fbpx

التنمّر يهدّد حياة طلاب مصر…”رودينا” ليست الأخيرة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تخلو المناهج الدراسية المصرية من أي توعية ضد التنمر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“إيه دا هو انتي بتحسي، انتي ازاي مستحملة شكلك ده، إنتي مش شايفة عاملة إزاي”، “انتي مش من مستوانا”.

حفرت العبارات المسيئة أعلاه في قلب الطفلة المصرية رودينا، إذ لم يوفر زملاؤها في المدرسة فرصة للتنمر عليها، لكنها لم تعلم، ولا أهلها، ولا من تنمروا عليها، أن هذه العبارات ستكون أحد أسباب فقدانها حياتها، إذ امتنعت عن تناول الطعام وأصابتها سكتة قلبية أدت إلى وفاتها.

تذكّرنا حادثة وفاة الطفلة رودينا بمأساة الطالب المصري أدهم جميل سكر، الذي أنهى حياته العام الماضي بعد تعرضه للتنمر من زملائه في المدرسة، بسبب ضعف بصره، وعلى رغم أن أدهم كان متفوقا دراسياً، إلا أن تفوقه هذا كان سبب التنمر الذي تعرض له حسب شهادات أهله، إذ أراد زملاؤه تثبيط عزيمته، فسخروا من ضعف بصره.

تخلو المناهج الدراسية المصرية من أي توعية ضد التنمر ، الذي يبدو أنه ظاهرة منتشرة وفقاً للشهادات التي حصل عليها “درج”، إذ يتم التعامل معه أحياناً بوصفه شكلاً من أشكال لعب الأطفال، ولا يؤخذ على محمل الجد حتى بعد تدخّل الأهل وتنبيههم الكادر التدريسي.

تقول سحر محمد في حديث مع “درج”، أنها لا تستطيع إحصاء عدد المرات التي تعرض فيها ابنها للتنمر والإيذاء البدني داخل المدرسة، فالمواقف مؤلمة ولم ينتهِ التنمر إلا بألم أكبر، وتعقّب: “كان ابني يتعرض للتنمر من زميل له في الصف ضخم البنية ووالده في منصب قيادي، وصل التنمر إلى الإيذاء البدني، حيث تعمّد هذا الطالب مراراً أن يقفز على مكتب ابني في الفصل ليدهس يده بحذائه، السبب أن ابني أسمر البشرة وشعره مجعد، وعندما امتدّ أذى هذا الطالب إلى أطفال آخرين، اضطر ابني لتكوين رابطة انتقام من زميلهم، حاموا حوله في دائرة ونزعوا عنه بنطاله أمام الجميع، ولم يتوقف عن تنمّره إلا بعد أن شعر بالخزي أمام كل المدرسة”.

لا يتوقف التنمر عند الشكل والأسماء فقط داخل المدارس المصرية، بل يمتد إلى التنمر بسبب الديانة.

تعرضت ابنة سحر أيضاً للتنمر والأذى النفسي والبدني، ففي أحد الأيام قام زميلها بتعبئة كفه بالرمال المليئة بالنمل ووضعها في قميصها، فأصيبت الفتاة بالتورم نتيجة قرص النمل، تقول سحر :”لا تتدخل إدارة المدرسة لوقف التنمر، وأراهن أنهم لا يعلمون أصلاً معنى التنمر ولا خطورته، يكتفون بفصل الطفل المتنمر يوماً واحداً، من دون أن يتدخلوا لتعديل سلوكه ولا توعية أهل المتنمر بخطورة أن يمارس ابنهم هذا الفعل العدائي”.

سلام كاتبة سورية كانت مقيمة في الإمارات وجاءت إلى مصر بصحبة زوجها المصري، ألحقت ابنتها بإحدى المدارس الدولية، لكنها تعرضت للتنمر منذ اليوم الأول في المدرسة، تقول سلام: “تعرضت ابنتي  للتنمر بسبب لهجتها السورية، وزاد التنمر أكثر بسبب اسمها (ميريت) الذي يتطابق مع نوع سجائر مشهور في مصر، على رغم أن اسم ابنتي مصري، وهو اسم إحدى أشهر ملكات الفراعنة (ميريت آمون)، لكن ابنتي عجزت عن إقناع زملائها، واستمر التنمر عليها وعزلها اجتماعياً طوال سنين المدرسة”.

امتد ّتأثير التنمر على ميريت لسنوات على رغم تخرجها في المدرسة، تقول سلام: ” كنا ندعم ابنتنا طوال الوقت، لكنها عجزت عن مواجهة هذا الضغط اليومي، كانت تضطر لأكل وجبتها داخل الحمام وقت الفرصة، لتفادي الصدام مع زملائها بين الحصص، وإلى اليوم ما زالت ابنتي تعاني من سوء تغذية بسبب ما اختبرته من تنمر”.

