fbpx

العراق: مافيا عقارات تكمل مهمة  الميليشيات في السطو على الأملاك العامة والخاصة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

شهدت نينوى في العراق، خلال العقدين الأخيرين، عمليات تزوير واسعة، لعقارات تابعة للدولة، وأخرى لمواطنين غائبين، شارك فيها موظفون تحت تهديد التنظيمات الإرهابية حيناً، وضغط جماعات نافذة حيناً آخر. الهدف، الاستحواذ على عقارات تدرّ أرباحاً بملايين الدولارات.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

جرجيس توما

في الساعة الخامسة و19 دقيقة من مساء الأحد 19 آذار/ مارس 2023، حاصرت قوة تابعة لمديرية استخبارات ومكافحة إرهاب في نينوى، مركبة يقودها متهمٌ مطلوبٌ بقضايا “تزوير مستمسكات عقارات وبيعها” في مركز مدينة الموصل (405 كلم شمال بغداد)، في إطار ملاحقات أمنية لشبكات مدعومة من أفراد في الدولة تمتهن تزوير عقارات للدولة أو لمواطنين غائبين.

المتهم، الملاحق على ذمة قضايا عدة، كان مسلحاً، ورفض تسليم نفسه، وتبادل إطلاق النار مع عناصر القوة التي كان يقودها العميد سعد حكمت حاجي الأتروشي، الذي تلقى إصابة قاتلة في بطنه، فيما أصيب زميله المفوض سعد شبيب بجروح خطيرة، قبل أن يتمكن العناصر من القبض على المطلوب وضبط ما كان في حوزته من مستمسكات.

الحادثة التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما نينوى في ساعتها الأولى، بعد نشر فيديو سجلته كاميرا مراقبة، سريعاً ما تلاشت الأخبار المتعلقة بها، إلا ما تعلق ببيانات رسمية لم توضح تفاصيل ما حصل، رغم ارتباط القضية بعمليات تزوير كبرى لعقارات مصيرها يهم أبناء نينوى، ليظهر أن خلف الصمت المطبق لـ”ناشطي ومدوني نينوى” عن مقتل الضابط الرفيع، توجيهات صارمة من قوى متنفّذة لا تريد انكشاف تفاصيل القضية والجهة التي تقف وراء المتهم.

وأكدت مصادر تواصلنا معها، “تلقيناً جميعا رسالة محددة وبلغة تهديد واضحة أجبرتنا على الصمت… ماذا يمكن أن تقول ومن يستطيع حمايتك؟ حتى كبار ضباط الحكومة في دائرة الخطر، فكيف نحن؟”. 

تزوير وسمسرات

شهدت نينوى خلال العقدين الأخيرين، عمليات تزوير واسعة، لعقارات تابعة للدولة وأخرى لمواطنين غائبين، شارك فيها موظفون تحت تهديد التنظيمات الإرهابية حيناً، وضغط جماعات نافذة حيناً آخر، لما تشكله تلك العقارات من باب لجني عشرات ملايين الدولارات لأفراد في شبكات تربطها علاقات بجماعات مسلّحة.

واعتقلت القوى الأمنية خلال الأعوام الخمسة المنصرمة، عشرات المتهمين بتزوير العقارات، معظمهم موظفون يشغلون مواقع مسؤولية ومواطنون كانوا يتحركون بدعم جهات نافذة، من دون أن تكشف الإعلانات الأمنية عن كيفية تمكّنهم تنفيذ عمليات التزوير الواسعة، والجهات التي تقف خلفهم والتي أمّنت لهم سبل الاستيلاء على عقارات خاصة أو عامة.

حادثة مقتل العميد الأتروشي، كشفت عن حجم نفوذ الأطراف التي تقف وراء عمليات التزوير، وقدرتها على التهرب طويلاً من الملاحقة القانونية، وأظهرت عدم تمكّن الحكومة من إنهاء الملف على رغم عشرات البيانات التي أصدرتها “هيئة النزاهة الاتحادية” ومحكمة الاستئناف في نينوى خلال السنتين المنصرمتين، والتي أكدت ضبط عصابات التزوير وإصدار أحكام بحق أفرادها.

اعتقلت القوى الأمنية خلال الأعوام الخمسة الماضية، عشرات المتهمين بتزوير العقارات، معظمهم موظفون يشغلون مواقع مسؤولية ومواطنون كانوا يتحركون بدعم جهات نافذة.

