fbpx

أردوغان أطلق سراح القِسّ برونسون لكن الاقتصاد التركي ما زال مسجوناً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يبدو أن تركيا ستتعافى قريباً من أزمتها الاقتصادية المتفاقمة. وحتى الآن، لم تُظهِر الولايات المتحدة أي إشارة لرفعها للعقوبات عن تركيا. كما شجبت الولايات المتحدة سجن الأميركيين الآخرين في تركيا بمن فيهم عالم وكالة ناسا، سيركان غولج، بالإضافة إلى احتجاز اثنين من الموظّفين الأتراك من البعثات الدبلوماسية الأميركية

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في وقت سابق من هذا الشهر، ووسط حشد من الواقفين على درجات المحكمة في مدينة إزمير التركية، صاح أحد الصحافيين، “لقد كان أغلى سجين في تركيا!”. في الداخل، كان قد حُكِم على القِسّ الأميركي أندرو برونسون للتو بالسجن لمدّة لا تزيد عن ثلاث سنوات. عنى هذا الحُكم الحرية للقِس فعلياً؛ فيستطيع برونسون، والذي أدّى احتجازه لمدة عامين في إزمير بإدارة ترامب لفرض عقوبات اقتصادية، العودة إلى وطنه الأميركي. وقد كان برونسون، بعد بضع ساعات، التقى مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض.

عاش القِسّ الإنجيلي مع زوجته نورين في تركيا لما يقرب من 25 عاماً. وقد كان راعي كنيسة القيامة الصغيرة هناك. غير أن حياته اتخذت منحًى جذرياً بعد أن واجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاولة انقلاب في عام 2016. واتُّهم برونسون بالتجسّس لصالح منظمتين، وهما حزب العمّال الكردستاني (PKK) وحركة الداعية التركي فتح الله كولن، والذي تعتبره أنقرة المدبّر لمحاولة الانقلاب.

ومع بدء أول محاكمة لبرونسون في نيسان/ أبريل، بدأ ترامب وإدارته بالمطالبة بعودة القِسّ ـــ “زوجٌ وأبٌ مسيحي رائع” على حد وصف ترامب ـــ إلى الأراضي الأميركية. وقد رفضت تركيا من جانبها الانصياع للأمر. وفي خطاب ألقاه في سبتمبر/ أيلول 2017، قال أردوغان، “أنت أيضاً تملك داعية”، في إشارةٍ لفتح الله غولن، “سلّمه لنا… وسنحاول أن نُسلّمه لك (يقصد برونسون)”. وبعد صدور حكم قضائي هذا الصيف، والذي قضى بالإقامة الجبرية على برونسون دون إطلاق سراحه، باشر ترامب بفرض العقوبات.

ضاعفت الولايات المتحدة من قيمة التعريفة الجمركية على الفولاذ والألمنيوم المستوردَيْن من تركيا، بالإضافة لتجميدها أصول وزارتَي العدل والداخلية التركيتين. انخفضت قيمة الليرة التركية لتُصبح 5.11 ليرة لكل دولار أميركي، وبلغ التضخّم نسبة 24.5%. هاجَم أردوغان الولايات المتحدة، وقام بعض الأتراك بإظهار حرقهم للدولارات، ومقاطعة ماكدونالدز، وتدمير منتجات شركة آبل.

إقرأ أيضاً:

 تركيا قامعة الصحافيين تهاجم السعودية لقتلها صحافياً

 

ومع تدهور الاقتصاد، انتشرت الشائعات بأن تركيا ستستسلم قريباً وستُطلق سراح القِسّ بعد محاكمة تقرّر إجراؤها في 12 أكتوبر. على الرغم من أن الحُكم النهائي كان متوقعاً، إلا أن المحاكمة تظل مثيرة للدهشة. واقفاً وحده أمام القضاة، لم ينطق برونسون سوى ببضع كلمات: “أنا رجلٌ بريء. أحبُّ يسوع المسيح. وأحبُّ تركيا”. وفي أثناء المحاكمة، تراجع العديد من الشهود بشكل مفاجئ عن شهادتهم ضد برونسون، وانتهت جلسة الاستماع في غضون ساعات قليلة ـــ فقط قبل لحظات من اختتام البورصة التركية نشاطها لذلك اليوم.

من المؤكد أن إطلاق سراح برونسون يُعتبر انتصاراً لترامب، إلا أن النتيجة أكثر تبايناً بالنسبة لتركيا. فبعد صدور الحكم، امتدح أردوغان القضاء التركي، حيث قال في تغريدةٍ كتبها باللغة التركية “عزيزي @دونالد-ترامب-الحقيقي، كما أشرتُ دوماً، وصل القضاء التركي إلى قراره بشكل مستقل. آمل أن تستمر الولايات المتحدة وتركيا في كونهما حليفتين كما كانتا دائماً، وأن يستمرا في كفاحهما المشترك ضد الجماعات الإرهابية”. كان تصريحه هذا متناقضاً إلى حدّ ما مع وعده السابق بعدم منح الحرية لبرونسون إطلاقاً، فقط الوقت هو ما سيُظهر ما إذا كان الأتراك سيأخذون عليه تغيير موقفه من الأمر أم لا.

وفي هذه الأثناء، فلا يبدو أن تركيا ستتعافى قريباً من أزمتها الاقتصادية المتفاقمة. وحتى الآن، لم تُظهِر الولايات المتحدة أي إشارة لرفعها للعقوبات عن تركيا. كما شجبت الولايات المتحدة سجن الأميركيين الآخرين في تركيا بمن فيهم عالم وكالة ناسا، سيركان غولج، بالإضافة إلى احتجاز اثنين من الموظّفين الأتراك من البعثات الدبلوماسية الأميركية.

قال لي بولِنت علي رضا، مدير مشروع تركيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، “قال مايك بومبيو، وزير خارجية أميركا، إنه يتوجّب إطلاق سراح الأميركيين الآخرين المحتجزين في تركيا، حتى لا تنتهي القصة عند برونسون”. علاوة على ذلك، حتى لو تراجعت الولايات المتحدة عن العقوبات التي فَرَضَتها، فقد لا يتحسن الوضع. فالمشاكل الاقتصادية في تركيا هي مشاكل هيكلية: فقد عززت النمو الاقتصادي لسنواتٍ عن طريق إنشاء البنية التحتية. والآن، تُعاني البلاد من التضخم المرتفع وأسعار الفائدة العالية، والتي لن تتبدّد برفع العقوبات فحسب.

ومع ذلك، لو لم يُطلَق سراح القِسّ برونسون، لكانت الأمور أسوأ بكثير بالنسبة لتركيا. ووفقاً لعلي رضا، فقد كان ترامب على استعداد لاستدعاء موظّفي السفارة الأميركية من تركيا. ويؤكّد علي رضا أنه، وفي الوقت الحالي، “لم تختفِ القضية (الكردية)، ولم تختفِ قضية غولن، ولم يختفِ الخلاف على القُدس، ولم تختفِ قضية إيران”. إن كان شطب إسم برونسون من قائمة النقاط المتوترة بين الحليفين يساعد ولو بقدر ضئيل، فربما يكون الأمر قد استحق كل هذا العناء.

جولي نوري

هذا المقال مترجم عن موقع Foreign Policy ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي