fbpx

الشارع السوري إذ يسخر من كل شيء… حتى الرئيس!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

فيما يسترد الرئيس مكانته الدولية، تتراجع هيبته وتكثر السخرية تجاهه، لا سيما أن صورته المقاومة قد تداعت، فالبلاد تُقصف بالطيران الإسرائيلي بين الفينة والأخرى، من دون أي رد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يوماً بعد يوم، تُفتح الأبواب للنظام السوري للعودة إلى محيطه العربي، وتزداد البيانات الرسمية عن الزيارات والعلاقات العربية المُستجدة، والتي ينشرها النظام من خلال وسائطه الإعلامية لا سيما على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة له.

كانت السنوات الأخيرة قاسية على السوريين، لا سيما في ظل الحصار الاقتصادي وجائحة “كورونا” والصعوبات المعيشية والاجتماعية، وقد فقد النظام قدرته الاقتصادية- بحسب زعمه- على طباعة الجرائد، ولم تعد البيانات الحكومية تجتاح اللوحات الإعلانية للصحف، ولم نعد نشاهد إلا صور الرئيس رُغماً عنا في الشوارع وبعض المحلات الخاصة، وبالطبع في المكاتب الحكومية. أما ابتسامته العريضة إثر  خلال الانفتاح العربي والزيارات التطبيعية، فلم نعد نشاهدها إلا من خلال المواقع الرسمية والتي لا يتابعها أي أحد.

فقد النظام ثقافة الهيمنة على الصورة، ومنتجاته الإعلامية تفتقر للمتابعة، فقرُ النظام عبر الميديا يبدو مقصوداً، وكأنه لم يعد يحتاج إلى آلية مشهدية ليظهر فيها، أي أن الجانب الإيديولوجي لن يُنتج له أنصاراً ولا مُتابعين، وحتى عبر الإنترنت فقد النظام جاذبيته، والجانب الكلاسيكي من ظواهر الدولة وإعلامها لا تعنيه، أصبح هناك إحساس ضمني بأن العنف هو الواجهة الوحيدة للنظام، وكل جانب معنوي آخر لا أهمية له. حتى التفاعل عبر الإنترنت نحو أي شيء يخص النظام لا يأخذ إلا طابع السخرية. من هنا نعرف أن المطلوبين على تهم الجرائم الإلكترونية بالآلاف، النظام يلاحق الساخرين حتى يصمتوا حتى عبر الإنترنت، برغم أن كتابات الجميع لا تتعدى السخرية الفردية الباردة، أي أنها لا تحمل أثراً تفاعلياً أو مُنتجاً اجتماعياً.

يحاول النظام عبر كل موعد مع دولة عربية أن يُكرس فرحاً وارتياحاً، وفرح الرئيس نفسه في تحسن علاقاته مع الآخرين، وفي الراحة التي حصل عليها بعد سنين من الحصار، إلا أن الرد حتى من أقرب مواليه لم يكن كما يتمنى. لقد انقضى الوقت الذي كان فيه موالو النظام يفرحون لفرحه، وينتظرون ابتسامته ويتداولون صوره مع تعليقات الانتصار. وافتقد النظام آليات التفاعل النشطة أيضاً منذ كارثة الزلزال، والتي كشفت عن مستويات فقر السوريين وعزلتهم. الكثير من الأرشفة اللاواعية لدى السوريين، وغير القابلة للاختزال أو المحو، شكلتها الضربات الإسرائيلية، ثم تدهور سعر الليرة، مع رفع خيالي ومفاجئ لمستويات الضريبة والإيرادات المالية والتي رفعت الأسعار في السوق إلى مستويات مُخيفة، كما سيطرت الفرقة الرابعة وأقرباء الأسد من العائلة على حدود البلاد وتجارتها.  

فيما يسترد الرئيس مكانته الدولية، تتراجع هيبته وتكثر السخرية تجاهه، لا سيما أن صورته المقاومة قد تداعت، فالبلاد تُقصف بالطيران الإسرائيلي بين الفينة والأخرى، من دون أي رد.