تذكر سحر واقعة طفل من غانا، التحق بمدرسة ولدها وتعرض هو الآخر للتنمر بسبب بشرته السمراء، تقول: “وصل الأمر إلى حد ضرب  الطفل بقوة على رأسه، وانتهى الأمر عند الطبيب بقطبتين ليلتئم الجرح”.

لا يتوقف التنمر عند الشكل والأسماء فقط داخل المدارس المصرية، بل يمتد إلى التنمر بسبب الديانة، تلفت سحر: “يتعرض الأطفال المسيحيون لتنمر طائفي، ونحن نعلم كأمهات ما يعنيه أن تكون طفلاً مسيحياً في صف غالبيته من المسلمين، يتجنب الطلبة الجلوس بجوارك ويتعمدون عزلك اجتماعياً بأسلوب قاسٍ”.

رودينا التي ماتت قهراً

كانت رودينا قبل موتها، طفلة متفوقة دراسياً، ونالت محبة جميع مدرسيها، ما زاد من حدة التنمر عليها في مدرستها، فوفق شهادات الأمهات لـ”درج”، كلما زاد تفوق أبنائهن وبناتهنّ زاد التنمر عليهم.

لم تتحمل رودينا هذا الضغط من زملائها في المدرسة، وأُصيبت بانهيار شديد، وعلى رغم محاولات والدها التخفيف عنها وتقديم شكوى لإدارة المدرسة، إلا أن حالتها النفسية كانت قد تدهورت، فرفضت الطعام ومكثت ساعات عدة في غرفتها حزينة، إلى أن أصابتها أزمة قلبية حادة وتوفيت في الحال.

محمد عيد مرشد، موجّه تربوي، ومؤسس منهج “مجراية” للتعليم المرن، يقول في تصريحات لـ”درج”، إن المناهج الدراسية الحكومية لا تهتم بتعليم السلوكيات الصحيحة للأطفال منذ سن مبكر، وإن المدرسين أنفسهم يتنمرون على بعضهم البعض، ولا يأخذون ظاهرة مثل التنمر على محمل الجد، ناهيك بغياب التدريبات التي تستهدف توعية المدرسين والمدرسات بهذه الظواهر الخطيرة، كما لا تتدخل إدارات المدرسة بتعديل سلوك الطلاب عبر ورش تدريبية، وينحصر الحل في العقاب بالفصل يوم أو يومين.

قرر مرشد ترك مهنته بعد إنجاب ابنته شغف، ليتخصّص في التعليم المرن، الذين يهتم بتعليم الطفل سلوكيات غير موجودة داخل سياق التعليم المصري، مثل حق الكلمة وحق الصمت والحقوق والمشاركة والمسؤولية واحترام الآخر ومساندته.

اختار مرشد أن يعلّم ابنته منهج “مجراية” الذي أسسه بنفسه إلى جانب مناهج التعليم الحكومي، إذ قرر عدم إرسال ابنته إلى المدرسة، لأنه يرى أن تطورها الإنساني والتعليمي غير مشروط بالذهاب الى المدرسة، وهو يتبنى منهج مجراية الذي يستهدف الأطفال حتى عمر 10 سنوات لبناء منظومة قيم وسلوكيات تؤهلهم للتعامل مع “فكر النواقص” بأنفسهم.

يقول مرشد: “نعلم الطفل أن يتعامل مع المشكلات بنفسه، ولا نعلمه أننا من نتصرف بالنيابة عنه، لكن في المقابل لا بد من أن تكون إدارات المدارس متعاونة، وأن يكون المعلمون على وعي بخطورة السلوكيات المنتشرة بين الطلاب مثل التنمر وغيره”.

يرى مرشد أن المتنمر يكون عادةً شخصاً قيادياً ويتمتع بقوة الشخصية، لكنه غير قادر على توظيف امتيازاته، مضيفاً “لا نريد التعامل مع الطفل المتنمر باعتباره شيطاناً، هو طفل ويحتاج إلى توعية لترشيد سلوكه واستغلال قوة شخصيته أو بنيته الجسدية في مساندة الآخرين، هذه التوعية ضرورية قبل أن تتفاقم الظاهرة أكثر”.

نشرت منظمة “يونيسيف” فيديو لقصة آية مع التنمر بسبب لون بشرتها، تقول فيها آية: “كانوا بيتريقوا على شكلي عشان أنا سمرا، في الأول كنت بسمع الكلام وأعيط، سنة ورا سنة لحد ما كبرت وماما حاولت تديني ثقة في نفسي”.

وفقاً لتقرير نشرته “يونيسيف“، يؤثر التنمر بشكل كبير في نفسية الأطفال وتحصيلهم الدراسي، ويؤدي إلى فقدان التركيز وتراجع المستوى الدراسي والخجل الاجتماعي والخوف من مواجهة المجتمعات الجديدة، ويزيد احتمالات حدوث مشاكل في الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق والرغبة في الانتحار

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.