fbpx

 “خطيئة” أن تسكني وحدك في الأردن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما زال قرار امرأة أن تعيش لوحدها في الأردن، ضمن قائمة “المحظورات والممنوعات”، وبحسب الثقافة السائدة، يحق لها أن تكون في سكن طالبات أو مطلقة مع ابنائها أما غير ذلك فـ”ياعيب الشوم”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تُمسك حنين هاتفها، تبحث عن خاصية الحجب / البلوك،  تنظر إلى رقم زميلها في العمل ثم تحجبه. تتأكد بعدها من عدد الذين حجبتهم في الفترة الأخيرة من هاتفها وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعيّ، تستغرب كون بعضهم لم تتجاوز معرفتها بهم الشهرين.

الصداقة، الزمالة، المعرفة من بعيد، المتابعة على “انستغرام”، مهما كان أسلوب “التواصل”، فالنتيجة واحدة، كل الذين حجبتهم حنين تشابهوا، كلهم، بحسب تصريحها لـ”درج”، فجميعهم تجاوزوا حدودهم.

ما زال قرار امرأة أن تعيش لوحدها في الأردن، ضمن قائمة “المحظورات والممنوعات”، وبحسب الثقافة السائدة، يحق للمرأة أن تسكن لوحدها دون أن تثير حولها الجدل الشبهات في حالتين، أن تكون طالبةً تقيم في سكن الطالبات لأن أهلها خارج البلاد، أو أن تكون مطلقة تعيش مع أبنائها حصراً، أما في أي حالة أخرى، فـ”يا عيب الشوم”.

تشير حنين (32 سنة) إلى الشرطين السابقين كونهما لا ينطبقان عليها، فهي تسكن لوحدها، خارج منزل أهلها، ما جعلها بحسب قولها “فريسة”، إذ ترى: “أن المجتمع الأردني لا يستوعب أن تعيش شابة أو امرأة وحدها دون مبررات”.

تعمل حنين في إحدى مؤسسات المجتمع المدني المختصة بالدفاع عن قضايا المرأة، ومضى على سكنها وحدها شهران فقط، لكن الأمر لم يكن بالسهولة المتوقعة، إذ تقول: “حظي قرار عيشي بمفردي باستقلاليّة بقبول واحترام عائلتي، لكن  رأي المجتمع  مُختلف، إذ يُنظر إلى الفتاة التي تختار أن تستقل في ظل وجود عائلتها، بأنها إما ناقصة تربيّة، أو كما يقولون (كاسرة)، أي لا يقوى عليها أحد”.

تكمل حنين حديثها: “دعم أهلي قراري، فلم أجد نفسي مضطرة  إلى أن أخفي حقيقة أنني أعيش وحيدة، كما تفعل غالبية الفتيات العزباوات اللواتي يعشن وحدهن، بالعكس، أعلنت عن ذلك في مكان عملي وأمام أصدقائي، حتى إنني أنشر بين فترة وأخرى صوراً لمنزلي على حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن يبدو أن قراري بأن أتباهى باستقلاليتي، كان دعوة لمحاولة استغلالي”.

تخبرنا حنين عن حادثة تعرضت لها مع أحد زملائها في العمل، الذي كتب لها عبر “واتس آب”: “ارسلي لي لوكيشن بيتك، جايب معي بيرة ومزة عشان نسهر سوا”،  فوجئت حنين بـ”وقاحة” زميلها المتزوج، وتعقب: “علاقتي به لا تتجاوز حدود السلام السطحي، تعاملت مع هذه الرسالة بوصفها وصلتني بالخطأ، وعندما كتبت له أنه ربما أخطأ المُرسل، أجاب بوقاحة أكبر: لا يا حنين، أنا جاي أسهر عندك، وحينها حجبته فوراً”.

تحجج زميلها في اليوم التالي بأنه “أسرف في الشرب”، ولم تكن نيّته سيئة، وبرر تصرفه حينها بأنه كان يحتاج في تلك اللحظة إلى “صديقة يفضفض لها عن مشاكله”.

تستطرد بعدها حنين لتخبرنا عن كم الرسائل المشابهة التي تصلها، وتعلق على الثقافة الذكوريّة التي تسمح للرجال بتجاوز الحدود  التي ترسمها النساء، فهي عرضة لـ”حركشات” دائمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي  تتمحور حول سكنها وحدها، إذ تصلها رسائل على شاكلة “يا ريتني معك الآن”، و”الوحدة مرة، خليني أمر أسليك”، وغيرها.

لا إحصاءات أو أرقام تقديرية لعدد الفتيات والنساء الأردنيات اللواتي يعشن بشكل مستقل، بسبب الخوف من نظرة المجتمع، وتفضيل كثيرات ترك الأمر سراً، إذ إن الأحكام والصور النمطية ما زالت تحاصر المرأة المستقلة بقرار منها أو بسبب الظروف. الأسباب غير مهمّة، فالنتيجة واحدة، امرأة وحيدة في المنزل، معنى ذلك أنها فريسة سهلة.

