fbpx

11 سنة على ثورة يناير و7 على مقتل
شيماء الصباغ “شهيدة الوردة”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

11 عاماً على ثورة يناير و7 سنوات على سقوط شيماء برصاص غادر، ولا يزال المصريون عاجزين عن تفسير كيف انقلبت أحوالهم وكيف خسروا خيرة شبابهم وشاباتهم ليعودوا إلى نقطة البداية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“محدش يجري احنا منسحبين وسلميين، ارجعوا ماشيين ومش خايفين إحنا مش عاملين جريمة عشان نجري… محدش يجري”.

في صباح 24 كانون الثاني/ يناير 2015، تحرك القطار من مدينة الإسكندرية إلى القاهرة، كان يحمل في إحدى عرباته الشابة المصرية شيماء الصباغ، وزملاءها من “حزب التحالف الشعبي الاشتراكي” حسام ومحمد وزياد، أجرت شيماء اتصالين هاتفين خلال رحلة القطار أحدهما بصديقتها ماجدة والثاني بوالدتها.

حسام نصر زميل شيماء ورفيق نضالها السياسي، ثم رحلتها الأخيرة حتى مقتلها، يقول لـ”درج”، “شيماء تركت ابنها بلال في رعاية صديقتها المقربة ماجدة كان عمره وقتها 6 سنوات، ونحن في القطار اتصلت بها شيماء و أوصتها به، طلبت منها تجميل الطعام وتزيينه على شكل نجوم وألعاب لأنها اعتادت أن تعد له طعامه مزيناً، ولن يأكله دون هذه اللمسات، ثم تواصلت مع أمها وطمأنتها إلى أنها برفقتنا ولا داعي للقلق… التقطت شيماء السيلفي الأخير لها معنا قبل أن تتلطخ ثيابها بدمائها”.

كانت الخطة المقررة لهذه الرحلة الهبوط في محطة قطار رمسيس، ثم التوجه إلى مقر الحزب في شارع هدى شعراوي وحمل الورود في مسيرة سلمية إلى ميدان طلعت حرب ترحماً على ضحايا ثورة يناير، ثم الجلوس على مقهى البستان لملاقاة الأصدقاء لمدة ساعتين، والعودة مجدداً إلى الإسكندرية في اليوم ذاته.

“كانت هناك شابة بشعر قصير لم تضع المكياج كانت تهتف في المسيرات وتحمل الورود كتبت الشعر وبحثت في فن العدودة والنحيب الصعيدي ماتت بين أيديكم هذه الحلوة هي أمي”.

 مضت الخطة كما تحددت سلفاً، لكن؛ عند ميدان طلعت حرب وفي لحظة المسيرة السلمية وحمل الورود، انقلب كل شيء رأساً على عقب، يقول حسام نصر: “كانت شيماء هي التي تولت الهتاف للمسيرة، كلها هتافات حول حق الضحايا والترحم عليهم، لم نقطع طرقاً ولم نستفز عناصر قوات الأمن، كنا نحمل الورود وشيماء تهتف، طالبنا العناصر بإنهاء المسيرة فتراجعنا باتجاه شارع هدى شعراوي، لكنهم باغتونا من خلف ظهورنا بقنابل مسيلة للدموع، وأطلقوا الخراطيش في الهواء بشكل عشوائي”.

سقطت شيماء (31 سنة). في طريق عودة المسيرة كانت تصرخ للذين يهرولون هرباً من الغاز المسيل للدموع “احنا منسحبين وسلميين يبقى نرجع ماشيين ومش خايفين إحنا مش عاملين جريمة عشان نجري محدش يجري” .

غابت شيماء عن الوعي، وحتى مشهدها الأخير كانت تحاول الوقوف متكئة على زميلها والدم ينفر من وجهها، كانت تلفظ اسم ولدها بلال وثقل لسانها وماتت.

تشريح الجثمان كشف أن سبب الوفاة كان طلقاً نارياً (خرطوش) أحدث تهتكاً في الرئتين والقلب ونزيفاً بالتجويف الصدري، إضافة إلى إصابتها برشتين في الوجه من محتويات الطلق الخرطوش، من مسافة 8 أمتار، تقل عن ذلك، في حالات سلاح قصير الماسورة.

كان ابنها بلال ينتظر عودتها، يقول حسام نصر إن الطفل لم يعتد غياب والدته، كانت تأخذه معها في اجتماعات الحزب وإلى أشغالها، انتظرها ثلاثة أشهر وبقي مصراً على الاتصال بها، حتى قرر والده مصارحته بوفاتها.

إقرأوا أيضاً:

 من وقتها حياة بلال على مدار سبع سنوات مضت، تركزت على التذكير بوالدته يقول نصر “بلال عمره الآن 13 سنة، في كل مرة نلتقيه نسأله عن شؤونه فيحكي عن والدته وكلما رأى وجهاً جديداً من الأصدقاء يسأل فوراً (أنت كنت تعرف ماما؟)”.

