fbpx

الحياة النيابية الكُردية: الامتيازات تطغى على الإنجازات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ودع العراق وإقليم كُردستان دورتين تشريعيتين هذا العام، لكن أخبار مكافآت نهاية الخدمة للنواب والامتيازات التي حصلوا عليها، بعد انتهاء الدورتين طغت على كل ما أُنجز خلال السنوات الأربع من قوانين وتشريعات.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ودع العراق وإقليم كُردستان دورتين تشريعيتين هذا العام، لكن أخبار مكافآت نهاية الخدمة للنواب والامتيازات التي حصلوا عليها، بعد انتهاء الدورتين طغت على كل ما أُنجز خلال السنوات الأربع من قوانين وتشريعات.

اختار كثر من النواب الصمت تجاه الحملة التي واجهوها في “السوشيل الميديا” وفي تظاهرات الناشطين وذوي الاحتياجات الخاصة، وظهر بعضهم في وسائل الإعلام لتبرير استلام المكافأة بدافع الحاجة أو الحق في الاستلام، لكن الإسلاميين منهم لجأوا إلى فتاوى دينية صادرة من لجنة الفتوى الرسمية تحلل المكافأة باعتبارها قانونية، وسط استغراب وذهول من قبل آخرين للجوء إسلاميين إلى قوانين وضعية شُرّعت من قبل النواب أنفسهم وعلى مقاسهم، بعيداً من مبدأ العدالة التي لطالما نادوا به وشددوا على تحقيقه قبل دخولهم قبة البرلمان.

يحصل النائب في البرلمان الاتحادي في بغداد على رواتب مجزية وفق تصريحات النواب ووصولات تسرّبت إلى الإعلام، إذ يصل راتب كل برلماني إلى نحو 30 مليون دينار في الشهر (24 ألف دولار)، مقارنة برواتب متدنية للموظفين في القطاع العام. لكن مجلس النواب أكد في بيان أن راتب النائب لا يتعدى 10 ملايين دينار، بعد حزمة الإصلاحات التي نفذها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي عام 2016 تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية في العراق.

ويبدو أن الفرق بين المتداول إعلامياً والمنشور رسمياً يكمن في حق كل نائب في تعيين 18 عنصر حماية براتب مليون دينار لكل شخص (800 دولار)، لكن كثراً من النواب يعتمدون على الجهد الذاتي والأهل والأقارب في تأمين احتياجاتهم من أجل توفير رواتب الحماية، إما لأنفسهم أو لمصلحة العشيرة أو الحزب الذي أوصلهم إلى قبة البرلمان.

وخلافاً لسرعة مرور الجدل بشأن ما جمعه النواب خلال الدورة التشريعية السابقة من امتيازات مالية سواء قانونية، أو غير قانونية، عبر العمولات والصفقات والرشاوى المتداولة في اتهامات النواب لخصومهم بلغت “بضع ملايين دولار”، في بعض الأحيان بحسب النائب السابق مشعان الجبوري، ما زال الجدل بشأن امتيازات نواب برلمان كردستان حامياً في الشارع الكردي مؤخراً بسبب تميزهم عن أقرانهم في بغداد في جني الأرباح، على رغم قلتها من جهة الكم والأرقام.

لا يسري القانون التقاعدي العام المعمول به في العراق على النواب وأصحاب الدرجات الخاصة في إقليم كردستان، ما يعني إحالة جميعهم إلى التقاعد بغض النظر عن سنوات الخدمة الكافية في مؤسسات الدولة (15 سنة)، كما يُستثنون من شروط العمر (63 سنة) ما يُعد حالة خاصة، حيث يحال النائب بشكل أتوماتيكي إلى التقاعد براتب يبلغ 6 ملايين و500 ألف دينار (5200 دولار) وهم ما زالوا في سن العطاء (الثلاثينات والأربعينات).

وعلى رغم هذا الامتياز الاستثنائي، فإن تسرب أخبار عن تسلم النواب السابقين 6 رواتب كمكافأة نهاية الخدمة والبالغة 49 مليون دينار لكل نائب (أكثر من 39 ألف دولار)، اشعل مواقع التواصل وحتى المنابر الدينية ضد الخطوة، في وقت يخضع الموظفون لسياسة “الادخار الإجباري” للرواتب المفروض من الحكومة منذ ثلاثين شهراً، إلى جانب عدم صرف الرواتب، حيث ينتظرون في تشرين الثاني/ نوفمبر من هذا العام صرف الرواتب الناقصة لشهر آب/ أغسطس.

