fbpx

طالبة فلسطينية أميركية تتحدّى إسرائيل في المحكمة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كانت الطالبة لارا القاسم قد أزمعت تعلّم اللغة العبرية والانغماس في ثقافة المنطقة التي عاش فيها أجدادها الفلسطينيون منذ عقود. ولكن في الرابع من تشرين الأول، حكم قاضٍ إسرائيلي بترحيلها إلى لندن، بعد أن أمر في البداية بإيقاف التنفيذ. طعنت القاسم في هذا الحكم أمام محكمة تل أبيب الابتدائية. وفي الثامن من تشرين الأول، رفضت المحكمة الطعن المُقدّم…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في أمسية رطبة في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، هبطت لارا القاسم خريجة جامعة فلوريدا، في مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب.

مُنحت الفتاة البالغة من العمر 22 سنة، تأشيرة طالب لدراسة الماجستير في حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية في الجامعة العبرية في القدس، إلا أنه قبل أن تتمكن من دخول البلد، أخذها مسؤولو الحدود الإسرائيليون جانباً. كانوا قد كتبوا اسم القاسم في موقع Canary Mission، وهو موقع يميني غامض يتتبع الطلاب والأساتذة المؤيدين للفلسطينيين في حرم الجامعات الأميركية. أظهرت قاعدة البيانات المدرجة، القاسم على أنها رئيسة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”، النشاط الطلابي في جامعة فلوريدا خلال عام الدراسي 2016-2017، وبيّنت كذلك أنها نظمت حدثاً يدعو إلى مقاطعة حُمص “صبرا”.

كان ذلك كافياً ليمنعها مسؤولون إسرائيليون من دخول البلد، على رغم من تأشيرتها، ثم يحتجزونها. تقول إسرائيل إن القاسم حرة في العودة إلى الولايات المتحدة. ولكنها ظلت رهن الاحتجاز على مدار الأسبوعين الماضيين، وقد مُنعت في بداية احتجازها من استخدام الحمام ومن الطعام ومن حقنة الإبينفرين التي تستخدمها، إضافة إلى حاسوبها وهاتفها المحمول. كما لم يُسمح لها بالتحدث إلى الصحافة.

لكن على رغم حظر تواصلها مع المحامين، طعنت القاسم في أمر الترحيل الصادر عن الدولة الإسرائيلية، ما جعلها أول طالبة تفعل ذلك.

كانت القاسم قد أزمعت تعلّم اللغة العبرية والانغماس في ثقافة المنطقة التي عاش فيها أجدادها الفلسطينيون منذ عقود. ولكن في الرابع من تشرين الأول، حكم قاضٍ إسرائيلي بترحيلها إلى لندن، بعد أن أمر في البداية بإيقاف التنفيذ. طعنت القاسم في هذا الحكم أمام محكمة تل أبيب الابتدائية. وفي الثامن من تشرين الأول، رفضت المحكمة الطعن المُقدّم. في السابع عشر من الشهر نفسه، ستنظر المحكمة العليا الإسرائيلية في قضيتها، وستتخذ قراراً نهائياً.

ليست هذه المرة الأولى التي تمنع فيها إسرائيل دخول طالب محتمل. في تموز/ يوليو من هذا العام، رحّلت إسرائيل آرييل غولد، المديرة القومية المشاركة لمنظمة Code Pink الدولية، التي تنادي بالعدالة في فلسطين. كانت غولد قد ذهبت إلى هناك لمتابعة الدراسات اليهودية في الجامعة العبرية، مثل القاسم. ويُقال إنها -مثل القاسم أيضاً- كانت حاصلة على تأشيرة طالب قبل سفرها إلى إسرائيل.

ولكنها يهودية على عكس القاسم، ولها حق العودة الذي تمنحه إسرائيل لجميع اليهود – ما يعني أنه على رغم عدم وجود احتمال في حصولها على تأشيرة طالب مرة أخرى، فهي قد تتمكن من العودة بصفتها مواطنة. يقول النشطاء إنه يمكن منع القاسم من دخول إسرائيل لعشر سنوات مقبلة أو إلى الأبد، ويتوقف ذلك على نتيجة قضيتها.

