fbpx

بلوك 9 : ليبرمان يهدد لبنان وخبراء نفط يستبعدون الحرب

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

تسارعت الوقائع التي تؤشر إلى جدية التهديد العلني، الذي وجهه وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى لبنان، ناصحاً الشركات الدولية بالامتناع عن العمل في بلوك النفط رقم تسعة المتواجد في مياه بحر منطقة الناقورة اللبنانية

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تسارعت الوقائع  التي تؤشر إلى جدية التهديد العلني، الذي وجهه وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى لبنان، ناصحاً الشركات الدولية بالامتناع عن العمل في بلوك النفط رقم تسعة المتواجد في مياه بحر منطقة الناقورة اللبنانية، وذلك بعد أن وافقت الحكومة اللبنانية على منح الشركات حق التنقيب عن النفط في هذا البلوك، الواقعة اجزاءٌ منه في منطقة متنازع عليها بين لبنان واسرائيل.
وأكد ليبرمان في كلمته التي ألقاها أمام المؤتمر الدولي السنوي لمعهد الامن القومي في تل أبيب، أن البلوك تسعة من ممتلكات اسرائيل، مهدداً لبنان بدفع ثمن باهظ في حال اقترف خطأً من هذا النوع.
بلوك رقم تسعة، وبلوك ثمانية؟
يقع البلوك رقم تسعة في محاذاة بلوك ثمانية، وكلاهما يقعان في نقطة إشتباك يطلق عليها في مجلس الامن إسم “منطقة نزاع دولية”، والتي تبلغ مساحتها 874 كيلومتراً. وبسبب الحروب الاسرائيلية على لبنان، لم يتاح أي فرصة دولية لترسيم الحدود المشتركة بين الطرفين.
وفي المنطقة المتنازع عليها، يوجد البلوك رقم 9 اللبناني، المتداخل مع البلوك رقم 2 الاسرائيلي، بينما بلوك رقم 8 اللبناني يتداخل ايضاً مع  البلوك رقم 1 الاسرائيلي.
وبحسب الترسيم اللبناني، فقد حدد لبنان حدوده البحرية المحاذية للمياه الاقليمية الاسرائيلية بنسبة تقارب المئة درجة عامودياً، ما جعل البلوكين ينتميان إلى مياهه الإقليمية، بينما إختارت إسرائيل تجاوز المسح الجغرافي اللبناني للمياه، فاجتاز ترسيمها للحدود البحرية، المياه اللبنانية بنسبة 23 درجة، ما أعاد البلوكين إلى مياهها.
وعام 2011 اعلنت الحكومة الاسرائيلية عن شكل خريطتها البحرية مع لبنان، بينما كان لبنان قد ارسل عام 2010 رسالة إلى الأمم المتحدة تضمنت خريطته البحرية التي يريد الاعتراف بها دولياً.
ولم تبادر الحكومة اللبنانية إلى ترسيم بلوك رقم ثمانية، الذي يقع 10 بالمئة منه في منطقة النزاع الاسرائيلية اللبنانية.
وعن سبب عدم تلزيم الحكومة اللبنانية لبلوك رقم ثمانية، يقول الخبير النفطي وليد خدوري لـ”درج”، “توجهت السلطات البترولية منذ فترة طويلة نحو تلزيم قطع محدودة في بداية الأمر، وانتظار نتائج التنقيب. فإذا تم اكتشاف البترول (أكان نفطا أو غازاً) يتم تلزيم بلوكات أخرى والحصول على عروض جيدة تناسب الاكتشافات التي تم تحقيقها في المناطق المجاورة. اما اذا تم تلزيم عدد كبير من البلوكات مرة واحدة، فسيكون المردود للدولة اللبنانية ضئيلا نسبيا، والسبب انه لم يتم التنقيب عن البترول في المياه اللبنانية سابقا.”
ومن ناحية اخرى بحسب خدوري، فإن العروض الوحيدة التي تم تقديمها في جولة التراخيص الاولى كانت من قبل، كونسورتيوم شركة توتال وايني ونوفاتك. وهذا الكونسورتيم، قدم عرضين فقط لقطعة 4 و9. وانسحبت العديد من الشركات بعد فترة التأخير لجولة التراخيص الاولى، الذي دام ثلاث سنوات تقريبا. فقد انسحبت شركات كبرى، مثل اكسون وشفرون وغيرهما، وما تبقى من شركات مهتمة بالعمل في المياه اللبنانية كان محدوداً، في نهاية المطاف ولم تقدم العروض المتوقعة.
