fbpx

“طهران تابو”: العفّة الكاذبة تكشفها رسوم متحرّكة جريئة  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كسر الفيلم الكثير من “القواعد” الرسمية للمجتمع الإيراني، وأساطير الثيوقراطية التي لا تتفق، ولا تستطيع أن تتفق، مع حقائق الحياة البشرية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]


على رغم قساوة موضوعه، هناك بهجة كبير في فيلم الرسوم المتحركة الذي أخرجه علي سوزنده، “تابوهات طهران”. ويرجع ذلك جزئياً إلى كسر الفيلم الكثير من “القواعد” الرسمية للمجتمع الإيراني، وأساطير الثيوقراطية التي لا تتفق، ولا تستطيع أن تتفق، مع حقائق الحياة البشرية.

ولكنّ هناك شيئاً أوسع من ذلك، يكاد يكون ديكنزياً (نسبة إلى تشارلز ديكنز)، حيث يُقدّم المخرج فريقه المتنوع، كلاعبين في دراما مدينة كبيرة تصبح فيها العاصمة الإيرانية نفسها بطلاً، وكياناً ينبض بالحياة، معظمه “لا يتوافق مع الفضائل الإسلامية”.

 ولكن ما قد ينتهي به الأمر في ظروف أخرى كعمل واقعي مظلم، بفضل أسلوبه و”تكنيكه”، يصبح تجربة مشاهدة متنوعة ولا يُمكن ضغطها. استخدام الفيلم تقنية الروتوسكوب (Rotoscoping) – تم تصويره من قبل المصور السينمائي النمساوي مارتن غشلاخت، الذي صوّر اللقطات الحية التي تمت إعادة رسمها من طريق الرسوم المتحركة على الكمبيوتر لتتحوّل إلى أشكال بصرية – يعطيه سيولة وخفة ملحوظة. كما أن لديه ميزة لا شك فيها، بالنسبة إلى فيلم صنع في أوروبا من قبل مخرج منفِيّ منذ زمن طويل من إيران، بعدم كشفه عن هوية المشاركين فيه، من الواضح أن التصوير في طهران كان مستحيلاً، لكن مشاهد الشوارع المرسومة التي نراها هنا هي إعادة تفسير مبدعة تمتصّنا بدرجة لا تقل عن الواقع.

كما تُقدّم الرسوم المتحركة مستوى مختلفاً من التفاعل للمشاهدين مقارنةً بالواقعية الصارمة. في حين أن النتيجة ليست مُطهّرة تماماً، فمن المؤكد أنها تدفعنا لإدراك ما نراه – وهو مادة صعبة أو مؤلمة في كثير من الأحيان – في ضوء مختلف، على رغم عدم إختفاء النقد أبداً. قبل عقد من الزمان، أعطى فيلم “برسبوليس Persepolis” لمَرجان ساترابي وفينسنت بارونود، لمحة مماثلة إلى حد ما عن جيل سابق من المجتمع الإيراني، بينما كشف فيلم “العائل The Breadwinner” للمخرجة نورا تويومي، في صيف هذا العام، عن اضطرابات حياة الفتاة في كابول التي تسيطر عليها طالبان.

لا شك في أن المشهد الافتتاحي لسوزنده يعطينا لمحة عما سيأتي، حيث أننا نشهد صفقة لسائق سيارة أجرة مع راكبة معه لممارسة الجنس، والفرق هنا هو أن البغيّة المعنيّة، باري (قامت بدورها إلميرة رفيزاده)، معها ابنها البالغ من العمر خمس سنوات، إلياس، في المقعد الخلفي، وهو شاهد أبكم (حرفياً) على كل شيء يدور حوله. ومن ثَمّ، فإن شؤون حياتهم تنطلق بحيوية، حيث يكتشف السائق ابنته وهي تسير مع رجل لا يعرفه، وينطلق في خطبة صارمة عن عدم احترامها قوانين المجتمع.

وهذا النفاق، الذي يغطي نصف السكان من الذكور وسيطرتهم الكاملة تقريباً على حياة المرأة، هو مؤشر مهم. باري لديها زوج مدمن على المخدرات في السجن، لكن طلاقها لا يمكن أن يستمر حتى يُوقّع الأوراق. وقد قوبل استئنافها أمام قاضي محكمة الثورة بمقترح مضاد بأن تُصبح عشيقته، ويُسكنها في شقة (في الصورة أعلاه، القاضي، باري، إلياس). الجيران هناك عائلة محترمة – على رغم نفاق الذكور هناك أيضاً – وتنمو صداقة بين باري وسارة (قامت بدورها زارا أمير إبراهيمي)، زوجة الابن في المنزل، بينما يبدأ إلياس في الشعور بأنه في منزله في الشقتين.