“أصدرت وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية “قائمة سوداء” للمنظمات المؤيدة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، شملت القائمة حوالى 20 مجموعة”

وبينما حدث أن مُنع الطلاب من الدخول قبل ذلك -كما في حالة ناردين كسواني، الطالبة البالغة من العمر 21 عاماً، وتدرس في كلية ستاتن أيلاند وكلية هانتر في مدينة نيويورك، والتي كانت قد استُجوبت في تموز/ يوليو 2015 حول مشاركتها في نشاط طلاب من أجل العدالة في فلسطين، ونفت في النهاية دخولها معهم-، فالقاسم هي أول من طعن في أمر الدولة الإسرائيلية بترحيلها. يقول كودي أورورك، الناشط في منظمة Holy Land Trust، للعدالة الاجتماعية ومقرها في الضفة الغربية، “إنها تخطو إلى الأمام وتتحدى بعض السياسات القمعية الإسرائيلية”، ويضيف: “حُرم كثيرون من الدخول، لكنهم لم يخوضوا عملية توكيل محامٍ خاص أو كانوا على استعداد لقضاء أيام في الاعتقال”.

تكمن أهمية قضية القاسم أيضاً في أنها قد تجبر إسرائيل على تحديد طريقة تعريفها لمؤيدي حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. في أوائل عام 2017، مرّر البرلمان الإسرائيلي قانوناً يمنع الأجانب الذين دعموا الحركة علانيةً من الدخول. قال بتسلإيل سموتريتش، عضو الكنيست والمشارك في تقديم مشروع قانون منع دخول مؤيدي المقاطعة، لصحيفة نيويورك تايمز: “منع مؤيدي حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات من المجيء إلى هنا لإيذائنا من الداخل، هو أقل ما علينا فعله ضد كارهي إسرائيل”.

بعد مرور عام تقريباً على إصدار قانون 2017، أصدرت وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية “قائمة سوداء” للمنظمات المؤيدة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، شملت القائمة حوالى 20 مجموعة، من بينهم حركة الطلاب الوطنيين من أجل العدالة في فلسطين. ووفقاً لصحيفة “هآرتس”، سيُمنع من دخول إسرائيل أي شخص يشغل مناصب قيادية رفيعة في تلك المنظمات المُدرجة على القائمة السوداء، وكذلك الناشطين الرئيسيين، حتى لو لم يشغلوا أي منصب رسمي.

حالياً، يعتمد مسؤولو الحدود الإسرائيليون على موقع Canary Mission -الذي استخدموه لإنذار القاسم- لتحديد ما إذا كان أي ممن يريدون دخول البلاد ينتمون إلى منظمة مدرجة على القائمة السوداء. ويقول النشطاء إن هذا الأمر يمثل مشكلة، لأن الموقع، الذي يقول شعاره “إذا كنت عنصرياً، يجب أن يعرف العالم”، هو موقع إلكتروني تديره جهات خاصة ولا يفحص الأشخاص الذين يقومون بالإبلاغ عن هذه المعلومات. يقول أورورك: “يمكن أن يصير أي شخص ناشطاً في حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات”، ويضيف: “إذا نشرت شيئاً ما على صفحتك على فيسبوك عن المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وعن إسرائيل، ورأت السلطات الإسرائيلية ذلك المنشور، فسيكون ذلك سبباً لاعتقالك وترحيلك”.

أشار أوروك كذلك إلى أن الصفحات غير مُحدثة وقد لا تكون دقيقة، فقد تساءل: “ماذا يحدث إذا اشتركت في حدث واحد ووُضعت على قائمة مهمة الكناري؟” وتابع: “ماذا لو تغير توجهك السياسي؟”.

