fbpx

اعتقال نشطاء وعقوبات على وسائل إعلام… هكذا يحارب أردوغان “الأخبار الكاذبة”! 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يُوفّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فرصة لإحكام قبضته على المعارضة التركية، لا سيما في أسوأ ظروف تعيشها البلاد بعد الزلزال الذي ما زال عدد ضحاياه غير نهائي حتى الآن.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فرض “المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي” عقوبات على 3 محطات تلفزيونية انتقدت طريقة تعامل الحكومة مع تداعيات الزلزال الذي ضرب جنوب البلاد. طاولت العقوبات”خلق تي في” و”تيلي 1″ و”فوكس تي في”، كما علّقت عدد من برامجها “بسبب المعلومات والتعليقات التي بثتها حول الزلزال”. علماً أن القنوات الثلاث معروفة بخطها التحريري الذي ينتقد سلطة أردوغان، كما أن “خلق تي في” معروف بقربها من حزب المعارضة الرئيسي “حزب الشعب الجمهوري”.

حجب “تويتر”

“أرواحنا تحترق. يجب أن نكون حساسين للغاية في هذا الوقت”، بهذه العبارة غرّد عمر فاتح صيان، نائب وزير النقل والبنية التحتية التركي بعد إصدار تركيا قرار حظر “تويتر” لأقل من يومين في البلاد عقب الزلزال المدمّر يوم 6 شباط/ فبراير 2023. على رغم أنّ الحظر لم يدم كثيراً، إلّا أنّه أثار ردود فعل غاضبة تجاه السلطات التي أوقفت التطبيق بذريعة “انتشار الأخبار المضلّلة”، وما أظهره مالك “تويتر” ايلون ماسك من استجابة مقنّنة لهذا القرار، لا تخفي إمكانيّة تكرار الحظر.

أصدرت تركيا في تشرين الأول/ أكتوبر قانوناً يعاقب على نشر “الأخبار الكاذبة” بأحكام تصل إلى السجن ثلاث سنوات، مع العلم أنها تحتل المرتبة 149 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة لعام 2022 الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود”، وبذلك يمكن تخيّل حجم التضييق والقمع الذي تتعرض له الحريات الصحافية في تركيا- أردوغان.

“يحق لكل الناس مشاركة أوضاعهم وآرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، توقّفوا عن تصنيف الحقائق التي لا تحبّونها تحت خانة المعلومات المضللة”، هذا كان ردّ إحدى المواطنات على صيان، وبعد الزلزالين الأخيرين في تركيا وسوريا، استكمل نشطاء أتراك على مواقع التواصل الاجتماعي نشر الانتقادات تجاه السلطات التركية، إذ غرّد الصحافي التركي ابراهيم هاسكلوغو متوجّهاً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “لا تحاول استغلال إيماننا لإخفاء اللامسؤولية الكبيرة للكوارث. لا يمكنك التستر على عدم كفاءتك بتسميها خطة مصير”.

تركيا الدولة الرابعة في طلب إزالة منشورات من “تويتر”

بحسب مركز “الشفافية” التابع لـ”تويتر”، 97 في المئة من إجمالي الحجم العالمي للطلبات القانونية لإزالة منشورات على “تويتر” صادر من 5 دول (بترتيب تنازلي): اليابان وروسيا وكوريا الجنوبية وتركيا والهند، على مدار السنوات الثلاث الماضية.

لم يكن بعيداً على أنقرة اتّباع استراتيجية تكميم الأفواه، على رغم حجم الكارثة التي أصابتها، فـ”تويتر” في تركيا يشكل منصّة أساسيّة للتعبير عن الآراء وانتقاد أردوغان وغيره من المسؤولين، لا سيما أن الزلزال والأرواح التي حصدها، كارثة وقعت على رأس الرئيس الذي يحضر نفسه للانتخابات الرئاسية المقرّرة في أيّار/ مايو 2023.

وفقًا لخدمة المراقبة NetBlocks، استمر الحظر عقب الزلزال الأول لساعات قبل استعادته في وقت متأخر من يوم الأربعاء 15 شباط/ فبراير 2023، بعد محادثات بين “تويتر” والحكومة. 

قبضت الشرطة أيضاً على 20 ناشطاً على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب انتقادهم استجابة حكومة أردوغان للزلزال، قائلة إن المنشورات كانت “استفزازية”، ومن جانب آخر استخدم الأتراك “تويتر” منذ وقوع الكارثة لنشر معلومات عن المفقودين، وعن مبانٍ منهارة لتنسيق الجهود والمساعدة. 

تواصل “درج” مع عدد من النشطاء الحقوقيين في المجال الرقمي في تركيا وسوريا، إلّا أنّ غالبيّتهم امتنعوا عن الرّد لأسبابٍ أمنيّة. وهناك منظّمات حقوقيّة أكّدت إنّ إعطاء تصريح حول هذا الموضوع ” يشكّل خطراً على الموظّفين في تركيا أو سوريا”. 