وما يثير غضب الناس هو توافر البنزين والمازوت لدى الفرقة الرابعة وأبناء العائلة الحاكمة وبيع كميات هائلة في السوق السوداء، رغم أن الكهرباء لا تصل للبيوت في الساحل مثلاً أكثر من نصف ساعة مقابل سبع ساعات قطع بحجة افتقاد القدرة على الحصول على الوقود. وأن يصل سعر كيلو لحم واحد لثمانين ألفاً، وراتب الموظف السوري هو مئة ألف ليرة والحد الأعلى 150 ألفاً. تحولت هذه الأرشفة إلى سلوك مستجد له أثر أيضاً، حيث تنطلق في سوريا أكبر ثقافة شفوية كئيبة ومتمردة عبر عصورها، فالبُعد السياسي والاجتماعي في أي حديث يُختصر بالشتم على النظام، وتكون المشافهة عبارة عن كيل الشتائم لرأس النظام وزوجته. في الطريق أو في أي مكانٍ فيه حيز اجتماعي، يُشتم الرئيس بوصفه “فاسداً”، ويستغيث الناس بالدعاء على زوجته، المكروهة أيضاً، بخاصة أن النظام قد اقتسم اقتصاد البلاد بطريقة واضحة وفجة ولأسماء نصيب كبير من القسمة. وإن كان للدولة هامشاً نظرياً عليها القيام به، فأصبح أي جانب نظري أو كلام يصدر عن الرئيس وحاشيته مدار سخرية وامتعاض، بخاصة حديثه عن خيانة الذين خرجوا من الوطن نحو أوروبا واستقروا في بلدان النزوح.

أثبت الزلزال أن المساعدات والموارد تعتمد غالباً على أموال المغتربين السوريين أو المهجّرين، مقابل فشل المؤسسات بما فيها الجمعيات التابعة للنظام.

 في الساحل السوري ومنذ الزلزال، بدأ النظام بطلب المشايخ العلويين للتحقيقات. الفروع الأمنية استجوبت أكثر من 5 شيوخ وذلك لامتداد أحاديثهم على الوضع الاقتصادي للعلويين وغيرهم، ومقارنتهم بعلويي انطاكيا ممن عوضوا بعد الزلزال بشكل منصف وجيد. فالأتراك عوضوا علويي انطاكيا والمناطق المُصابة بالزلزال بالمسكن والطعام والرعاية، أما علويو القرى والمدن الذين أُصيبت بيوتهم استقروا في مناطق النزوح أو سكنوا الخيم أمام منازلهم المُهدمة بانتظار المتبرعين من كل أصقاع الأرض. هذه المقارنة حفزت المنظمة الأمنية كلها لمهاجمة المشايخ وإذلالهم بالفروع الأمنية. “درج” التقى أحد المشايخ والذي قال: “تم إذلالي بجعلي أنتظر ساعات طويلة، وتم إعطائي 5 مواعيد مختلفة ومتباعدة. يريدون منعنا من الحديث في أي شيء يخص الشأن العام ونحن لا نملك طعاماً في بيوتنا”.

 لم يتعرض المشايخ لاعتداء جسدي بالفعل، إلا أن التهديدات كانت واضحة، فقد طُلب منهم الصمت. ولمّح لنا الشيخ إلى أن الرقابة على المشايخ تشمل طقوس الصلاة بخاصة فترة الأعياد، فالدعاء لحافظ وبشار جزء أساسي من الطقوس التي على المشايخ فرضها على المُستمعين. انفلات اللسان الاجتماعي العلوي ضد النظام يضع النظام في أزمة يُريد حلها عبر منظومته الأمنية أيضاً. المصطلحات التي لطالما عوّمت النظام، مثل “مكافحة الإرهاب”، “المقاومة”، “الممانعة” وغيرها، كلها انهارت الآن تحت سيل من السخرية اليومية.

والآن، فيما يسترد الرئيس مكانته الدولية، تتراجع هيبته وتكثر السخرية تجاهه، لا سيما أن صورته المقاومة قد تداعت، فالبلاد تُقصف بالطيران الإسرائيلي بين الفينة والأخرى، من دون أي رد.

لا ينتظر السوريون أوضاعاً أفضل جراء العلاقات العربية، لكن بعض التعليقات على المنشورات التابعة للصفحات الحكومية والتابعة للنظام، والتي تستجدي المساعدات العربية، تبدو إهانة جديدة للشعب الذي قتله وشرّده نظام الأسد، وانعكاساً للحاجات المعيشية الكبيرة التي أثبت النظام عجزه عن تحسينها، أو بلسمة جراح ضحاياه الكثيرين.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.