fbpx

كوسوفو في عيدها العاشر: أعلى نسبة مسلمين في أوروبا والأكثر شرباً للخمور

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تحتفل هذا الشهر “جمهورية كوسوفو” بالذكرى العاشرة لإعلان استقلالها عن صربيا، وهو الاستقلال الذي اعترفت به حتى الآن أكثر من مئة وعشر دول. ولنيلِ المزيد من الاعترافات في العالمين العربي والإسلامي، كانت كوسوفو غالباً ما تركز على كونها “أول دولة أوروبية من حيث نسبة المسلمين التي تصل إلى نسبة 95% من عدد سكانها”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تحتفل هذا الشهر “جمهورية كوسوفو” بالذكرى العاشرة لإعلان استقلالها عن صربيا، وهو الاستقلال الذي اعترفت به حتى الآن أكثر من مئة وعشر دول. ولنيلِ المزيد من الاعترافات في العالمين العربي والإسلامي، كانت كوسوفو غالباً ما تركز على كونها “أول دولة أوروبية من حيث نسبة المسلمين التي تصل إلى نسبة 95% من عدد سكانها”.
وفي الواقع كانت “ولاية قوصوه”، كما كانت تكتب في الخرائط العثمانية والعربية، من الولايات المهمة للدولة العثمانية التي انحسر حكمها عن البلقان في نهاية عام 1912، فآلت كوسوفو آنذاك إلى صربيا ثم إلى يوغسلافيا في 1918 . وبعد ثلاثة عقود من الحروب وتغيير الخرائط والمسميات جاءت يوغسلافيا التيتوية، لتصنع من أراضي هذه الولاية العثمانية كيانين: “جمهورية مقدونيا”، بغالبية سلافية ارثوذكسية وأقلية ألبانية مسلمة، و”إقليم كوسوفو”، بغالبية ألبانية مسلمة وأقلية صربية ارثوذكسية. وبعد عقود أخرى من النزاعات والحروب استقلت “جمهورية مقدونيا”، كما تولت الأمم المتحدة، بموجب قرار مجلس الأمن 1244، رعاية ولادة دولة ألبانية ثانية فيها، بعد ألبانيا الأم ، التي كانت أول دولة أوروبية بغالبية مسلمة منذ 1912.
والآن، بعد إقرار البرلمان المقدوني لقانون اللغة الذي جعل من الألبانية لغة رسمية ثانية ، هناك من يتحدث عن “دولة ألبانية ثالثة”، نظرا للدور المهم الذي يلعبه الألبان على مستوى المؤسسات والاقتصاد، مع أنهم يشكلون ربع السكان فقط ، ولكنهم يتمركزون في الطرف الغربي للدولة المجاور والمتداخل عبر التاريخ مع كوسوفو .وإذا استثنينا الأقليات الألبانية في الدول المجاورة لـ “المثلث الألباني”، أي اليونان وصربيا والجبل الأسود، فيمكن القول حينها، أنه لدينا امتداد ألباني متماس، عبر ألبانيا وكوسوفو و”جمهورية مقدونيا”، التي لم تعتمد الأمم المتحدة اسما رسميا لها بعد، من ساحل البحر الأدرياتيكي وحتى نهر فردار .
في ألبانيا، المطلة على الساحل، والمنفتحة أكثر على العالم، شمل انتشار الإسلام فيها حوالي 70% من الألبان، بينما تتجاوز النسبة 95% في الوسط(كوسوفو)، والشرق (مقدونيا). ومن ناحية أخرى، لم يلغ اعتناق الألبان للإسلام على مدى 500 سنة، خصوصيتهم الثقافية والاثنية ، سواء من حيث التسامح والتعايش وعدم التعصب الديني، أو من حيث فهم الدين ذاته، واستمرار الأولوية للمكونات الثقافية السابقة على الإسلام، التي تشكل عصب ما نسمّيه “القومية الألبانية” ، التي تقوم على اللغة والثقافة المشتركة وليس على الديانة .
ومن ناحية أخرى فقد انتشرت الطرق الصوفية وتحديداً الطريقة البكتاشية بين الألبان، التي تتميز بالتخفّف من الممارسات الدينية، كالصلاة والحج، ولا تمانع في شرب أتباعها للكحول، “بقدر ما ينعش النفس”، كما تقول أدبياتهم. هذه الطريقة انتشرت بين الألبان، كما لم تنتشر في أي مكان آخر، حتى أصبحت تيرانا مقراً لرئاسة البكتاش في العالم، بعد منعها في تركيا في ،1926 وبقيت كذلك إلى وصول الحزب الشيوعي للحكم في 1945 .