“بعيداً عن وجع الرأس”

تخفي ناديا (30 سنة)، حقيقة أنها تسكن لوحدها، كونها تفضل أن تعيش  “بعيداً عن وجع الراس”، وتقصد بدقة حين سألناها ، “الاستغلال الذي ستتعرض له من قبل رجال”.

لم تخفِ ناديا حقيقة سكنها لوحدها حين انتقلت إلى شقتها الخاصة في عمّان،  لكنها تعرضت خلال الحجر الصحي الإجباري أثناء جائحة “كورونا” لمواقف كثيرة، دفعتها لتحويل سكنها إلى سرّ، إذ وصلتها رسائل على شاكلة: “معي تصريح تجول، شو طابختيلنا اليوم؟ جاي أتغدى معك”، التي أرسلها  صحافي تعرفه من عملها في شركة علاقات عامة.

تقول ناديا: “لم أقابل هذا الشخص إلا في المؤتمرات الصحافية التي تنظمها شركتنا، ويعلم أنني أعيش وحدي لأني نشرت مرة على حسابي على فيسبوك أنني أبحث عن شقة للإيجار في محيط مكان عملي… لم أتخيل أن تأتي به الجرأة ويطلب مني طلباً كهذا”.

 تلقت ناديا خلال الحجر الصحي “عروضاً” لتوصيل دخان، ومواد تموينية، وحتى معسل النرجيلة، كلها كانت تهدف إلى معرفة عنوان سكنها، تقول: “ما يثير الغضب والضحك في الوقت ذاته، أن معظم هذه الرسائل كانت تصلني بعد منتصف الليل!”.

تقطن ناديا في منطقة “خلدا” في عمان الغربيّة، وتفسر اختيارها هذه المنطقة ذات الإيجارات المرتفعة بأنها تفضل أن تسكن في منطقة “راقية”، وأن تتحمل الإيجار المرتفع، لعلها تحصل على مساحة خصوصية أكبر: “ما حصل معي علمني ألّا أعلن أنني أسكن وحيدة، بل وبدأت أكذب وأقول أنني أعيش في منزل خالتي!”.

حافظت المملكة الأردنية على تصنيفها في “التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين” الصادر عام 2022،  في المرتبة 122 من أصل 146، وبرغم الجهود الرسميّة لتمكين المرأة ودعم مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصاديّة، إلا أنها ما زالت تعجز عن ممارسة حقها الأبسط بالسكن وحيدة، إذ لا يوجد قانون يمنع المرأة من أن تستأجر منزلاً لتسكن فيه، لكن الخوف من المجتمع وتحفظ بعض المؤجرين والمكاتب العقاريّة، عوامل تهدد هذا الحق، إذ تؤكد الشهادات التي حصلنا عليها أن المشكلة ثقافية واجتماعيّة، والمعركة أشدّ من أن تقف على حدود التشريع القانوني.

معركة الاستقلالية: قرار ثم نصيحة

أطلقت شابة أردنية مدونة حاولت فيها تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الفتاة التي تعيش وحدها، أو مع فتيات أخريات بعيداً من عائلتها.

أطلقت منى (اسم مستعار) المدونة بعد تجربة شخصيّة وصعوبات كثيرة واجهتها بسبب قرارها أن تسكن وحيدة إذ اجبرتها الضغوط على تكرار تغيير مكان سكنها بسبب صعوبات اجتماعية.”.

نشرت منى كتابات باللغتين الإنكليزية والعربية، تسرد فيها قصصاً وتجارب ونصائح لتشجيع  النساء، ومحاولة مساعدتهن على العيش وحيدات، ومواجهة المجتمع الذي لا يرحب باستقلاليتهن، إذ نقرأ  في المقالات عناوين مثل “التسوق لشراء اللوازم المنزلية: مخزون” و”العش بمفردك: كيف تحولين مهارتك/ هوايتك إلى مال؟” و”إدارة الطعام” و”اختيار غرفتك”.

علقت  بنان أبو زين الدين، المديرة التنفيذية لحركة “تقاطعات” النسويّة، على الحكايات السابقة، من دون أن تستغرب ما ورد فيها، فالكثير من النساء في الأردن، ينظر إليهنّ المجتمع كـ”ممتلكات”، وعليهن تبرير كل تصرف يقمن به وإلا فهن مُستباحات: “يجب أن تتلاءم قراراتنا مع احتياجات الرجال ورغباتهم، سواء كانت تتعلق بالعمل أو الزواج أو الصحة أو السفر”.

تضيف بنان: “لا يدعم القانون الأردني خيارات المرأة، حتى إن أصبحت ناضجة بما يكفي، ومهما تقدّمت في السن، فقراراتها محكومة بموافقة ولي أمرها، ناهيك بأن جسدها هو المعيار الذي يقيس به المجتمع الأردني (الشرف) وعليها أن تتحمل هذا العبء!”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.