fbpx

“خطوة مقابل خطوة”… استراتيجيّة تعويم نظام الأسد 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الترتيبات السياسية جارية لإعلان عودة الابن الضال بشار الأسد إلى منزله وبين زملائه الزعماء العرب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تنعقد القمة العربية المقبلة في الرياض في 19 أيار/ مايو الحالي، وحتى الآن، لا تزال عضوية سوريا معلّقة رسمياً منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2011. 

الترتيبات السياسية جارية لإعلان عودة الابن الضال بشار الأسد إلى منزله وبين زملائه الزعماء العرب. ووسط الفوضى السياسية وإعادة ترتيب الأوراق، يغيب الدم السوري ومعاناة آلاف المعتقلين عن اللقاءات التي تدّعي السعي إلى حلّ الأزمة السورية.

توحي اللقاءات الدبلوماسية النشطة خلال الأسابيع الأخيرة، بأن تعويم نظام الأسد وصل إلى مرحلة “الخطوة مقابل الخطوة”، إذ بدأ استراتيجيّة التعويم كلّ من الإمارات ومصر، وبلغ الشأن ذروته مع زلزال 6 شباط/ فبراير، الذي كان فرصة سياسية ممتازة للنظام. 

استراتيجيّة “الخطوة مقابل الخطوة” أساسها تنازلات متبادلة بين نظام الأسد والدول العربية، بما يحقق مصلحة الطرفين، من دون أن يشعر أحدهما بالغبن، اتضح ذلك بصراحة ووضوح  في الاجتماع التشاوري الذي استضافه الأردن بمشاركة سعودية وعراقية ومصرية، يوم الاثنين 1 أيار/ مايو، بهدف إيجاد دور عربي قيادي في جهود حل الأزمة السورية، والذي يعد استكمالاً لاجتماع جدة التشاوري الذي عُقِد قبل أسبوعين. 

توحي اللقاءات الدبلوماسية النشطة خلال الأسابيع الأخيرة، بأن تعويم نظام الأسد وصل إلى مرحلة “الخطوة مقابل الخطوة”.

دخل الأردن على خط المصالحة مع نظام الأسد، عبر المساعدات بعد زلزال 6 شباط، حاذياً حذو دول عربية أخرى، وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في تصريحات صحافية مشتركة مع وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، نهاية شهر آذار/ مارس المنصرم، “إن المملكة تعمل بالتنسيق مع المجتمع الدولي على التوصل إلى حل سياسي للأزمة السياسية، عبر المبادرة الأردنية القائمة على دور عربي ينخرط بشكل مباشر مع النظام السوري، وفق منهجية الخطوة مقابل الخطوة للتوصل إلى حل متدرج ينهي هذه الأزمة ويعالج كل تبعاتها السياسية والإنسانية والأمنية”.

 كان الصفدي شديد الوضوح بما يخص وضع النظام السوري، إذ قال إن التواصل سيكون مباشراً مع النظام، من دون أن يأتي على ذكر المعارضة السورية، في إشارة إلى أن المعارضة السورية بأطيافها كافة هي خارج حسابات المرحلة الجديدة، ما اتضح أيضاً خلال الاجتماع التشاوري الأخير، حيث وصف بيان وزارة الخارجية الأردنية، نقاشات الاجتماع بـ”المباشرة والصريحة”، و”تهدف للوصول الى قرارات مؤثرة تضعنا على طريق إنهاء الأزمة ومعاناة الشعب السوري الشقيق”. 

يبدو للحظة أننا أمام منعطف مهم في أزمة السوريين، لولا أن الاجتماع التشاوري تجاهل وجود المعارضة السورية، في دعم مطلق للنظام السوري على حساب جميع الأطراف، بمن فيها الفئات الأكثر ضعفاً من السوريين كاللاجئين والمعتقلين والمغيبين قسراً.

تتجلى ملامح مرحلة “الخطوة مقابل الخطوة” بإعادة نظام الأسد إلى الحضن العربي مقابل تخلّيه عن جزء من تجارة الكبتاغون وقبوله بإعادة اللاجئين، بخاصة لبلد مثل الأردن تغرق حدوده بالمهربين والكبتاغون السوري، لكنها كذلك فرصة جيدة للبدء بالتفكير بأزمة اللاجئين، من دون أن ننسى أن مرحلة “الخطوة مقابل الخطوة” لا تنحصر بقضيتي اللاجئين والكبتاغون إنما تتعداهما لتشمل مصالح إقليمية للدول المعنية.