محكمة استئناف منطقة نينوى الاتحادية، أصدرت بياناً يوم 20 آذار 2023، ذكرت فيه أن الاستخبارات ألقت القبض على المتهم بالحادثة، مؤكدةً “عدم صحة ما تناقلته بعض المواقع الإلكترونية حول تصنيف الحادث بأنه إرهابي، إنما هو حادث جنائي يتعلق بمطاردة عصابة لتزوير تسجيل العقار”، من دون أن يتضمن البيان مزيداً من التوضيح في ما يخص بقية أفراد العصابة، والعقارات التي تورطوا بتزوير أوراقها الرسمية. 

مصدر قضائي، تواصلنا معه، أخبرنا أن الجاني هو (م. خ. ب)، وهو من سكان منطقة فايدة أقصى شمال الموصل، المحسوبة على سلطة إقليم كردستان، وأنه مطلوب في قضايا عدة تتابعها مديرية الأمن الوطني، تتعلق بتزوير ملكية عقارات مملوكة للدولة، وأن آخر جريمة اقترفها كانت تزوير مستمسكات أرضٍ تعود الى قيادي في “داعش”، وهي معلومات أحجمت الجهات الأمنية والقضائية عن نقلها للإعلام. 

وكانت جماعات مسلحة تابعة لـ”الحشد الشعبي”، استولت على عقارات كان يشغلها “داعش” خلال سيطرته على الموصل بين عامي 2014 و2017، تعود ملكيتها للدولة أو لمنتسبي الجيش والشرطة العراقيين أو لمسيحيين أو من عدّهم التنظيم مرتدّين.

وبعد تحرير المدينة في صيف 2017، لم يتمكن كثر من أصحاب العقارات من استردادها، ولدى مراجعتهم دائرة التسجيل العقاري، تبيّن أن سجلات ملكياتهم العقارية مفقودة، ولا وجود لنسخ منها في مقر الدائرة العام في بغداد، ولا أثر لها في وزارة المالية، على رغم تشكيل لجنة تحقيق في 2022 لتتبّعها، تألفت من قاضيين. 

المصدر القضائي ذكر أن القوة التي هاجمت الجاني، ضبطت في سيارته مستمسكات رسمية مزوّرة لعدد من العقارات، وقال أيضاً إن العميد سعد، نجح خلال السنوات الأخيرة، في القبض على عدد من “عناصر عصابات الجريمة المنظمة المتخصصة بالتلاعب بسجلات التسجيل العقاري”.

حاولنا الحصول على مزيد من المعلومات بشأن الجاني والشبكة التي يُفترض أنه يعمل ضمنها، لكننا اصطدمنا بحرص شديد وتكتّم من شرطة محافظة نينوى ومحكمة استئناف منطقة نينوى الاتحادية في التعامل مع القضية، فلم نحصل على إجابات رسمية بشأن طبيعة العقار ومساحته، ولا الأشخاص المتورطين في القضية، علماً أن وزارة الداخلية أصدرت بياناً في اليوم التالي للحادث، أشارت فيه إلى أن الجاني ينتمي إلى “عصابات الجريمة المنظمة”.

مافيات عقارية

بعد الحادثة بيوم واحد، أصدرت دائرة التحقيقات التابعة لـ”هيئة النزاهة الاتحاديَّة”، بياناً أكدت فيه ضبط حالات تجاوزٍ على أكثر من 343 دونماً من الأراضي العائدة للدولة في محافظة نينوى، مُبيّنةً أنَّ قيمتها تجاوزت الـ53 مليار دينار، أي أكثر من 40 مليون دولار.  

وذكر البيان أن “فريق عمل مُديريَّة تحقيق نينوى ضبط 5 من أصحاب مكاتب العقارات؛ لقيامهم بتقطيع أراضٍ زراعيَّةٍ تبلغ مساحتها 319 دونماً مملوكة للدولة، وبيعها للمواطنين من دون الاستحصال على الموافقات الأصوليَّـة”.

وأضاف البيان، “تمَّ ضبط وصولات بيع قطع أراضٍ مملوكةٍ للدولة في جمعية النور لإسكان منتسبي كهرباء نينوى، تبلغ مساحتها 24 دونماً و21 أولكاً؛ لاستخدامها للسكن خلافاً للقانون، إضافة إلى ضبط كتبٍ صادرةٍ عن الجمعيَّة إلى قطاع التحرير البلديّ، تفيد ببراءة ذمَّة عددٍ من المواطنين من الديون للجمعيَّة؛ لغرض تمليكهم الأراضي المُتجاوز عليها”.