ولاشك فإن حكم الحزب الشيوعي سواء في ألبانيا أو في يوغسلافيا (1945-1990) كان له دوره أيضا, فقد خلق هذا الحكم بعد التخلص من الأمية, نخبةًعلمانية قوية ذات تأثير في المجتمع ، وذات دور مؤثر حتى بعد التحول لـ “الحكم الديموقراطي”. وحتى هنا يختلف الأمر بين الغرب، حيث قام نظام أنور خوجا بإلغاء الدين كلية، وإعلان ألبانيا “أول دولة إلحادية في التاريخ” في 1967، وبين نظام تيتو الذي حاول احتواء الدين من خلال “الاتحاد الاشتراكي للشعب العامل”، والذي استلهمه جمال عبد الناصر فيما بعد. وسواء هنا أو هناك، فقد أصبح الألبان “المسلمون” جزءا من التقاليد الشيوعية، التي كانت ترفع الكؤوس في المناسبات الحزبية، وحتى في المناسبات الاجتماعية كالأعراس.وإذا أضفنا إلى ذلك “الروح الألبانية”، التي تتميز بالمقاربة البراغماتية للحياة ومستجداتها، لا يبدو من المستغرب تراجع نسبة المسلمين في ألبانيا، خلال “الحكم الديموقراطي”،
(1992-2017) حتى وصلت إلى أقل من 60% ، وتزايد استهلاك المشروبات الروحية عند الألبان بشكل عام، مع تحسن ظروف الحياة والاهتمام بالمأكل والمشرب، بعد تراجع إيديولوجية”شدّ الأحزمة” و “البناء للأجيال القادمة”.
من حيث الشكل، لا تزال  كوسوفو تتميز بأعلى نسبة للألبان، والمسلمين فيها(حوالي 95%)، ولكن من حيث معدل استهلاك المشروبات الكحولية، تقف كوسوفو في الوسط بين ألبانيا في الغرب و”جمهورية مكدونيا” في الشرق، انطلاقا من أن التمسك بالدين يزداد كلما اتجهنا نحو الشرق . ويبدو هذا واضحا في شهر رمضان ، حيث تستمر المطاعم ومقاهي الرصيف في بريشتينا، في تقديم خدماتها للزبائن بما في ذلك المشروبات الكحولية، بينما يندر ذلك في المدن ذات الغالبية الألبانية في “جمهورية مقدونيا” بما في ذلك العاصمة سكوبيه .
وهكذا وبحسب المعطيات التي نشرتها الجريدة الكوسوفية الأولى “كوها ديتوره” مطلع العام الجاري، فإن حجم استهلاك المشروبات الكحولية لعام 2017، يبلغ حوالي عشرة ملايين ليتر سنوياً أي بمعدل 4 ليتر للفرد في السنة . وحسب لابينوت شوليا، وهو عضو “رابطة منتجي الخمور في كوسوفو”، فإن كوسوفو تنتج حوالي عشر هذه الكمية تقريباً (سواء من النبيذ أو العرق)، بينما تستورد الباقي من الدول المجاورة . ونظراً لأن كوسوفو تعد من أفقر الدول الأوروبية، يعترف شوليا بأن الألبان يستهلكون العرق المحلي بنسبة أكبر، نظراً لرخص سعره، ولكن الاتجاه يتزايد في السنوات الأخيرة نحو استهلاك النبيذ سواء المحلي أو المستورد، وحتى الفاخر، بسبب تحسن مستوى المعيشة وبروز نخبة اجتماعية جديدة .
وإذا قارنا ذلك بمدى استهلاك الفرد للمشروبات الكحولية في ألبانيا، أو في “جمهورية مقدونيا” لوجدنا أن استهلاك الألبان المسلمين في كوسوفو يقع في الوسط . ففي ألبانيا يصل استهلاك الفرد في السنة إلى 5,7 ليتر ، بينما تنحدر النسبة في “جمهورية مقدونيا” المجاورة، إلى أقل من ليترين في السنة . أما إذا أخذنا الدول المجاورة غير الألبانية، فنجد أن الاستهلاك يرتفع في الجبل الأسود (مونتنغرو) إلى 8 ليتر، وفي صربيا واليونان وإيطاليا إلى حوالي 10 ليتر .
من المؤكد أنه لا علاقة للدين بهذه النتائج، لأن استهلاك الفرد للمشروبات الكحولية في بلد  كالنرويج يصل إلى 7 ليتر، بينما نجد أن كرواتيا المعروفة بتمسكها بكاثوليكيتها وقوميتها تأتي في مقدمة الدول الأوربية في استهلاك المشروبات الروحية (حوالي 16  ليتر للفرد في السنة)، وهي تسبق فرنسا في ذلك . ومن ناحية أخرى نجد أن بلغاريا الارثوذكسية (14 ليتر) تسبق صربيا الارثوذكسية المجاورة (10 ليتر) على الرغم من التاريخ الثقافي المشترك.

[video_player link=””][/video_player]