fbpx

إسرائيل “تبيع” المحرقة… فهل “نشتريها”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

نشر الصحافيّ الإسرائيليّ أوفر أدِرِت في “هآرتس” قصّة رافي إيتان: الوزير الإسرائيليّ السابق والجاسوس الخطير الذي كان من مؤسّسي الموساد، ثمّ تولّى مهمّة خطف النازيّ أدولف أيخمان في 1960 وإحضاره إلى إسرائيل حيث أجريت له المحاكمة الشهيرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نشر الصحافيّ الإسرائيليّ أوفر أدِرِت في “هآرتس” قصّة رافي إيتان: الوزير الإسرائيليّ السابق والجاسوس الخطير الذي كان من مؤسّسي الموساد، ثمّ تولّى مهمّة خطف النازيّ أدولف أيخمان في 1960 وإحضاره إلى إسرائيل حيث أجريت له المحاكمة الشهيرة.
إيتان، التسعينيّ اليوم، عبّر عن دعمه لحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليمينيّ المتطرّف، معلناً عن رغبته في أن تتمدّد إيديولوجيا هذا الحزب إلى سائر أوروبا. زعم أنّ “البديل” يقف ضدّ اللاساميّة ويدعم الحياة اليهوديّة في ألمانيا. في رسالته إلى الحزب المذكور، عبر فيديو، والتي نشرها على حسابه على فيسبوك، عبّر عن أمله في أن يتحوّلوا من “بديل” لألمانيا إلى “بديل” لأوروبا. لماذا؟ لأنّ “العالم الإسلاميّ وثقافته مختلفان جدّاً عمّا هو موجود في الغرب. اليوم، في أيّ مكان يوجد فيه مسلمون، في أيّ بلد أوروبيّ، يمكن للمرء أن يتوقّع عنفاً وإرهاباً من جرّاء هذا الاختلاف”.
في الفيديو نفسه هنّأ إيتان قادة “البديل” على مواقفهم ونجاحاتهم، بمن فيهم أوّلهم ألكسندر غولاند الذي قال في أيلول (سبتمبر) الماضي إنّ على ألمانيا أن تشعر بالفخر بما أنجزه جنودها في الحربين العالميّتين. ومعروف أنّ “حزب البديل” يضمّ بعض اللاساميّين ومُنكري المحرقة، وقد اعتبر أحد قادته، في كانون الثاني (يناير) 2017، أن نُصب المحرقة التذكاريّ في برلين “نُصب عار”، بمعنى أنّه إهانة لألمانيا وأفعالها.
سفير إسرائيل في برلين جيريمي إسّاشاروف اضطُرّ أن يردّ على إيتان: “أنا أرفض كلّيّاً ملاحظات إيتان. من الصعب أن نصدّق كيف أنّ الرجل الذي ألقى القبض على أيخمان وجاء به إلى العدالة في إسرائيل قادر على امتداح وجوه ألمانيّة يمينيّة ممّن يطنبون في استحسان الماضي النازيّ (…) الأمر محزن ومعيب”.
لكنّ إيتان سبق أن ارتكب ما هو أفدح: فقد عبّر عن تأييده لهاينز كريستيان ستراشه، قائد “حزب الحرّيّة” اليمينيّ الشديد التطرّف في النمسا، والذي تعود بعض جذوره إلى النازيّة ومناهضة الساميّة. كما لم يتردّد في تقديم الذرائع لمرتكبي الاعتداءات على لاجئين من بلدان إسلاميّة، لأنّنا “حين نحاول التوصّل إلى تسويات مع إسلاميّين متطرّفين، فإنّهم لا يتوقّفون عن طلب المزيد والمزيد. إنّهم سيغيّرون مجتمعكم الديمقراطيّ، ليس فقط عبر الإرهاب، بل [أيضاً] عبر تغيير الحياة اليوميّة”.
قنبلة إيتان انفجرت فيما كانت إسرائيل تواجه الفضيحة التي ترتّبت على قرارها ترحيل قرابة عشرين ألفاً من طالبي اللجوء اليمنيّين والأريتريّين. الترحيل ينبغي إتمامه خلال ستين يوماً. الأيّام الستّون هذه أيّام ضجيج وكذب وتكذيب، وكذلك تذكّر ومقارنات.