ولكن حتى في تلك البيئة العائلية الآمنة والمثقفة، فإن حياة سارة مُقيّدة بشدة: فهي لا تستطيع أن تحصل على وظيفة من دون إذن خطّي من زوجها، الذي ينتظر منها البقاء في المنزل والتحضير لولادة طفلهما. في حين يبدو أن باري لديها قدرة لا تُقهَر تجعلها قادرة على مقاومة كل ما يُلقي به القدر في طريقها – مكياجها الثقيل هو وسيلة تنكّر ووسيلة حماية – فإن سارة أكثر عرضة للخطر. الإحساس بالارتباط بين هاتين المرأتين من عوالم مختلفة جداً هو أفضل شيء في “تابوهات طهران”، وتظهر في مشهد جميل حيث تخرجان لتناول وجبة، من دون رجال (في الصورة أدناه).

تبدأ قصة ثالثة، حول موسيقِي شاب، باباك (قام بدوره آراش ماراندي)، بشكل منفصل، قبل أن تتداخل تدريجياً مع عالم المرأتين. ينتمي باباك إلى عالم الموسيقى غير الشهيرة، حيث توفر النوادي مكاناً لإخراج طاقة الشباب المُقيّدة. أثناء استرخائه بعد عزف الموسيقى، في حالة انتشاء وهذيان، يُصادف دنيا (نيجار منى علي زاده). بتشجيع من حبوب منع الحمل، يبدآن ممارسة الجنس الشهواني. هل هذا بالكاد ما تتوقعه من الحياة في إيران؟ ربما. ما يحدث بعد ذلك، عندما تخبره في اليوم التالي أنها على وشك الزواج، وتحتاج إلى استعادة عذريتها من أجل زوجها المُرتقب. هكذا يبدأ البحث المحموم – حقيقة أن باباك يعترف بمسؤوليته هي المرة الوحيدة التي يتصرف فيها الرجال بنبل هنا – والذي يُجرّبون فيه كل شيء من السوق السوداء، وغشاء البكارة الصناعي الصيني إلى الأعماق الأكثر فساداً من عمليات الجراحة غير القانونية. (في الصورة أدناه، باباك ودنيا).

في كل مرحلة من مراحل ملحمة سوزنده، كلما كانت شخصياته تواجه السلطة، فإن علاجها الوحيد هو الفساد: الطريقة الوحيدة التي يمكن بها تحسين الحياة في مجتمع صارم من الناحية الإسمية هو الرشوة. السلطة، وعبثية معتقداتها، هكذا ينتهي المطاف في شكل طُرفة، إذ تُجلَب العقوبة إلى العلن: نشهد شنقاً علنياً. إنه مجتمع، لذا فإن التحكم في هذا الهروب هو الخيار الوحيد، إذا كنت محظوظاً بما يكفي لتتمكن من ترتيب ذلك. لكن الرحلة تأتي في أشكال مختلفة…

وعلى رغم أن ذلك قد يبدو غريباً، إلا أن العزاء الفوري الذي يقدمه “تابوهات طهران” هو عزاء جمالي. إن فوضى عالم شوارع طهران هي شيء يعرفه المشاهدون للسينما الإيرانية المعاصرة (ليس أقلها فيلم جعفر باناهي “تاكسي طهران”: الطبيعة الاستطرادية إلى حد ما لفيلم سوزنده، التي ميّزتها صور المصور المتكررة، تشير إلى ذلك العمل)، لكن الرسوم المتحركة تعرضه في ضوء مختلف. إن المجموعة الهائلة من الألوان – اللون الأصفر لهواء المدينة، وخضرة الفجر، وضوء السقف النيون الأحمر الذي يمثل موقعاً رئيسياً – هي نوعاً ما من أشكال الراحة. إن الرسم الذي يرسمه “تابوهات طهران” لشخصياته وعالمه البصري هو أمر جميل، لكن فقط حماسة هذا العالم وتدفقه، هما ما يتغلّبان على يأس الشخصيات. 

هذا المقال مترجم عن theartsdesk.com ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي

 

 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.