fbpx

زلزال 6 شباط: هل سرق النظام السوري مساعدات المنكوبين؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على رغم معرفة الجميع بأن المساعدات لا تصل إلى من يحتاجها، وأن هناك عرقلات مقصودة لأهداف سياسية، ما من أيّ تحرك ملموس على الأرض، وما زالت الأمور تسير بقواعد الفوضى التي تحكم السوريين منذ أكثر من عقد من الزمن.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ينشغل السوريون اليوم، سواء كانوا في مناطق النظام أو المعارضة، بشأن سرقة المساعدات وعرقلة وصولها الى المتضررين، فبعد  أكثر من شهر على زلزال 6 شباط/ فبراير، خرج عدد من السوريين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يشكون سرقة المساعدات ومنع وصول المتطوعين إلى المناطق المكنوبة، وإجبارهم من “الجهات الرسمية” على تسليم المساعدات، لتقوم الجهات المختصة بتوزيعها.

 تواصلنا في  “درج” مع أحد المتطوعين، الذي أكد لنا أن المساعدات التي سلموها للجهات الرسمية لم تصل إلى المستفيدين، والسؤال هنا ليس إلى أين تذهب المساعدات،  بل من يمكن أن يمنع نظام الأسد وأطراف الصراع من التحكم بوصول المساعدات بعد أكثر من شهر على الزلزال؟ 

النظام السوريّ الأكثر تلاعباً بتوزيع المساعدات

قالت منظمة العفو الدولية إن الحكومة السورية منعت ما لا يقل عن 100 شاحنة تحمل مساعدات أساسية، من دخول الأحياء ذات الغالبية الكردية في مدينة حلب، في الفترة بين 9 و22 شباط. يبدو أن النظام السوري هو أكثر العابثين بالمساعدات، إذ قال عامل إغاثة وممثل محلي في شمال شرقي سوريا لمنظمة العفو الدولية، إنه بعد سبعة أيام من المفاوضات، سمحت الحكومة السورية لـ 100 شاحنة تحمل الوقود والمساعدات الإنسانية، بدخول الشيخ مقصود والأشرفية في 16 شباط، لكن شرط دخول هذه الشاحنات التي أرسلتها الإدارة الذاتية الى شمال سوريا وشرقها، هو أن تحوّل أكثر من نصف هذه المساعدات إلى الحكومة، التي ستكون وحدها المسؤولة عن توزيعها داخل هذه الأحياء، لكن لم يدخل سوى 21 شاحنة في النهاية، وهو جزء بسيط مما كانوا يأملون بوصوله.

ليس غريباً على نظام الأسد، منع المساعدات الأساسية عن السوريين، بما فيها الطعام والماء والأدوية، فترك الناس لموتهم وتدبّر أمرهم لوحدهم، جزء من سياسات النظام، التي تهدف الى إذلال مواطنيه والتحكم بـ”حياتهم”، سواء عبر الحصار أو عبر استنزافهم في سبيل تمكين ما تبقى من سلطته. تقول آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “في لحظة اليأس هذه، وظفت الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة الاعتبارات السياسية، واستغلت بؤس الناس لتعزيز أجنداتها الخاصة”. 

إنقاذ عائلات الجماعات المسلّحة أولاً

ترهيب المحتاجين، حرمانهم من المساعدات، منع دخول الشاحنات إلى المناطق المتضررة، وتوزيع المساعدات لعائلات المقاتلين في أطراف النزاع، إضافة إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق الناس الذين حاولوا الحصول على المساعدة. هذه بعض الأمثلة عن كيفية عرقلة وصول المساعدات إلى المحتاجين، إذ أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 12 شخصاً، بمن فيهم ناجون وعاملون في المجال الإنساني في شمال سوريا وشمال شرقها، وعضو في منظمة سورية لحقوق الإنسان، وممثل عن الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها، وأكد أربعة أشخاص منهم،  أن الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا لم يمسح لما لا يقل عن 30 شاحنة وقود  وشاحنات أخرى تحمل مساعدات إنسانية أرسلتها الإدارة الذاتية الى شمال سوريا وشرقها، بدخول المناطق الخاضعة لسيطرته، إذ انتظرت الشاحنات عند المعبر الحدودي بين شمال شرقي سوريا وشمال حلب لمدة سبعة أيام قبل إعادتها. 

