fbpx

المرأة في الانتخابات التركية… زينة سياسيّة لحشد الأصوات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يريد إردوغان المرأة التركية ربة منزل بشكل أساسي. لا يكترث كثيراً لأي دور لها أبعد من حدود المنزل ولعبها دور الأم و “تربية جيل تقي” على حد قوله.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تسلم ميرال أكشينير من ردود الفعل القاسية على فعلتها في العاشر من أيار/ مايو الحالي. فقبل أسبوع واحد من الجولة الانتخابية الأولى، رفعت رئيسة “الحزب الجيد” التركي المعارض مكنسة على منصة في مدينة “شانق قلعه”، وقالت أمام الجماهير “أسمعوني أصواتكم، وبخاصة النساء منكنّ، ستكنِسن من هم في السلطة بهذه المكنسة، وسنقول لكنّ شكراً. لا تمسكنّ المكنسة من المقبض، فالمقبض يرمز الى شيء آخر، بل من الوسط”.

كانت ردود الفعل قاسية من الصحف التركية وجمعيات نسوية في تركيا، راح هؤلاء ينتقدون أكشينير على تنميط المرأة التركية كربّة منزل من جهة، واستخدامها الإيحاءات الجنسية من ناحية أخرى. حتى أن صحيفة “A Haber” رأت أن الأتراك “لم يذهبوا أبداً إلى أي انتخابات بهذه اللغة القذرة والمثيرة للاشمئزاز”.

ليست رئيسة “الحزب الجيد” وحدها من يملك نظرة متزمّتة وتنميطية الى المرأة، بل تتشاركها مع خصمها السياسي الأساسي، رجب طيب إردوغان. ولهذا الأخير أكثر من نظرة، بل لديه برنامج كامل معني بالمرأة يحمل عنوان “ثلاثة أو أكثر”. هذا البرنامج الذي وضعه إردوغان عام 2012 وعاد ليذكّر فيه قبل الانتخابات الرئاسية والنيابية الأخيرة، واعداً المرأة التي تنجب أكثر من ثلاثة أولاد بحياة الرفاهية، مشيداً بإجراءات حكوماته السابقة التي أعطت تحفيزات مادية على شكل قطع ذهبية “مقابل كل مولود”، وعلاجات مجانية ومساعدات اجتماعية وغذائية لربات المنازل. 

يريد إردوغان المرأة التركية ربة منزل بشكل أساسي. لا يكترث كثيراً لأي دور لها أبعد من حدود المنزل ولعبها دور الأم و “تربية جيل تقي” على حد قوله. سياسات الرئيس التركي الاجتماعية والديمغرافية والعائلية قائمة على فصل شبه تام بين دور الرجل والمرأة في المجتمع وقطاع العمل، كما زيادة أعداد الأتراك، إذ “لا يمكن أمة تحاول أن تقدم نفسها نموذجاً للعالم، أن تتلاءم صورتها مع صورة شعب هرم”.

سياسات الرئيس التركي الاجتماعية والديمغرافية والعائلية قائمة على فصل شبه تام بين دور الرجل والمرأة في المجتمع وقطاع العمل، كما زيادة أعداد الأتراك.

لا تُكذِّب الأرقام مفعول السياسات “الإردوغانية”، إذ تراجعت نسبة مشاركة المرأة التركية في قطاع العمل من 33.74 في المئة عام 2017 إلى 31.84 في المئة عام 2021 بحسب أرقام وإحصاءات البنك الدولي

مع انتهاء الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التركية، لا يمكن معرفة النسب المئوية التي حصل عليها كل من إردوغان أو خصمه كمال كيليجدار أوغلو بين النساء، لكن غالبية استطلاعات الرأي المنشورة قبل اليوم الانتخابي، تشير إلى أن قوة كيليجدار أوغلو الانتخابية تتركز بين النساء والجيل الشاب بشكل أساسي. 

هذا ويملك هذا الأخير صورة أكثر “حداثية” عن المرأة ودورها من تلك التي يملكها خصمه. فهو “أتاتوركي” يتفاخر بأن قدوته قد أعطى المرأة التركية حق الانتخاب منذ عام 1934، وسمح لها بقيادة الطائرات والدخول إلى مؤسسة الجيش، وأعطاها حق التعليم بعدما جعله إلزامياً، وغيرها من الإجراءات الأخرى. 

تعهد كيليجدار أوغلو، خلال الحملة الانتخابية، بحماية المرأة التركية بشكل عام، تعزيز حقوقها، مساواتها في الفرص والإمكانات مع الرجل “للوثوب بتركيا إلى المستقبل”، من دون أن ينسحب هذا الأمر بشكل حقيقي على ترشيح المرأة على لوائح حزبه الانتخابية. 

مع تشكيل اللوائح المختلفة، رشح حزب إردوغان، “العدالة والتنمية”، 113 إمرأة من أصل 600 على لوائحه، فيما قدم حزب كيليجدار أوغلو، “الشعب الجمهوري”، 156 إمرأة على لوائحه للتنافس في الانتخابات. الفرق البسيط بين الأرقام يصبح أكثر وضوحاً عند ملاحظة أن “العدالة والتنمية” قد وضع 4 نساء فقط على رأس لوائحه في الدوائر الانتخابية (من أصل 87 دائرة انتخابية)، فيما وضع خصمه 11 إمرأة على رأس اللوائح، لأن الانتخابات البرلمانية التركية قائمة على نظام القانون النسبي في لوائح مقفلة، وتضمن، إلى حد كبير، فوز مترأس اللائحة في كل دائرة انتخابية. 

استخدم الحزبان المرأة للزينة أكثر مما أرادوا وصولها الجدي إلى السلطة والمشاركة فيها، كما راح كل منهما يتباهى بإمرأة من اختياره لتقديم نفسه بشكل إيجابي أمام الجمهور. اختيار إردوغان، “نيسا ألب تكين” ، البالغة من العمر 18 سنة، وقدّمها الإعلام الموالي للحزب الحاكم بشكل كثيف كنموذج “للجيل الشاب الجديد، الذي سيتابع الإنجازات التي قمنا بها”. أما كيليجدار أوغلو، فاختار “سيفغي كيليتش“، لا لأنها تملك حيثية شعبية أو أفكاراً نيرة، إنما فقط لأنها تضع حجاباً، فباتت المرشحة المحجبة الأولى التي يتبناها حزب “الشعب الجمهوري” منذ تأسيسه عام 1923، وكأن كيليجدار أوغلو يقول للجمهور إنه غير معادٍ للمرأة الملتزمة دينياً. 

بقيت مرشحتا إردوغان وكيليجدار أوغلو زينة لا أكثر، إذ خسرتا الانتخابات سوياً، ولم تستطيعا الدخول إلى البرلمان التركي بسبب وضعهما في مراكز متراجعة على اللوائح الانتخابية. 

في الخلاصة، ومع إعلان النتائج، فازت 121 نائبة من أصل 600 (20.1 بالمئة) في البرلمان التركي الجديد، بعدما كان عدد النساء 103 عام 2018، 81 عام 2015، و24 عام 2002. الأمر الذي يعطي فكرة واضحة عن أن تمثيل المرأة في الحياة السياسية التركية في تقدّم ملحوظ، ولكنه يبقى بعيداً جداً من التساوي الحقيقي مع الرجل.