“سياسة ونظام قاعدة البيانات التي تحتفظ بها السلطات الحكومية يمثلان إشكالية فعلية، اذ لا نعرف ما الذي يحفز أو يدفع السلطات الحكومية لفرض حظر أو تضييق على أنواع مختلفة من مواقع الويب”، تقول الخبيرة القانونية والناشطة الحقوقية اللبنانية التركية القاطنة في اسطنبول جوسلين عليان لـ”درج”.

تشير عليان إلى أنّ القانون يمنح سلطة تقديرية واسعة للحكومة ويمكنها من التحكم بالمحتوى الرقمي ومنع الولوج الى بعض المواقع أو الحد منه، من دون قرار قضائي، وذلك بناءً على قرار رئيس دائرة الاتصالات الذي بدوره خاضع للمراجعة القضائية خلال فترة 24 ساعة من تاريخ صدور “المنع”،لكن هذا التدبير حسب عليان  “يهدف إلى تخفيف الاستخدام من أجل منع التضليل في البيئة الفوضوية التي تسود بعد الزلازل”. إذ تعتقد أنّ المناطق التي ضربها الزلزال قريبة جداُ من المناطق الخاضعة لسيطرة المنظمات الإرهابية، “فالاستفزازات التي ستنشأ عبر التضليل في البلاد يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية أو مشكلات أمنية أخرى”. 

لا يزال المشهد إلى الآن ضبابياً حول طبيعة المحادثات أو القرارات التي أعادت تفعيل “تويتر” في تركيا، فخلف تلك الساعات المحدودة أسئلة حول مدى فاعليّة هذه الخطوة في “الحد من الأخبار الكاذبة”، الحجة التي تذرّعت بها الحكومة. 

تُعتَبَر المساحة الرقمية انعكاساً للواقع القمعي في تركيا، التي تضغط على الحقوق الرقمية، فـ”حجب المنصة لم يكن يوماً سبباً كافياً لاستخدامها بطريقة خاطئة من قبل النشطاء” يقول محمد نجم، المدير التنفيذي لمنظمة “سمكس” للحقوق والحريات الرقمية لـ”درج”. إذ يرى أن الخطوات التي قامت بها حكومة أردوغان هي استغلال لكارثة الزلزال.  ويشير إلى أنّ القانون التركي يتضمن على مواد سجنية مرتبطة بحرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما لاحظناه في الاعتقالات التي حصلت. 

إيلون ماسك منحنياً لمطالب الحكومات بالحظر

غرّد الرئيس التنفيذي لـ”تويتر” إيلون ماسك في 9/2/2023 التالي: “أبلغت الحكومة التركية “تويتر” بأنها ستعيد إمكانيّة الدخول إلى الموقع قريباً”، موقف ماسك هنا ينطلق من دفاعه  عن حريّة التعبير، لكن  على طريقته الخاصّة، إذ سبق وأن حجبت بعض الحسابات التي تنتقده.

يؤكد محمد نجم لـ”درج” أنّ الدول التي تريد حجب المنصات، بإمكانها أن تقوم بذلك وإن رفض المالك الجديد إيلون ماسك. لكنّ الأخير، ألغى وظائف الكثير من العاملين في حماية الانترنت وحقوق الانسان. يضيف نجم:  “فقدان هذا النوع من الموظفين سوف يؤثر في تويتر بشكل أكبر على المدى الطويل، ليصبح مساحة أكبر للمتنمرين والمتحرشين والذين ينشرون أخباراً كاذبة بحق”.

في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2022، قيدت السلطات التركيّة  استخدام منصات التواصل الاجتماعي بعد انفجار اسطنبول. أصدر أردوغان قراراً بتخفيض الوصول إلى المنصة لمدة 8 إلى 11 ساعة، وفقًا لـ NetBlocks. كذلك، سعت تركيا عام 2014 إلى حظر “تويتر” تماماً بعد فضيحة تسجيلات قيل إنها كشفت عن فساد في إدارة أردوغان، رئيس الوزراء آنذاك.

يواصل أردوغان الآن التضييق على الصحافيين والنشطاء، وفرض عقوبات على وسائل الإعلام، ليست سوى تهديد إضافي لأي معارض أو منتقد لسياسته أو سياسة حكومته، في الوقت ذاته يملك أردوغان سطوة على وسائل الإعلام المحلية للتسويق لنفسه من جهة، ولـ”شتم” النقّاد من جهة أخرى، إذ غردت الناشطة الحقوقية التركية حافظة غرداب على تويتر:”رئيس تركيا يشتم النقّاد الذين يعبّرون عن فشل الحكومة في التعامل مع الأزمة التي أعقبت الزلزال، وهو يصف النقاد بأنهم وقحون، ومخادعون، وغير أخلاقيين، وحقيرون، عار!”.