بعد 12 عاماً من الحرب والمشادات السياسية، يبدو من الغريب أن يحافظ نظام الأسد على قوة تأثيره على دول المنطقة التي نبذته طوال سنوات، فما الذي يجعل دولة كالسعودية أو الأردن، تقبل بتعويم هذا النظام؟  ترتكز هيمنة نظام الأسد السياسية على ثلاثة محاور، أولاً التوافق الديكتاتوري مع الأنظمة العربية الأخرى، ثانياً سلاح إغراق هذه الأنظمة بالكبتاغون وتهديد حدودها، وثالثاً ورقة اللاجئين وعودتهم وتخفيف وطأة اللجوء عن دول الجوار.

تتجلى ملامح مرحلة “الخطوة مقابل الخطوة” بإعادة نظام الأسد إلى الحضن العربي مقابل تخلّيه عن جزء من تجارة الكبتاغون وقبوله بإعادة اللاجئين.

طرح النظام السوري نفسه كمثال يحتذى به من الأنظمة الديكتاتورية، نُبذ الأسد حين كان مهدداً بالسقوط، لكن وبعد فرض سلطته مجدداً، رحبت به الدول ذاته التي رفضته، ليعود بشكل تلقائي إلى حضن الديكتاتورية العربية، ومن أبرز أطرافها النظام السعودي. 

من جهة أخرى، بنى النظام السوري خلال 12 عاماً، إمبراطورية الكبتاغون التي شكلت أحد أهم وأكبر الموارد له، إذ وصلت قيمة شحنات المخدرات إلى 5.7 مليار دولار عام 2021 حسب بعض التقديرات، وتتوجه أكبر هذه الشحنات إلى دول الخليج  وبشكل أساسي إلى دبي والسعودية، إذ يستهلك 40 بالمئة من متعاطي المخدرات في السعودية هذه الحبوب، وهكذا يبدو منطقياً محاولة السعودية مساومة النظام السوري لتخفيف صادراته من الكبتاغون إلى البلاد، مقابل إعادته إلى الحضن العربي، لتبدو كراعية للاستقرار العربي، ما يحقق لها اعترافاً عربياً وعالمياً. 

هناك أسباب أخرى غير معلنة، للطرفين السعودي والسوري وحتى الأردني، لكنها تنطوي بالنسبة الى الجانب السعودي، على رغبة في بسط نفوذها وثقلها السياسي، والذي تُرجم من خلال تحسين العلاقات مع إيران.

 يسعى محمد بن سلمان الى خلق ثقل عالمي للسعودية، وتنظيم أوراق المنطقة العربية هو البداية في ذلك. من جانب آخر، يسعى الأسد الى مكاسب مالية في ظل العقوبات الاقتصادية الدولية وانهيار البنية التحتية، وتبدو السعودية مصدراً مثالياً للأرباح المالية تحت ذريعة إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية.

يقابل هذه المصالحات واللقاءات رفض أوروبي وأميركي لنظام الأسد متمثلاً بمزيد من العقوبات والتضييق على شخصياته، الأمر الذي تخالف فيه السعودية رؤية أميركا للمرحلة المقبلة، بخاصة بعد تعهّد مجلس النواب الأميركي في 28 شباط/ فبراير الماضي، بمحاسبة من يطبّع مع النظام السوري، في تصويته على قرار سيمرر من مجلس الشيوخ، قبل إقراره من الرئيس الأميركي جو بايدن.

لا تكاد تظهر المعارضة السورية ضمن كل ما سبق، باستثناء بيانات متواضعة تشذب وتطالب وترفض من دون أن تكون موجودة أصلاً ضمن كل هذه المحادثات والزيارات والبيانات، التي تتحدث عن ميليشيات إرهابية لا عن معارضة للنظام السوري.

 كل ما صدر عن الائتلاف السوري هو بيانان، أحدهما يشجب استقبال السعودية الأسد، بالإضافة إلى زيارة رئيس “الائتلاف” سالم المسلط، إلى الدوحة للقاء السفير التركي في قطر، في 14 نيسان/ إبريل الماضي، ولم تصدر عنه أي تصريحات تُعنى بتطورات الملف. تبقى هذه محاولات يائسة للمعارضة السورية لفرض نفسها كندّ لنظام الأسد، إذ تحوّل وجودها السياسي مجرد وجود شكلي.