fbpx

خطة صافر في اليمن… من يوقف هدر عشرات ملايين الدولارات؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تُقدر الأمم المتحدة الخسائر المحتملة لأي تسرب نفطي في خزان صافر بنحو 20 مليار دولار، وانطلاقاً من هذا التقدير قد يبدو تخصيص 194 مليون دولار لمنع الكارثة المحتملة، مقبولاً. لكن هذا المنطق قد يبدو بنظر المعارضين وكأنه استغلال للتهديد في عملية غير نزيهة بالضرورة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مر أكثر من شهر على إعلان الأمم المتحدة شراء ناقلة نفط ضخمة لتفريغ سفينة صافر المتهالكة قبالة سواحل اليمن، إلا أنها لم تقدم تحديثاً بشأن التعديلات التي طرأت على الخطة، باستثناء أن العملية دخلت مرحلتها “الطارئة”، والمهمة تكلف أكثر من 129 مليون دولار، علماً أن إمكانية تنفيذها بالأصل كانت 1 في المئة فقط من هذه الميزانية، بنظر آخرين، ينادون بوقف هدر الأموال. 

وبحسب أحدث البيانات التي تتبعها “درج”، غادرت السفينة “ناويتكال” شواطئ الصين متجهة إلى هولندا، قبل أن تصل سواحل اليمن كما هو مقرر لها مطلع أيار/ مايو 2023. وهذا التطور يأتي بعد المعلومات التي تحدثت عن شراء الأمم المتحدة وعبر البرنامج الإنمائي الناقلة بمبلغ 55 مليون دولار.

هذا الشراء، جاء مخالفاً لبيانات المشروع المنشورة على مواقع الأمم المتحدة وفي بيانات البرنامج الإنمائي، والتي كانت رصدت 13 مليون دولار لاستئجار السفينة لمدة 18 شهراً، ضمن عملية تتضمن أرقاماً مثيرة، يصل إجماليها إلى 144 مليون دولار (المرحلة الأولى والثانية). وأرجعت بيانات لاحقة للأمم المتحدة الارتفاع في التكلفة إلى الأسعار المرتفعة المترتبة على حرب أوكرانيا فيما يتعلق باستئجار السفن. 

 ومع حدوث تعديل غير واضح المعالم حتى اليوم في مضمون الخطة، أصبحت التكلفة للمرحلة الأولى وفقاً لأحدث بيان صادر عن المنظمة الدولية 129 مليون دولار، تلقت المنظمة الدولية تعهدات بدفع 95 مليون دولار منها، ولا تزال تُطالب بمبلغ 34 دولار، موازنة لإكمال المرحلة الأولى.

 المرحلة الثانية وفق الخطة الأولية تتطلب أكثر من 64 مليون دولار وما لم تكن هناك تعديلات فإن هذا المبلغ يُصاف إلى تكلفة المرحلة الأولى 129 ليصبح إجمالي العملية على مرحلتين نحو 193 مليون دولار، ربعها تقريباً قيمة سفينة جديدة وثلاثة أرباع أخرى تكلفة النقل والتشغيل وغير ذلك.

إفراغ النفط وبيعه قد لا يتطلب حتى 1 في المئة!

هذه المبالغ الكبيرة، التي تقدمها الخطة الأممية لإنقاذ العالم واليمن من كارثة تسرب نفطي محتمل يهدد المنطقة والعالم، تصبح محل تساؤل كبير، عندما يخرج خبير ومتخصص، وهو مدير شركة صافر السابق المهندس أحمد كليب، ليقول إن العملية كانت تمكن معالجتها بإفراغ الوقود على متن السفينة في عملية تتطلب مليون إلى مليوني دولار! كأبعد تقدير!

التصريح الذي نشر في تغريدات على حساب كليب وتحقق منه “درج”، ليس صادراً عن معلق إعلامي، بل عن مسؤول رفيع في الشركة النفطية، التي كان يجب أن تسند إليها مهمات التصرف مع الخزان العائم. 

