fbpx

تهمة “التجديف” في إيران… الولي الفقيه يعدم المواطنين “دفاعاً عن الله” 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سياسات “الولي الفقيه” تواصل نبذ وتهميش شرائح مجتمعية تقف على النقيض من التوجهات الرسمية، ثم التشنيع ضدها بخطاب متشدد وراديكالي، لجهة عزلها داخل غيتوات أمنية ضيّقة، بما يجعلها هدفاً سهلاً للانتقام والتصفية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تخطى القمع التقليدي في إيران، الذي يجعل الأقليات الدينية والقومية هدفاً للانتقام، أساليبه القديمة من السجن لمدد طويلة، أو الجلد، فضلاً عن الغرامات المالية. فإعدام اثنين في إيران على خلفية تهم تتعلق بـ”التجديف” و”شن حرب على الله” و”إهانة المقدسات” و”سب النبي”، سابقة في عمليات التصعيد في العنف المطبق على المواطنين، وتكشف عن انتهاك حقوقي يقوده “آيات الله”.

هذه التهم الفضفاضة، التي تُستغل لأغراض سياسية، جزء من بنية التشريعات الإسلامية في القانون الإيراني، ولها مماثل في عدد من الدول ذات الغالبية المسلمة، منها السعودية وباكستان وأفغانستان وبعض دول جنوب شرقي آسيا. غير أنّ الإعدام، الذي ينفَّذ على نطاق محدود في مثل هذه الحالات، يستوحي من نظام “طالبان” و “تنظيم الدولة الإسلاميّة-داعش”، مقدماً نسخة “خمينيّة”، بدأت في ثمانينات القرن الماضي مع ضياء الحق بباكستان، ثم عدلت النصوص القانونيّة ببنود أكثر صرامة، تتضمن معاقبة كل ما يمسّ الصحابة وآل البيت.  

يتزامن الحكم ضد يوسف مهراد وصدر الله فضلي زارع مع تضاعف أعداد المحكوم عليهم بالموت، وغالبيتها تتعلق بالوضع السياسي الهشّ الذي يعانيه النظام، منذ أيلول/ سبتمبر العام الماضي، إثر مقتل مهسا أميني على يد دورية “شرطة الأخلاق”. الإعدامات هنا أحكام ردع سياسي بغية “نشر الرعب” لتجميد السيولة السياسية، ولجم التظاهرات التي تطالب بإنهاء حكم “الجمهورية الإسلامية”. ولم يستجب الحراك المجتمعي إلى أيّ محاولات، أو بالأحرى رهانات النظام، باتجاه “الإصلاح” أو التهدئة. 

قال مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، محمود أميري مقدم: “أثبتت سلطات الجمهورية الإسلامية، مرة أخرى، طبيعتها المنتمية الى العصور الوسطى بقتل شخصين لإبداء الرأي وإعلانه”.

وأردف: “يجب أن تكون عمليات الإعدام، اليوم، نقطة تحوّل في العلاقات بين الدول المدافعة عن الحق في حرية التعبير والجمهورية الإسلامية الإيرانية”. وطالب أميري مقدم المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ “رد فعل بأنّ الإعدام لمجرد التعبير عن الرأي أمر لا يطاق”. وتابع: “إنّ رفض المجتمع الدولي الرد، بشكل حاسم، يعد بمثابة ضوء أخضر للحكومة الإيرانية… هذا يمكن أن يعرّض حرية التعبير في جميع أنحاء العالم للخطر”.

في نهاية نيسان/ أبريل 2023، تمّ الكشف عن 582 شخصاً على الأقل أُعدموا في عام 2022، وهو ما يمثل قفزة هائلة تصل نسبتها الى 75 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وفق “منظمة حقوق الإنسان الإيرانية”، في تقرير مشترك مع منظمة حقوقية أخرى هي “معاً ضد عقوبة الإعدام”.

كما أنّ 88 في المئة من عمليات الإعدام التي تم إحصاؤها في تقرير العام الماضي، أي 511 حالة إعدام، لم يتم الإعلان عنها رسمياً.

وكالة أنباء “ميزان”، التابعة للقضاء الإيراني، زعمت أنّ يوسف مهراد الذي اعتُقل في أردبيل شمال غربي طهران، “كان مديراً ومؤسساً لمجموعة افتراضية مشهورة جداً في مجال الأنشطة المعادية للإسلام والسب الفاضح للمقدسات الدينية والإسلامية والترويج للإلحاد”. 

وقالت وكالة أنباء “ميزان” إنّ صدر الله فضلي زارع، الذي اعتُقل في ياسوج، جنوب غربي إيران، وهي منطقة أقليات كردية، “داعية للإلحاد”. ولديه “20 جماعة وقناة مناهضة للدين، وكان ناشطاً فيها”.

يتزامن الحكم ضد يوسف مهراد وصدر الله فضلي زارع مع تضاعف أعداد المحكوم عليهم بالموت، وغالبيتها تتعلق بالوضع السياسي الهشّ الذي يعانيه النظام

لا تخلو التهم من تسييس، كما هي العادة، وتوظيف ذلك لحساب تعميم الخوف ضد المعارضين والخصوم السياسيين، تحديداً الأقليات. فالشابان المتهمان بانتقادات، على حساباتهما الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، للرواية الدينية الرسمية، تبدو هناك أسباب أخرى، غير خفية، للمآل الذي وصل إليه كل منهما. فالحمولة السياسية لمواقفهما المؤيدة للملكية والحكم السابق على الثورة الإيرانية، عام 1979، هي ما جعلتهما في مرمى الانتقام الوحشي والعدواني.  