وفي 22 شباط/فبراير 2023، أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة عن تنفيذ عمليَّتي ضبطٍ لمُتَّهمين بالتجاوز على عقاراتٍ مملوكةٍ للدولة وترويج معاملات بيعها في نينوى خلافاً للقانون، وبلغت مجموع مساحات العقارات 5 دونمات بقيمة مليار و550 مليون دينار، ما يعادل مليوناً و183 ألف دولار.

الدونم يبلغ في العراق 2500 متر مربع، لذلك فمجموع المساحات التي ضُبطت، بلغ 869500 متر مربع، وهي من بين 8585 عقاراً تابعاً للدولة، أعلنت الهيئة العامة للنزاهة في الأول من كانون الثاني/ يناير 2021، أنه مستولى عليها في نينوى من دون تحديد الجهات المتورطة. 

وبينت الهيئة أن 2888 من تلك العقارات تم التعامل معها قضائياً، وهناك إجراءات لاستعادتها، بينما 5662 عقاراً لم يتم اتخاذ أي إجراء بشأنها، من دون توضيح أسباب ذلك.

تشير أصابع الاتهام إلى جماعات مسلّحة تابعة لـ”الحشد الشعبي”، استولت على عقارات كان يشغلها “تنظيم الدولة” خلال سيطرته على الموصل بين عامي 2014 و2017، تعود ملكيتها إلى الدولة أو منتسبي الجيش والشرطة العراقيين أو الى مسيحيين أو من عدّهم التنظيم مرتدّين.

أسفرت الإجراءات حتى مطلع 2023 وفقاً لمصدر في الهيئة، عن استعادة نحو 2000 دونم من الأراضي، وكلها كانت تحت تصرّف جمعيات الإسكان المدعومة من جهات نافذة، واعتُقل نحو 70 موظفاً وسمساراً عقارياً مع مديرين وأعضاء من تلك الجمعيات، كان آخرهم 11 رئيس جمعية وموظفاً يمثلون (إسكان المُتقاعدين، ضفاف دجلة، الأسر التجاريَّة، إسكان الفلاحين، إسكان مُنتسبي مُديريَّة ماء نينوى، وإسكان مُنتسبي الشركة العامَّة لصناعة الأدوية)، اعتُقلوا في نيسان/ أبريل 2022 بتهمة بيعهم نحو 4000 قطعة أرض بقيمة تقديرية بلغت 48 مليار دينار عراقي، أي نحو 32 مليون دولار أميركي. 

أما في ما يتعلق بالإجراءات التي طاولت موظفين حكوميين معنيين بالعقارات، فقد اعتقلت قوة من الأمن الوطني في 31 آذار 2019، فرحان حسين طه أحمد، مدير دائرة التسجيل العقاري/ الأيسر المعروفة شعبياً بطابو الزهور، وهي الدائرة التي اختفت فيها سجلات نحو 9000 عقار مملوك للدولة ولمواطنين، وفق ما ذكرت عضوة مجلس النواب بسمة بسيم. 

ولم تمضِ سوى أيام قليلة فقط، حتى أصدرت محكمة جنايات نينوى/ الهيئة الثالثة برئاسة القاضي أكرم خلف حسين، وتحديداً في 11/4/2019، قرارها بالدعوى المرقمة 126/جلد 3/2018 متضمناً السجن لخمس سنواتٍ وشهر واحد، ضد المدير فرحان وفقاً للمادة (340) من قانون العقوبات العراقي المتعلقة بإحداث الموظف أضراراً بأموال عامة موكلة إليه. ثم توالت الأحكام القضائية بحقه في 14 دعوى أخرى أدين في 11 منها، ليصل مجموعها في حزيران/ يونيو 2022 إلى 99 سنة. 

وبحسب مصدر في التسجيل العقاري نتحفظ عن ذكر اسمه بطلب منه، فإن قائمقام الموصل السابق زهير الأعرجي، توسط لتعيين ابن عم له يدعى محمد حسين الأعرجي، ليصبح مديراً للتسجيل العقاري خلفاً لفرحان.

