fbpx

لا تحرّكات في اليوم العالمي للنساء في لبنان… فأينَ همّة “الإزعاج النسوي”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من الجائر فصلُ مسار المجموعات النسوية وأحوالها عن المشهد العام السائد وما يحكمه من انعدامٍ للحد الأدنى من الاستقرار ومؤشرات التفاؤل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عشرات الدعوات إلى حوارات وندوات لمناسبة اليوم العالمي للنساء، كلها مهمّة بلا شك، لكن ما من واحدة تقود إلى تجمّع، مسيرة أو وقفة على الأرض، كما جرت العادة خلال السنوات التي سبقت “كورونا” في لبنان. 

لا بد من التوقّف قليلاً عند بعض الأسباب الكامنة وراء غياب أي تحرّك نسوي واسع بعد انحسار الجائحة، تذكيراً بحقوق النساء التي تزداد تدهوراً بفعل الأزمات المتواصلة، وبتضامنهن مع بعضهن في وجه الهيكليات الأبويّة، أو على الأقل، تمسّكهن بنضالهن المديد.

بدايةً، من الصعب إغفال وقع الأزمات على أجيالٍ من الحقوقيات والنسويات وما تسبّبت به- ولا تزال- من تهجيرٍ لهن ولزميلاتهن من البلاد، ومن إرهاقٍ وذهول مما وصلت إليه الأمور، فضلاً عن شعور بعضهن بالخيبة من محاولات تنظيمية فشلت في أعقاب انتفاضة 17 تشرين الأول/ أكتوبر. 

لا يمكن القفز فوق الإحساس العميق بالعجز أمام الهرطقات التشريعية والحكومية التي لم يعهد مثلها لبنان، وما ينجم عنها من جمود على مستوى مساعي التفاوض مع الفضاءات الرسمية، وصعوبة رسم أفقٍ سياسي وشروط اشتباك مع السلطة بصورة جامعة وقادرة على لمّ بعض الشمل، فالرمال تحت الأقدام ما برحت مُتحرّكة. كما أنه من الجائر فصلُ مسار المجموعات النسوية وأحوالها عن المشهد العام السائد وما يحكمه من انعدامٍ للحد الأدنى من الاستقرار ومؤشرات التفاؤل. فمرحلة الكساد التي تمرّ بها الحركات الاحتجاجية، إذا صحّ التعبير، تُصيب معظم شرائح المجتمع، المُنهكة منها لأنها مُنهكة، والمقموعة منها لأنها مقموعة، والمحظيّة منها لأنها محظيّة. فنرى هذا الجمود، في أحسن الأحوال، يُكسر هنا وهناك بين الفينة والأخرى وبشكلٍ أكثر فئويةً. 

 التعويل على المجموعات النسوية لطالما كانت له نكهة مميّزة تجعل من فقدان المساحات الاحتجاجية العنيدة، خسارةً كبيرة وثقيلة

النساء هنّ فئةٌ بين الفئات المظلومة الكثيرة. يُكابدن الإفقار والتمييز والتعبَ أضعافاً، من دون أن تحظى صرخاتهن بالأهمية اللازمة. هنّ حقّاً مخذولات، لم يعدْن مكترثات ربما، أو آملات بما سيأتي. والأخطر، أن نساء كثيرات لم يعدْن يجدن مساحةً آمنة واحدة أو مجموعة دعمٍ لا يحسبن لها ألف حساب، يستطعن فيها التنفيس وتبادل الأفكار والمشاعر والهموم والحلول براحة، باستثناء بعض الجلسات الضيّقة، أو المساحات الافتراضية التي حلّت مكان الكثير من التفاعلات المباشرة. 

ولكن، على رغم هذه المعطيات، تظلّ تعنّ في البال فكرة، مفادها أن التعويل على المجموعات النسوية لطالما كانت له نكهة مميّزة تجعل من فقدان المساحات الاحتجاجية العنيدة، خسارةً كبيرة وثقيلة، كونَ المبادَرات النسوية تحديداً، كثيراً ما يُنظر إليها ككياناتٍ تحفظ هامشاً من الاستقلالية في تحرّكاتها، ذلك أنها في الأصل وُجِدَت لتنقطع عن المجتمع وتنخرط معه في آن.

