fbpx

LAU تستجيب لضغط الحكومة اللبنانية: إلغاء شراكة بحثيّة بسبب انتقاد تعامل السلطة مع اللاجئين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“بصفتنا أكاديميين وصانعي سياسات وأشخاصاً معنيين بحالة التعليم في لبنان، فإننا نشعر بقلق عميق إزاء الانتهاكات المتزايدة ضد الحريات الأكاديمية وحرية التعبير في لبنان. “

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“في ظل أسوأ أزمة اقتصادية يعيشها لبنان، يشكل البحث العلمي حاجة أساسية لتقييم الحاجات وتقديم الحلول للخروج من الأزمة. وبدلاً من دعم البحث العلمي، نشهد استهدافاً للحريات الأكاديمية، وهي آخر ما تبقى لنا في لبنان”.

كتبت الباحثة مها شعيب، وهي مديرة مركز الدراسات اللبنانية CLS على حسابها على “تويتر”، تعليقاً على تطور مقلق شهدته أخيراً الساحة البحثية. ففي سابقة تثير المخاوف حول الحريات الأكاديمية في لبنان، أنهى رئيس الجامعة اللبنانية – الأميركية ميشال معوّض شراكة الجامعة مع مركز الدراسات اللبنانية CLS، على خلفية إصدار المركز بياناً يُدين مواقف وزارة التربية العنصرية تجاه الطلّاب السوريّين بعد قرارها الصادر في 10  كانون الثاني/ يناير الماضي، والذي يقضي بإيقاف صفوف تعليم بعد الظهر المخصصة للطلاب السوريين، بحجة استمرار إضراب أساتذة صفوف قبل الظهر، وقوبل القرار حينها بإدانة واسعة محلياً ودولياً لانتهاكه الصريح للحق في التعليم من دون تمييز.

ورداً على قرار الوزارة، قال المركز في بيان له، إن الجامعة أرجعت سبب قرارها إلى اعتماد المركز شعار الجامعة اللبنانية – الأميركية من دون الحصول على موافقة مسبقة منها، إلى جانب سلسلة من المواد المرئية، ونُشر البيان بالاشتراك مع شبكة لبنان للسياسات والبحوث، وهي شبكة تضم أكثر من 30 مركزاً من أبرز مراكز البحوث ومنظمات حقوق الإنسان.

وتابع البيان: “بصفتنا أكاديميين وصانعي سياسات وأشخاصاً معنيين بحالة التعليم في لبنان، فإننا نشعر بقلق عميق إزاء الانتهاكات المتزايدة ضد الحريات الأكاديمية وحرية التعبير في لبنان. علاوة على ذلك، فإن حجة الرئيس بأن البيان عرّض مصالح LAU وعلاقتها بوزارة التربية والتعليم العالي للخطر، تثير مخاوف في ما خص احتمال لجوء الوزارة إلى استخدام تدابير عقابية تجاه مؤسسة للتعليم العالي بسبب بيانات صادرة عن باحثين تابعين لها”. 

تقول الدكتورة مها شعيب، وهي مديرة مركز الدراسات اللبنانية، لـ”درج”: “القرار كان مفاجئاً جداً بالنسبة إلينا، خصوصاً أننا اجتمعنا مع المسؤولين في الجامعة للبحث في مستقبل الشراكة معهم في المجال الأكاديمي”.

وتشير شعيب إلى أن السبب الذي ذكرته الوزارة ليس مقنعاً، لأن المركز يستخدم شعار الجامعة منذ خمس سنوات بشكل طبيعي، بموافقة الجامعة التي لم تعترض أبداً، وتتابع: “تقتضي الشراكة بيننا أن تعلمنا الجامعة بأي اعتراض لديها على عملنا بكتاب خطي ترسله إلينا، وفي حال لم نرد خلال 30 يوماً، يحق للجامعة أن تفسخ عقد الشراكة معنا. لكن الجامعة لم تعلمنا باعتراضها وقررت فسخ العقد معنا فجأة، على رغم أننا أزلنا شعارها عن البيان”.

وبالفعل، أضاف المركز توضيحاً إلى البيان المذكور على موقعه الإلكتروني، جاء فيه أن المركز “يود أن يوضح أن الجامعة اللبنانية – الأميركية لم تشارك بأي حال من الأحوال في صياغة البيان أو نشره، ولا تؤيده بأي شكل من الأشكال.

“على رغم قيامنا بإزالة شعار الجامعة ونشرنا للتوضيح، وعلى رغم تواصلي مع رئيس الجامعة وتأكيدي ضرورة عدم تعريض الحريات الأكاديمية للخطر بهذا الشكل، لم تتراجع الجامعة عن قرارها الذي اتُّخذ بشكل حاسم يمنع أي محاولة للتفاوض والنقاش معنا”، تقول شعيب.

وتضيف: “ربما مارست الوزارة ضغطاً من خلال سلطتها على الجامعة ودفعتها الى اتخاذ قرارها المفاجئ والمقلق”.

