fbpx

أطفال السودان تحت الخطر… مدارس مقفلة ولقاحات مقطوعة وقتال مستمر 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا تنحصر أزمات أطفال السودان في صعوبة تلقي العلاج، بل تتعداها لتشمل انقطاع التعليم واحتمال استغلالهم وتجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة وتعرضهم للعنف الجنسي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يكن أمام طارق عبد الحميد، غير استقلال سيارة أجرة لإسعاف طفله (3 أشهر)، إلى مدينة شندي في ولاية نهر النيل شمال السودان، بعدما تعذر عليه الوصول إلى مستشفى أحمد قاسم في الخرطوم، بسبب الاشتباكات بين الجيش و”قوات الدعم السريع”.

يُعاني الطفل من حساسية، وقد أدى ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء في حي شمبات الذي يقطنه والذي دارت فيه أشرس المعارك، إلى انتشارها في جسده بكامله.

يقول عبد المجيد، لـ”درج”، إنه دفع لسيارة الأجرة 500 ألف جنيه أي نحو 830 دولاراً، وقد استدان جزءاً كبيراً من المبلغ، لمعالجة ابنه.

تتحدث “اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء”، عن توقف عمل 60 مستشفى أساسي من أصل 88 مستشفى متاخم لمناطق الاشتباكات، وبعض المستشفيات الـ28 الأخرى تقدم خدمات الإسعافات الأولية فقط، وهي مهددة بالإغلاق لنقص الأطباء والإمدادات الكهربائية والمياه الجارية والكهرباء. 

وأفادت بتعرض 20 مستشفى للإخلاء القسري وقصف 17 أخرى، كما اعتدت قوات عسكرية على 6 سيارات ومُنعت أخرى من المرور لنقل المرضى. وذكرت أن جميع المرافق الصحية في مدينة الجنينة ولاية غرب دارفور، غرب السودان، أصبحت خارج الخدمة بعد الاعتداء عليها ونهبها ونهب مخزون الأدوية المركزي. 

وضع مأزوم

لا تنحصر أزمات أطفال السودان في صعوبة تلقي العلاج، بل تتعداها لتشمل انقطاع التعليم واحتمال استغلالهم وتجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة وتعرضهم للعنف الجنسي.

تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” ومنظمة رعاية الطفولة ومنظمة الرؤية العالمية، في بيان مشترك، إن القتال يُعرّض 50 ألف طفل للموت، إذ يعانون من سوء التغذية الحاد، بعد تعطل توفير العلاج المُنقذ للحياة، وتوقع البيان ارتفاع معدلات سوء التغذية في حال لم تُستأنف المساعدات بسرعة.

ويشير البيان المشترك إلى تأثر سلسلة التبريد التي تُحافظ على صلاحية اللقاحات بسبب الانقطاع المستمر في الطاقة والوقود، ما يعرض حياة ملايين الأطفال للخطر وتعريضهم لأمراض مميتة مثل الحصبة وشلل الأطفال.

سوء تغذية وقتال

يعاني ثلاثة ملايين طفل سوداني دون الخامسة من سوء التغذية، وفقاً لإحصاء منظمات دولية تعمل في مجال الطفولة صدر في 18 حزيران/ يونيو 2022، منهم 650 ألفاً يعانون من سوء التغذية الحاد.

وقبل اندلاع القتال، كانت وكالات الأمم المتحدة تشير إلى حاجة 15.8 مليون سوداني لمساعدات إنسانية، منهم 8.5 مليون طفل. ويبلغ عدد سكان السودان 45.6 مليون نسمة، وفقاً لتقديرات حكومية في خواتيم 2021، تمثل الفئة العمرية من عمر يوم إلى 18 سنة: 41.1 في المئة من مجموع السكان. 

وسنوياً، يموت 78 ألف طفل سوداني دون سن الخامسة لأسباب تمكن الوقاية منها. ومع استمرار القتال في العاصمة الخرطوم وهي النقطة الرئيسية لتوزيع الخدمات والأدوية لكل بقاع البلاد وصعوبة الوصول على العلاج وحصر أنشطة المساعدة الإنسانية للأمم المتحدة وشركائها في المناطق الآمنة: يتوقع وفاة أضعاف هذا الإحصاء في وقت وجيز.