غالباً ما كانت تلك المبادَرات وإنتاجاتُها تتحدّى- وهي خُلقت لتتحدّى- منطقَ الاستسلام للسائد أو مبدأ القدَر، نتيجة يقينها بأنّ كل قدرٍ مُرَكّب، وإدراكها، بالتالي، لضرورة الحفاظ على مسافة، ولو رمزية، بينها وبينه، تكفي لتمييز معالمه، فمواجهته تكفي أيضاً لتوجيه الانتباه إلى أحوالها الداخلية وأساليب العمل التعاضدية، بخاصة حين تكون الأوضاع الخارجية ضاغطة جداً.

يبدو أن تطبيق هذه الممارسة، ما زال حتّى الآن، معقداً، وسط أجواء قاتمة تهيمن عليها آلامُ الفقدان والتوتّر والحداد على مراحل العمل السابقة، ومعها ضبابية الرؤية، من دون إهمال طغيان مصالح فئوية تراكمت على مدى العقدين الماضيين لتنكشف بشكلٍ أكثر فظاظةً خلال الأزمة. وليس المقصود في هذا الإطار، تصويب الأصابع على تشرذم الحركات النسوية في استجرارٍ تلقائي لمعزوفة الانقسامات المُكرّرة. فهي تاريخياً حركاتٌ فكرية وسياسية وجذرية متنوّعة ومتجدّدة، وهذا أمر جيّد. إنما يمكننا أن نأسْفَ مثلاً على حركاتٍ نجح الفخّ التنافسي في التغلغل في بعضها- بسبب سياسات التمويل وبسبب شروط الناشطية “الأنَوية” الطابع- الى درجة أنها أحياناً لا تعود قادرة على التلاقي حتى أو تنظيم ولو مناسبة جامعة واحدة.

علاوةً على ما سبق، لا يمكن تجاهل توقيت كلام وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني، هكتور حجار، الذي لم يأتِ من فراغ، وسؤاله المُتهكِّم والممضوغ عمّا إذا كانت أولويّاتُ العمل في لبنان، “على سبيل المثال، ومع احترامي”، كما يقول، “هو أننا إذا حسّنّا مشاركة المرأة في العمل السياسي، ستُحلّ الأوضاع في لبنان؟ (…) وأن لا نُزوّج القاصرات وأن نخفّفَ الإنجاب عند القاصرات… هل هذه أولويات ستحلّ الأزمة؟”.

كان من المفيد أن يقول أحد للوزير إنه في الحقيقة، لو فعلت دولتُه هذا كله، لما كانت وقعتْ الأزمة بهذا الزخم من الأساس. فأنْ تُشارك النساء في العمل السياسي، يعني أنّ عموداً أساسياً من هذا النظام تهاوى؛ وأن يُمنعَ تزويج القاصرات، فهذا يعني أن شيئاً من طائفيته وأبويّته الخالصة سقط. 

وخطاب حجار ليس بجديد، لا سيما بالنسبة إلى نسويات “نبت الشعرُ على لسانهن”، وهنّ يردّدن مقولة “قضايانا أولوية”، وقضايانا في صلب التغيير، وحقوقنا الاقتصادية والفردية شديدة الترابط. إنّما الحقيقة المُرّة هي أنّ تصريح حجّار ليس منفصلاً عن الواقع، ذلك أنه يعكس لسانَ حال رجال ونساء كثر في مجتمعنا، قلقين من الأزمة المعيشية واستمرار اشتدادها إلى حد أنهم بالفعل، ربما لم يعودوا يرون في عناوين أخرى ما يمسّهم بشكلٍ مباشر، أو أنهم صاروا يفضّلون التركيز على مصيبةٍ واحدة بدلاً من المصيبتيْن أو العشر مصائب، كآلية دفاع جماعية تقيهم شرّاً إضافياً، الأمر الذي حتماً سيصعّب على المُبادَرات النسوية تأمين المستوى المرغوب من الحشد والإشراك.

ونحن نعدّد أسباب الركود ونطاقات الفرص، من المفيد أن نتذكّر أن هذه السنة أو هذه المرحلة التاريخية، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي تشهد فيها الحركات النسوية نوعاً من الخمول الحَرَكي المتأثّر بأحوال مكوّناتها وتحوّلات الأنظمة الحاكمة… وأنّ أنواعاً من الخمول قد تشي بحركيّةٍ تنمو، إنما في حيّزٍ آخر هو قيد الإنشاء، وقيد التكشُّف. 

أمّا عام 2023، فلا بأس أن يُحسَب علينا رسمياً كعامٍ آخر من الجمود، ولكن من الحِداد أيضاً، لا على النساء ضحايا العنف والقتل والجور فحسب، بل على عجزنا عن التحرّك من أجلهن بما يكفي… هذا العام أيضاً.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.