الرواية الحكوميّة تقول إنّ كلّ مُرحَّل سيُسلّم قبل صعوده إلى الطائرة 3500 دولار، وسيكون هناك فريق إسرائيليّ يمكن للمرحَّلين الاتّصال به في أيّ وقت، وعلى خطّ تليفونيّ مباشر، لتسهيل استقرارهم في البلد الجديد. فوق هذا فإسرائيل، تبعاً لتعهّد حكوميّ مكتوب بالعبريّة سُلّم إلى المُرحّلين، وقّعت اتّفاقات تتيح لهم مغادرة الدولة العبريّة “إلى بلد ثالث آمن سوف يستوعبكم ويمنحكم تأشيرة إقامة تسمح لكم بالعمل في ذاك البلد، وتعد بأن لا تنقلكم إلى بلدكم الأصليّ”. بنيامين نتانياهو أضاف جازماً أنّه اتّفق على هذه الأمور مع رواندا التي ثبت أنّها هي البلد الثالث.  
تصديق نتانياهو مهمّة محفوفة بالمخاطر أصلاً، فكيف وأنّ رواندا نفسها نفت وجود أيّ اتّفاق من هذا النوع، وأصرّت على أنّها لن تستقبل أيّ مُرحّل على عكس إرادته. أغلب الظنّ أنّهم كلّهم مُرحّلون على عكس إرادتهم. أبعد من هذا، أنّ شرعة اللجوء الصادرة في 1951 وكذلك القانون الدوليّ يُدينان إرسال طالبي اللجوء بالقوّة إلى البلدان التي قد يُضطهَدون أو يُقتلون فيها.
إلا أنّ ما يضاعف الشكوك تلك اللغة الديماغوجيّة المعهودة في إخفاء الأكاذيب: فقد اتّهم نتانياهو ووزيره الليكوديّ أوفير أكونيس “اليسار المتطرّف” وأوروبا وجورج سوروس بتضخيم المسألة وتشويه صورة إسرائيل ودفع الأموال لهذا الغرض!
لكنْ قبل ثلاثة أسابيع، حين أثيرت المسألة، كتب زِيف سترنهِل، في “هآرتس”، عن “فاشيّة نامية وعنصريّة شبيهة بـ [طور] النازيّة المبكرة” في إسرائيل، محذّراً من عدم اكتراث الإسرائيليّين بما يجري.المؤرّخ والكاتب سترنهِل هو أحد أبرز دارسي الفاشيّة في العالم.
ومؤخّراً، أثار الصحافي الإسرائيليّ، الأميركيّ المولد، غيرشوم غورنبرغ بعض المقارنات. ففي مقالة له في “واشنطن بوست” كتب التالي: “إسرائيل تخون تاريخها بطردها طالبي اللجوء الأفارقة”. وهو يروي أنّه تحدّث إلى لاجىء أريتريّ، اسمه إيمانويل يماني، قال له إنّ موظّفاً إسرائيليّاً أخبره ما يلي: “قريباً سوف تُرحّلون كلّكم، وسوف تجلس تحت شجرة وتفتح فمك منتظراً أن تسقط عليك موزة، تماماً كالقرد”. فحين ذكّره يماني بأنّه إنسان وليس قرداً، ردّ الموظّف: “ألا ترون أنفسكم و[ترون] أنّكم تشبهون القرود؟”. ويمضي غورنبرغ مخاطباً الإسرائيليّين وغاضباً من صمتهم وتواطئهم، مثله في ذلك مثل سترنهِل والكثيرين من الكتّاب والمثقّفين في إسرائيل: “كلّ يهوديّ إسرائيليّ على علم بأمر اللاجئين. بعض أسلافكم كانوا لاجئين. بعضهم دُفعوا إلى خارج البلدان العربيّة. البعض نجحوا في الهرب من أوروبا قبل 1939. البعض نجوا من المحرقة لكنّهم لم يجدوا مكاناً يذهبون إليه قبل أن تنشأ إسرائيل. كلّ اليهود الإسرائيليّين يعرفون أنّ يهوداً أكثر كثيراً كانوا لينجوا لو لم يغلق العالم الغربيّ [أبوابه] في وجوههم”.
لكنْ كيف نفسّر هذه الوجهة النامية في بلد عانى سكّانه العنصريّة النازيّة، وقال قادته إنّ بلدهم سيكون قلعة ضدّ كلّ عنصريّة؟
بادىء ذي بدء، ابتعدت ذاكرة المحرقة، لا بالمعنى الزمنيّ فحسب، بل أيضاً بمعنى آخر: ذاك أنّ الكتل الشرقيّة (السفارديم) الكبيرة والمتزايدة لا تجمعها صلة تاريخيّة حميمة بتلك المأساة “الأوروبيّة”. في المقابل، اتّسعت رقعة المشكّكين بمدى صدقيّة إسرائيل، في ظلّ قيادتها اليمينيّة، في استخدام المحرقة، حيث بات الاستخدام أكثر فأكثر وظيفيّةً وابتزازاً للدول والقوى التي تناوئها. أمّا العواطف المناهضة للعنصريّة في الغرب فصارت تحرّكها الإسلاموفوبيا والهجرة واللجوء من بلدان “العالم الثالث” أكثر ممّا تحرّكها معاداة اللاساميّة.