وتزداد المخاوف مع إصرار الجيش على عدم التطرق إلى إيقاف الحرب في التفاوض غير المباشر مع الدعم السريع، الذي يُجرى بوساطة من الولايات المتحدة الأميركية والسعودية في مدينة جدة، وإنما حصرها في الشؤون الإنسانية؛ وهذا يعني أن الطرفين سيستغلان هُدنة موقتة تحت رقابة محلية ودولية يتوقع أن يتوصلا إليها في التفاوض، لتحضير قواتهما تمهيداً لقتال قادم قد يكون أشد ضراوة.

وما يزيد الأوضاع صعوبة، اختفاء مظاهر السُّلطة تماماً وانعدام الأمن وتعرض المنازل والمحال التجارية ومصانع الأدوية والمواد الغذائية للنهب، إضافة إلى وتدمير البنية التحتية بسبب القصف العشوائي، بجانب التوقف الواسع في خدمات الإنترنت والاتصال وتعطل التطبيقات البنكية التي يعتمد عليها قطاع كبير من السودانيين في تسيير شؤونهم الحياتية.

ولا شك في أن هذه الأوضاع المأزومة سيتضرر منها معظم السودانيين، لكن الضرر سيقع على الأطفال بشكل خاص، إذ قُتل 190 طفلاً وأصيب 1700 في الأيام الـ11 الأولى لاندلاع القتال؛ وذلك من مجموع 550 قتيلاً و4900 جريح منذ بدء الاشتباكات في 15 نيسان/ أبريل إلى 1 أيار/ مايو.

وتتحدث “منظمة بلاد الدولية” عن مخاوف متزايدة بشأن سلامة الأطفال، حيث يجري تفريق العائلات بسبب الرسوم الباهظة لاستخدام الحافلات والشاحنات في الفرار من المناطق المتضررة من النزاع. وأبدت القلق من أن التكلفة المرتفعة للنقل ستزيد من مخاطر استغلال الأطفال والفتيات والنساء وإساءة معاملتهم.

حتى الفرار… صعب

تعمل هاجر مصطفى، وهي ربة منزل لم تفر أسرتها من العنف في العاصمة الخرطوم لعدم توفر المال الكافي، على مراجعة المنهج الدراسي لأطفالها، لتلافي تراجع مستواهم الأكاديمي عند استئناف الدراسة ولصرف انتباههم عن متابعة المعارك العسكرية في التلفزيون.

وتقول، لـ”درج”، إنها تخشى على مستقبلهم، بعدما لاحظت ميلهم للعنف بسبب مشاهدة الاشتباكات في القنوات الإخبارية والتوتر العام الذي يخيم في السودان بسببها، فيما لا تستطيع حرمانهم من المشاهدة باعتباره التلفزيون أصبح الرفاهية الوحيدة، كما أنها تجد صعوبة في التحكم في القنوات التي يشاهدونها طوال الوقت.

وتشير إلى أن مراجعة المنهج الدراسي نجحت في أوقات سابقة، عند إغلاق المدارس إبان الاحتجاجات وجائحة “كورونا” وإغلاقها بواسطة المعلمين مطلع هذا العام، في تقوية مستوى أطفالها الأكاديمي لكنها غير واثقة من نجاحها هذه المرة بحكم أنها نفسها قلقة على مستقبلهم وعلى مصير البلاد. 

7 ملايين طفل بلا مدرسة

يشير مدير “منظمة رعاية الطفولة في السودان”، أرشد مالك، إلى عدم التحاق 7 ملايين طفل بالمدارس قبل القتال، فيما لا تزال الأضرار الكاملة التي لحقت بالمرافق الصحية والمدارس غير معروفة. 

ويؤكد على أن إغلاق المدارس دفع الملايين من الأطفال إلى الخروج من فصولهم الدراسية – ما ترك فتاة من بين كل ثلاث فتيات وواحد من كل 4 فتيان، بلا تعليم. وقد كان الأطفال يعانون أيضاً من سوء جودة التعليم، فحوالي 70 في المئة من الأطفال في سن العاشرة غير قادرين على القراءة.

يتوقع، حال استمرار القتال، نزوح ملايين الأسر من مناطق الصراع وفي ظل استشراء الفقر ستستعين الأسر بالأطفال في التجارة والرعي والعمالة اليومية لتأمين احتياجاتها المُلحة، ليقود هذا في خاتمة المطاف إلى المزيد من التسرب المدرسي حتى مع إعادة فتح المدارس.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.