fbpx

نقاش في لا جدوى الانفتاح على نظام الأسد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بسبب هذا النظام، باتت سوريا فاقدة السيادة، منذ سنوات عدة، مع وجود مناطق كثيرة منفصلة عن بعضها نظرياً وعملياً، من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية وحتى الاجتماعية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أثارت مساعي الانفتاح على نظام الأسد مشاعر المرارة والغضب عند سوريين كثر،  لا سيما أن الأسباب الأساسية التي أدت إلى القطيعة معه، وتالياً تجميد عضويته في جامعة الدول العربية، لا تزال قائمة، وأهمها لا عقلانيته، أو تطرفه في استخدام القوة الغاشمة، في تعامله مع الحراكات الشعبية، قبل 12 عاماً، ما أدى إلى مصرع مئات الآلاف من شعبه، وتشريد الملايين منه.

الأسد مسؤول عن تحويل سوريا إلى دولة فاقدة السيادة، بجعلها قاعدة مفتوحة لإيران وميليشياتها الطائفية المسلّحة، وللجيش الروسي (منذ أيلول/ سبتمبر 2015)، والذي تبعه وجود قوات لدول أخرى كتركيا والولايات المتحدة الأميركية (مع فصائل عسكرية مسلحة للمعارضة السورية، وقوات “قسد”).

وبغض النظر عن الموقف من النظام، فإن مبررات التطبيع تبدو غير مقنعة سياسياً، وغير منصفة أخلاقياً، بعد كل الأهوال التي اختبرها السوريون منذ 13 عاماً تقريباً، بيد أن ذلك لا يقتصر على الماضي، أو على علاقة النظام بشعبه فقط، بل يشمل المخاطر المستقبلية التي يمثلها بقاء هذا النظام بالنسبة الى الشعب السوري، ومحيطه العربي، بنمط تحالفاته أو توظيفاته وخياراته الإقليمية والدولية.

سيادة مفقودة ومناطق منفصلة

وبسبب هذا النظام، باتت سوريا فاقدة السيادة، منذ سنوات عدة، مع وجود مناطق كثيرة منفصلة عن بعضها نظرياً وعملياً، من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية وحتى الاجتماعية. ففي الشمال، تسيطر تركيا والفصائل الموالية لها، وفي الشرق تسيطر القوات الأميركية وقوات “قسد”، وثمة وضع خاص في الجنوب حيث نفوذ الأردن (مع مداخلات إسرائيلية تؤكدها مداخلاتها العسكرية في الخريطة السورية)، وطبعاً ثمة سيطرة النظام في الوسط والساحل مع وجود قوات روسية ووجود عسكري لإيران والميليشيات الطائفية التابعة لها.

 وفي ما يخص الوضع الاقتصادي، بات النظام في أضعف حالاته، مع انهيار قيمة العملة، والنسبة العالية من البطالة، وتفشي الفقر، يفاقم من ذلك رهنه معظم مرافقه، وثرواته الباطنية للحليفين ـ الشريكين، روسيا وإيران، ما يجعله في هذه الحالة غير مؤهل لإعادة الإعمار، ولا لإعادة اللاجئين، ما يعني أنه ينظر إلى الأموال التي قد ترصدها دول عدة للتعويض عما فقده، أو بدّده، ولإعادة تسمينه، وأيضاً، لتمويل أجهزة سلطته الأمنية.

 النظام السوري… عبء على النظام العربي

ثمة أسباب كثيرة، معظمها يتعلق بطبيعة النظام السوري القائم منذ أكثر من نصف قرن، تفيد بأنه بات عبئاً، من النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية، وحتى الأخلاقية، على النظام العربي، على علاته، تماماً مثلما هو عبء أيضاً على النظام الدولي، في ذاته، وفي تحالفاته أو تبعيته لروسيا وإيران، ما يضفي مشروعية على نقاشات السوريين حول جدوى تبييض صفحة النظام، أو الصفح عن ارتكاباته ضد شعبه، رغم كل الأهوال التي عانت منها ولا تزال، غالبية السوريين.

قد يجوز للسوريين أن يفهموا، مما جرى، أن النظام العربي يلملم أطرافه، بعد التصدعات، أو الاهتزازات التي تعرض لها، إثر ثورات الربيع العربي، والتي انعكست خوفاً لدى بعض الأنظمة على ذاتها، ومسارعة أنظمة أخرى لركوب الموجة واستيعابها ثم السيطرة عليها، وهي الحالة التي انتهت اليوم، باستعادة الأنظمة عافيتها، الأمر الذي يستوجب إعادة لملمة النظام العربي أيضاً، وضمنه إعادة تأهيل نظام الأسد، بوصفه جزءاً من ذلك النظام.

