضعاف تأثيرها، في ظل وضع عام يسوده التوتر بسبب انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار وعجز الحكومة العراقية عن إيجاد حلول سريعة لذلك. 

ولا يستبعد الباحث في الشأن السياسي نور الدين غزوان، أن تكون الاعتراضات على تعيين مستشاري السوداني، محاولة لإبعاد الأنظار عن أزمة انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، وعدم جدوى إجراءات الحكومة التي وصفها بالترقيعية، مثل إعفاء مدير البنك المركزي وتعيين واحد جديد. 

ويستدل في ذلك على صمت الحكومة وعدم نفيها أو تأكيدها تعيين أعداد كبيرة من المستشارين. ويقول عن اعتراضات بعض البرلمانيين: “هؤلاء مرتبطون بالأحزاب التي تتقاسم البلاد طولاً بعرض وفقاً لنظام المحاصصة، وقضية مستشاري رئيس الوزراء أو رئيسي البرلمان والجمهورية جزء من ذلك، وأي اعتراض من قبلهم مجرد تمثيلية لكي يخدعوا المواطنين بأنهم يطالبون بحقوقهم”.

ويتوقع الخبير القانوني مناف منذر أن يكون رد مكتب رئيس الوزراء على المعترضين متماشياً مع نص قانون عمل المستشارين فيما يخص التعيينات، لكون لا سقوف محددة بالنسبة للمستشارين بعقود” أو كما تسميهم الأوساط المقربة من رئيس الوزراء استشاريين وليس مستشارين للتفريق بينهم وبين المعينين” يقول مناف. 

ويضيف موضحاً:”لا يستطيع السوداني تعيين أكثر من ستة مستشارين، لأن الأمر يتطلب صدور مرسوم جمهوري بتعيينهم، وهذه المناصب الست ستكون وبنحو مؤكد للأحزاب التي أوصلته إلى منصبه والمتوافقة معه”.

“لكن المشكلة ليست هنا”، يقول منذر، “بل في مئات المستشارين المعينين لرؤساء الوزراء السابقين، هؤلاء سيستمرون في تقاضي أكثر من ثلثي رواتبهم التي يتقاضونها، ما يعني ملايين الدولارات سنوياً وهم أصلا غير منتجين ويشكلون عبئاً كبيراً على كاهل ميزانية الدولة”.

ويرى منذر، أن السلطة التشريعية الممثلة بمجلس النواب وبدلاً من الاستفسار من مجلس الوزراء عن أعداد مستشاريه المعينين، عليها أن تجد حلاً لوقف هدر المال العام عبر المستشارين المعينين في وقت سابق على صدور قانون المستشارين رقم 3 لسنة 2022.  

واقترح لحل مشكلة تراكم المستشارين في الرئاسات الثلاث، أن يتم تنسيب موظفين حكوميين على الملاك الدائم في واحدة من مؤسسات الدولة، لمنصب المستشار مع مزايا إضافية تنتهي بانتهاء مهمته الاستشارية ليعود إلى أسمه الوظيفي السابق، وفي حال لم يكن موظفاً في الدولة، يتم توظيفه بموجب عقد ينتهي بانتهاء مهماته دون التزامات مالية ترهق الدولة، بحسب صياغته. 

مستشارون وفق المحاصصة

مطلع شباط/فبراير 2023، تداول نشطاء قائمة بأسماء مستشاري محمد شياع السوداني دون تحديد إن كانوا معينين أم موقتين بموجب عقود والأسماء التي وردت في هذه القائمة هي التالية: 

-1 عبد الكريم السوداني، “حزب الدعوة- تنظيم العراق”، مستشار أمني.

-2 رشيد العزاوي، “الحزب الاسلامي”، مستشار للعلاقات العربية.

– 3 حسن العقابي، “عصائب أهل الحق”، مستشار لمكافحة الفساد. 

-4 سناء الموسوي، “المجلس الاسلامي الأعلى”، مستشار لشؤون الحماية الاجتماعية.

– 5 زيدان خلف، “حزب الدعوة تنظيم العراق”، مستشار لحقوق الانسان. 

-6 عارف الساعدي – مقرب من “عصائب اهل الحق”، مستشار للشؤون الثقافية. 

– 7 أياد بنيان، مقرب من وزير الخارجية السابق د.أبراهيم الجعفري ، مستشار للرياضة والشباب.

– 8 عرفان الحيالي، مقرب من النائب احمد الجبوري (أبومازن)، مستشار عسكري.

-9 فرهاد علاء الدين، مستشار للعلاقات الخارجية. 

– 10 هشام الركابي، “حزب الدعوة”، مستشار إعلامي.

-11 فادي الشمري، الحكمة ، مستشار سياسي.

-12 سامي العسكري، من “حزب الدعوة”، مستشار سياسي.

– 13 ضياء الناصري، “حزب الدعوة”، مستشار إعلامي.

-14 سامي السوداني، “حزب الدعوة”، مستشار إداري ومالي.

-15 أحمد الياسري، من “عصائب أهل الحق”، مستشار سياسي.

-16 نوفل الكلداني، من “حركة بابليون”، “الحشد الشعبي”، مستشار شؤون الأقليات.

-17 رعد العلاق، “حزب الدعوة”، مستشار لشؤون الطاقة.

– 18 كاظم الحسني، “حزب الدعوة”، مستشار اقتصادي.

-19 مهدي العلاق، من “حزب الدعوة”.

-20 عدنان السراج، “دولة القانون”، مستشار لشؤون التربية والتعليم.

-21 حسن الياسري، “حزب الدعوة”، مستشار للشؤون الدستورية.

يرى الناشط والباحث في الشأن السياسي ضرغام عبد الأيوب أن الأسماء المتداولة على أنها لمستشاري رئيس الوزراء موزعون على الجهات السياسية المنضوية ضمن “الإطار التنسيقي” (تجمع لأحزاب شيعية تشكل عام 2021). ويقول: “الأخبار عن هذه التعيينات صحيحة، حتى لو بنحو جزئي، لأن تلك الأحزاب مسؤولة عن الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة بسببها، فهي غير مهتمة إطلاقاً لمشكلات البلاد المالية والإدارية لذا فلا حلول في الأفق”. 

أما د.سالم خيري، وهو كاتب وباحث مهتم بالشأن المحلي فيجد أن كثرة أعداد المستشارين تعني افتقار الحكومة إلى رؤية واضحة: “بدلاً من التركيز على تأسيس مؤسسات استشارية وتطويرها لتلجأ إليها الحكومة ووزاراتها للمشورة، يتم الاعتماد على شخصيات مدفوعة من جهات وأحزاب سياسية طامعة في السلطة.

“ولكن حتى لو تم تأسيس مركز أو هيئة استشارية فيصعب أن تنجو من نظام المحاصصة وسيكون لكل حزب في السلطة عضو فيها، تماماً كما يحدث في كل مفاصل الدولة، وآخرها هيئة الإعلام العراقي التي يفترض أنها جهة مستقل”، يؤكد د.سالم.

أنجز التقرير بإشراف شبكة نيريج للتحقيقات الإستقصائية.