fbpx

حكاية ليست عن الموت!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بينما أكتب هذه المدونة في بناية آيلةٍ للسقوط عند أول فرصةٍ، أرى أصدقائي البعيدين كلّهم حمامات تنوح، ويخطر لي أن أمسح دموعهم وأعتذر لأنني لم أفهم قبلاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 أسأل جدّتي مازحةً عن عمرها وكم تنوي أن تعيش بعد، فترد دائماً: أريد أن أموت عندما لا أستطيع تذكّر زوجي، ويسألني أخي بعدها متى تنوين العيش؟ وأرد؛ عندما أستطيع نسيان هذا كله.

لم يعد الموت في سوريا مهماً ومخيفاً، ربما لا أحد يفكر به من الباب الانتباه أو المبالاة. 

مات آلاف الأشخاص خلال ثوانٍ في سوريا، عائلاتٌ كاملةٌ دُفنت معاً تحت أنقاض زلزال 6 شباط/ فبراير، ولم تحظَ بفرصة أن تدفن قرب الأحباء.

وجوهٌ كثيرة، وجوهٌ لا تعدّ، فجأةً صارت بلا ملامح، وبلا أيادٍ يتشبث فيها أحدٌ حتى اللحظة الأخيرة، ومع أنّ هذا الموتَ الجماعي يبدو واحداً ومتشابهاً إلى حدٍ يصبح تعاطف المرء معه صعباً، غير أنّه ليس كذلك، هذا الموت لوحة فسيفساءٍ كُبرى، لا تشبه أيّ قطعةٍ فيها الأخرى، ومع هذا فإنّها كلها -وبلا استثناء- شظايا مهشّمة تكوّن لوحةَ الموت الكُبرى.

زارتني صديقتي البارحة، وبعدما شعرنا بهزةٍ ارتداديةٍ قويّة قالت لي: “إذا متت وعشتي، خذي أي قطعة مني وادفنيها، لو شعري… وقولي لأمي إنه ما فيني خدش”، ولأن السخرية طريقتي إلى البكاء رددتُ: “أنا إذا متت تركوني، ما بدي يضل شي يذكّرني إني عشت ومتت هون ببساطة… لا عشت ولا متت”، وبما أنه سلوكٌ معدٍ اقترحت أن نشتري “يالنجي” حتى لا نموت ونحن نشتهيه.

لم يعد الموت في سوريا مهماً ومخيفاً، ربما لا أحد يفكر به من الباب الانتباه أو المبالاة. 

تذكّرت  الأصدقاء الذين صاروا في بلادٍ بعيدة وهم يشتمون الحياة والبعد، وكيف أننا- مهما حاولنا التعاطف معهم- نستنكر بجزءٍ منا هذه المشاعر ونعتبرها في أحيانٍ كثيرة مجرد “دراما” ضرورية لإضافة نوعٍ من المأساة إلى حياتنا.

يعتبر الطبيب النفسي السوري تيسير حسون، أن تتالي المصائب الجماعية على مجموعة بشرية واعتيادهم عليها، سيجعل الأفراد عرضةً لما يُدعى بـ “رهاب السعادة”، البعض قد يستقبل الأحداث السعيدة التالية بقلقٍ غريب لا تفسير له سوى غرابةٍ الشعور، والآخر كنذير شؤم ويربطه بـ”هدوء ما قبل العاصفة”، و”الأقلية الذين يفهمون معنى السعادة سترافقهم مشاعر الذنب حيال معرفتهم عن معاناة الآخرين”.

لدينا نحن سوريي الداخل، تجربةٌ طويلةٌ مع مختلف أنواع الموت البطيء، ما يجعل فكرة أن الأشخاص خارج هذه الجدران لديهم تجاربهم التي قد تقترب من الموت أيضاً لكن بأقنعةٍ مختلفة غير منطقية.

وبينما أكتب هذه المدونة في بناية آيلةٍ للسقوط عند أول فرصةٍ، أرى أصدقائي البعيدين كلّهم حمامات تنوح، ويخطر لي أن أمسح دموعهم وأعتذر لأنني لم أفهم قبلاً.

أحبّ ما أكرهه!

 أسمع دائماً بأن المصائب هي التي تجمع السوريين، وبأننا طوّرنا نظاماً اجتماعياً يسمح لنا برمي كل خلافاتنا والتركيز على إنقاذ بعضنا البعض عندما يخيم الموت، وبهذا نستطيع الافتخار، غير أن هذا ليس صحيحاً، ما يدفع السوري الى رفع الأنقاض عن جاره الذي يكرهه هو السبب نفسه الذي دفع التركي الى الفعل ذاته، إنها حالةٌ إنسانيةٌ عامةٌ.

أما من منظورٍ خاص، فإن الذي يدفع الى الفخر هو تشبثنا بالأمل على رغم كل ما مررنا به، فما إن مرت أيامٌ قليلةٌ على الزلزال حتى بدأت المحاولات لإيقاف الأعمال الفردية بأي شكلٍ من الأشكال، ومع هذا تشابك الأفراد وصاروا واحداً لا يمكن توقيفه، ولم يساعدهم على الاستمرار أي شيء غير جملةٍ واحدةٍ كرروها جميعاً: “الكحل أفضل من العمى”، وإيمانهم العميق بأنهم ربّما يغيرون شيئاً.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.