ووفق المادة (262) من قانون “العقوبات الإسلامي”، فإنّ “من سب أو شتم نبي الإسلام أو أحد الأنبياء العظام يُحكم عليه بالإعدام”.

سياسات “الولي الفقيه” تواصل نبذ وتهميش شرائح مجتمعية تقف على النقيض من التوجهات الرسمية، ثم التشنيع ضدها بخطاب متشدد وراديكالي، لجهة عزلها داخل غيتوات أمنية ضيّقة، بما يجعلها هدفاً سهلاً للانتقام والتصفية. 

سوابق عدة تكشف عن هذا النمط الممنهج من الممارسات القمعية، كما حدث مع فاطمة خويشوند عام 2019، فبعدما نشرت صورة سيلفي على حسابها الشخصي عبر “إنستغرام”، لم تتوقع، وهي تعدِّل الصورة باستخدام تقنيات مختلفة حتى تبدو شبيهة بإحدى شخصيات الفيلم الأميركي الخيالي (Corpse Bride)، أنّ مصيرها سيكون الاتهام بـ”التجديف” و”الإساءة الى الزي الإسلامي”. وفي النهاية، السجن المؤبد لعشرة أعوام مع حملة تحريض ملفّقة زعمت قيامها بـ”خمسين عملية تجميل”!.

قبيل صدور أحكام الإعدام بحق الشابين المتهمين بـ”التجديف”، بالإضافة إلى آخرين، أدان تقرير الأمم المتحدة تضاعف هذه الأحكام، أخيراً، ووصفها بـ”المروّعة”، إذ بلغ معدل الإعدام وفق التقرير الأممي (10) إعدامات أسبوعياً، وقال بيان صادر عن الأمم المتحدة إنّ عدد الإعدامات في إيران بلغت (209) حالات على الأقل منذ مطلع العام.

إثر التقرير الأممي، بعث تقرير اللجنة الأميركية الدولية للحرية الدينية بمخاوفه إزاء وضع الحريات الدينية في إيران، وارتفاع وتيرة الانتهاكات والتضييق على المكونات الدينية والعرقية بالتزامن مع الاحتجاجات المندلعة بعد مقتل مهسا أميني. ووفق التقرير، فإنّ ملف الخروقات الحقوقية في إيران قد أُرسل الى المحكمة الجنائية الدولية.

ودعت اللجنة المعنية بالحريات الدينية إدارة الرئيس جو بايدن، الى ضرورة اتخاذ خطوات دولية لإنهاء “إفلات مرتكبي العنف بإيران من المسائلة والمحاسبة القانونية”. فضلاً عن فرض عقوبات على المتورّطين في جرائم انتهاك الحريات الدينية.

وقال رئيس اللجنة نوري توركيل، إنّ أوضاع الحريات الدينية في إيران “سيئة للغاية” حتى قبل اندلاع التظاهرات. لكنّها تفاقمت نتيجة الممارسات العدوانية ضد المطالبين بحرياتهم الدينية بشكل سلمي.

وشنّت أوساط متباينة انتقادات عنيفة للقضاء الإيراني، بعد الحكم الذي صدر بحق مهراد وفاضلي زارع وفق وكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا). وقال نائب رئيس “جمعية مدرسي حوزة قم”، آية الله مرتضى مقتدي، إنّ “المتظاهرين لا يشنّون حرباً على الله ولا على النظام الإسلامي”.

وتابع مقتدى، الباحث الإيراني المختّص في الفقه الشيعي والذي سبق له تولي منصب رئيس محكمة العدل الإيرانية، أنّ “المحتجين كانوا يتظاهرون من أجل حقوقهم، لكن قوات الأمن منعتهم من ممارسة حقوقهم”.

وشكك أستاذ القانون بجامعة طهران، محسن بهراني، الذي سبق له انتقاد مثل هذه الأحكام بناء على دعاوى “الهرطقة” أو “التجديف”، في بقاء أيّ “مصداقية” للقضاء. ولمّح إلى أنّ المحاكمات التي ترقى الى أن تكون صورية، لا تكشف عن “أدلة كافية” لإثبات التهم الموجهة “بارتكاب جريمة شن الحرب على الله”، الى درجة أن “نصف المجتمع لم يعد يصدقنا”، على حد تعبيره.

وفي تغريدة للفنان والناشط السياسي، شاهين نجفي، قال: “الحكومة المخزية للجمهورية الإسلامية أصدرت حكم الإعدام بحق شابين بتهمة إهانة محمد”. وتابع: “عار التاريخ على حكام ساهموا في التضحية بأبناء إيران بهذه الوسيلة في طريق مهنتهم وأخلاقهم المشينة”.

الموقف من الأقليات، أو المختلفين دينياً في إيران، ليس مباغتاً على مستوى الخطاب الرسمي، سواء الديني أو حتى التشريعات القانونية. يمكن القول إنّ الناحية الإجرائية هي ما تتفاوت بحسابات النخبة الحاكمة وضرورات الحكم والإدارة السياسية البراغماتية. بلغ هذا المستوى العنيف مداه مع رسالة الخميني المعروفة بـ “تحرير الوسيلة”، وقال فيها: “تؤخذ الجزية من اليهود والنصارى، من أهل الكتاب، وممن لهم شبه كتاب، وهم المجوس… فلا يقبل من غير الطوائف الثلاث، إلا الإسلام أو القتل”.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.