fbpx

كيف أحمي طفلي من خطر الزلزال والانهيار والتضخّم في لبنان؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما ذنب الطفل أن يحمل مخاوف تتعلق بالحياة أو بالموت أو أي شيء مقلق؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“الآن سنبني حصننا، أنت بارع في بناء الحصون المنيعة، أليس هذا ما تفعله حين تلعب البلاي ستايشن؟”.

هكذا طلبت من ابني(9 سنوات) مساعدتي في بناء ملاذ يحمينا من الزلازل والهزّات الأرضية.

نقطن شقة في الطابق الحادي عشر، وكان لزاماً علينا أن نجد حلاً يحمينا من رعب الهزات الأرضية التي تضرب لبنان بوتيرة متتالية بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا. 

نحن الأمهات وجدنا أنفسنا أمام تحدّيين: تحدي إبعاد شبح الموت الذي يتفنن في طرق أبوابنا، وتحدي إبقاء أطفالنا في حالة نفسية سليمة، إلى حدٍّ ما. الفرار من الموت لعبة نتقنها نحن اللبنانيين، منذ الحرب الأهلية والاعتداءات الإسرائيلية والتفجيرات والاغتيالات، وصولاً إلى تفجير 4 آب/ أغسطس. من نجا منا، ينتقل إلى مراحل متقدّمة من “اللعبة” ويزداد الأمر خطورة في ما يبدو.

“الطاولة كبيرة تسعنا نحن الأربعة، سنحصّنها بوضع بعض المخدّات والفرش فوقها لامتصاص الصدمة”، أكملت لعبة الهروب مع ابني المرعوب من فكرة الموت، بينما تتردد في رأسي صور من مشاهد فيلم la vita é bella-“الحياة حلوة” لروبيرتو بينيني، الذي يحكي قصة يهودي – إيطالي حوّل مأساة الهولوكوست، بخياله الخصب، إلى “لعبة” للتخفيف من هول المحرقة على ابنه الصغير، وإنقاذه من رعب أفران الغاز خلال اعتقالهم في معسكر نازي. 

هدأت الأمور قليلاً في رأسي، فاستعنتُ بالمتخصصة في علم النفس لانا قصقص، التي أعطتني بعض النصائح عن كيفية التعامل مع الأطفال خلال الأزمات والمصائب، خصوصاً أن اللبنانيين منذ العام 2019، يمرون بأزمات(هزّات) اقتصادية واجتماعية خانقة، أثّرت في غالبية الأسر اللبنانية وطاولت، بطبيعة الحال، الأطفال.

تقول لانا : “نتعامل مع الطفل حسب اهتماماته. نستعمل الرسم لإيصال الفكرة له وليعبّر عن نفسه. نساعده عن طريق اللعب أو  قصة توصل الفكرة. يمكن أن نفتعل هزة متخيّلة ونعيش معه اللحظة حتى نساعده على التصرف الصحيح عندما تحصل هزة فعلية”. 

تشدد لانا على أن الفكرة الأهم هي أن “نُشعِر الطفل بالاطمئنان والأمان، فليس هناك من داعٍ لجعله يقلق من المستقبل والأحداث الآتية، علينا أن نركز على فكرة أننا الآن بأمان، وإذا حدثت هزة في المستقبل علينا أن نتّبع نصائح السلامة. لا نبالغ في المعلومة ولا نسخّفها، نعطي الطفل المعلومات حسب عمره ونجنّبه القلق”.

نحن الأمهات وجدنا أنفسنا أمام تحدّيين: تحدي إبعاد شبح الموت الذي يتفنن في طرق أبوابنا، وتحدي إبقاء أطفالنا في حالة نفسية سليمة، إلى حدٍّ ما.

سألت لانا  عن القلق الذي تسبّبه الأزمة الاقتصادية، وحاجات الأطفال التي يعجز الكثير من الأهل عن تلبيتها بعد الانهيار، فنصَحتني قائلةً إن علينا أن نخبر أطفالنا عن أوضاعنا الاقتصادية الخاصة من دون الدخول معهم في الوضع الاقتصادي العام في البلاد، وتعقّب: “يمكن أن نخبرهم أن ما اعتادوا على الحصول عليه يومياً أو أسبوعياً مثلاً، يمكن أن يحصلوا عليه مرة واحدة في الشهر. المهم هو تعزيز التواصل العاطفي مع الأطفال في فترة الأزمة لتعويضهم عن الحرمان المادي”. يمكننا أن نخبر الأطفال أيضاً، بحسب لانا، أن هناك من تسبّب بالأزمة، وأن هؤلاء لم يعملوا لصالح لبنان، من دون أن ندخلهم في زواريب السياسة، وننقل إليهم الحساسيات السياسية اللبنانية. 

لكن،كيف لنا أن نسيطر على قلقتا ونحن نعيش داخله؟ أذكر أن ولادة ابني تزامنت مع اغتيال محمد شطح. كنت في غرفة الولادة وورد خبر الانفجار، بكيت كي يخرجوني من غرفة العمليات لأطمئن على أخي الذي يعمل في شركة مكاتبها قريبة جداً من مكان الاغتيال. رفضت آنذاك إبرة البنج أن تدخل جسمي، حاول الأطباء إدخالها  ثلاث مرات لكن قلقي منعهم. 

كيف أتخلّص من القلق ولا أنقله إلى ابني الأصغر الذي كان يجلس تحت شباك الغرفة في انفجار 4 آب ورفض التحرك على رغم صراخي. كيف أتخلص من القلق وقد وُلدت في اجتياح اسرائيلي وكبرت مع عناقيد الغضب وحرب تموز / يوليو والسابع من أيار/ مايو وحروب أخرى ما عدت أذكر أسماءها؟

تقول لانا، “ما ذنب الطفل أن يحمل مخاوف تتعلق بالحياة أو بالموت أو أي شيء مقلق؟ الأطفال يكتسبون الخوف من أهاليهم، بالتالي عندما يتكلم الأهل أمام أطفالهم عن موضوع الهزات والموت والدمار ، سيكونون، بوعي أو من دون وعي، ينقلون مصدر القلق إلى الأطفال، وقد يؤثر هذا القلق في سلوكهم. فالطفل يكتسب الخوف الذي لم يختبره بعد بالملاحظة والتعلّم”.

أعرف جيداً أني لن أُشفى من قلقي في بلدٍ يسكنني لكنه أنهكني. ربما لهذا السبب سعينا إلى الرحيل. ربما سينجو طفلي من قلقي. أقلعت الطائرة من مطار بيروت تقلني وطفلي، أراقب المدينة  تبتعد وتصبح أصغر حتى اختفت تماماً.

اخترت “المنفى” وتركت جزءاً من روحي في بيروت التي أحب، علّقنا رسماً لجنى طرابلسي يصوّر المدينة مكثّفة في دائرة تبدو أقرب إلى متاهة. أتأمّل طويلاً في اللوحة – المتاهة، وطفلي إلى جانبي، وأفكر: هل نجونا فعلاً؟.

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…