fbpx

“اسبقه واقتله”: كتاب عن أساليب ياسر عرفات في النجاة من مساعي الموساد لقتله

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الكتاب الجديد للصحفي الاسرائيلي رونين بيرغمان، حول محاولات الاغتيال الاسرائيلية للرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، والعمليات التي نفذت في لبنان والتخطيط لها، يعكس صورة حقيقية لتاريخ جهاز الموساد. لكن الأمر المثير هنا أن رئيس الاركان في حينه، رفائيل ايتان، قاد بنفسه الطائرة لاغتيال عرفات. أما رئيس الحكومة السابق

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الكتاب الجديد للصحفي الاسرائيلي رونين بيرغمان، حول محاولات الاغتيال الاسرائيلية للرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، والعمليات التي نفذت في لبنان والتخطيط لها، يعكس صورة حقيقية لتاريخ جهاز الموساد. لكن الأمر المثير هنا أن رئيس الاركان في حينه، رفائيل ايتان،  قاد بنفسه الطائرة لاغتيال عرفات. أما رئيس الحكومة السابق، ارئيل شارون، ووزير الأمن في تلك الفترة، المتهم بالتخطيط والإشراف على تنفيذ مجرزة صبرا وشاتيلا، فلم يكتف بارتكاب المجزرة، بل كان ينوي تنفيذ عملية اسقاط طائرة كانت تحمل ثلاثين طفلاً من ضحايا المجزرة. وبحسب الكتاب فإن مجموعة من الضباط رفضت تنفيذ أوامر شارون وايتان، ومنعت تنفيذ عمليات اغتيال بينها إسقاط الطائرة وفيها الاطفال.

“اسبقه واقتله: التاريخ السري للاغتيالات الاسرائيلية”، هو عنوان هذا الكتاب وفيه شهاداتٌ لضباط اسرائيليين، يروون كيف منعوا تنفيذ عمليات ولكنهم في الحقيقة يكشفون عن فظاعة سياسة القتل الجماعي، والجرائم التي خطط لها شارون ووزراء أمن اسرائيليين أمثال رفائيل ايتان.
وجاء في الكتاب أنه في عام 1968، حاولت قوات الأمن، المبادرة لتنفيذ اغتيال، بالهام من الفيلم الأميركي “المبعوث المنشوري”. وحاولوا خلال ثلاثة أشهر غسل دماغ أسير فلسطيني من أجل “إعداده” لاغتيال عرفات. وبعد خمس ساعات من إطلاق سراحه، سلّم الفلسطيني نفسه للشرطة الأردنية، وكشف مخطط جهاز المخابرات الإسرائيلي. لكن وفقاً لمعد الكتاب، بيرغمان، فقد وصلت الجهود المبذولة لاغتيال عرفات إلى ذروتها، بعد عقد من الزمن فقط. ففي أعقاب العملية التي نفذتها حركة “فتح” في مدينة “نهاريا” عام 1979، والتي قتل فيها 4 أشخاص، أمر رئيس الأركان في ذلك الوقت، رفائيل إيتان، بتكثيف الصراع مع منظمة التحرير الفلسطينية. وقال إيتان لقائد المنطقة الشمالية افيغدور بن غال: “اقتلهم جميعا”. وعين بن غال مئير دغان، لإدارة المعركة التي أطلق عليها اسم “جبهة تحرير لبنان من الأجانب”.

وفي عام 1981 تولى شارون وزارة الأمن وأمر بن غال ودغان بتكثيف الجهود، وبعد سنة، أمرهما شارون بقصف إستاد رياضي في بيروت، كان يفترض أن تجتمع فيه قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. وتم زرع المواد المتفجرة تحت منصة الشرف، وإيقاف سيارات مفخخة خارج الإستاد، ولكن في اللحظة الأخيرة توجه ضباط من شعبة الاستخبارات العسكرية سوية مع نائب وزير الأمن في ذلك الوقت، إلى رئيس الحكومة مناحيم بيغن، وأقنعوه بإلغاء العملية. وفي تلك السنة، بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، أمر شارون بتشكيل طاقم آخر أطلق عليه “سمك مملح”، بحيث يكون هدفه تصفية عرفات، وقام شارون بتعيين عوزي ديان، الذي كان يقود وحدة النخبة “سييرت متكال”، رئيسا للطاقم. وطلب من دغان ورافي إيتان، رئيس مكتب العلاقات الاستخبارية في وزارة الأمن، الإشراف على العملية. وفي تموز/يوليو، التقى عرفات مع أوري أفنيري وصحفيين إسرائيليين آخرين. وقرر طاقم “سمك مملح” استغلال الفرصة للوصول إلى عرفات، لكن وقع بينهم جدال حول ما إذا كان الاغتيال يبرر إصابة الصحفيين الإسرائيليين. وتقرر في نهاية الأمر تنفيذ العملية. لكن عرفات اشتبه بأن الموساد يتعقب اوري أفنيري، ولجأ إلى التضليل الذي جعل رجال الموساد يفقدون آثاره وآثار أفنيري في بيروت.

