fbpx

“الهربة لمن استطاع”… عندما تزداد رغبة المغاربة في مغادرة بلدهم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الهربة لمن استطاع”، عبارة يتداولها مغاربيون وهي تختصر ما يعتمل لدى شريحة واسعة من رغبة في الرحيل من البلد. ففي الأسابيع الماضية، تنامت مشاعر الهجرة والتي اقترنت بحركة لافتة لمحاولات مغادرة البلاد بأي شكل من الأشكال

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“حاولت الحريك أكثر من مرة، وسأعيد الكَرَّةَ من جديد.لا مكان لي في هذا الوطن، سأغادره عاجلاً أم آجلاً”، هكذا عبر سمير (اسم مستعار-29 سنة) عن إصراره المستميت على مغادرة بلده.

لم تسعفه الإجازة التي نالها في إيجاد فرصة عمل مناسبة، البديل طبعاً هو الانخراط في مهن موسمية أو أعمال هامشية يرى سمير أنها لن تحل أزمته بل ستزيدها. يقول سمير ل”درج”: ” في إحدى الليالي الحالكة، وقبل نحو 3 سنوات، خضت تجربة الحريك، دفعت مبلغاً يتجاوز 1000 دولار، لكن المحاولة باءت بالفشل، إذ اعترضتنا إحدى دوريات الدرك الملكي قبيل انطلاق الرحلة”.

“الهربة لمن استطاع”، عبارة يتداولها مغاربيون وهي تختصر ما يعتمل لدى شريحة واسعة من رغبة في الرحيل من البلد..

في الأسابيع الماضية، تنامت مشاعر الهجرة والتي اقترنت بحركة لافتة لمحاولات مغادرة البلاد بأي شكل من الأشكال حتى ولو كان ذلك بشكل غير قانوني. غذى ذلك تناسل مقاطع فيديوهات على شكل “سيلفيات” تظهر شباباً يركبون قوارب مطاطية وهم يحتفلون بالتجربة، فألهبوا حماسة كثيرين ممن حلموا بأن تلك القوارب المطاطية  قد تكون السبيل للنجاة من بؤسهم.

صارت الهجرة السرية أو “الحريك” مطلباً شعبياً، وكان لافتاً ما وقع في مدينة مارتيل (شمال المغرب) عندما خرج عشرات الشباب رافعين شعار “الشعب يريد الهجرة مجاناً”، بعد أن منعتهم القوات البحرية من محاولة الهجرة بشكل غير شرعي.

شهر أيلول/ سبتمبر كان حافلاً بظاهرة “الحريك فابور” أي الهجرة سراً وبالمجان، ومقولة “الفانطوم هو الحل” كان لها صدى واسعاً وسط الشباب. و”الفانطوم”، قارب مطاطي يوصف بـ”الشبح”، تعود ملكيته لإحدى مافيات التهريب، التي تقوم بتهجير عشرات الشبان من الضفة المغربية إلى البر الاسباني.

القصة أخذت زخماً كبيراً بعد انتشار فيديو على نطاق واسع لزورق من هذا النوع، رسا في أحد شواطئ مدينة طنجة، فيما يحاول أصحابه أن يستميلوا مصطافين مغاربة لم يتوانوا عن تلبية النداء، وفضلوا ترك كل شيء وراءهم بما في ذلك ملابسهم وأمتعتهم الشخصية، ولم تمنعهم لحظات الاصطياف والاستجمام من الهروب نحو المجهول.

الشهر ذاته، شهد قصة الشابة العشرينية “حياة” التي تداولتها المنابر المحلية والدولية بعد أن أطلق عليها الرصاص من قبل البحرية الملكية المغربية، إذ أثارت الحادثة غضباً عارماً في صفوف المغاربة وتنديداً حقوقياً، ومطالب بفتح تحقيق ومحاسبة المذنبين.

“لا مكان لي في هذا الوطن”

يحاول سمير أن يستفيد من أخطائه، ويرغب في مواجهة الأمواج كبقية “الحراكة”، هذه  المرة ستكون فرصة لا تعوض بالنسبة إليه، خصوصاً بعد أن سمع بأخبار حول وصول أصدقائه المقربين إلى البر الأوروبي عبر زورق مطاطي “زودياك” لم يكلفهم سوى 350 دولاراً.

“نحن نعامل بقسوة، يُنْظَر إلينا نحن الحراكة بدونية واحتقار، كما أننا مهمشون” يتأسف اسماعيل (19 سنة) لحاله، منتشياً بدخان سيجارته وعيناه تركزان على الميناء.     

