fbpx

14 يوماً على زلزال سوريا… هل يستجيب العالم لنداء “الخوذ البيض”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما زال أحمد يعمل مع أصدقائه في “منظمة الدفاع المدني” على انتشال الضحايا من تحت الأنقاض في مدينة جنديرس بعد 14 يوماً من الزلزال، مستخدمين ما يتوفر لديهم من قوة وما تبقى من تجهيزات، يصلون الليل بالنهار للاستجابة لآثار الكارثة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد ساعات قليلة على وقوع الزلزال، التحق المتطوع في الدفاع المدني أحمد الحسن بعمله، تاركاً خلفه والده المصاب بكسور في ساقه، وعائلته وأهله الذين فروا من منزلهم المتصدع في مدينة جنديرس شمال محافظة حلب، صباح الاثنين 6 شباط/ فبراير 2023.

يعمل أحمد الحسن منذ عام 2018 ضمن فرق البحث والإنقاذ في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيض) إذ انتقل من ريف حماة ثم ادلب وأخيراً نحو جنديرس حيث يسكن أحمد مع عائلته منذ نحو 10  أشهر، يصف لحظة الزلزال قائلاً: “استفقنا مثل بقية السكان على شيء لم نعهد مثله في حياتنا، وبحكم سكني وزوجتي مع أهلي في منزل واحد، هرعت إلى أبي الذي سقطت على ساقه واحدة من حجارة تزيين البناء وهو بطريقه للخروج من المبنى، حملته على ظهري وتوجهت به نحو سيارة قريبة، أودعته هناك مع أحد أشقائي لينقله إلى مستشفى في مدينة عفرين، ثم عدت للاطمئنان على أسرتي”.

يصف أحمد التصدعات التي أصابت المنزل علماً أنه أصبح غير مؤهل للسكن، “كان ذلك المنزل بالنسبة إلينا كنازحين، كل شيء وذهب بلحظة”.

يتابع: “برغم قساوة أن تشاهد كل شيء يسقط أمامك، إلا أنني شعرت برغبة جامحة بالمساعدة كوني متطوعاً في الدفاع المدني. فقررت أن التحق بمركزي في المدينة على رغم أن نوبة عملي لم تكن قد حانت بعد، عملت حينها على إيصال أهلي إلى أحد المخيمات القريبة، فيما كانت مناظر الموت تعترض طريقي حتى خرجت من المدينة بصعوبة، جراء الأنقاض والمصابين والموت المنتشر بين الحطام والأحياء السكنية”.

“استفقنا مثل بقية السكان على شيء لم نعهد مثله في حياتنا

بعد يومين من التحاق أحمد ورفاقه في عمليات الإنقاذ، تهالكت المعدات البسيطة التي كانوا يستخدمونها في تكسير الأسقف المتهاوية فوق أجساد السكان، بيد أن الأمل كان يبرق في عيني أحمد، في وصول معدات وفرق إنقاذ دولية، تساند الدفاع المدني في عمله وتسرّع عمليات الإنقاذ. إلا أن ذلك لم يحدث حتى، وتُرك رجال التطوع في العراء يحاولون تخفيف وقع الكارثة. علماً أن النظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد تجاهل تماماً وجود إدلب ومنطقة شمال سوريا عموماً، ففي خطاب الأسد بعد زلزال، كان واضحاً أن سكان تلك المنطقة ليسوا في قائمة اهتماماته، فحتى في لحظة الزلزال القاسية يريد النظام السوري تجيير الصراعات السياسية لمصلحته ومواصلة انتقامه من الناس. 

يقول أحمد: “في اليوم الثاني لعمليات الإنقاذ ونفاد معظم معداتنا وتلفها، مقابل كثرة المواقع المتضررة ،كنت دائماً ما أتكلم مع زملائي مؤكداً لهم أن المجتمع الدولي سيمدنا بآليات ومتطوعين لإنقاذ السكان من الكارثة، لكن تلك الأمنيات انهارت مع صباح اليوم الثالث بعد الزلزال، وارتفاع عدد القتلى، حينها أيقنت أننا في آخر قائمة اهتمامات الأمم المتحدة، التي بقيت تقدم حججاً وذرائع واهية من أجل عدم مساعدة السوريين في محنتهم”.

“الدفاع المدني السوري (#الخوذ_البيضاء) منظمة إنسانية من 3 آلاف متطوع يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين وزراعة الأمل، أنقذنا 125 ألف شخص، بينما فقدنا 304 متطوعين”، هذا التعريف موجود على حساب الدفاع المدني السوري على “تويتر”، ومن يتصفح تغريداته، يشعر وكأن هؤلاء المتطوعين هم بالفعل أمل السوريين الأخير وسط هذا الركام الكثير منذ الحرب عام 2011 وحتى زلزال 2023. 

وإذ ترك رجال الخوذ البيض وحيدين تقريباً وسط الكارثة، مع تأخر الاستجابة والمساعدات، لا سيما في الشمال السوري، نشر الدفاع المدني على وسائل التواصل الاجتماعي، لقاء جمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونائب وزير الدولة لشؤون التنمية وإفريقيا في الخارجية البريطانية أندرو ميتشل، بمدير الدفاع المدني للشؤون الخارجية فاروق حبيب، الذي عبّر بشكل واضح عن انتقاده التقصير والخذلان وازدواجية المعايير التي حدثت في المناطق المتضررة من الزلزال بالشمال. اللقاء ناقش كيفية دعم “الخوذ البيض” ومساعدتهم في مواجهة كارثة الزلزال، لكن ذلك يأتي بعد أسبوعين تقريباً على وقوع الزلزال، وهذه المساعدات لو أتت بسرعة، لربما كانت ستنقذ حياة كثيرين من الذي اختنقوا تحت الركام.

وبحسب المتطوع رائد الصالح، مدير منظمة الدفاع المدني السوري، الأمم المتحدة كانت طلبت من السوريين شمال غربي البلاد الصمود أمام الكارثة، من دون أن ترسل المساعدات اللوجستية والمساعدات اللازمة لإنقاذ حياة السكان، فيما رفض الوفد الأممي الذي دخل عن طريق باب الهوى في 14 شباط/ فبراير الدخول إلى أماكن الدمار الناتج عن الزلزال ومشاهدتها، بحجة أن الإدارة منعتهم من الذهاب إلى تلك الأماكن، واتهم الصالح في حديث تلفزيوني الأمم المتحدة بتسييس المساعدات إذ تسعى للحصول على موافقة بشار الأسد الذي قتل السوريين بطائراته  والكيماوي لإدخال المساعدات عبر باب الهوى وغيره من المعابر الحدودية.

ما زال أحمد يعمل مع أصدقائه في “منظمة الدفاع المدني” على انتشال الضحايا من تحت الأنقاض في مدينة جنديرس بعد 14 يوماً من الزلزال، مستخدمين ما يتوفر لديهم من قوة وما تبقى من تجهيزات، يصلون الليل بالنهار للاستجابة لآثار الكارثة.

أحمد ينتظر لقاء والده الذي تركه مع شقيقه، يطمئن عليه عبر الهاتف، ولا يعلم متى سيتمكن من زيارة  أسرته، يعمل مع رفاقه دون كلل بانتظار أن يحسم العالم موقفه، ويهرع لإنقاذ السوريين دون تمييز أو استنسابية.