وبلغة الأرقام فإن المبلغ الإجمالي لرواتب النواب المحالين للتقاعد البالغ عددهم 444 نائباً لأربع دورات سابقة في كردستان يبلغ 3 مليارات و640 مليون دينار (أكثر من 3 ملايين و33 ألف دولار)، والمبلغ الإجمالي لمكافآت نهاية الخدمة للدورة الحالية ولـ98 نائباً متقاعداً من أصل 111، يتجاوز 4 مليارات و821 مليون دينار (4 ملايين و16 ألف دولار)، في إقليم يعاني من أزمة مالية خانقة منذ شباط/ فبراير 2014 بسبب الخلافات النفطية بين اربيل والمركز والحرب ضد “داعش” وآثار النزوح، إضافة إلى الفساد المستشري في مفاصل السلطة.

يدافع النواب الأكراد عن قانونية مكافأة نهاية الخدمة وتطابقها مع التشريعات السارية في الإقليم، بجانب كونها حقاً للنائب الذي وصل إلى البرلمان بتصويت شعبي، لكن الانتقادات انهالت على التبريرات من زوايا عدة، فمن جانب كان هذا البرلمان معطلاً في غالبية سنوات عمره حيث استأنف أعماله في الـ24 من شهر أيلول/ سبتمبر 2015، على رغم أداء اعضائه اليمين في 6 من تشرين الثاني للعام الذي سبقه (2014) بسبب الخلافات السياسية بين مكوناته (نحو 10 أشهر)، وتعطلت الدورة الحالية مدة عامين، أيضاً بسبب الخلافات ومنع رئيس البرلمان “يوسف محمد” من العودة إلى مزاولة أعماله في أربيل من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني (2015- 2017)، لذا اقتصر إنجازه على تشريع 33 قانوناً فقط وإصدار 47 قراراً نيابياً، تم رد قانونين منها بسبب الثغرات، في وقت يعاني الكثير من المفاصل المهمة من التشريعات العصرية الملائمة وما زالت قوانين نظام صدام سارية في غياب البدائل.

ولا تقتصر الانتقادات الموجهة إلى البرلمان على قلة الإنجاز، بل أيضاً الفرق الشاسع في حقوق المواطنين والموظفين في الإقليم حيث تعادل مكافأة نهاية الخدمة لكل نائب رواتب 816 من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يتسلمون 60 ألف دينار (50 دولاراً) شهرياً، وكذلك 408 من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يتسلمون 120 ألف دينار (100 دولار) شهرياً، ومكافأة نهاية الخدمة للنواب البالغ عددهم 111 نائباً تعادل رواتب 90 ألف معاق في الإقليم أو 45 ألفاً من أصحاب الرواتب العالية ضمن هذه الشريحة، وبالإمكان شراء خمسة آلاف عربة لذوي الاحتياجات الخاصة، بتلك الأموال كما أكد الاتحاد الذي يشرف على تنظيم أمورهم.

وخارج زاوية مقارنة الأرقام هناك من يرى أن الضجة مفتعلة من قبل الحكومة وجهات نافذة من أجل إسقاط البرلمان في أعين المواطنين، لأن الامتيازات ذاتها تشمل الوزراء المحالين على التقاعد والبالغ عددهم 33 وزيراً، وفق الإحصاءات الرسمية، لكن جام الغضب والتغطية الإعلامية كانا منصبين على البرلمان الذي لم يعد في نظر كثر من المواطنين الأكراد، جهة تمثل الناخبين بعد تصدر صورتها كمحطة لجني أكبر قدر ممكن من الامتيازات والأرباح في ظل شُح تشريعي وإحجام رقابي يتحمل المواطن العادي تبعاته بأعلى الأثمان.

 

إقرأ أيضاًَ:

الأكراد في الدراما السورية

وحدات الحماية الكردية يجندون الأطفال بالقوة

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!