انضمت أماندا نيلسون، خريجة جامعة فلوريدا وتبلغ من العمر 24 سنة، إلى مجموعة طلاب من أجل العدالة في فلسطين عام 2014، وكانت جزءاً من المجموعة مع لارا القاسم. قالت إن ملفها في مهمة الكناري أُنشئ عام 2015 ويتضمن روابط تُفضي إلى مشاركاتها على فيسبوك والحملات الإلكترونية التي وقعت عليها. وعلى رغم أنه حُدِّث في آذار/ مارس الماضي، لا يزال الموقع بعد ثلاث سنوات يُدرج أسماء “منظمات” نيلسون على أنها تابعة لحركتي المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، وطلاب من أجل العدالة في فلسطين، على رغم أنها لم تعد منضمة لأي من هاتين المجموعتين الجامعيتين. يزعم الموقع الخاص بمهمة كناري بأنه يرصد الأشخاص والمنظمات التي “تروج لكراهية الولايات المتحدة وإسرائيل واليهود في حرم جامعات أميركا الشمالية”.

تقول نيسلون: “أن يتم تصنيفي هكذا ويكون الدليل الوحيد هو تضامني مع الشعب الفلسطيني وغيره من المضطهدين في العالم؟ إنه أمر مقيت”، وتردف: “إنه أول ما يظهر عندما تكتب اسمي في محرك البحث غوغل، لقد عرف مديري في العمل بالأمر. يشبه ذلك أن تكون موصوماً بتهمةٍ ما وغير قادر على الدفاع عن نفسك”.

قالت نيلسون إنها انضمت إلى نشاط مجموعة طلاب من أجل العدالة في فلسطين، التي قدرت أنها كانت تضم وقتها بين 10 و20 عضواً عادياً، لأنها تهتم بالدفاع عن المتعرضين للاضطهاد بسبب الأنظمة غير العادلة في جميع أنحاء العالم. منحها النشاط طريقاً لتصنع روابط بين فلسطين وحركات المقاومة في الولايات المتحدة، مثل حركة Black Lives Matter، ومقابلة طلاب آخرين يبادلونها الشعور نفسه. وعلى رغم أن ملفها في مهمة كناري يلاحقها، قالت إنها -بصفتها امرأة بيضاء- لا تواجه المضايقات ذاتها التي يتعرض لها أصدقاؤها الفلسطينيون في نشاط طلاب من أجل العدالة في فلسطين، تقول: “يجب أن يفهم الناس أن هذا ليس مجرد تمييز على أساس الأيديولوجية، بل هو عنصرية أيضاً”، وأضافت “لارا القاسم فلسطينية. لا يمكنها الهرب من حقيقة أن حياتها وتجربتها مزعجتان ومرفوضتان من قبل من يريدون الحفاظ على وصف إسرائيل ملاذاً لحرية التعبير”.

في الرابع من تشرين الأول، نُقلت لارا القاسم في سيارة بيضاء من مطار بن غوريون، حيث كانت محتجزة، إلى إحدى المحاكم في تل أبيب. وفي جلسة الاستماع، قالت لارا إنها انضمت إلى النشاط، الذي كان يضم عدداً قليلاً من الأعضاء، قبل عامين، لكنها تركته في نيسان/ أبريل 2017. يقول أورورك: “ليس من قبيل التقليل من أهمية الأنشطة الطلابية، ولكن لا يمكن القول إن مجموعة مكونة من 8 طلاب جامعيين، جميعهم يسجلون 20 ساعة معتمدة ويحاولون تسيير حياتهم الجامعية، بما يتوافق مع تعريف إسرائيل للقيادة الرئيسية لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات”.

قالت لارا أيضاً إنها لم تعتبر نفسها من “القيادة العليا”، وهي شروط رفض الدخول في القانون الإسرائيلي الجديد، وإنها لا تخطط للمشاركة في أي نشاط يتعلق بحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات أثناء دراستها في إسرائيل.

