fbpx

ضحايا الابتزاز الإلكتروني في مصر… مراكز الشرطة إذ تتحوّل إلى محاكمات أخلاقية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

قلة من ضحايا الابتزاز من النساء يعرفن بأن هناك قانوناً لمعاقبة الانتهاكات الإلكترونية، وغالباً ما كانت العادات والتقاليد والخوف من الوصمة المجتمعية هي الدافع خلف محاولة البعض التعامل مع المبتزين مباشرة أو عبر وسطاء لتفادي “الفضيحة”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كانت نوال (37 سنة) تعتقد أن اللجوء إلى الشرطة سيحميها وسيضع حداً لشخص يبتزها بصور لها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وعلى رغم ما يعنيه أن تبوح أم لثلاثة أطفال بأنها مهدّدة لأن شخصاً ما يملك صورها، وهو ما لا يمكن أن تقبله بيئتها المحافظة، قررت نوال اللجوء إلى مباحث الإنترنت.

في البداية، تعامل معها العنصر المسؤول عن تلقّي البلاغات باحترام شديد، ذلك طبعاً قبل أن يدرك أن المبتز ليس زوجها ولا أخيها، لكن الأمر انقلب رأساً على عقب حين تبيّن أن المبتز لا تربطه بها أي علاقة شرعية! 

تروي نوال لـ”درج”، أنها وجدت نفسها مضطرة للإجابة عن أسئلة لا علاقة لها بالقضية، كانت بمثابة محاكمة أخلاقية لها. “ظل المحقق يوجه لي أسئلة شخصية زي انت عملتي كده ليه؟، جوزك كان فين؟، أهلك عايشين؟، عندك ولاد؟، مش عارفه ان دا حرام؟، جوزك عنده مشاكل جنسية؟، مفكرتيش في ولادك؟. وعندما رأى التهديدات والصور قال، كان فاضل ايه ما كنتي روحتيله البيت بقى. لم يكتفِ بذلك بل بدأ يتهامس مع من حوله، ويرمقونني بنظرات مهينة ويوجهون إلي كلمات جنسية، حاولت المحامية أن توقف هذه الأسئلة التي لا علاقة لها بالمحضر، لكن المحقق لم يستجب”.

الهروب كان وسيلة نوال الوحيدة أمام خوفها من تسريب بياناتها، وتأكدت أن كل الأحاديث التي سمعتها في وسائل الإعلام عن حماية النساء والمبلغات والشهود وسرية البيانات مجرد أوهام، بخاصة في مجتمع يدين النساء حتى إذا كنّ ضحايا.

تركت نوال مباحث الإنترنت مكسورة مرة أخرى، وبخوف مضاعف لا من مبتزها وحسب بل أيضاً من أن تُسرَّب بياناتها ويُكشف أمرها.

على رغم انتشار الابتزاز الإلكتروني بشكل خطير ومعاناة مصريات كثيرات منه، إلا أنّ لا إحصاءات رسمية حول عدد ضحاياه. إنما كشفت دراسة أعدتها “لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات” في مجلس النواب المصري، عن أن شهري أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر 2018 شهدا تقديم 1038 بلاغاً بجريمة إلكترونية، منها جرائم ابتزاز إلكتروني.

وعلى رغم إنفاق ملايين الجنيهات ضمن خطة للتنمية المستدامة للقضاء على العنف ضد النساء، إلا أن الأزمة الحقيقية تكمن في غياب التدريب والتأهيل اللازمين للعاملين في أقسام الشرطة والمعنيين بتلقّي الشكاوى، وتحديداً في قضايا العنف ضد النساء. وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى تراجع كثيرات عن تقديم بلاغات أو اللجوء إلى الجهات الرسمية لحمايتهنّ، إذ إن ذلك قد يزيد آلامهنّ ويعرّضهن لنوع آخر من العنف النفسي والمعنوي. 

في هذا الإطار، توضح الباحثة في مجال حقوق المرأة لمياء لطفي، أن هذا الوضع يفاقم حالة النساء خوفاً، مؤكدة لـ”درج” أن “معظم العاملين في مباحث الإنترنت غير مؤهلين للتعامل مع بلاغات الابتزاز الإلكتروني ومع النساء المعرضات للعنف، إذ لا تراعى الحالة النفسية التي يعانين منها، ولا ما تقتضيه المهنية والقوانين في التعامل مع هذه الحالات”.

ابتزاز في الجامعة

هالة م. من محافظة المنيا، تعرضت للابتزاز من زميلها في الجامعة، الذي هدد باستخدام صورها الشخصية إذا لم تترك الجامعة وتتزوجه، ووصل الأمر إلى التعدي عليها بالضرب أمام زملائها. 