وشيماء حاضرة في صفحة بلال على “فايسبوك”، إذ لا يتوقف عن سرد حكاياتها، “كانت هناك شابة بشعر قصير لم تضع المكياج كانت تهتف في المسيرات وتحمل الورود كتبت الشعر وبحثت في فن العدودة والنحيب الصعيدي ماتت بين أيديكم هذه الحلوة هي أمي”.

يقول نصر “بلال طول عمره هو هو اللي ورا الأكونت نفس الشخصية من وهو صغير عنده جرأة مبيخافش ومبيتكسشف ويسأل ويستفسر يبدي رأيه وشايف أن رأيه حاجة مهمة والناس لازم تسمعه، شيماء ربته داخل مقرات الأحزاب كان يحضر اجتماعات الحزب كان يوقف الاجتماع ويقول رأيه، مش طفل بتقابليه كل يوم”.

شيماء بدأت العمل السياسي عام 2002 مع  انتفاضة القضاة المصريين كانت تقترب ببطء وعلى استحياء من العمل السياسي حتى  انتفاضة العمال في المحلة عام 2008، بدأت تأخذ الجانب العمالي ضمن اهتماماتها في الحياة، تقرأ عن مشكلاتهم والخصخصة، ثم جاءت ثورة يناير. “تولت شيماء أمانة  العمل الجماهيري في التحالف الشعبي الاشتراكي في الإسكندرية لأنها كانت تفضل التعامل مع الناس بشكل دائم. اهتمت بالفلكلور ودرست الفنون الشعبية، كانت ضحكتها مجلجلة ولا نتذكرها جميعاً سوى فتاة ثلاثينية حيوية تطلق النكات وتهتف في المسيرات”، يضيف نصر.

11 عاماً على ثورة يناير و7 سنوات على سقوط شيماء برصاص غادر، ولا يزال المصريون عاجزين عن تفسير كيف انقلبت أحوالهم وكيف خسروا خيرة شبابهم وشاباتهم ليعودوا إلى نقطة البداية.

إقرأوا أيضاً:

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 14.10.2024

اجتياح لبنان: كيف يمكن لقرارات مجلس الأمن أن تغير المعادلة؟

في السياق اللبناني، يبرز النقاش حول تطبيق القرارين 1559 و1701 كأحد المحاور الأساسية. يدعو القرار 1559 الذي صدر عام 2004، إلى نزع سلاح الجماعات المسلحة خارج سيطرة الدولة اللبنانية، بينما يركز القرار 1701 الصادر عام 2006، على وقف الأعمال العدائية وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على أراضيها، مع إنشاء منطقة عازلة خالية من الأسلحة بين الخط…
"درج"
لبنان
25.01.2022
زمن القراءة: 4 minutes

11 عاماً على ثورة يناير و7 سنوات على سقوط شيماء برصاص غادر، ولا يزال المصريون عاجزين عن تفسير كيف انقلبت أحوالهم وكيف خسروا خيرة شبابهم وشاباتهم ليعودوا إلى نقطة البداية.

“محدش يجري احنا منسحبين وسلميين، ارجعوا ماشيين ومش خايفين إحنا مش عاملين جريمة عشان نجري… محدش يجري”.

في صباح 24 كانون الثاني/ يناير 2015، تحرك القطار من مدينة الإسكندرية إلى القاهرة، كان يحمل في إحدى عرباته الشابة المصرية شيماء الصباغ، وزملاءها من “حزب التحالف الشعبي الاشتراكي” حسام ومحمد وزياد، أجرت شيماء اتصالين هاتفين خلال رحلة القطار أحدهما بصديقتها ماجدة والثاني بوالدتها.

حسام نصر زميل شيماء ورفيق نضالها السياسي، ثم رحلتها الأخيرة حتى مقتلها، يقول لـ”درج”، “شيماء تركت ابنها بلال في رعاية صديقتها المقربة ماجدة كان عمره وقتها 6 سنوات، ونحن في القطار اتصلت بها شيماء و أوصتها به، طلبت منها تجميل الطعام وتزيينه على شكل نجوم وألعاب لأنها اعتادت أن تعد له طعامه مزيناً، ولن يأكله دون هذه اللمسات، ثم تواصلت مع أمها وطمأنتها إلى أنها برفقتنا ولا داعي للقلق… التقطت شيماء السيلفي الأخير لها معنا قبل أن تتلطخ ثيابها بدمائها”.

كانت الخطة المقررة لهذه الرحلة الهبوط في محطة قطار رمسيس، ثم التوجه إلى مقر الحزب في شارع هدى شعراوي وحمل الورود في مسيرة سلمية إلى ميدان طلعت حرب ترحماً على ضحايا ثورة يناير، ثم الجلوس على مقهى البستان لملاقاة الأصدقاء لمدة ساعتين، والعودة مجدداً إلى الإسكندرية في اليوم ذاته.