تختلف محاولات اسماعيل عن سمير، إذ حاول مغادرة الأراضي المغربية مرتين عبر تمسكه بأسفل الشاحنة ليصل مدينة ألمرية الاسبانية، لم يكن الحظ حليفه، إذ كانت السلطات الإسبانية له بالمرصاد وقامت بترحيله إلى بلده.

على رغم كل ذلك، ما زال ابن مدينة زاكورة (جنوب شرقي المغرب) يتشبث بالرحيل بأي ثمن حتى ولو على حساب حياته.

الهجرة السرية: أرقام مقلقة

ليس سمير أو حتى اسماعيل وحدهما من حاول الهجرة بشكل سري، بل هناك آلاف ممن وصلوا الإلدورادو الأوروبي بشكل غير قانوني.

صحيفة “الباييس” الإسبانية، أفادت بأن تعداد المهاجرين السريين قد تزايد منذ بداية هذا العام وإلى حدود شهر أيلول الماضي، إذ وصل إلى السواحل الإسبانية 33215 شخصا بشكل سري، ويشكل المغاربة ما يناهز 20 في المئة منهم، حيث وصل عددهم إلى 6433 مهاجراً سرياً، وهو ما يعني ارتفاعاً بنسبة 40 في المئة قياساً بعام 2017.

منظمة الهجرة الدولية، تؤكد أن المغاربة يحتلون المراتب الأولى في تعداد المهاجرين السريين الذين عبروا مياه البحر المتوسط بغية الوصول إلى إسبانيا منذ كانون الثاني/ يناير الماضي إلى حدود شهر أيلول الماضي برقم يتجاوز 6000 مهاجر سري.

أما الحكومة فواجهت المشكلة بمقاربة أمنية، إذ أفادت السلطات الأمنية بأنها أحبطت خلال هذا العام ما يفوق 54 ألف محاولة للهجرة غير القانونية، وتفكيك 74 شبكة إجرامية تنشط في مجال التهريب والاتجار بالبشر، وحجز أزيد من 1900 آلية تستعمل في مجال تهريب البشر، كما تم إفشال 7 آلاف و200 محاولة للهجرة في صفوف المغاربة.

الرغبة في حزم الحقائب…

سنة بعد سنة تزداد رغبة المغاربة في الهجرة، والدافع الأساسي اجتماعي-اقتصادي.

الأرقام كما هي صادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات تؤكد أن نحو 29 في المئة من المغاربة كانوا ينوون مغادرة بلدهم عام 2011.

وتزايدت النسبة من عام 2014 لتصل إلى 31 في المئة، لتبلغ 36 في المئة عام 2015، ويبرر المغاربة بالدرجة الأولى ميلهم إلى الهجرة برغبتهم بتحسين ظروفهم الاقتصادية.

وأفصح  79 في المئة من المغاربة المستجوبين عن نيتهم في الهجرة بغية تحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية. كما أن 12في المئة منهم يحلمون بالاستقرار في أميركا، فيما يرغب 52 في المئة منهم العيش في إحدى الدول الأوروبية.(المؤشر العربي لعام 2015 الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات).

و في استطلاع أجرته مجموعة زوريخ للتأمينات العالمية (2013)، يرى 50 في المئة من المستجوبين أن هجرة البلد مرتبطة بوجود فرص عمل أفضل وإطار مهني يضمن شروطاً وظيفية ومادية تضمن العيش الكريم.

أما هذا العام، فرغبة المغاربة في حزم حقائبهم وصلت وفق إحصاءات صادرة عن مكتبي الدراسات الأميركيين “بوسطن الإستشارية” (BCG)  و”The Network لـ80 في المئة من الساكنة النشيطة وهو معدل تجاوز بنسبة كبيرة المعدل العالمي الذي يقل عن 57 في المئة.

هناك دافع آخر يدفع المغاربة للرحيل، فوفق دراسة صادرة عن مشروع صحوة للأبحاث، كشفت أن خمس الشباب المغربي يرغب في الهجرة، من بينهم خريجو الجامعات والمعاهد، بسبب شعورهم بالإحباط والإقصاء الاجتماعي.

المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية بدوره نشر مؤشراً عن تزايد رغبة الشباب المغربي لمغادرة بلدهم، إذ سجل مؤشر الرغبة في هجرة البلد ارتفاعاً من 2 من أصل 4 عام 2009، إلى 3 من أصل 4 عام 2012، والسبب: “الشباب لا يجدون أفقاً ولا يتطلعون إلى مستقبل جیّد داخل البلد”.

 

إقرأ أيضاً:

التجنيد الإجباري في المغرب: روح وطنيّة أم تطويع للشباب المعارض؟

 معتقلو حراك الرّيف بالمغرب: حزن وغضب بعد المحاكمات