في غضون ذلك، طغى الاحتلال وذاكرته، وصار من أكثر ما يستند إليه تعرّف إسرائيل إلى ذاتها وتعرّف جزء كبير من العالم إليها. فحتّى لو وضعنا جانباً نكبة 1948 وأعمال التهجير والطرد التي رافقتها، وصبغت الولادة الإسرائيليّة بطعم كريه، تبقى 1967 التي باتت المحدِّد الأوّل للثقافة الإسرائيليّة، تأييداً أو معارضةً. لقد صار الاحتلال أكثر ما تتوارثه الأجيال الإسرائيليّة، ذنباً أو فخراً، وفي الحالتين تلعب المؤسّسة العسكريّة ودورات التجنيد دوراً محوريّاً. وغنيٌّ عن القول إنّ الاحتلال بطن خصب لتوليد العنصريّة.
في المقابل، ما كان يبدو جذّاباً للعالم كفّ عن الوجود. فتجربة الكيبوتس التي استلهمتها الشبيبة الاشتراكيّة الأوروبيّة صارت من الماضي، كما أنّ قيمها الجماعيّة لم تعد تخاطب الكثيرين. أمّا الانتصار العسكريّ الباهر في 1967 فلم يعد موضع فخر مع تنامي الحساسيّة المناهضة للحروب والتسلّح، والقوّة عموماً، في البلدان المتقدّمة. فوق هذا، يلوح كأنّ التقدّم الذي أحرزته الدولة العبريّة في مجال اقتصاد العولمة والمعلومات وتقنيّاته لم يرتّب مواقف عاطفيّة ومتعاطفة. لقد اندرج في عالم الأرقام والإحصاءات البارد.
في موازاة ذلك، تراكمت مع السنوات عناوين منفّرة كثيرة ضُمّت إلى الرصيد السالب لإسرائيل، بعضها يرجع إلى العلاقة بالنظام العنصريّ السابق في جنوب أفريقيا، وبعضها إلى انفكاك التحالف القديم مع “حركة الحقوق المدنيّة” السوداء في الولايات المتّحدة. فالأفارقة الأميركيّون صاروا أكثر إحجاماً عن تأييد الدولة العبريّة، كما صاروا، في المقابل، أشدّ انخراطاً في شعبويّات “العالم الثالث”.
ومع تعاظم الشرقيّين وتزايد نفوذ الأحزاب القوميّة والدينيّة، حدثت تقاطعات واختلاطات مع بيئات لاساميّة ويمينيّة متطرّفة في الولايات المتّحدة وأوروبا. فهذا ممّا يحفل به محيط كمحيط دونالد ترامب في أميركا، وممّا ينمّ عنه تأييد رجل كإيتان لقوى أوروبيّة مشابهة. لقد جاء إعلان ترامب عن القدس عاصمة لإسرائيل ليوثّق الارتباط بين بيئة نتانياهو في إسرائيل وأميركا وبيئة ترامب. وتقاربٌ كهذا سيُضطرّ أصحابه اليهود إلى هضم ما لم يكن ممكناً هضمه من قبل، وآخر الأمثلة ترشيح الحزب الجمهوريّ، وبالإجماع، أرثر جونز لعضويّة الكونغرس عن ألينويز. من هو السيّد جونز؟ رئيس سابق للحزب النازيّ الأميركيّ وصاحب عبارة مأثورة: “المحرقة أكبر كذبة في التاريخ”.
ولأنّ الماضي لا يموت إلاّ ببطء، ولأنّ المحرقة لا تزال قابلة لبعض الاستخدام التجاريّ من قبل تلّ أبيب، سيبقى السفير الإسرائيليّ في ألمانيا ملزَماً بالردّ على رافي إيتان، وسيبقى نتانياهو ووزيره نفتالي بينيت ملزَمين بإدانة القرار البولنديّ الذي يجرّم التشكيك بأيّ دور لـ “الأمّة البولنديّة” في المحرقة.
لكنّ الوجهة الجديدة ليست كذلك. فإسرائيل، في ظلّ نتانياهو، “تبيع” المحرقة، إلاّ في حدود استخدامها الوظيفيّ والنفعيّ. أمّا السؤال الذي يُطرح للتوّ فهو: هل “يشتري” العرب هذه المأساة الكبرى للإنسانيّة ويضمّونها إلى رصيدهم وإلى مطالبتهم بالحقّ والعدالة؟  [video_player link=””][/video_player]

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.