ولعل تلك الحيثية تفيد بأن الوضع السابق لم يكن طبيعياً، إذ إن تلك الأنظمة متماهية مع بعضها، في طبيعتها التسلطية، وفي نمط علاقتها مع مجتمعاتها، وإن اختلفت الدرجة، وتبعاً لذلك فإن الانفتاح على النظام يعيد الأمور إلى طبيعتها، ما يبين ضيق أفق “المعارضة” السورية التي تصدرت المشهد، وبنت سياساتها وخياراتها ورهاناتها على هذا النظام أو ذاك، على الصعيد العربي أو الإقليمي أو الدولي.

مع ذلك، لا يبدو ظاهراً أن أطراف النظام العربي، في مسارها الانفتاحي على نظام الأسد، تدرك أن ذلك النظام لم يعد لديه ما يقدمه لها، على الأصعدة كافة، وأن ذلك لن يغير في وضعهاً شيئاً، بقدر ما سيضعها تحت طائلة العقوبات الأميركية. 

عودة الى الانفجار!

القصد، فإن الأطراف المعنية مطالبة بإدراك حقيقة مفادها أن نظاماً كنظام الأسد سيظل عامل تصدع في النظام العربي، لكل نظام على حدة، لا سيما في الجوار، وللنظام الإقليمي العربي إجمالاً، أولاً، بإبقائه طنجرة الضغط السورية على حالها، من دون القيام بأية تغييرات، أو إصلاحات، ما يعني عودتها الى الانفجار لاحقاً. ثانياً، لأن الأرض السورية باتت خارج سيطرة النظام، بكل معنى الكلمة، سياسياً واقتصادياً وأمنياً، إذ إن روسيا وإيران تتحكمان بالقرارات السيادية، السياسية والاقتصادية والأمنية، وبحكم وجود القوى الأخرى (الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل). ثالثاً، لأن ذلك النظام يشغّل شبكات التهريب في المنطقة، وضمنها شبكات تهريب “الكبتاغون”، ما يشكل ابتزازاً للأنظمة المجاورة، وتهديداً لها، وما يُستجر مواجهة من نوع ما مع الولايات المتحدة. ورابعاً، بسبب الارتباط الوثيق بين النظامين السوري والإيراني (وميليشياته)، وأيضاً لارتباط ذلك بمخاطر انفجار الصراع بين الطرف الإيراني (وامتداداته، بخاصة في لبنان)، وبين إسرائيل، وهي مواجهة لا تبدو بعيدة، أو غير متوقعة، لا سيما بحكم سياسة الزراع الطويلة التي باتت إسرائيل تنتهجها شهرياً مرات عدة في الأونة الأخيرة، من دون أن تقدم إيران على أي رد عليها، حتى الآن.

وفقاً لذلك، يُفترض بالأنظمة أن تكون حذرة، وواعية لطبيعة النظام السوري وارتهاناته، والتي أكدها صراحة في مؤتمر قمة جدة، إذ إن الأمر لم يعد يقتصر على الخطر الذي يمثله على شعبه، وإنما سيمتدّ أيضاً إلى البلدان والمجتمعات العربية الأخرى.

طبعاً، ليس المطلوب من الأنظمة العربية خوض معركة الشعب السوري، في مواجهة النظام الذي جثم على صدره أكثر من نصف قرن، فلا أحد يتوقع ذلك، وإنما المطلوب منها عدم النأي بنفسها عن مآسي السوريين، أو التنكر للعذابات التي أحاقت بهم، وأن تبقي ضغطها عليه لإجباره، إن لم يكن على الرحيل، فعلى الأقل على كفّ يده عن البطش بالسوريين، قتلاً واعتقالاً وتشريداً. كما مطلوب منها إبداء الضغط عليه، بالوسائل الممكنة، لفك ارتباطه (أقله الأمني) بشريكه الإيراني، وضمنها التركيز على إخراج كل القوات الأجنبية من سوريا (الإيرانية والروسية والتركية والأميركية)، إذ لا يمكن الانفتاح عليه من دون أي مقابل، فهذه رسالة لن يفهمها، كما ليس بإمكان السوريين، في غالبيتهم، فهمها أو تقبّلها.

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!