“كانت هناك شابة بشعر قصير لم تضع المكياج كانت تهتف في المسيرات وتحمل الورود كتبت الشعر وبحثت في فن العدودة والنحيب الصعيدي ماتت بين أيديكم هذه الحلوة هي أمي”.

 مضت الخطة كما تحددت سلفاً، لكن؛ عند ميدان طلعت حرب وفي لحظة المسيرة السلمية وحمل الورود، انقلب كل شيء رأساً على عقب، يقول حسام نصر: “كانت شيماء هي التي تولت الهتاف للمسيرة، كلها هتافات حول حق الضحايا والترحم عليهم، لم نقطع طرقاً ولم نستفز عناصر قوات الأمن، كنا نحمل الورود وشيماء تهتف، طالبنا العناصر بإنهاء المسيرة فتراجعنا باتجاه شارع هدى شعراوي، لكنهم باغتونا من خلف ظهورنا بقنابل مسيلة للدموع، وأطلقوا الخراطيش في الهواء بشكل عشوائي”.

سقطت شيماء (31 سنة). في طريق عودة المسيرة كانت تصرخ للذين يهرولون هرباً من الغاز المسيل للدموع “احنا منسحبين وسلميين يبقى نرجع ماشيين ومش خايفين إحنا مش عاملين جريمة عشان نجري محدش يجري” .

غابت شيماء عن الوعي، وحتى مشهدها الأخير كانت تحاول الوقوف متكئة على زميلها والدم ينفر من وجهها، كانت تلفظ اسم ولدها بلال وثقل لسانها وماتت.

تشريح الجثمان كشف أن سبب الوفاة كان طلقاً نارياً (خرطوش) أحدث تهتكاً في الرئتين والقلب ونزيفاً بالتجويف الصدري، إضافة إلى إصابتها برشتين في الوجه من محتويات الطلق الخرطوش، من مسافة 8 أمتار، تقل عن ذلك، في حالات سلاح قصير الماسورة.

كان ابنها بلال ينتظر عودتها، يقول حسام نصر إن الطفل لم يعتد غياب والدته، كانت تأخذه معها في اجتماعات الحزب وإلى أشغالها، انتظرها ثلاثة أشهر وبقي مصراً على الاتصال بها، حتى قرر والده مصارحته بوفاتها.

إقرأوا أيضاً:

 من وقتها حياة بلال على مدار سبع سنوات مضت، تركزت على التذكير بوالدته يقول نصر “بلال عمره الآن 13 سنة، في كل مرة نلتقيه نسأله عن شؤونه فيحكي عن والدته وكلما رأى وجهاً جديداً من الأصدقاء يسأل فوراً (أنت كنت تعرف ماما؟)”.

وشيماء حاضرة في صفحة بلال على “فايسبوك”، إذ لا يتوقف عن سرد حكاياتها، “كانت هناك شابة بشعر قصير لم تضع المكياج كانت تهتف في المسيرات وتحمل الورود كتبت الشعر وبحثت في فن العدودة والنحيب الصعيدي ماتت بين أيديكم هذه الحلوة هي أمي”.

يقول نصر “بلال طول عمره هو هو اللي ورا الأكونت نفس الشخصية من وهو صغير عنده جرأة مبيخافش ومبيتكسشف ويسأل ويستفسر يبدي رأيه وشايف أن رأيه حاجة مهمة والناس لازم تسمعه، شيماء ربته داخل مقرات الأحزاب كان يحضر اجتماعات الحزب كان يوقف الاجتماع ويقول رأيه، مش طفل بتقابليه كل يوم”.

شيماء بدأت العمل السياسي عام 2002 مع  انتفاضة القضاة المصريين كانت تقترب ببطء وعلى استحياء من العمل السياسي حتى  انتفاضة العمال في المحلة عام 2008، بدأت تأخذ الجانب العمالي ضمن اهتماماتها في الحياة، تقرأ عن مشكلاتهم والخصخصة، ثم جاءت ثورة يناير. “تولت شيماء أمانة  العمل الجماهيري في التحالف الشعبي الاشتراكي في الإسكندرية لأنها كانت تفضل التعامل مع الناس بشكل دائم. اهتمت بالفلكلور ودرست الفنون الشعبية، كانت ضحكتها مجلجلة ولا نتذكرها جميعاً سوى فتاة ثلاثينية حيوية تطلق النكات وتهتف في المسيرات”، يضيف نصر.

11 عاماً على ثورة يناير و7 سنوات على سقوط شيماء برصاص غادر، ولا يزال المصريون عاجزين عن تفسير كيف انقلبت أحوالهم وكيف خسروا خيرة شبابهم وشاباتهم ليعودوا إلى نقطة البداية.

إقرأوا أيضاً: