fbpx

مرعي الرمثان: راعي الماشية والكبتاغون

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

صعد اسم الرمثان خلال السنوات الأخيرة كحجر أساس في تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن، وكميسّر لعمليات التهريب عبر البادية السورية من خلال شباب من بينهم قصّر يحملون المخدرات في حقائب على ظهورهم ويجتازون بها الحدود.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من راعٍ للماشية في الجنوب السوري إلى مسؤول عن واحدة من أهم شبكات تهريب المخدرات في المنطقة، وعلى رأسها الكبتاغون، المطلوب الأول للأردن في سوريا، مرعي الرمثان، من عشائر البدو في مدينة السويداء السورية (46 سنة)، والملقب بأبو حمزة، ينحدر من قرية الشعاب الصغيرة التي تبعد من الحدود الأردنية نحو 20 كلم، وهو ما جعلها نقطة مثالية لتهريب المخدرات. يقطن القرية حوالى 3000 شخص، غالبيتهم من عشيرة الرمثان التي تنتشر على جانبي الحدود السورية الأردنية.

قُتل الرمثان يوم 8 آيار / مايو في غارة جوية استهدفت منزله، في قرية الشعاب أقصى جنوب شرقي مدينة السويداء السورية، أما المأساة فتكمن في مقتل زوجته وأطفاله الستة في الغارة أيضاً. جاءت الغارة بعد تهديدات أردنية على لسان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قال فيها: “نحن لا نأخذ تهديدات تهريب المخدرات باستخفاف، وإذا كنا لا نرى تدابير فعالة لكبح جماح هذا التهديد، سنفعل ما يلزم لمواجهة هذا التهديد بما في ذلك القيام بعمل عسكري داخل سوريا”، وهو ما يعزز فرضية أن الاستهداف تولاه الطيران الحربي الأردني، الذي لم يصدر أي تصريح بهذا الشأن حتى اللحظة.

يُعرف الكبتغون بـ”فينيثيلين” وهو حبوب تعمل على تنشيط الجهاز العصبي، عبارة عن أمفيتامين معزز يحدث تأثيرت نفسية أقوى وأسرع بكثير من الأمفيتامين وحده. وقد أصبحت سوريا دولة مخدرات بسبب تصديرها نوعين رئيسين، هما الحشيش والكبتاغون، لذا كان ملف تجارة المخدرات، واحداً من أهم الملفات التي طُرحت في الاجتماع التشاوري لحل الأزمة السورية الذي عقدته الأردن الأسبوع الماضي، بحضور عراقي وسعودي ومصري، بحسب بيان الإجتماع فإن سوريا ستتعاون مع الأردن والعراق في تشكيل فريقي عمل سياسيين وأمنيين مشتركين منفصلين خلال شهر، لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات تهريب عبر الحدود مع الأردن والعراق، واتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء عمليات التهريب!

يمكن تفسير قتل الرمثان كبادرة لهذا الاتفاق أو ما سمّاه الجانب الأردني باتفاق “الخطوة مقابل الخطوة”، على رغم حضور الرمثان كاسم بارز في تهريب الكبتاغون، إلا أنه يبقى رقماً في مافيا نظام الأسد لتجارة المخدرات، بخاصة أن سوريا أصبحت مع الوقت أكثر تصنيعاً وتكيفاً وتطوراً في صناعة المخدرات من أي وقت مضى، بحسب تقرير لمركز التحليل والبحوث العملياتية.

يقضّ ملف الكبتاغون السوري مهجع دول الجوار والخليج، وتشكل هذه الصناعة واحدة من أهم مكاسب النظام الاقتصادية وما زالت التنازلات التي سيقدمها النظام بشأن صناعةٍ تدر عليه ملايين الدولارات غامضة، إذ وصلت قيمة شحنات المخدرات إلى 5.7 مليار دولار عام 2021 بحسب بعض التقديرات، فهل ستكون وعود الأسد بمواجهة تجارة المخدرات حقيقية أم أنها مجرد تغييرٍ في خطط وطرق التهريب، ليتنازل عن جزء من الأرباح مقابل الحصول على مكان بين الأشقاء العرب! التضارب بين حقيقة أن نظام الأسد هو الراعي لصناعة الكبتاغون، وبين وعوده في كبح جماح هذه الصناعة وتهريبها، يضع المتابع في حيرة من أمره، كيف يمكن أن يتعامل النظام مع ذلك؟ وهل التصدي لهذه التجارة سيكون جزئياً، من خلال التضحية بالأسماء الصغيرة كما حصل مع أبو حمزة؟