الخيام التي يجب أن تصل مجاناً وبسرعة قصوى إلى المتضررين، يضطر البعض إلى شرائها بـ 150 دولاراً أميركياً، وهذا ما حصل مع أقارب رجل كردي من جنديرس قابلته منظمة العفو، إذ قال الرجل الذي لم يذكر التقرير اسمه: “كيف توجد خيام للبيع عندما تكون جميع الخيام التي تصل إلى المنطقة من خلال التبرعات والمنظمات؟”، وأضاف: “عندما طلبت المساعدة من منظمة محلية، قالوا لي إنّه ما من مساعدات. ولكن بعد ذلك، رأيت جارنا، الذي لديه قريب في جماعة مسلحة، يتلقى 17 صندوقاً صغيراً من المساعدات. وهم مجرد عائلة صغيرة مكونة من خمسة أفراد”. 

ليس هذا وحسب، فالجماعات المسلحة في عفرين تستحوذ على المساعدات لتوزيعها على عائلاتها وأقاربها، وقد تأكدت المنظمة من ستّ حالات على الأقل، إذ تكررت عبارة “لم تتلقَّ عائلتي أي شيء” على ألسنة المصادر المحلية بالإضافة الى ما ورد في التقرير.

يمكن القول إن الحياة لا تمشي في سوريا إلا بالوساطة التي ترمي بسطوتها حتى على عمليات الإنقاذ، إذ ضغطت الجماعات المسلحة على فرق البحث والإنقاذ لإعطاء الأولوية لمنازل عائلاتها وأقاربها، وأجبرت القوافل التي عبرت عبر الشمال الشرقي، الخاضع لسيطرة الأكراد، على التخلي عن 40 في المئة من المساعدات الإنسانية كشرط للمرور إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها.

عرقلة المساعدات تتسبّب في عدد من الوفيات

الزلزال الذي ضرب جنوب شرقي تركيا وشمال سوريا بقوة 7.7 و7.6 درجة على التوالي، خلّف ما لا يقل عن 6000 قتيل في سوريا، بالإضافة إلى أكثر من 8 ملايين شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة، بما في ذلك 4.1 مليون شخص في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال حلب، و4 ملايين شخص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بحسب الأمم المتحدة.

ينتظر هؤلاء كلهم المساعدات التي يسمعون بها، ويرونها على الشاشات تصل إلى مطارات مناطق سيطرة النظام، لكن من دون أن تحقق، على رغم كثرتها، أي تحسن في وضع الناس، إذ قال عضو في المجلس المحلي لحيي الشيخ مقصود والأشرفية لمنظمة العفو الدولية، إنَّ ستة أشخاص لقوا حتفهم وأصيب 100 آخرون في الزلزل بسبب صعوبة الحصول على الأدوية والإمدادات، وأضاف أنه بعد الزلزال لم يتلقوا أي وقود أو مساعدات إنسانية حتى 18 شباط. التأخير في وصول المساعدات أو نقصها في مناطق تعاني أصلاً من وضع متردٍّ، أجبر البعض على النزوح إلى مناطق أخرى، كما أدى إلى وفيات كان من الممكن تجنّبها، بحسب التقرير.

وعلى رغم معرفة الجميع بأن المساعدات لا تصل إلى من يحتاجها، وأن هناك عرقلات مقصودة لأهداف سياسية، ما من أيّ تحرك ملموس على الأرض، وما زالت الأمور تسير بقواعد الفوضى التي تحكم السوريين منذ أكثر من عقد من الزمن.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!