وذكر المصدر، أن مجموعة تابعة لـ”الحشد الشعبي” دعمت قرار تعيينه وأنه هو الآخر كان يسهل لها عمليات الاستيلاء على عقارات في نينوى كما كان يفعل المدير السابق وقام أيضاً بالتلاعب لصالحها أو لشخوص مرتبطين بها بملكية عقارات تعود للدولة.

كما قامت قوة أمنية باعتقال المدير اللاحق لفرحان، محمد حسين الأعرجي، ومعه تسعة موظفين من ذات الدائرة، وذلك في كانون الأول/ديسمبر 2019.

مصدر مطلع في محكمة جنايات نينوى أبلغنا أن المحكمة نظرت عام 2021 في 18 قضية تزوير أو التلاعب بسجلات عقارية. وعام 2022 نظرت في 34 قضية. 

وكانت أحكام القضايا التي نظرت خلال تلك السنتين والتي نتجت عنها العشرات من الدعاوى وفقاً لقوائم حصلنا عليها هي كالتالي: 

في 30 آب/ أغسطس 2021 وبالدعوى رقم 542/ج1 /2021، صدر حكم بسجن معاون مدير التسجيل العقاري- الأيسر لشؤون التدقيق وأسمه محمد جمعة حسن لمدة عشر سنوات وغرامة مالية قدرها سبعة ملايين دينار(4795 دولاراً). مع إضافةِ 3 سنوات إلى حكمه الأصلي في حال لم يقم بسداد الغرامة وذلك لتلقيه مبالغ مالية لقاء قيامه بتسهيل معاملة نقل ملكية العقار موضوع الدعوى، من اسم شخص متوفي بموجب وكالات مزورة دون علم ذوي المتوفى وتسجيله باسم أحد المتهمين الهاربين، ثم خضع عام 2022 لـ8 دعاوى أخرى، لتبلغ مجموع الأحكام الصادرة ضده 56 سنة.

المعاونة الأخرى لمدير التسجيل العقاري-الأيسر، مروة سالم متعب خليل حكم عليها بالحبس الشديد لمدة أربع سنوات وفقاً للمادة 340 من قانون العقوبات العراقي.

وبموجب المادة ذاتها صدرت أحكام بسجن عدة موظفين. 

الأمر لم يتوقف عند موظفي التسجيل العقاري أو سماسرة عقارات فقط، بل تعداهم ليشمل موظفين كبار، إذ أصدرت هيئة النزاهة في 19 كانون الثاني/يناير 2022 أمري قبض بحق زهير الأعرجي قائممقام الموصل وهو برلماني سابق، بموجب المادة (307) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بتهمة تسلُّمـه رشى مقابل التغاضي عن تزوير مستمسكات عقارية والتجاوز على عقاراتٍ عائدةٍ للدولة.

وأوضح بيان لهيئة النزاهة ما تعنيه عبارة التجاوز على عقارات عائدة للدولة بـ”فرز وتقطيع قطع أراضٍ عائدةٍ ملكيَّتها للدولة، وبيعها للمواطنين خلافاً للقوانين والتعليمات”.

وبعد خروجه بكفالة ضامنة، قدم الأعرجي في 8 شباط/فبراير 2022 استقالته من منصبه، وقال في مؤتمر صحفي عقده في مقر قائمقامية قضاء الموصل بأن “مافيات الأراضي كانت أقوى من الدولة وبقوة السلاح اخذت ما تريد طوال السنين الماضية وحتى قبل عام 2014”.

وأشار بذلك وبنحو غير مباشر إلى تنظيمي “القاعدة” ومن بعده “داعش”، وأيضاً فصائل “الحشد الشعبي” التي تولت الملف الأمني في نينوى بعد تحريرها من “داعش” في تموز/ يوليو 2017.

والعميد الأتروشي ليس الضحية الوحيدة في ملف تزوير العقارات بنينوى، إذ سبق وأن ذهب ضحيتها إثنان من مدراء دائرة التسجيل العقاري، وهما درواز نذير محمود الذي قتل في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2006، وخولة السبعاوي) التي قتلت في 16 شباط/فبراير 2011، وتم تهديد الكثير من الموظفين، ليترك بعضهم الوظيفة أو المدينة المدينة أو البلاد بأسرها خوفاً على حياتهم.

