fbpx

“إلى أين سنذهب”؟: نزوح متكرر ومصير مجهول لعشرات آلاف النازحين من ادلب السورية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

شهدت محافظة إدلب حالة نزوح داخلية ضخمة خلال الفترة الماضية بسبب اشتعال المعارك بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة بريف المحافظة الشرقي. ما أدى لنزوح قرابة 250 ألف مواطن من حوالي 350 بلدة وقرية ممتدة على طول منطقة شرق سكة الحجاز التي سيطرت عليها قوات الأسد في الآونة الأخيرة…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

شهدت محافظة إدلب حالة نزوح داخلية ضخمة خلال الفترة الماضية بسبب اشتعال المعارك بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة بريف المحافظة الشرقي. ما أدى لنزوح قرابة 250 ألف مواطن من حوالي 350 بلدة وقرية ممتدة على طول منطقة شرق سكة الحجاز التي سيطرت عليها قوات الأسد في الآونة الأخيرة. والأعداد الكبيرة توجهت نحو مدينة إدلب وأريافها بحثاً عن أماكن أقل خطراً من مناطق سكنهم بعد تعرض المنطقة لقصف جوي عنيف استخدمت فيه كافة أنواع الأسلحة كالصواريخ العنقودية والفراغية والنبالم الحارق.
لقد أصبح النزوح أمراً اعتيادياً بعض الشيء في سوريا التي تعيش الحرب منذ 7 سنوات ولكن في كل موجة نزوح تزداد المعاناة وتكبر حسب الظروف التي يتعرض لها النازحون. من نزوح إلى نزوح استقر عبد المجيد الشوقي، في الأراضي الزراعية شمال مدينة إدلب بالقرب من بلدة معرة مصرين بريفها الشمالي، قادما من بلدة سراقب التي نزح إليها منذ فترة قريبة، فهو من بلدة حوا بريف إدلب الشرقي. يقول عبد المجيد، ل”درج”، “المشكلة الكبيرة التي واجهتني هي ليست النزوح من بلدتي في البداية فكنت قد استطعت النزوح قبل تعرض منزلي للقصف واستعطت الوصول لمدينة سراقب بشكل مريح بعض الشيء فاستطعت تجهيز مكان لي ولعائلتي وبدأت التخلص من تداعيات النزوح وبدأت بترتيب حياتي، ولكن المصيبة الحقيقة هي بعد تعرضنا للقصف في مكان نزوحنا في مدينة سراقب، فالقصف الذي هربنا منه قد لحقنا إلى هناك وقد فقدت عدداً من الأغنام التي أملكها في القصف، وهنا بدأت المعاناة الحقيقة فكل رحلة النزوح لا تعد شيئاً مقارنة برحلة النزوح الثانية من مدينة سراقب إلى هنا”. ويضيف عبد المجيد، “كانت صدمة كبيرة، فبعد أن بدأنا نتعافى من نزوحنا الأول والاعتياد على مكاننا الجديد، جاء القصف ليذكرنا ويدخلنا في حالة النزوح من جديد. لا يمكنني أن أصف لك اللحظات الأولى بعد القصف كنت في حالة ذهول وعجز تام، فالأموال التي كنت أدخرتها قد استخدمتها في نزوحي الأول، بدأت الأفكار تدور في رأسي مولدة أسئلة كبيرة لا أجوبة لها”. ويسأل “إلى أين سنذهب؟ من أين سنأمن تكلفة الطريق؟ هل حقاً سينام أطفالي اليوم بأمان أم أن الطيران سيعود ويضربنا؟”