ويضيف خدوري، “لم تقدم الشركات على العمل في لبنان سوى الكونسورتيوم الذي اكتفى بالعمل في البلوكين 4و9. ولم تحفز الشركات العمل في 8و 9 في نفس الوقت، نظرا للمخاطرة للمخاطر المتمثلة بقربهما من الحدود الاسرائيلية.”
اما عن سبب غياب الشركات الاميركية عن مشهد التلزيم في لبنان، يقول خدوري، “كان هناك شركات أميركية مهمة مهتمة بالعمل في لبنان في باديء الأمر. وانسحبت نتيجة لتأخير شركتين أميركيتين كبيرتين (اكسون وشيفرون). هذا ، مع العلم، ان اسرائيل حاولت استقطاب شركات أميركية كبرى للعمل عندها لكنها لم تفلح في ذلك. وبقيت نوبل انرجي الشركة الاميركية النفطية الوحيدة العاملة في اسرائيل منذ عام 2000. وقد حاولت وزارة الخارجية الاميركية في عهد الرئيس باراك اوباما التوسط لحل الخلاف حول المنطقة البحرية “المتنازع عليها” ما بين لبنان واسرائيل وأخفقت ولم تستمر في عهد الرئيس ترمب.”
نيّة إسرائيل بالحرب
تبدي اسرائيل نوايا حقيقية هذه المرة لشن حرب وتنفيذ تهديدها تجاه لبنان، فقد خرجت جملة تصريحات لوزير التربية الاسرائيلي نفتالي بنت، والمتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي، يتعهدون فيها تدمير لبنان، في حال تجاوز الخطوط الحمراء المرسومة له.
جزء كبير من التجهيز العسكري الاسرائيلي والذي طال اسطولها البحري في السنوات الاخيرة الماضية، ارتبط مباشرة بالصراع البحري مع لبنان. وبالعودة إلى عام 2014، قامت الحكومة الاسرائيلية بشراء 4 فرقاطات المانية من نوع ساعر، وأشارت مراكز الابحاث العسكرية الاسرائيلية المخضرمة بحسب مقال لـ”يديعوت احرونوت” عام 2015، إلى ان الصفقة مرتبطة بنيّة إسرائيل حماية حقولها النفطية المتنازع عليها مع لبنان عبر النار وليس طاولات المفاوضات.
لا تسعى اسرائيل إلى القبول بأي تسوية تدفعها للاستغناء عن بلوك رقم تسعة وثمانية اللبنانيين، بل تريد من نشاطها الديبلوماسي، اقناع لبنان عبر الخطوط الديبلوماسية بالحلول السلمية والتخلي عنهما وعدم الانجرار الى الحرب، وهو ما اشار اليه الديبلوماسي السابق في وزارة الخارجية الاسرائيلية اران اتيسون الذي قال اواخر عام 2017، “إن موضوع البلوكات النفطية المتنازع عليها، معقد وحساس، ويحتاج إلى ديبلوماسية وخطط أمنية وخيارات قانونية، وبطبيعة الحال فإن التوترات في أوجها مع لبنان وسوريا وإيران وحزب الله، ويجب توخي الحذر عند التعامل مع هذه المسألة، ففي الماضي كانت إسرائيل على حق في العمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة حول الملف، ومع قيام روسيا بدور أكثر أهمية في الشرق الاوسط فقد اصبح هناك فرصة جديدة للديبلوماسية”.
وفي هذا السياق لا يمكن تفادي خط الغاز الدولي الذي أعلنت إسرائيل عزمها انشاؤه عام 2015 مروراً بقبرص وصولاً، إلى اوروبا الغربية، وهو ما يعتبره محللون اقتصاديون اسرائيلون استفزازاً لروسيا، إلا أن روسيا نجحت في ضرب المشروع، من خلال تصريف انجازاتها العسكرية في سوريا وتحويلها إلى رصيد اقتصادي، حيث شرعت الحرب السورية أبواب الشركات الروسية على مصرعيها للإستفادة من النفط العربي، واستطاعت حصد صفقات مع سوريا. كما وأعلنت عام 2017، عن اتمام صفقة اضخم انبوب غاز “تركي