تعتيم على الجهات المستفيدة

على رغم تصريحات مسؤولين ونواب وموظفين حكوميين، عن أن جماعات تابعة لـ”الحشد الوطني” انتشرت في نينوى ومركزها الموصل بعد طرد “داعش” منها في صيف 2017، استحوذت على عقارات عامة وخاصة بطريقة مباشرة بوضع اليد كما فعل اللواء 30 للحشد الشعبي المسيطر على سهل نينوى وعلى آلاف من عقارات مواطنين هناك، ومنعتهم من استغلالها أو التصرف بها. 

أو بطريقة غير مباشرة عبر ما يعرف بالمكاتب الاقتصادية التابعة لتلك الجماعات النافذة وأبرزها عصائب أهل الحق، والتي ترتبط بها شبكة واسعة من سماسرة عقارات وموظفين حكوميين ومحامين، تستولي على أراضي زراعية واسعة مملوكة للدولة، يتم تقطيعها وبيعها بمساعدة جمعيات الإسكان وتذهب حصب كبيرة من أقيامها لتلك المكاتب بحسب موظفين في تلك الجمعيات وسماسرة عقارات.

كل الإجراءات الأمنية والقضائية طالت اولئك الشخوص فضلاً عن رؤساء وموظفي جمعيات الإسكان دون مقدرة على المساس بالمكاتب أو الميليشيات وفقاً لمصادرنا. 

يعلق الناشط المدني (س.م) على المجموعة التي تورطت بقتل العميد سعد الأتروشي والتي تم الإعلان عنها بواسطة بياني وزارة الداخلية ومحكمة استثناء نينوى الإتحادية، قائلا ان “أي عصابة في العالم تتألف من مجموعة من الأفراد، ولا توجد عصابة مكونة من فرد واحد مطلقاً، وعصابات التزوير في نينوى مرتبطة بالمكاتب الاقتصادية التابعة لجماعات ضمن الحشد الشعبي، وهذا أمر يعرفه الجميع في الموصل، ويتم تجنب ذكر ذلك خوفاً من العواقب، وهي الاعتقال بتهم كيدية وأكثرها شيوعاً الانتماء لداعش، وعقوبتها تصل إلى الإعدام”.

ويستدل الناشط في ذلك بقوله: “لا يمكن لأي شخص أن يتجول مسلحاً في الموصل إلا إذا كان تابعاً للأجهزة الأمنية النظامية أو بالحشد الشعبي”. ويشير كذلك إلى أن المعتاد في نينوى، عندما يتم القبض على مهربي الأغنام أو من كان بحوزتهم بضعة دولارات أو صهريج وقود معد للتهريب، أن يتم عرضهم على الإعلام وهم بثياب التوقيف البرتقالية “لكن هذا لم يحدث مع المتهم بتزوير عقارات الدولة وقتل ضابط برتبة عميد كان في واجبه الرسمي” يقول مستغرباً ويتساءل: “ربما هذا مؤشر على أن القاتل والمزور منتم لجهة متنفذة؟!”.

الكاتب والباحث عادل كمال، يشير إلى أن الفصائل المسلحة التابعة لـ”الحشد الشعبي”، تعتمد في جزء من تمويل نفسها على المكاتب الإقتصادية التي “هربت الحديد السكراب بعد 2017 من مخلفات الأعمال العسكرية والأبنية المتضررة إلى خارج نينوى وبكميات وصلت إلى أكثر 10 مليون طن بموافقة مكتب رئاسة الوزراء”.

ويتهمها أيضاً بالحصول على نسب في مشاريع البناء وإعادة الإعمار وقدرها 20 في المئة، وأيضاً السيطرة على وظائف عامة لأشخاص موالين أو مرتبطين بها بحسب زعمه.

ويشير الى استجواب محافظ نينوى السابق نوفل سليمان العاكَوب في مجلس النواب العراقي عام 2019 قبل إقالته وإحالته إلى المحاكم وسجنه عام 2022 لأكثر من 5 سنوات في دعاوى فساد، وأنه أقر بتقاضي ميليشيا “عصائب أهل الحق” نسباً من مشاريع داخل مدينة الموصل. 

ويتابع كمال: “هذه هي مرحلة ما بعد داعش، إذ حلت الميليشيات محل التنظيم، وتقوم بما كان يقوم به، لكن بغطاء الدولة وإغفال حكومي، وصمت إعلامي مطبق خوفاً من أهوال الملاحقة وتهمها الكيدية”. 

أنجز التقرير بإشراف شبكة “نيريج” للتحقيقات الاستقصائية.