. ينهي عبد المجيد حديثه “لا ندري أي ذنب قد اقترفنا لنبتلي بهذا الأمر، ما يواسيني هو أن هناك الآلاف مثلي ولست وحيداً في هذه المصيبة”. خسائر مادية وخاصة في المواشي تعتبر المهنة الرئيسية لمناطق شرق إدلب هي تربية المواشي من الأغنام، ولكن حالة النزوح الكبيرة سببت مشكلة في نقل الأغنام والرحيل بها إلى مكان آمن فهي بحاجة لمكان ولطعام ورعاية، الأمر الذي دفع بالكثير من أهالي المنطقة الى بيع مواشيهم ما تسبب في انخفاض كبير في سوق الماشية بسبب العرض الكبير لها. هلال الرومي، يعمل في تجارة المواشي، وقد أفاد بأن الأسعار انخفضت منذ بداية العام الحالي بشكل كبير ومفاجئ بنسبة 50 بالمائة تقريباً حيث وصل سعر رأس الغنم إلى 90$ بينما كان يباع بسعر 180$ تقريباً قبل الأزمة، وبلغ سعر كيلو الغنم 2.25$ بينما كان يباع ب 4 $ سابقاً. ويقول، “استغل التجار بشكل كبير مزيداً من هموم الناس مع الأسف وأصبحوا ينظرون إلى الأمر على أنه تجارة قيمة، وسعوا إلى شراء المواشي بأسعار بخسة، ففي بعض الحالات قام الأهالي ببيع أرزاقهم بأسعار قد تصل إلى 50$ لرأس الغنم الواحد خوفاً من خسارتهم بشكل كامل”. يأتي هذا الأمر الذي يعتبره سراج الهجان، مصيبة فوق المصائب على رؤوس الأهالي بريف إدلب الشرقي، فرغم أنهم تركوا كل ما يملكون وهربوا من منازلهم، فهم يضطرون الى بيع أغنامهم بأسعار بخسة وذلك بسبب عدم وجود مراعي لها في مناطق نزوحهم وحاجتهم الماسة للمال في النزوح أو لأنهم لا يملكون سيارة أو وسيلة نقل لينقلوا مواشيهم معهم. القادم أصعب
يعتقد الجميع أنّ الأهالي لحظة وصولهم إلى مناطق آمنة على الحدود التركية السورية يجسد خلاصهم من المعاناة ولكن الأمر بالنسبة لسمير الأحمد، وهو نازح من بلدة تل السلطان، مختلف تماماً، حيث يعتبر أن النزوح الحقيقي يبدأ بعد الوصول إلى المناطق الآمنة وبعد نصب الخيام، فهنا يبدأ شبح تأمين المعيشة يحلق في الأفق. ويقول “بعد خسارتنا لمنازلنا ولمصادر رزقنا هنا نحن في مكان جديد في كل شيء ماذا سنعمل كيف سنأمن مستلزماتنا هو الهم الأكبر بالإضافة لبدء المعاناة مع النزوح من البرد والمطر والتعرض للأمراض وغيرها من الأمور التي لا يمكن إحصائها في حالتنا التي لا نحسد عليها أبداً”.
عدم الثقة بالمعارضة خليل الأسود، ناشط من مدينة إدلب يشرح تعدد أسباب النزوح، وبحسب رأيه “الغريب في هذه المرّة هو تعرض مناطق تبعد أكثر من 20 كيلومتراً عن خطوط التماس والاشتباك للنزوح”. ويقول “يمكن تبرير ذلك لانتشار حالة من الرعب الكبير بين الناس وعدم الثقة في الفصائل العسكرية خاصة بعد انتشار أن منطقة شرق سكة الحجاز الحديدية قد تم الاتفاق على تسليمها لقوات الأسد، وهذا ما حدث فعلاً في عدد من القرى التي تراجعت منها قوات المعارضة بشكل سريع جداً دون مقاومة تذكر، الأمر الذي جعل الناس تتخوف من أن تأتي قوات الأسد إليهم وهم في منازلهم لذلك قرروا النزوح منها”.
دخول الأتراك على الخط
تتوجه الأنظار الآن إلى نقاط المراقبة التي بدأت تركيا بنشرها بريف إدلب الشرقي والتي قد تكون وسيلة لنجاة الكثير من الأهالي من المناطق القريبة من خطوط التماس المشتعلة وذلك استناداً الى أن المنطقة ستتجه للتهدئة وركود المعارك والقصف فيها، ما يتيح الفرصة لعودة الحياة لها، فيعيش النازحون على أمل العودة إلى منازلهم وخلاصهم من المعاناة الكبيرة التي يعيشونها في نزوحهم.
فهل فعلاً ستثمر الاتفاقات الدولية عودة آمنة للنازحين.[video_player link=””][/video_player]