“في ظل أسوأ أزمة اقتصادية يعيشها لبنان، يشكل البحث العلمي حاجة أساسية لتقييم الحاجات وتقديم الحلول للخروج من الأزمة. وبدلاً من دعم البحث العلمي، نشهد استهدافاً للحريات الأكاديمية، وهي آخر ما تبقى لنا في لبنان”.

ماذا جاء في البيان الذي أغضب الوزارة؟ 

في بيانه بعنوان “وزارة التربية والتعليم في لبنان تستخدم الطلاب السوريين كورقة مساومة لابتزاز المانحين”، يقول المركز إن تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، واستراتيجيات وزارة التربية غير الواضحة للاستجابة لها، إضافة إلى الأموال غير الكافية، تركت مئات الآلاف من الطلاب اللبنانيين والسوريين في مواجهة مخاطر التسرب المدرسي والانقطاع عن التعليم.

وعبّر المركز عن قلقه من استمرار إضراب أساتذة التعليم الرسمي، ومن تعليق الوزارة دوام بعد الظهر للطلاب السوريين اللاجئين في المدارس الرسمية، خصوصاً بعد إعلان الوزارة أنها لن تسمح للطلاب السوريين بالاندماج في التعليم الخاص. 

يأتي القرار على رغم تلقي وزارة التربية والتعليم العالي منحاً وهبات بقيمة 2.1 مليار دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة، لتغطية تكاليف التعليم للطلاب اللبنانيين والسوريين أيضاً، ويعني ذلك أن الطلاب السوريين يدفعون ثمن فشل الوزارة في وضع خطط الاستجابة للأزمة الاقتصادية في لبنان، ويعد ذلك انتهاكاً لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في التعليم، بحسب المركز.

وأكد البيان أن اللاجئين السوريين يواجهون بالفعل التمييز والتهميش في لبنان، وأن قرار الوزارة لن يؤدي إلا إلى تفاقم وضعهم المزري، ودعا وزارة التربية إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ العام الدراسي وضمان استمرار التعلّم لجميع الأطفال، اللبنانيين واللاجئين على حد سواء. 

المركز أدان أيضاً تصريح مدير عام وزارة التربية عماد الأشقر، حول القرار، والذي قال فيه: “نحن نستقبل جميع الناس وقلوبنا مفتوحة للجميع، لكن لا يجوز ألا يتعلم أبناؤنا، وأن يتعلم أولاد غيرنا”، باعتبار التصريح، كما قرار الوزارة، ينضح بالعنصرية.

الوزارة، وبدلاً من أن تسعى إلى اتخاذ إجراءات تحسّن وضع أساتذة التعليم الرسمي من دون تحميل الطلاب السوريين تبعات الأزمة الاقتصادية، فقد عمدت إلى التدخل بشكل صارخ لتكميم أفواه منتقدي قراراتها، حتى ولو كان الانتقاد في سياق علمي بحت وبعيداً من الحسابات السياسية. 

تعبر شعيب في حديثها لـ”درج”، عن قلقها إزاء وضع الحريات الأكاديمية في لبنان: “نخاف من تأثير قرارات مماثلة في الحريات الأكاديمية في البلاد. نحن منظمة غير حكومية، وقد لا نتأثر بشكل مباشر بالقرار، ولكن لنا زملاء في الجامعة اللبنانية – الأميركية وقد يلجأون الى ممارسة نوع من الرقابة الذاتية مستقبلاً على عملهم البحثي نتيجة قلقهم من المحاسبة أو الملاحقة، وهذا مقلق للغاية”.

القرار وإن مرّ من دون اعتراض واسع، فقد ينسحب كنموذج على المؤسسات التعليمية الأخرى، وسيشعر عندها الأكاديميون/ات بالخوف من التعبير عن آرائهم بحرية، وممارسة عملهم البحثي والأكاديمي من دون قيود. وهو ما سيفتح المجال للمزيد من التدخل السياسي في المجال الأكاديمي، الأمر الذي يهدد حرية التعبير بالدرجة الأولى، ويفقد البحث العلمي أهميته وفاعليته في مختلف القطاعات، ويحوله إلى أداة في يد السلطة اللبنانية التي نجحت حتى الآن في السيطرة على كل مرافق البلاد وإدارتها، باعتباطية أدت إلى الانهيار غير المسبوق الذي نعيشه اليوم.

وأكد المركز التزامه بمواصلة إجراء الأبحاث التي يمكن أن تساعد قطاع التعليم في لبنان، وأن واجبه يقتضي تقديم أبحاث مستقلة وتستند إلى الأدلة، ويمكن استخدامها أساساً لصنع السياسات بدلاً من قمعها، ودعا إلى حماية الحرية الأكاديمية والاعتراف بأهمية الأبحاث وإنتاج المعرفة النقدية لتعافي جميع القطاعات في لبنان، والالتزام بحق الوصول إلى تعليم نوعي والحفاظ على مصلحة جميع الطلاب والمعلمين/ات في لبنان، واحترام كرامتهم/ن، حتى لا يُستخدم التعليم كورقة تفاوض لمصالح سياسية.