fbpx

تينا ترنر التي “علّمتنا” مواجهة العنف الأسري

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“عندما تحدثت تينا ترنر بشكل علني عن حياتها، ساهمت في نشر الوعي بحقيقة أن العنف المنزلي منتشر في كل مكان. تينا ساعدت في منح المصداقية لنساء أخريات تجرأن على التحدث علانية عن سوء المعاملة التي يتعرضن لها”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أجبرني على مشاهدة عرض جنسي حيّ في بيت دعارة ليلة زفافنا، ضربني بأداة توسيع الأحذية عندما كنت حاملاً، سكب القهوة الحارقة عليّ وعاملني بوحشية… كنت خائفة بجنون من ذلك الرجل” تقول تينا ترنر “أسطورة الروك آند رول” التي توفيت قبل أيام عن عمر ناهز الـ 83 عاماً لمجلة “بيبول”، في مقابلة أجريت معها في العام 1981، تحدثت فيها عن العنف المنزلي الذي تعرضت له أثناء زواجها من آيك تيرنر، في بوح وُصف بـ”الشجاع والملهم”. 

شكلت هذه المقابلة نقلة في مسيرة النساء ضد العنف المنزلي، وفيها عبرت ترنر عن رعبها من الاعتراف بما كانت تتعرض له، “كنت أخشى أن أتحدث عن العنف الذي أتعرض له خوفاً مما سألقاه من آيك (زوجها) بعد البوح”. الرعب من ردة فعل زوجها رافقه رعب آخر من خسارة مسيرتها الفنية في حال تكلمت: “كنت متوترة للغاية من أن أجري المقابلة، الى درجة أني سألت طبيبتي النفسية عما إذا كان بوحي سيدمر حياتي المهنية”، تقول تينا ترنر في فيلم وثائقي لدانيال ليندساي وتينا تي جيه مارتن، أُنجز في العام 2021. ثم تستدرك، “قالت لي طبيبتي: لا ، تينا. اعترافك سيفعل العكس تماماً. المقابلة ستكسر القيود وستفتح كل شيء على مصراعيه”.

وهكذا كان، “قرار تينا بالتحدث بصراحة عن معاناتها مع العنف كان في غاية الأهمية”، تقول لينور إي ووكر، مديرة معهد العنف المنزلي ومقره الولايات المتحدة، والذي يقدم الدعم لضحايا العنف المنزلي في مقابلة لموقع “بي بي سي”.

“كنت أخشى أن أتحدث عن العنف الذي أتعرض له خوفاً مما سألقاه من آيك (زوجها) بعد البوح”.

“في عام 1981، كنا لا نزال نتعلم عن مدى انتشار العنف المنزلي في المنازل، وكان الاعتقاد السائد أن النساء الفقيرات اللواتي لا يمتلكن مصدر رزق، هن فقط من يتعرضن لسوء المعاملة” تقول ووكر، مضيفة: “عندما تحدثت تينا ترنر بشكل علني عن حياتها، ساهمت في نشر الوعي بحقيقة أن العنف المنزلي منتشر في كل مكان. تينا ساعدت في منح المصداقية لنساء أخريات تجرأن على التحدث علانية عن سوء المعاملة التي يتعرضن لها”.

في العام 1968، حاولت تينا تيرنر الانتحار، كانت تعيش صراعاً داخلياً عنيفاً، هي التي عانت من طفولة ممزّقة بعد فصلها هي وشقيقتها الكبرى إيلين عن والديها بسبب انتقالهما للعمل في مصنع ذخيرة، وتم أخذ الشقيقتين للعيش مع أجدادهما الصارمين المتدينين. أعيد لمّ شمل الأسرة بعد الحرب، لكن والدتها تركت العائلة عندما كانت آنا ماي (الاسم الحقيقي لتينا ترنر) بعمر 11 عاماً فقط. منذ ذلك الحين، أقسمت تينا على أنها لن تترك زوجها مهما حصل. تقول، “عندما تزوجت في العام 1962، وعدت زوجي بأني لن أتركه (بسبب معاناتها من ترك أمها لها). شعرت بأنني مضطرة للبقاء معه وكنت خائفة… لم أرغب في إيذائه، وبعدما كان يضربني … كنت أجلس مصابة بالكدمات وممزقة، لكني فجأة كنت أشعر بالأسف تجاهه. ربما تعرضت لغسيل دماغ”. 

في العام 1978، وبعد تحقيقها شهرة ونجومية واسعتين، قررت تينا ترك “القفص الزوجي”. تقول في الوثائقي: “كنت أعيش حياة الموت. لم أكن موجودة… لكنني نجوت من ذلك. وعندما خرجت، مشيت. ولم أنظر إلى الوراء”.

آنذاك، لم تكن نجاة تينا فردية، بل فتحت الباب معها لنجاة نساء أخريات. هذا ما تشير إليه ووكر في حديثها مع “بي بي سي”: “في  بداية الثمانينات، لم يصدق أحد النساء عندما تحدثن عن العنف المنزلي ، لذلك عندما تحدثت تينا ترنر، المغنية المشهورة والمحترمة، أعطت النساء الأخريات الشجاعة للقيام بذلك أيضاً… كنا بحاجة إلى مؤثرات مثلها للتحدث علناً عن العنف الأسري، هكذا كانت تينا دليلاً عملياً ملموساً حول متلازمة المرأة المعنفة في المحاكم”.

وعن النصيحة التي تقدمها تينا في عمر متقدم إلى تينا في عمر أصغر  note to younger self، تقول تينا ترنر في آخر مقابلة أجرتها معها مع مجلة “فوغ” البريطانية نُشرت الشهر الماضي، “أود أن أقول لنفسي أن أبقى قوية وأن أواصل الرغبة في المزيد والقتال من أجل كل شيء!”.

وعن سرّها الذي تقدمه لحياة جيدة، تسأل:”ماذا تعني الحياة الجيدة؟”، ثم تجيب وكأنها تقدّم عصارة تجربتها: “حياتي كانت ممتلئة، لكن مع الكثير من الأوقات الحزينة التي أسامحها الآن، وأسعى جاهدة الى نسيانها… ربما هذه هي الإجابة: أن تستمر في المضي قدماً، وتسعى الى ملء حياتك بالحب. هذه المرحلة التي وصلت إليها الآن وأنا ممتنة لذلك”.

سيدات كثيرات حول العالم تعلّمن من تجربة تينا ترنر وجرأتها، وحفرت تجربتها عميقاً في الوعي النسوي الجماعي، لكن أفكارها يبدو أنها لم تصل إلى فنانات في عالمنا العربي يذهبن حدّ “تمجيد” العنف الأسري، كما عبّرت بـ”صراحة” تلامس الوقاحة “شمس الأغنية اللبنانية” نجوى كرم، حينما اعترفت أنها تعرضت للعنف من زوجها، الذي ضربها  “كف” قالت إنها كانت تستحقه! “حبيتها (للصفعة)، كان بدي ياها صراحة. انبسطت لأنو حسيت كسرلي عنادي، بستاهلها لأني جربت إحكي مع زوجي بطريقة إنو أنا نجوى كرم”. 

شتّان بين هذا القول المنهزم الخانع للسلطة الأبوية، وبين ما قالته ترنر، ولا تزال أصداؤه تتردّد إلى اليوم: “القوة الجسدية في امرأة، هذا ما أنا عليه!”.