هالة من قرية في شرق النيل في المنيا، والجميع يعرف أن الصعيد بيئة محافظة تفتقر إلى ثقافة حماية الضحايا. أتى التهديد تحديداً بعد وفاة الشابة نيرة أشرف أمام جامعتها بأيام قليلة، وهو ما أصابها بالهلع. فقررت أن تلجأ إلى قسم الشرطة لتحرير محضر لعلّها تحمي نفسها منه.

ذهبت هالة وكانت معها صديقتها وشقيق صديقتها الذي قرر مساعدتها، وفور دخولهم قسم الشرطة وإبلاغ متلقّي البلاغ بالواقعة، طلب منها الاطلاع على الصور التي تُهدَّد بها، وظل يسألها “هل العلاقة بينكما صور فقط، أم أن هناك علاقة جنسية؟” فأجابته بالنفي، ظل يعيد السؤال بصور مختلفة وكانت إجابتها بالنفي أكثر من مرة، إلا أن رد فعله كان يحمل انطباعاً بالتكذيب، حتى وصلت به الحال الى سؤالها مباشرة عما إذا كانت عذراء أم لا.

كأي امرأة، لم ترتكب هالة جرماً سوى أنها أحبت زميلها في الجامعة، وقد تسبّبت أسئلة متلقي البلاغ بشعورها بالإهانة. تقول هالة لـ”درج”، “كان كل من يمر ينظر إلي بنظرات مريبة، تخيلت أن يدخل أحد أقاربي ويراني في القسم ويعرف سبب وجودي هناك، وقتها سيكون عقابي القتل، بخاصة أنني في مجتمع لا يعرف معنى العلاقة بين الفتاة والشاب سوى الزواج. خرجت من القسم وطفت أركض بلا توقف لعلّ شعوري بالإهانة يتراجع”.

لم تنتهِ قصة هالة هنا، تواصلت مع أحد المحامين من مؤسسات المجتمع المدني في القاهرة، ونصحها بالتوجه إلى مباحث الإنترنت في العباسية- مركز رئيسي لمباحث الإنترنت في مصر- حيث التعامل أفضل نسبياً من وجهة نظره، وبالفعل تم تحرير محضر بالواقعة، إلا أنها فوجئت بحفظ البلاغ بسبب ضعف المحضر وغياب الجدية، إضافة الى أن عنوان سكنها في محافظة أخرى، ولم يكن أمامها سوى إخبار أهلها وتحمّل النتيجة مهما كانت. 

مثل شريحة واسعة من أسر مصرية تقليدية محافظة، قررت أسرة هالة أن تعاقبها بمنعها من الدراسة، وظلت لفترة طويلة ممنوعة من الخروج من المنزل واستخدام الخليوي، ولم يُسمح لها بممارسة حياتها بشكل طبيعي مرة أخرى.

مثل هالة كثيرات، تقول المحامية عزيزة الطويل لـ”درج”، “تعاني النساء من انتهاكات كثيرة لا سيما في موضوع الابتزاز الإلكتروني سواء كان ذلك أثناء تقديم البلاغات وتحرير المحاضر، أو في النيابة، وذلك لأسباب تتعلق بالنظرة المعادية للنساء من بعض العاملين في هذه الجهات، وهؤلاء هم جزء من مجتمع معادٍ للنساء بطبعه. 

تشير عزيزة الطويل أيضاً، إلى واقعة فتاة تعرضت للابتزاز الإلكتروني بدأ بمطالبة المبتز لها بدفع الأموال له، حاولت الفتاة تحرير محضر أكثر من مرة في إحدى المحافظات حيث تعيش، ولكن نتيجة لعدم تعاطف النيابة والقائمين على تحرير المحاضر، كان يتم حفظ المحاضر بصورة دائمة، كما هو معتاد في المناطق البعيدة من المركز، تقول عزيزة، “قررنا الذهاب إلى مباحث الإنترنت في القاهرة، حيث يمكنك أمام ممارسة الضغط والإصرار أن تحرر محضراً يتم التحقيق فيه. وعلى رغم ذلك، رفض أمين الشرطة – تحرير محضر بالواقعة في القسم التابع له المبتز، كما رفض وكيل النيابة تحرير محضر للفتاة، وتعامل مع الأمر باستخفاف شديد، وهو ما تسبب في انهيارها تماماً أمام الجميع”.

لا شك في أن الخوف المجتمعي وقلة الاطلاع القانوني يفاقمان من مشكلة الابتزاز الإلكتروني. قلة من ضحايا الابتزاز من النساء يعرفن بأن هناك قانوناً لمعاقبة الانتهاكات الإلكترونية، وغالباً ما كانت العادات والتقاليد والخوف من الوصمة المجتمعية هي الدافع خلف محاولة البعض التعامل مع المبتزين مباشرة أو عبر وسطاء لتفادي “الفضيحة”.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!