أرقام فلكية لإفراغ خزان

وحسب خطة الأمم المتحدة، في نسختها التي يفترض أنها قد تغيرت،ء فإن “المرحلة الطارئة”، وتشمل 35 مليون دولار تكاليف “عملية الإنقاذ”، و13 مليون دولار استئجار السفينة 18 شهراً (هذا البند يفترض أنها تغير إلى شراء السفينة بـ55 مليون دولار)، ومبلغ نحو 13 مليون دولار تكاليف طاقم وصيانة الناقلة الجديدة، و5 ملايين دولار لإزالة الشحوم من صافر، ثم تكاليف توظيف وتشغيل بنحو 2.9 ملايين دولار و2.3 ملايين دولار تكاليف إدارية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وغيرها من التكاليف التي تصل في النسخة الأولى من الخطة إلى 79 مليوناً و632 ألف دولار.

ارتفعت تكلفة المرحلة 129 مليون دولار وفقاً لأحدث بيانات الأمم المتحدة، والتي يبدو من خلال المعلومات التي تتبعها “درج” حول أسعار استئجار السفن وناقلات النفط العملاقة VLCC، أنها لجأت إلى الشراء بدلاً من الاستئجار بعدما وجدت أن أسعار استئجار السفينة لمدة 18 شهراً تزيد عن 40 مليون دولار إذا كان المطلوب 79 ألف دولار باليوم، كما تشير المراجع المتخصصة حول أسعار استئجار ناقلات النفط الضخمة. 

لكن هذا السعر كما تشر وثائق لشركة Euronav، هو  نتيجة لكون الناقلة تستهلك من الوقود كمية كبيرة. أما في حالة استئجار سفينة لمدة 18 شهراً دون أن يكون الإبحار مقرراً لها باستمرار كما هو حال الناقلة، فإنها لا تستهلك وقود السفينة التي تُبحر للتفريغ من أيام لأخرى. 

وبحسب المعلومات التي تتبعناها، فإن الناقلة الأممية الجديدة تحمل اسم: ناويتكا ورقم IOM الذي يتم التعرف على السفن بواسطته 9323948، بنيت عام 2008  بواسطة شركة مجموعة داليان لصناعة بناء السفن – داليان ، الصين وفقاً لموقع balticshipping.

وفقاً لموقع marinetraffic فإن تقييم السفينة في حالة الشراء 53 مليون دولار وفي حالة الهدم اي بيعها كخردة 25 مليون دولار. على أن خطة الأمم المتحدة للتفريغ قامت بتخصيص ما يقرب من 13 مليون دولار لطاقم وصيانة الناقلة.

 السفينة حملت ثلاثة أسماء منذ بنائها، اسم ميرسك نيوتكا منذ 2008 حتى 2014 حيث كانت ترفع علم سنغافورة، ثم رفعت علم جزر المارشال وتغير اسمها الى Nautic حتى 2019، قبل أن يتم تغيير اسمها إلى NAUTICA، وظلت تحمل علم ليبيريا. 

مراجعة الآلية ووقف هدر الجهود والأموال

يطرح المهتمون تساؤلات عديدة، على غرار لماذا لم يتم استئجار سفينة تنقل النفط لبيعه وإغلاق ملف التهديد بعملية قد تستغرق أسابيع، من هي الأطراف اليمنية التي يمكن أن تتواطأ مع عملية تستهلك هذه التكلفة؟.

هذه العملية، عبر عنها كليب بتصريح آخر، حيث يناشد “الجميع مراجعة آلية حل المشكلة ووقف هدر الجهود والأموال في حين يمكن أن تستفيد البلد بشكل أفضل”. 

ويضيف، “كان المطلوب بكل بساطة تفريغ FSO SAFER من النفط فقط وبيع الكمية مباشرة في السوق العالمية، وهي عملية سهلة لن تتكلف الكثير من النفقات وبإمكان العديد من الشركات في منطقة الشرق الأوسط القيام بها بكل سهولة وأمان”، لكنه “الأمر تطور إلى شراء باخرة بديلة وتجهيزها في الحوض الجاف بالحد الأدنى الذي لا يؤهلها للعمل كخزان عائم بديل”، كما أن “حجمها لن يسمح بدخولها كناقلة إلى أي من موانئ اليمن”. 