ووفقا للكتاب، فقد كان ديان، أحد الضباط الذين صدوا رئيس الأركان ووزير الأمن. وبحسب ديا،ن فإن عاملين أنقذا عرفات، “الحظ وأنا”. وينشر بيرغمان في كتابه أن ايتان، كان  يذكّر ديان بأنه ليس لديه سلطة لاتخاذ قرار بشأن إسقاط قنبلة أم لا، ولكن ديان وجد وسيلة لتجاوز ذلك: “كل ما كان عليّ القيام به هو التبليغ متى يكون الهدف ناضجا من ناحية استخبارية. ولذلك كلما علمنا أن القنبلة ستسبب أضرارا جسيمة للمدنيين، قلنا إن الهدف لم يكن ناضجا”.  وكتب بيرغمان أن رئيس الأركان إيتان، قرر التصرف بمفرده واستدعى رئيس قسم العمليات في سلاح الجو أبيعام سيلع. وطلب إيتان من سيلع أن يحلق به فوق بيروت، ويجهز أنظمة الأسلحة بنفسه ويسقط القنبلة التي ستقتل عرفات. وصعد سيلع وإيتان إلى الطائرة وحلقت معهما ثلاث طائرات أخرى. وقال سيلع إن رئيس الأركان لم يحافظ على وعده بالتوجيه فقام الطيار بالقيادة لوحده. وقام رئيس الأركان بنفسه بتشغيل منظومات الأسلحة وتم مهاجمة الهدف ثلاث مرات، لكن الهجمات لم تصب عرفات لأنه وصل إلى هناك بعد ذلك بفترة وجيزة.
وحسب بيرغمان، في تشرين الأول 1982، أبلغ جهاز “الموساد” قائد سلاح الجو دافيد عبري، بأن عرفات استقل طائرة شحن من أثينا إلى القاهرة. وتخوف عبري من الخطأ في تشخيص الطائرة. لكنه أمر بإطلاق طائرتي “إف 15” وتم التعرف على طائرة الشحن، فأمر إيتان بإسقاطها، إلا أن عبري تردد. وفي نهاية الأمر، وبعد أن تم تأخير الهجوم لدقائق طويلة، أعلن الموساد تشكيكه بتشخيص الطائرة. واتضح لاحقاً، أن من سافر على متن الطائرة كان شقيق عرفات، طبيب الأطفال ومؤسس الهلال الأحمر الفلسطيني، فتحي، الذي كان ينقل معه 30 طفلا أصيبوا في مجزرة صبرا وشاتيلا، لعلاجهم في القاهرة. ويكتب بيرغمان أن الخطأ في التشخيص لم يردع شارون. لقد بدأ عرفات بالسفر في تلك الفترة على متن رحلات مدنية تجارية، وقرر شارون أن المقصود أهداف مشروعة. وقرر إسقاط طائرة كهذه فوق البحر في مكان لا تغطيه رادارات أي دولة، ويفضل أن تكون المياه عميقة بحيث يكون من الصعب تحديد سبب سقوط الطائرة والعثور على بقاياها. وتم تغيير اسم القوة التي أسندت إليها هذه المهمة، إلى “السمكة الذهبية”، ولهذا الغرض تم تجهيز طائرة بوينغ 707 بوسائل استخبارية ورادار، وإرسالها إلى الجو من أجل تنفيذ العملية. وعلى مدار تسعة أسابيع، تعقبت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تحركات عرفات، وفي خمس مرات، على الأقل، تم إرسال الطاقم لإسقاط طائرات الركاب التي كانوا يعتقدون أن عرفات على متنها. وفي كل مرة، قام كبار المسؤولين في القوات الجوية بتخريب هدف إسقاط الطائرات، عمدا، لأسباب ضميرية وذرائع مختلفة، حسب ما جاء في الكتاب، وتم إعادة الطائرات إلى قواعدها.

وفي إحدى الحالات، تمّ، بشكل متعمد، تعطيل أجهزة الاتصال بين الطائرات التي خرجت لتنفيذ مهمة الاعتراض، وفي حالة أخرى تم التبليغ زورا بأن الطائرات وصلت إلى وجهتها في وقت متأخر.
ويشير معد الكتاب إلى أن قائد لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية وعضو طاقم “السمكة الذهبية”، عاموس جلبواع، عارض هذه العملية طوال الوقت. ونقل عن جلبواع قوله: “توجهت لإيتان وقلت له إن إسقاط طائرة مدنية سيدمر الدولة من ناحية دولية، إذا تم الكشف بأننا أسقطنا طائرة ركاب”. ويوضح بيرغمان أن رفض إطاعة الأوامر يستند إلى الادعاء بأنه غير قانوني بشكل واضح. وقال سيلع: “عندما تلقينا الأوامر، ذهبت إلى إيتان، قلت له، نحن لن نفعل ذلك. لن يحدث ذلك. أنا أفهم أن وزير الأمن هو المهيمن هنا. لا أحد يجرؤ على معارضة ذلك، وبالتالي أصبح من المستحيل عمل ذلك من الناحية الفنية. ونظر رفول (رفائيل ايتان) إليّ ولم يقل شيئا. وتعاملت مع صمته كموافقة”. وقال بيرغمان، في كتابه،  إن مطاردة عرفات تلاشت بعد الإطاحة بشارون، عقب استنتاجات لجنة كاهان بشأن مذبحة صبرا وشاتيلا. وفى عام 2001 انتخب شارون رئيساً للوزراء. ويظهر الكتاب كيف قبل الزعيم المخضرم بضرورة التفاوض مع الحركة الوطنية الفلسطينية، ولكن وفقا لكافة المعلومات، فإن كراهية شارون الشخصية لعرفات لم تضعف أبدا. ويعرض بيرغمان مناقشات جرت في مكتب رئيس الوزراء تتناول مسألة كيفية التخلص من الزعيم الفلسطيني الذي توفي  في تشرين الثاني 2004 في ظروف غامضة.