“هناك تهريب مخدرات في مناطقنا، لكن كل شيء يتهمونني فيه، أنا شخص لدي الكثير من الأموال ولست بحاجة للعمل”

تعود سعة انتشار انتاج الكبتاغون في سوريا، إضافة إلى إشراف الدولة على صناعته، إلى سهولة صنعه، إذ يتطلب تصنيع الدواء القليل من المعدات ومعرفة كيميائية بدائية فقط، كما أن صغر حجم الحبة والقدرة على إخفائها في أي مكان سهّل عمليات التهريب. وتنتشر صناعة المخدرات في كل الأراضي السورية لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وهناك ثلاث وجهات رئيسية للكبتاغون السوري: شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية وأوروبا. يبلغ سعر الحبة في سوريا بين 50 سنتاً إلى دولار واحد وهناك سوق جيد لها أيضاً داخل البلاد، وبحسب “مركز جسور للدراسات” تضم سوريا 14 معملاً لإنتاج حبوب الكبتاغون، و13 مركزاً لإنتاج “الكريستال ميث” المخدر، و23 معملاً ومزرعة لإنتاج حشيش الكيف (القنب الهندي).

صعد اسم الرمثان خلال السنوات الأخيرة كحجر أساس في تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن، وكميسّر لعمليات التهريب عبر البادية السورية من خلال شباب من بينهم قصّر يحملون المخدرات في حقائب على ظهورهم ويجتازون بها الحدود. كان الرمثان يجند، عبر شبكة منتشرة في محافظة السويداء ودرعا، شباباً لتهريب المخدرات، معظمهم من أبناء العشائر كما علم “درج” من مصدر مقرب من إحدى العشائر.

وبحسب موقع “السويداء 24” المحلي، يمتلك أبو حمزة علاقات مباشرة مع شعبة المخابرات العسكرية التي تسهل عمله كما تربطه شراكة وثيقة بتاجر المخدرات اللبناني الشهير نوح زعيتر، ومن خلال السيطرة على منطقة جغرافية محددة يدير من خلالها عمليات التهريب، امتلك الرمثان بطبيعة الحال ثروة كبيرة من بينها عقارات ومطاعم في دمشق وماشية وإبل.

الغارة التي استهدفت أبو حمزة تشرّع نوعاً جديداً من انتهاك الأجواء السورية، وهي غارات على أهداف مرتبطة بتجارة المخدرات، وهكذا، وإضافة إلى الغارات الإسرائيلية التي تستهدف شحنات أسلحة ومواقع إيرانية في سوريا، بات اليوم هناك نوع جديد من هذه الغارات المرتبط بتجارة المخدرات.

الدور الذي لعبه الرمثان يبقى صغيراً أمام شبكة المخدرات الكبرى التي يديرها أفراد من عائلة الأسد، هو الذي اعتبر أن وسائل الإعلام تضخم دوره، فقال لشبكة “السويداء 24”: “لا أنفي وجود تهريب مخدرات، لكن الإعلام يعمل على تضخيم دوري وكأنني أسامة بن بلادن”، لكن أهمية مقتله تكمن في كونها إشارة إلى بداية لتغيير في تعاطي الأردن مع ملف المخدرات السوري، تغييرٌ يمكن وصفه بالعنيف، إذ لم يكترث القصف لوجود العائلة والأطفال، مقابل إرسال رسالة قاسية إلى النظام وأذرعه، إذ لم ينج من الغارة الجوية على منزل الرمثان سوى طفلة وحيدة، أصيبت بجروح بالغة وتقبع في العناية المشددة بالمستشفى الوطني في السويداء، وابنته الكبيرة المتزوجة. 

الضربة  الجويّة رسالة شديدة القسوة، إذ قالت مصادر محلية أنها سببت إرباكاً كبيراً للمتهمين بتجارة المخدرات في البادية والريف الجنوبي، مشيرة إلى أن الكثير من مهربي المخدرات البارزين، اختفوا عن الأنظار بعد الضربة.

“هناك تهريب مخدرات في مناطقنا، لكن كل شيء يتهمونني فيه، أنا شخص لدي الكثير من الأموال ولست بحاجة للعمل”، هذا ما قاله مرعي الرمثان يوماً، لكنه لم يعلم أنه سيكون بيدق الاتفاقات الجديدة، وربما سيتبعه كثيرون مقابل تعويم نظام الأسد وعودته إلى الواجهة العربية.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.