وبحسب كليب فإن “الاتفاق على بيع النفط على ناقلة مجهزة لسحبه بمعداتها من الخزان العائم مستأجرة لرحلة واحدة فقط (كان هذا أساس العملية برمتها). تكلفة هذا الحل لم تكن لتتجاوز 1-2 مليون دولار، في أعلى التقديرات على اعتبار تعقيدات الظروف الأمنية الحالية في المنطقة (وليس 100 مليون دولار ونيف، كما يحصل حالياً)”!.

وبينما يطرح كليب الكثير من الحلول التي لا تصل بأي حال إلى هذه التكلفة، فإنه يشير إلى نقطة مهمة، وهي مسؤولية اليمنيين في هذا المشروع، ويتابع “للأسف يبدو أن القائمين على الموضوع من اليمنيين قد بدأوا التحضير للاحتفال بهذه الإنجاز “المعيب” وإعداد برامج احتفالية إبتهاجاً بفشل كانوا الموقعين عليه وليسوا صانعيه”.

قنبلة موقوتة جديدة

لا يؤدي الحل المطروح بكلفة تصل بمرحلتها الأولى إلى 129 مليون دولار، لإزالة خطر التسرب، باعتبار أن الأزمة هي النفط الموجود على ظهر السفينة اليمنية العائمة، والتي يفترض إفراغها وبيع محتواها، لكن وفقاً للخطة سيتم استبدال سفينة عائمة بأخرى أكبر منها، أو بتعبير كليب الانتقال إلى “قنبلة موقوتة جديدة”.

هذه الحالة تدفع البعض للقول إن السفينة قد تتحول إلى مصدر جلب أموال مستدامة ناتج عن استمرار التهديد. أما كليب فيسأل إذا كانت فترة الإدارة الأممية للناقلة بعد شحنها بنفط الخزان العائم صافر لفترة التسعة أشهر، قد ذهبت أدراج الرياح؟ وهل ستقبل الحكومة اليمنية تسلم الناقلة الجديدة بحمولتها لتكون قد استبدلت صافر بصافر أخرى حتى لا تظهر في نظر العالم بمظهر المعرقل للحل الأممي للمشكلة؟”.

يضيف، “كان بالإمكان الوصول إلى نفس النتيجة بأقل التكاليف طالما أن الهدف لا يشمل إخراج النفط من المنطقة. فبدل استبدال صافر بصافر أخرى في محاولة لتأجيل الكارثة، عوضاً عن حلها كان يمكن شراء مولد للغاز الخامل  Inert Gas Generator ووضعه وتشغيله على الـFSO SAFER لتأمين خزانات النفط”.

ويستدرك المتحدث بالقول “نحن نعرف الصعوبات التي واجهها الفريق الأممي مع أطراف الصراع في اليمن، ولكن الوصول إلى هذا الحل الكارثي مهما حسنت نيات المساعدة، لا يستطيع عاقل أن يتقبله ناهيك عن الاحتفاء به وتمجيده”.  

تُقدر الأمم المتحدة الخسائر المحتملة لأي تسرب نفطي في خزان صافر بنحو 20 مليار دولار، وانطلاقاً من هذا التقدير قد يبدو تخصيص 194 مليون دولار لمنع الكارثة المحتملة، مقبولاً. لكن هذا المنطق قد يبدو بنظر المعارضين وكأنه استغلال للتهديد في عملية غير نزيهة بالضرورة. ومن الطبيعي أن تكون الحكومة اليمنية والأطراف المعنية محلياً ودولياً موضع مساءلة في قضية كهذه. 

شركة يوروناف المصنعة للسفينة

تنتمي شركة “يوروناف”  (Euronav NV) إلى مجموعة CMB البلجيكية، يعد أسطول ناقلاتها من أكبر أساطيل ناقلات النفط الخام في العالم. وتوفر أيضًا خدمات إدارة أصول الشحن في سوق النفط الخام. الأعمال الرئيسية للشركة هي التأجير.

 تمتلك “يوروناف” أسطولاً من الناقلات عالية الجودة بمتوسط ​​عمر أقل من 8 سنوات، ويضم أسطولها 48 سفينة، منها 21 ناقلة للسويس و27 ناقلة نفط عمانية بسعة إجمالية تبلغ نحو 11.64 مليون طن من الوزن الساكن. 

السفينة في أيار/ مايو 2021 الصورة خاصة (SGshipspotter)

أحدث صورة متوفرة للسفينة على موقع marinetraffic