ستريم”، الذي يمر من تركيا إلى البحر الاسود وصولاً الى أوروبا وروسيا، وجاء المشروع التركي الروسي كردّ استراتيجي على الخطوط النفطية المنافسة لروسيا والمدعومة اميركياً، لذلك اعلنت الحكومة الاسرائيلية حينها توجسها من المخطط الروسي التوسعي، فقالت الصحف الاسرائيلية تعليقاً على الانجاز “أن روسيا أتت إلى سوريا لكي تبقى”. وبعد دخول لبنان كلاعب في نادي النفط العالمي، يكون بذلك قد دخل ايضاً إلى منطقة صراع أنابيب النفط، اي المنطقة الجغرافية التي تعد نشطة بحركة انابيب الغاز المتصلة بأوروبا الغربية والشرقية واقصى اسيا.
مصدر متابع لملف حزب الله في لبنان قال لـ”درج”، “أن الاسرائيليين يعولون كثيراً على صنع مقاربة وهمية، يتم من خلالها اسقاط نتائج الحرب السورية والخسائر التي تلقاها الحزب، لدراستها من اجل تقييم مدى جهوزيته للحرب مع اسرائيل”.
وفي سياق متصل، لا يستبعد الباحث في مركز كارنيغي، الكاتب مهند الحاج علي، ان تنفذ اسرائيل حرباً، فـ”المشكلة اليوم أننا أمام اسرائيل أكثر يمينية تُسيطر عليها قوى مختلفة جذرياً عن حكومة ٢٠٠٦، هي تُشبه إدارة ١٩٨٢، فـالاسرائيليون اليوم يُعززون مشاريعهم الاستيطانية في الجولان المحتل ومعظم الضفة الغربية، ويريدون حلاً مع الفلسطينيين على حساب الدول المجاورة، سيما الاردن ومصر. وفِي موازاة هذه التوترات، اسهب شركاء نتنياهو في الحكم، بالحديث عن ترانسفير جديد للسكان يشمل الى جانب الضفة الغربية، عرب 48.”
أما نفطياً، فيرى  الحاج علي، “أن الخيار اللبناني لهذا الكونسورتيوم المثلث، يمكن تسويته من خلال دول وسيطة قادرة على حل النزاع الحدودي مع اسرائيل، وبالتالي فإن التهديد الاسرائيلي مقدمة لمساعي روسية فرنسية وربما إيطالية للتوصل الى حل للنزاع الحدودي.”
لن ينفذ ليبرمان تهديداته
اما عن تصعيد ليبرمان يقول خدوري، “يجب ان نفترض ان الشركات النفطية قد درست موضوع الخلافات الحدودية قبل ان تطلب العمل في بلوك 9. وللشركات النفطية، عادة، مكاتب محاماة كبرى تعمل لها، بالاضافة الى خبراء في الشؤون السياسية وعلاقاتها مع وزارات خارجياتها. فاستثماراتهم عادة تكلف ملايين الدولارات، وفي المناطق البحرية، بالذات العميقة منها ، مثل المياه اللبنانية، مليارات الدولارات”.
لا يرجح خدوري أن تذهب اسرائيل الى خيار الحرب مع لبنان، فمن الممكن اللجوء أولا الى القضاء الدولي أو التحكيم. وطبعا في هذه الحال سيتأخر التنقيب للجانبين في المنطقة المتنازع عليها للقسم الجنوبي من بلوك 9، وليس للبلوك بكامله الذي يمتد لمسافة طويلة الى صيدا.
إن خيار الحرب سيؤدي حتماً إلى هرب الشركات من لبنان واسرائيل. ويختم خدوري بالإشارة إلى ان المشكلة المستقبلية التي يمكن ان تواجه لبنان ليست الحدود فقط. بل هناك أيضا مسألة امتداد المكامن البترولية عبر الحدود الجغرافية. والعادة في الاحوال الاعتيادية، وليس في حال الحروب، هو اتفاق الدولتين على تشكيل لجنة فنية لتقدير احتياطات المكمن، ومن ثم تقدير نسبة الاحتياطي في مياه كل دولة، وبعدها تحديد معدل الانتاج لكل دولة. ويعاد هذا التقييم سنويا، لتقدير وضع الاحتياطي والانتاج. هذا هو ما يحدث فعلا في الحقول المشتركة في بحر الشمال التي تمتد عبر كل من بريطانيا والنروج. طبعا هذا يعني أن الحدود مرسومة ، وان البلدين في حال سلم.
 

  
 
 

 

 
 
 
  
[video_player link=””][/video_player]