قال ليور حياة، القنصل العام لإسرائيل في ميامي لصحيفة Alligator -وهي صحيفة ورقية طلابية في جامعة فلوريدا-، إن لارا القاسم على ما يبدو تريد الترويج لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات خلال بقائها في إسرائيل، زاعماً أنها لم تتمكن من أن تشرح للقاضي سبب حذفها جميع منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي قبل قدومها إلى البلاد. ونفى حياة ما قيل عن أن لارا حُرمت من الطعام والماء ومن رؤية محاميها، مضيفاً: “لم تكن مجرد طالبة بريئة ذاهبة للدراسة في إسرائيل”.

ووفقاً لصحيفة “هآرتس”، على رغم أن القاضي لن يتدخل، إلا أنه أشار إلى التالي:

“شاغلي الرئيسي في قضية الطعن هو أن جميع المواد التي يقدمها المدعى عليها الآن لتبرير قرارها، كان يمكن الحصول عليها بسهولة وبساطة عندما ذهبت إلى القنصلية في الولايات المتحدة وطلبت أن تأتي إلى إسرائيل كطالبة جامعية”.

علمت كارين القاسم -والدة لارا- بما حدث بعد ست ساعات من هبوط لارا في المطار في الأول من تشرين الأول، عندما راسلتها ابنتها عبر “واتساب” وأخبرتها بأمر الاحتجاز. قالت كارين القاسم إنها فوجئت، إذ في كانون الأول/ ديسمبر الماضي فقط، زارت ابنتها حيفا، المدينة الواقعة على الساحل الشمالي حيث أصول أجدادها الفلسطينيين. وأضافت الأم أن لارا استُجوبت لثلاث ساعات في العام الماضي، لكنهم سمحوا لها بالدخول في نهاية المطاف.

تقول كارين “إنها طريقة ضيقة الأفق في النظر إلى الأشياء”، وتابعت “أن ترغب في انتقاد بلدٍ ما، لا يعني ألا ترى قيمةً في الذهاب إلى هذا البلد ومقابلة مواطنيه، وتتعلم لغته، وتعرف المزيد عن ثقافته”.

ستظل لارا رهن الاعتقال أثناء انتظارها سماع نتيجة طعنها أمام المحكمة المركزية في تل أبيب. وقالت كارين إنها تشعر بالحزن لأن ابنتها قد لا تكون قادرة على الدراسة في الجامعة أكثر من أي شيء آخر، حتى لو سُمح لها في النهاية بالدخول إلى البلاد. أنفقت العائلة على دفاع لارا 5 آلاف دولار كانت مُخصصة للجامعة. يوم الجمعة الماضي، قامت داليا فيغيريدو، زميلة لارا في الغرفة الجامعية، بإنشاء حملة على موقع GoFundMe لتغطية تكاليف محكمة لارا (حتى الآن، جمعت الحملة أكثر من 12 ألف دولار).

التقت داليا بلارا عام 2016 في فصل حول تقارير عن الهولوكوست يقدمه برنامج الدراسات اليهودية في جامعة فلوريدا. قالت خريجة جامعة فلوريدا، البالغة من العمر 22 سنة، إنها انجذبت إلى طيبة لارا وشغفها بحقوق الإنسان. بعد عامين، عندما صارت الفتاتان تعيشان معاً وتتحدثان في السياسة ليلاً، شجعت داليا صديقتها على التقدم لبرنامج الجامعة العبرية.

قالت داليا: “لقد عنى لها الصراع في إسرائيل وفلسطين كثيراً”، وأردفت “أرادت أن تعمل في الخنادق هناك وأن تعزز التضامن بين الفريقين. هذه هي شخصية لارا. بدا منطقياً لها أن تدرس في المكان الذي تريد أن تحدث فارقاً فيه”.

هذا المقال مترجم عن موقع The Nation ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي

إقرأ أيضاً:
أنا امرأة فلسطينية في إسرائيل وهذه هويتي
رحيل روبير فوريسون آخر “مزوّري” التاريخ